" " " " " " " " رواية يا مالكا قلبي – الفصل الثاني 2 – بقلم خلود بكري
📁 آحدث المقالات

رواية يا مالكا قلبي – الفصل الثاني 2 – بقلم خلود بكري

رواية يا مالكا قلبي – الفصل الثاني 2 – بقلم خلود بكري

🖊️ بقلم: خلود بكري – أحد أبرز كتاب حكايتنا

رواية  يا مالكا قلبي – الفصل الثاني 2 – بقلم خلود بكري


 رواية يا مالكا قلبي الفصل الثاني 


مشاعر وهمية أوهمت بها براءة قلبها الصغير، انجرفت خلف حلاوة حديث مزيف بثم ثعبان يسري في عقول شباب لا تعرف للدين ملة، كيف يكون الحُب مزيفًا لهذا الحد؟ مشاعر القلب! نظرات العين! الوعود! هل الوعود كاذبة؟

كيف قدرت تزييف مشاعرك وتكذب كده؟

نطقت بها مريم ببكاء مزق نياط قلبها، فقال بجحود ملأ قلبه: ـ أوعي تكوني مفكرة إن دمعتك الخيبة دي هتأثر فيا، لا فوقي إنتِ عندي ولا حاجة.

وقفت أمامه بقوة وهي تصرخ به: ـ روح منك لله… وحقي ربنا يجبهولي لحد عندي، وبكرة تشوف.

نظر لها بغضب ثم أشار لها بوعيد: ـ لو كلمة خرجت كده ولا كده، وحد عرف اللي بينا يا مريم من خارج أهلك، مش هيكفيني فيكِ رقبتك…

وقف أمامه حائط بشري عملاق جعل الآخر يرتعب، وصرير أسنانه يصدح لمن تقف تراقبه بوجوم: ـ 
لو فكرت بس تقربلها، يبقى موتك على إيدي، المأذون اللي جوزك هو نفسه اللي هيطلقك منها والقصة اتقفلت على كده.
 
ثم تابع بغضبٍ: ـ 
يعني مراتك وتعمل فيها كده! أنا بجد مش مستوعب، عايز تصورها وتبيع شرفك وعرضك عشان الفلوس يا خالد! لاه ونعِمَة الرجولة.. لاه وطلعت كمان متجوز وعندك بنات، طب يا أخي مخفتش عليهم! لا وبتلومها بعد ما عرفت أصلك وكذبك وخيانتك.

ثم لكزه في كتفه بغضب هاتفًا به: ـ 
أنت معندكش قلب ولا دين؟ أنت شيطان.

وقف ينظر له حاقدًا حتى قال مستهزئًا: ـ 
مالك يا عصام بيه، ده أنت مقطع السمكة وديلها.

نظر له بغضب ألجم لسانه حتى صاح بحدة: ـ
 أخرج بره، ولو فكرت ترجع حياة أختي تاني، هخرب بيتك.

صاحت مريم ببكاء: ـ
 لا يا عصام، لازم مراته تعرف، حرام تنخدع في بني آدم قذر زي ده!

نظر لها بقوة، والأخرى تنظر له بوعيد، حتى هتفت مجددًا: ـ ربنا ينتقم منك أشد انتقام.

★★★**

"تأتي الصباحات دائمًا لتخبرنا أنَّ عتمة الليالي زائلة لا محالة."

سطع قرص الشمس يعكس بريقه على الزهور، فأضحت في لونٍ زاهٍ يجذب الأبصار من شدة الجمال، عيون كما البندق بأهدابها الواسعة تلمع بحرية حالمة، عشق بدأ منذُ اللقاء بحلال ربطهم به الله… وبين صبر طويل نالت ما تمنت رغم بعد المسافات واستحالة الإجابات…

جذبت شروق العجينة التي أحضرتها، وأخذت تشكلها على شكل كرات صغيرة الحجم، وأخذت تفردها بهدوء وترصها في صواني لتسويتها في الفرن، ومع أول صاج دخل الفرن، ظهرت الرائحة تملأ البيت كرائحة خبز الأمهات. أخرجتها بعد عدة دقائق، ووقفت تبتسم برضى على نتائج ما فعلت…

ـ الله الله، إيه الريحة اللي تشهي على الصبح دي يا ست البنات!

نطق بها مراد وهو يقترب منها مقبلًا أعلى رأسها بحنان جعلها تضحك بخفة وفرح على حلو حديثه حتى هتفت: ـ عملتلك قرص من اللي بتحبها، سمعت ماما امبارح بتقول إنها كانت بتقوم كل يوم الصبح تعمل القرص دي تفطر بيها قبل الشغل، بس برده ماما في المقام الأول…

حاوطها بحنان، وبهمس دافئ أردف: ـ 
أنتم الاتنين أغلى ما في حياتي، وكفايا عندي إنك بتحبيها وبتعتبريها زي أمك.

ربتت على كتفه بحنان وتحدثت بمحبة: ـ 
ربنا يقدرني وأسعدك يا قلبي، وماما تاج على راسنا كلنا.

ابتسم بفخر لتلك الجميلة قلبًا وقالبًا، ثم بدأ برص أطباق الطعام على ترابيزة المطبخ، فوضع طبقًا من الجبنة وآخر من العسل والمربى، وبعض الحوادق والخضروات، وشرعوا في تناول الإفطار، حتى هتفت شروق قائلة: ـ هبقى أروح أشوف ماما على ما تقرب تيجي من الشغل كده، وأجي أجهز الغدا.

أجابها بهدوء: ـ 
روحي يا روحي، وأنا هعدي عليكِ أخدك وأنا جاي من الشغل، ونبقى نجيب أكل من بره.

ضيقت نظرها بضيق وقضبت حاجبيها: ـ
لا، أكل من برا! لا، هعمل في البيت أحسن.

ضحك على طريقتها ثم أردف قائلًا: ـ 
يا حبيبتي، هنجيب من مكان كويس، متقلقيش، بس هي مرة كل شهر، وبقيت الشهر عاوز أكل من أكلك الجميل ده.

شعرت بالرضا من حديثه، وحنانه غلفها، فقالت مبتسمة: ـ بإذن الله تعالى، ربنا يبارك ليا فيك يا مراد.

أتم طعامه، وجذب متعلقاته للذهاب لعمله، فوقفت تودعه من على الباب، حتى لوح لها ببسمة عاشقة، وروح مشتاقة للعودة.

بعد ذهابه، شمرت عن ساعديها، وطوت الأطباق، ورتبت المنزل، ثم بدلت ملابسها، واستعدت للذهاب إلى والدتها للاطمئنان عليها. وهي في طريقها، ذهبت لشقة والدة زوجها، وطرقت الباب حتى أذن لها بالدخول…

ـ صباح الخير يا ماما.

ابتسمت تلك الجميلة التي تجلس أمامها، طبق مليء بالقرص الطرية التي أرسلتها لها صباحًا مع زوجها، حتى قالت لها بإعجاب يملؤه المحبة: ـ تسلم إيدك يا حبيبتي، أنا فطرت بيها كده من غير أي حاجة.

قبلت رأسها بحنان، وهي تحدثها قائلة: ـ 
بألف هنا يا ماما.

وبنبرة تملأها التقدير والاحترام، قالت: ـ
 بستأذنك أروح أشوف ماما وأطمن عليها، عشان كانت تعبانة شوية امبارح.

ربتت على كفها بحنان، ثم أجابتها مبتسمة: ـ
 روحي يا حبيبتي، وبلغيها سلامي، ربنا يبارك فيكِ ويراضيكِ يا بنتي.

هتفت قائلة: ـ 
طب مش عايزة حاجة أعملها قبل ما أمشي؟

أجابتها بمحبة صادقة: ـ 
لا يا حبيبتي، ربنا يرضى عنك، روحي مشوارك، وخلي بالك من نفسك.

………
اليوم مميز بالنسبة لها، موعد بلقاء شرعي أمام والدها. منذ ذلك اليوم، وهي تسجد ليلها تشكر الله وتدعوه أن يتم ارتباطها به أمامه. حدثها والدها لتأتي من مكانها الذي يبعد عن محافظتها للرقية الشرعية. ركبت القطار، وبالها شارد في المدى البعيد، تلح عليها الأفكار، لكن شيطانها ضعيف، تغلبه دائمًا بقوة إيمانها. هو لم يبقَ معها، لم يلمسها، ولم تلمس قلبه.

مرت سنوات على فراقه بها، وهو الآن قلبه لها، ينبض لها، تشعر به. اختيار الله لها، طلبها من والدها، فماذا تريد بعد؟

عقارب الساعة كانت سريعة إلى الحد الذي جعلها لا تعي الوقت، فوجدت نفسها أمام مدخل قريتها التابعة لمحافظة الشرقية. سارت بخطى بطيئة بجوار الزرع...

اقتربت منها فتاة في مثل عمرها تناديها متسائلة:
ـ لو سمحتِ يا آنسة!

استدارت تبحث عن صاحبة الصوت، فوجدتها تقترب منها وهي تسألها:
ـ ممكن حضرتك تقولي لي مكان الوحدة الصحية اللي هنا؟

جذب انتباهها حالتها التي توضح أثر التعب عليها، فقالت بهدوء:
ـ بعد شارعين من هنا.

شكرتها ممتنة وكادت أن تذهب، فعرضت مساعدتها:
ـ ممكن أوصلكِ، أنا بيتي جنبها، تعالي معي.

سارت بجوارها بخطى متعبة، وهي تضع يدها على أسفل ظهرها، فقالت ريناد متسائلة:
ـ في حاجة تعباكِ؟

أجابتها بنبرة متألمة:
ـ ظهري يا أبلة، بقالى شهر والدة، ويبدو أن الحقنة كانت خطأ، والمفروض أركب وسيلة منع الحمل، وأنا ساكنة جديدة هنا.

ربّتت على كتفها بهدوء وقالت:
ـ ألف سلامة عليكِ، إن شاء الله خير.

أخذهما الحديث حتى وجدتا نفسيهما أمام باب الوحدة، فقالت المرأة بشكر:
ـ شكرًا لحضرتكِ، ربنا يسعد قلبكِ.

قالت مبتسمة بهدوء:
ـ أنا ما عملتش حاجة، ربنا يطمئن قلبكِ ويشفيكِ.

ثم اقتربت منها قائلة:
ـ يلا هدخل معاكِ عشان ما تكونيش لوحدكِ.

دلفت أولى خطواتها حتى وجدته منكبًا على عمله، فهو يعمل طبيبًا مكلفًا بالوحدة...

اقتربت المرأة بعدما قطعت تذكرة الدخول، وقالت لها:
ـ قالوا لي أدخل عند دكتور محمود.

عنّفت نفسها، فقد كانت تعلم أنه من المحتمل أن تراه هنا، وبعد دقائق من التفكير، وجدت أنه من الصعب الانسحاب، فدخلت معها غرفة الكشف، وقلبها يدق بعنف عندما التقت العيون في نظرة خاصة، وقف لها الوقت حينها...

قطعت المرأة لقاء العيون عندما هتفت قائلة:
ـ لو سمحت يا دكتور، أنا عايزة من حضرتك طلب تحويل لمستشفى حكومي، عشان طالبين مني أشعة وتحاليل كتير، وأنا مش قد ده كله.

مضى على الورقة بهدوء، وهو يقول:
ـ تفضلي، ألف سلامة.

كادت أن تخرج حتى أوقفها صوته:
ـ ريناد...

ودعتها المرأة شاكرة، ثم استدارت تجيبه:
ـ هي ساكنة جديدة، وكانت عايزة طريق الوحدة، ووصلتها لحد هنا، وقلت من باب الواجب أدخل معاها تكشف...

ابتسم على عفويتها، ثم اقترب ليقف أمامها بمسافة، وقال:
ـ ربنا يجازيكِ خير.

ثم تابع بجدية صادقة:
ـ بس أنا ما طلبتش منكِ مبرر، أنا واثق فيكِ.

وبنبرة متسائلة قال:
ـ واثقة فيَّ أنتِ يا ريناد؟

……….

جلست شروق بجوار والدتها، وهي تحتضنها بشوق وحنين، فقالت أسماء بحنان:
ـ وحشتيني يا شروق، ووحشتني أيامكِ يا حبيبتي.

وبدمعةٍ هاربة أكملت حديثها:
ـ البيت فِضي عليَّ من غيركِ، أخوكِ بيروح الشغل، وأبوكِ مسافر، وأختكِ بسملة في الكلية، بتيجي بعد العصر، كنتِ أنتِ مونساني، لكن سنة الحياة يا بنتي، ربنا يهون على قلبي بعدكم...

ضمتها بحنان، ودمعتها كادت أن تهطل من عينيها:
ـ أنا جنبكِ يا ماما، وقت ما تحتاجيني يا حبيبتي، هاجي لكِ.

مسحت أسماء دموعها، وقالت بتساؤل:
ـ مراد عامل معاكي إيه؟ طمنيني، وحماتكِ؟

ابتسمت بهيام قائلة:
ـ زي الفل يا ماما، الحمد لله، والله حنية الدنيا فيهم.

أخذت نفسًا براحة، ثم قالت:
ـ الحمد لله يا حبيبتي، ربنا يبارك لكِ فيهم.

ثم تابعت حديثها بجدية:
ـ قومي يلا، اعملي أكل قبل ما جوزكِ يجي، واتغدوا معايا.

صمتت تفكر، تعلم أن الدنيا أصبحت غالية وقاسية على الجميع، وأن القليل من الناس يملك قوت يومه، وأنها إن فعلت، فستكلف والدتها ربما بطبختين في الأسبوع، فقالت بذكاء:
ـ والله يا ماما، على عيني، هنتجمع يوم تاني، أصل مراد عزمني على الغدا، وكان زعلان إني رفضت، خليها مرة تانية.

وبفطنة قالت:
ـ أنا هجهز الغدا على ما بسملة وعمر يجوا من برا، ويتغدوا سوا، وإن شاء الله يوم تاني نتغدى معاكم.

فهمت أسماء نية صغيرتها، فقالت بحنان ومحبة:
ـ ربنا يسعدكم يا حبيبتي، ويبارك لكِ فيه.

أعلن هاتفها عن وصول رسالة على شات الواتساب، ففتحتها مبتسمة بحياء:

"حبيبتي، يا من يغير القمر من جمال عينيكِ،
أحببتُكِ وكنتِ لي قمرًا أنار عتمتي...
أسكنتِ قلبي جنتكِ، وخطفتِ روحي لرحلتكِ...
وعشقتُ ليلي لأجلكِ، وأحببتُ صباحي لأرى نور وجهكِ!
وحشتيني..."

بقلمي خلود بكري

………..

أجرت اتصالًا هاتفيًا على الرقم الذي دونته بصعوبة من هاتفه، فأتاها الرد محملًا بصدمة عمرها:
ـ كنت عارف إنكِ هتتصلي!

ضحك بقوة جعلها تصمت مندهشة من صوته، قائلة:
ـ أنتَ تاني؟

صاح بغضب ووعيد:
ـ وتالت يا مريم! ومش هسيبكِ، لا أنتِ ولا أخوكِ تعيشوا بسلام!

هتفت بحدة وصراخ:
ـ أنتَ عايز مني إيه؟

جاءها الرد من صوتٍ آخر:
ـ أنا اللي عايزاكِ!

تعجبت من الصوت، فقالت بتساؤل:
ـ إنتِ مين؟

ضحكت تلك الفتاة ضحكة ماكرة، ثم قالت بهمس صريح:
ـ أنا مراته...!

تعليقات