" " " " " " " " رواية سر الطلسم (الفصل الثاني)
📁 آحدث المقالات

رواية سر الطلسم (الفصل الثاني)

 



قطـــــــــة

 

تمطى مصيلحي وتثائب ملوحًا بذراعيه فاغرًا فمه، نظر حوله بكسل وتمتم:

- أصبحنا وأصبح الملك لله.

إذا بصوت يجمد أوصاله:

- بس الصبح لسة بدري عليه.

قفز كذكر الضفدع حتى كاد أن يصطدم بسقف كوخه الصغير، وجالت عينيه حوله يتأكد من مصدر الصوت متمتمًا بصوت مذعور:

- سلام قول من رب رحيم، انصرف عليك مني الأمان، لا تؤذيني ولا آذيك، انصرف.

- أنصرف أروح فين يعني؟، ما أنا لو خرجت زنقط هيمسكني.

لم يستطع ابتلاع ريقه الذي وقف كصخرة في حلقه، وهو يستدير خلفه يبحث عمّن يحدثه ، ولكنه لم يجد شيء...

- حالتك بجت صعيبة جوي يا مصيلحي، أنت أنجنيت ولا أيه؟ يا خسارة شبابك في الجنان يا بن عبد الهادي.

- على فكرة أنت أوفر قوي.

هذه المرة لا يمكن أن يكون خياله، لابد أن أحدًا ما يحدثه، ولكن أين هو، صرخ بارتياع ممسكًا بقطعة من الخشب يلوحها أمامه:

- أنت مين؟ .. وبتعمل معايا كدة ليه؟؟

- لو كنت فاكر إن حتة الخشب دي هتحميك تبقى عبيط بجد، بالإضافة أني واقفة قدامك، إزاي مش شايفني؟!

عاد يلوح بقطعة الخشب بهستيريا:

- أنت فين؟ .. أنا مش شايفك ..اظهر بجولك أحسن جسمًا عظمًا...

- بص تحت يا مصيلحي.

انتقلت عيناه للأسفل ليفاجأ بها تجلس على الأرض تناظره بعينيها الواسعتين وفراءها الأبيض اللامع...

هز رأسه وهتف يحدث نفسه:

- أنا مشربتش حاجة ليلة امبارح غير كوباية الشاي التجيلة...هو الشاي ده كان متعمر ولا إيه؟ .. لازمن يكون متعمر وإلا هشوف جطة بتكلمني إزاي؟؟؟

- أنت عبيط يا جدع أنت؟، يعني أظهر لك بصورة إنسية يغمى عليك وكنت هتفطس مني، أكلمك وأنا قطة تقول تعميرة ومش عارفة أيه؟ .. وكسة إيه دي بس يا ربي؟.. إلا يعني إيه تعميرة يا مصيلحي؟

الآن فقط تأكد أن الصوت يصدر من القطة، والأكثر رعبًا أنها تحدثه، ألقى الخشبة من يده صارخًا وركض نحو الباب، هم بفتحه عندما وجدها أمامه تحول بينه وبين الباب.

- رايح فين؟ .. بقولك زنقط برة، وعلى فكرة هو متضايق منك جدًا.

حدق بها لاهثًا ثم ركع على ركبتيه وزاغت عينيه وكاد يفقد الوعي عندما هتفت وهي تتحول لامرأة .. للمرأة التي ظن أنه حلم بها .. ولكنها لم تكن حلمًا...

- أوعى تفقد وعيك تاني.

تلفتت حولها ووجدت ضالتها .. أمسكت زجاجة الماء وسكبتها على رأسه ليشهق بعينين متسعة:

- خلاص .. الخضة راحت .. ممكن نتكلم بقى؟

أخذ يتمتم بالبسملة وبسور القرآن الكريم، بعينين مغمضتين، ربع ساعة كاملة لم يفتح عيناه وهو يتلو ما يحفظ من القرآن الكريم، أخرج عدة أنفاس والهدوء يعود له بالتدريج .. فتح عيناه باطمئنان ليفاجأ بها جالسة أمامه متربعة وقد أسدلت خمار أبيض على رأسها غطاها حتى قدميها وتمتمت بخشوع:

- صدق الله العظيم ...

قفز مرة أخرى مبتعدًا عنها صارخًا:

- أنتي عاوزة مني إيه حرام عليكي؟ ..انصرفي بجى.

- مينفعش .. مش عم درديري قالك أن الساتر اللي بينا وبينك انكشف ..أنا هنا علشان أساعدك

- تساعديني في إيه؟؟

- في اللي هيحصلك يا مصيلحي .. وكمان أنت تساعدني، أنك تخلصني من زنقط.

هتف باكيًا يلطم بانهيار:

- الله يخرب بيتك على بيت زنجر على بيت اليوم اللي شوفت فيه عم درديري

- لا مش زنجر...زنقط.

- بجولك إيه يا بنت الناس؟

- بس أنا مش بنت ناس، أنا بنت....

أوقفها صارخًا:

- معايزش أعرف.. تلاتة بالله العظيم معايزش ..أنا ماشي من المخروبة دي تتطربج على دماغتكم كلاتكم.

- أوك..هتروح فين؟؟

- وأنتي مال أمك؟

- ماما كمان هتيجي معانا؟

- مامة مين؟ .. وإيه معانا دي؟

- ماهو أنت لو تخليني أتكلم، صدقني أنا مش هأذيك، أنا هنا علشان أحميك، بعد ما انكشف الساتر في جن كتير مش عاجبهم أنك تشوفهم، وعاوزين يتخلصوا منك.

- ولا أنا عاجبني، وعاوز أتخلص منك ومنيهم كلاتهم.

- جن النار بيفكروا يحرقوك في جوف الأرض، وجن المية بيفكروا يغرقوك، وجن التراب بيفكروا....

صرخ مولولًا:

- كفاية...حرام عليكم أنا كت عملت لكم إيه؟

- علشان كدة أنا جيت أساعدك.

- واشمعنى أنتي مش عاوزة تحرجيني، ولا تشنجيني؟

- علشان أنت إنسان خيّر وكريم، كنت دايمًا بتعطف على القطط، وبتعطيهم نص أكلك، رغم إني متضايقة منك جدًا، لما أعطيت أكل للزفتة زغدانة.

- مين الزفتة زغدانة دي؟

- القطة اللي نصها أبيض ونصها أسود، اللي كانت كل يوم تتلزق فيك .. حاجة تقرف، كانت هتلبسك بس أنا وقفت لها.

- يا وجعة سودا.. هي دي كمان زييكي.

-  كل القطط اللي في المقابر إخواتي وبنات عمي.

- وزنجط دا قط زييكم اكدة؟

- لا زنقط دا جن نار، شايف نفسه حبتين ..شراني وسمّاوي.

بصوت فقد كل معالم الحياة هدر مصيلحي:

- جن نار..يا حوستك المدهولة يا مصيلحي..وأنتي اسم النبي حارسك جن نار كمان؟

- لا أنا جن القمر.. وبحب زوبع جن الضوء ..وهنتجوز عن قريب بس لما زنقط يحل عن سمايا.

- هو انت بتتحدتتي زيينا ليه؟

- علشان لو اتكلمت زي الجن مش هتفهمني .. ومش عندكم بتقولوا من عاشر القوم أربعين يوم صار منهم .. وأنا بقالي على الأرض مية وخمسين سنة.

- يا صلاة الزين...أنتي عمرك مية وخمسين سنة؟

- ماهي أعمارنا مش زي أعماركم يا مصيلحي ..بقولك أيه الفجر قرب يشقشق.. زمان زنقط جري يستخبى، أذان الفجر بيحرقه.

وقهقهت ضاحكة بدلال، ثم أردفت:

- استناني بكرة ..أوعي تعمل زي الليلة.

تلفت حوله بذهول، فقد اختفت فجأة كما ظهرت فجأة..

جلس متربعًا على الأرض وما يزال الذهول مستولي على عقله عندما سمع نحنحة يعرفها جيدًا:

- السلام عليكم يا مصيلحي يا ولدي

- وعليكم ال .....

وضع كلتا يديه على فمه ثم هز رأسه بقوة وهو يحدق بعم درديري الذي ضحك:

- خلاص بعد إيه؟ ..لو كنت مسكت لسانك من اللول مكتش وجعت الوجعة دي.

هدر مصيلحي باكيًا:

- يا وجعتك المجندلة يا مصيلحي.

- استعين بربك على مصابك، واسمع نصيحتي، أوعاك تأمن لجنية.. وخصوصي الجطة اللي معرفش اسميها لحد دلوكيت.

ضرب مصيلحي يده في جبينه:

- أخ...صوح..دي جالت لي على زنجط والمدعوجة التاني دي زغدانة ..ومجالتش على ..عم درديري...رحت فين يا عمي فتني؟ ورحت فين...؟ ، يا وجعتك المجندلة يا مصيلحي، جن نار وجن جمر ومدرك إيه؟، هيحصولك إيه تاني يا مصيلحي؟


الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات