" " " " " " " " رواية سر الطلسم ج 2 (الفصل العاشر) الأخير
📁 آحدث المقالات

رواية سر الطلسم ج 2 (الفصل العاشر) الأخير

 


نهاية المطاف

 

- مستني إيه يا مصيلحي؟.. ما تتمنى يا خويا أننا نطلع من جهنم الحمرا دي.

- لهو أنتي فاكرة أن اللي ما يتسماش ويلد إبليس ده عبيط؟.. ما أخدتيش بالك لما اتكى جوي على كلمة أن فيه أمنيات بتجر صاحبها على التهلكة.

- لا يا خويا ما أخدتش بالي... هو قال كدة فعلًا؟

- إيوة.

- يا راجل ما تاخدش في بالك.. اتمنى مال قارون.. مش قارون بتاع إبليس دا..لأ قارون التاني...أو كنوز سليمان...أو...

- حيلك حيلك.. لهو عشان ما رجعك إنسية هتفتكري إنه ملاك يا حسنات ياختي.

- بس متقولش يختي.

- يا حسنات ياللي مش يختي.. الحداية مبتحدفش كتاكيت.

- تصدق أنك صح.. وأهو راح ولا جه إسمه إبليس ابن شيطان رجيم.. طب ما تجرب في حاجة بسيطة كدة.. شوف هيعمل إيه؟

- كيف يعني؟

- يعني اتمنى أمنية على القد.. مترمحش لبعيد.

- إن جيتي للحج أنا معنديش غير أمنية واحد بس، لو يرجع بيا الزمن وجت ما عم درديري خبط على الباب، وأنا بغشوميتي فتحت له.. ومن وجتها يا مسعدة.

- مسعدة مين؟.. أنا حسنات.. هو أنت تعرف كام واحدة.

زفر بغيظ:

- ما علينا.. من وجتها والنصايب جاعدة بتتحدف عليا.. إيه ده؟.. إيه اللي بيوحصول؟

تلفتت حولها من الاهتزاز الغريب حولهم وقد بدأ يشتد ويشتد، ويرتفع صوت صفارات غريبة حتى صم أذانهم، وضعوا أيديهم على أذانهم وركعوا صارخين من شدة الألم بعد أن أصبح الصفير غير محتمل، انقطع الصوت فجأة وعم الهدوء، بحذر رفع مصيلحي كفيه عن أذنيه ورفع رأسه ليفاجأ أنه في غرفته، تلفت حوله مرارًا وتكرارًا ليتأكد، ثم قرص ذراعه حتى آلمته، هدوء غريب يعم المكان، حتى أن صرصار الليل بلحنه المميز بدأ عزف الكونشرتو الخاص بكل ليلة، انتفض مجفلًا عندما أزعج الصرصار طرقات على الباب، هم بالسؤال المعتاد عن الطارق عندما وضع كلتا يديه على فمه عندما تذكر أن أمنيته قد تكون تحققت بالفعل، وأنه أصبح لديه فرصة جديدة لتصليح كل أخطاءه، لا وجود لمسجورة ولا زغدانة ولا زنقط، عالمه عاد لهدوءه الطبيعي بلا مذؤبين ولا زومبي ولا أمنا الغولة، قاطع الطارق تسلسل أفكاره بطرقات ملحة.

أطلق زفرة ساخرة متمتمًا في سره:

- لهو أنت عاوزني أفتح لك الباب علشان تفتح عليا أبواب جهنم؟.. روح إلعب غيرها يا عم درديري.. ما تجوزش عليك غير الرحمة.

طرقات جديدة أكثر إلحاحًا بينما مصيلحي يراقب الباب بتلهف واستمتاع، حتى انتفض لدى سماعه صوت لا يمت لصوت عم درديري:

- مصيلحي، يا سي مصيلحي، هو إيه يختي دا؟.. هو أنت نمت؟.. من بدري كدة زي الكتاكيت.

تحدث مع نفسه باستغراب:

- حسنات؟

ثم رفع صوته:

- أنتي حسنات؟

- اسم الله على حسك ياخويا.. أيوة أنا حسنات أمال هكون مين يعني؟.. افتح معايا طبق رز بلبن يستاهل بوقك.. عملته للعيال في الحوش وقلت أطفحه لو أكلناه من غيرك.. ما تفتح بقى يا خويا.. لهو أنت متتكشفش على حريم؟

أطلقت ضحكة رقيعة جعلته يخرج من فراشه مدبدبًا على الأرض وفتح الباب عن آخره.

- خير يا ست حسنات.

مدت له صينية عليها طبقين.

- اتفضل الرز باللبن...يستاهل حنكك.

تلفت حوله بريبة ثم مال على أذنها:

- سيكو سيكو.. الدار أمان.. متخافيش مش هكرر غلطتي.

نظرت له باستغراب ثم بصقت في عبها:

- شديد.. شديد.. مالك يا راجل؟.. سيكو إيه وأمان إيه؟

- جرى إيه يا ولية؟.. ما إحنا دافنينه سوا.

- أقطع دراعي من لغلوغه إن كنت فاهمة حاجة.

- أنتي مش فاكرة ولا بتستعبطي؟.. يا حسنات.. الجطة .. وزنجط.

- اسم الله على عقلك يا مصيلحي.. بدري عليك الجنان.

ركز نظراته في عينيها لتصدمه المفاجأة، فهي فعلًا لا تعرف عما يتكلم.

- متاخديش في بالك.. ريحة الرز باللبن مفحفحة.

- بألف هنا وشفا.

مد يده يلتقط الصينية عندما سألها بدهشة:

- أنتي متوصية بيا جوي.. جايبة لي طبجين بحالهم؟

- ميتعزش عليك يا سي مصيلحي.. الطبق التاني لعمك درديري

- عم مين؟ بس عم درديري...

- إيوة عارفة.. ماهو قابلني وأنا جاية.. قالي أقولك إوعى تجور على صحن عمك الشيخ.. أنت عارف أنه بيحب الرز باللبن.

اصفرّ وجهه وهو يسألها بارتباك:

- مين اللي جابلك؟..وصحن إيه؟.. ولبن إيه؟.. أنتي متوكدة أن اللي شوفتيه عمك درديري.

- لهو أنا صغار علشان أتوه عنه؟.. هو عم الشيخ ربنا يدي له الصحة.

تلفت حوله بذهول ثم ركض نحو لوحة التقويم الميلادي، ثم هلل بفرحة:

- عم درديري مماتش.

- الشر برة وبعيد، إيه اللي بتقوله دا يا سي مصيلحي؟

- لا مش جصدي.. جصدي أنه هيموت بكرة.. الحمد لله يا ربي.. يمكن نجدرو نلحجه.

- لا حول ولا قوة إلا بالله الراجل بينه اتجنن.

تركته يدور حول نفسه بسعادة لم يشعر بها منذ زمن طويل جدًا.. حتى قطعها طرقات يعرفها جيدًا وصوت عمه الشيخ الحبيب يناديه:

- افتح يا مصيلحي يا ولدي رجليا معادتش شيلاني.

وانقض مصيلحي على الباب ليفتحه، متأخرًا جدًا أدرك أن الباب مفتوح بالفعل ولكنه وقع في الخطأ مرة أخرى بكل غباء شعر به ووجه قارون يتطلع له في ملابس عمه درديري.

تراجع أمام قهقهات ابن ابليس:

- شوفت يا مصيلحي؟.. اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين.. مش أنتم بتقولوا كدة بردو؟.. أهو أنت للمرة التانية فتحت الباب.. ومقدرتش تستفيد من الأمنية اللي أنا حققتهالك.

توقف مصيلحي عن التراجع وبدأ يتقدم نحوه مما أثار استغرابه حتى بدأ بقراءة الآية:

- يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا .

تحولت ملامح قارون من منتصرة لغاضبة مهزومة ثم نفخ ليخرج لهيب من فمه،وضع مصيلحي كفيه على وجهه ليحميه، ثم أبعدهما بحذر ليجد نفسه قد عاد في قعر حفرة الجحيم وحسنات تجلس بجواره تبكي:

- مصيلحي.. أنت رحت فين؟...خضتني عليك.

وضع يده على رأسه يتأوه:

- ليه؟..إيه اللي حوصل؟

- كنا بنفكر في الأمنية بتاعتك وفجأة رحت راس في راس ومدريتش بالدنيا.

- يعني آني طول الوجت كنت هنا؟

- أيوة ومتحركتش من مكانك.

وقف غاضبًا:

- أه يا ابن ال....

- هدي خلقك يا خويا.

- لا يا حسنات لحد هنا وكفاية، هو فاكر أنه بيلاعبني، بس اللي ميعرفوش أن لعبته دي خلتني ألاجي الطلسم.

ظهر قارون من غيمة دخان سوداء وركض نحو مصيلحي يجذبه من تلابيبه:

- هو فين؟..سلمه لي.. هاته.

- بالبساطة دي؟

- اطلب .. اتمنى.. ممالك.. سلاطين.. جنات على الأرض كلها ملكك.

- تاني؟.. بتمنيني وتوعدني تاني؟

- لا.. المرة دي بجد.. بس هات الطلسم.

- أروح لزنجط اللول، وهناك هسلمك الطلسم جدامه.. إيه خايف؟

- أنا ابن ابليس.. ملك النار.

- اللي هتتحرج بيها إن شاء الله.

- قدر ومكتوب ...اتفضل.

- على فين؟

- على فرح زنقط وسارة.

 

*****

 

كانت قاعة احتفالات كما لو كانت في حفل تنكري، أشكال وألوان من الجن والشياطين، من مختلف الأحجام والأشكال، منهم ما هو مخيف، ومنهم ما يخفي شره خلف قناع من اللطف، وتصدر القاعة عرش ضخم جلس عليه زنقط بمهابة الملوك وبجواره كانت عروس الشيطان، لم يبدُ عليها كأنها عروس مخطوفة، بل كانت السعادة تكاد تقفز من ضحكاتها الرنانة، توقف الجميع عن الحركة عندما ضرب قارون بعصاه على الأرض، ثم تفرقت الحشود على الجانبين ليفسحوا طريق لقارون وصحبته، مالت حسنات على أذن مصيلحي:

- هي دي ست الحسن اللي كنت طافح الكوتة علشانها؟

ظهرت مسجورة بجوار زنقط، بينما حاولت زغدانة الاقتراب فمنعها الحرس، نظر مصيلحي لقارون ثم لزنقط وعروسه عبر القاعة الذي صدح بصوت جهوري:

- جيت تدفع تمن العروسة وتاخدها؟

ظهر الخوف على سارة فطمئنها بربتة على يدها، فنظر لها مصيلحي باعتداد:

- لا...خليهالك.. أنا معاوزهاش.. أنا جيت أعطيكم الطلسم.

هتف قارون بانزعاج:

- يعني إيه تعطينا؟.. إحنا اتفقنا.

رفع مصيلحي يده:

- كل اتفاجاتي زي اتفاجاتك بالضبط.. في الهوا.. علّمني خير معلم.

- يعني هتسلمه لزنقط بعد كل اللي عمله معاك؟

- أنا هرميه في الهوا.. واللي يجدر يمسكه منيكم هيكون له.. اتفجنا؟

أومأ كلاهما قارون وزنقط، نظر مصيلحي على الأرض وبدأ يتفحصها، ثم اختار بقعة في منتصف القاعة تمامًا وجلس متربعًا، نظر لأعلى حيث كان مثار فضول الجميع:

- تعرفوا؟.. أنتم كلكم أغبيا.. وأنا أكتر واحد غبي فيكم، بس لما الأخ جارون رجعني البيت ورجعني بالزمن، وحسيت بنعمة الهدوء من تاني، اتفكرت عم درديري الله يرحمه حط الطلسم فين.

كل الحشود سألته بنفس واحد:

- فيييين؟

أشار لرأسه قائلًا:

- هنا.

ولم يطل استغرابهم كثيرًا عندما وضع إحدى يديه على أذنه وبدأ يرتل.. ولم يبالِ بالصراخ وبالركض والنار التي أخذت تشتعل في الجميع بلا استثناء.. ولكن لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه وهو يقرأ القرآن:


واستمر مصيلحي بترتيل آيات من القرآن حتى انتهى ..

- صدق الله العظيم.

*****

تلفت حوله إذا بالقاعة خالية تمامًا إلا من بعض الجن المسلم ومنهم زغدانة التي اقتربت منه بحذر:

- دلوقت بث أنت أكدت أن الله سبحانه وتعالى كانت له حكمة في توريث الإنسان الأرض ومش لأي مخلوق تاني.

- إيه رأيك تطلعينا من اهنه، ألا هي مسجورة فين؟

أجابت زغدانة:

-اتحرقت مع اللي اتحرقوا.

تسائل بدهشة:

-اتحرجت كيف يعني؟، أنا جريت عليها القرآن ومتحرجتش.

تأبطت ذراعه قائلة:

-علشان يا مثيلحي يا حبيبي، وقتها كان قلبك مليان خوف، وإيمانك كان ضعيف، علشان كدة القرآن محرقش مثجورة.

-الله لا يرجعها، يالا خرجينا من هنا.

صوت صارخ هتف:

- لأ استنوا.. أنا رجعت قطة تاني ليه؟

قهقه مصيلحي:

- أنتي نسيتي ولا إيه؟.. وما يعدكم الشيطان إلا غرورا.. طلعينا يا زغدانة.

أشارت زغدانة لمكان في آخر القاعة:

- طب ودي؟

كانت سارة تختبيء أسفل كرسي العرش ترتعش من الخوف وهي لا تصدق ما حدث:

- هاتيها معانا.. يمكن تعرف تستلجط لها جني تاني غير زنجط الله لا يرحمه.

سألته زغدانة بخجل:

- طب وأنا؟

- أنا مش مصدج أنك كنتي صادجة معايا يا زغدانة.. بس شرّك كان شر طبيعي مجبول.

- كنت زي غيري طمعانة في الثلطة والثيطرة.

- وعلشان اكدة حرجتي قرنائي؟

ضحكت بدلال:

- مكانوش قرناءك ولا حاجة.. أصلا دول شلدم وضمضم ولاد خالتي.. كانت لعبة صغيورة.. هتثامحني؟

- طلعينا من جهنم الحمرا دي وأنا أسامحك.

- وهتتجوزني؟

صاحت القطة:

- دك جنازة تشيلك.

- شايف يا مثيلحي معملتش لها حاجة وبتشتمني.

- أنتي لسة شفتي حاجة؟.. أيامك سودا.

 

*****

وعادت كل الأمور لمجراها الطبيعي وعادت حياة مصيلحي بدون أشباح أو جن ينغصون عليه حياته بعد أن تأكد الجميع أن الطلسم الوحيد القادر على السيطرة على عالم الجن في قلب كل مسلم، وقف زنهار عندما سمعها تنادي باسمه:

-مثيلحي، يا مثيلحي.

أمسك بيدها يساندها محدقًا في بطنها البارز بارتياب:

-نعم يا عيون مثيلحك.

-أنت بتبث لي كدة ليه؟

-ولا حاجة يا روحي، بس من ساعتين مكانتش بطنك بالحجم ده، أنتي شايلة فيها إيه بالضبط؟

ضحكت بقهقهة:

-مش هقولك، هخليها مفاجأة.

أمسك برأسه يهتف:

-مفاجآت تاني، يا سنتك السوخة يا مصيلحي.

تمطت القطة حسنات وهي تتبختر أمامهما:

-علشان تتبطر عليا وتروح تتجوز جنية، اشرب يا عم.

حدجتها زغدانة بنظرة شريرة ثم شمرت عن أكمامها:

-والله لأوريكي يا حثنات يا أم فروة.

راقبها ضاحكًا وهي تركض خلفها والقطة تهرب أمامها تصرخ بمواء مستغيث، وتذكر بداية حكايته.

                                                         

  تمت بحمد الله

 

 

 




الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات