" " " " " " " " رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الثامن)
📁 آحدث المقالات

رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الثامن)

 


العودة

 

- مصيلحي.. مصيلحي رد عليا.. مالك سلامتك؟.. هو مبيردش عليا ليه يا دبانة يا رذيلة؟

- زززز وأنا إش عرفني يختي؟.. ولزمتها إيه رزيلة دي ما احنا كنا حلوين مع بعض قبل ما يرجع صاحبك ولا هو دا جزاتي؟.. زززز.

- جزاتك؟... عملتي إيه يعني؟.. وهو الزن في الودان دا شغل؟.. دي هوايتك الطبيعية، مفتحتيش عكا يعني.

كان مصيلحي يحاول استيعاب ما يحدث أمامه، هل تتحدث القطة مع الذبابة؟.. نعم هو يراهما يتبادلان الحديث، ولكن ليس هذا ما أرعبه، ولكن منذ متى وهو يفهم لغة الحيوانات والذباب؟

أمسك رأسه بيديه وصرخ بقوة فصمتت الاثنتان تحدقان فيه بدهشة:

- هو ماله دا؟ زززز.

- اسكتي لما نشوف.. مالك يا مصيلحي يا خويا؟

صرخ مرة أخرى بقوة:

- أنتي بتتكلمي ولا أنا لساتني بحلم؟

- لا يا خويا.. أنا بتكلم.. أنت مش عارفني؟.. أنا حسنات.

- إيوة أنا خابر أنتي مين.. بس بتتحدتتي معايا كيف؟

طارت الذبابة وقفت على أنفه ثم وقفت على قائمتيها الخلفيتين:

- وأنا زنانة.. زززز.

صرخ وهو يحاول ضربها فطارت في آخر لحظة وهي تصيح:

- إيه دا؟... قريبك دا اتجنن ولا إيه؟

- إهدى يا مصيلحي يا خويا.

- أهدى كيف يعني وأنا شايفك بتتحدتتي مع الدبانة؟، وأنا فاهم حديتكم، يا خسارتك في الجنان يا مصيلحي.

- دا بدل ما تشكرها.. بقالها أسبوع بتزن جنب ودانك يمكن تعرف تصحيك، إلا أنت صحيت إزاي؟

فكر لحظات ثم أجابها:

- يعني إيه صحيت إزاي؟.. عادي زي الناس؟

- ناس إيه يا مصيلحي؟.. الناس بتنام اتناشر ساعة.. يوم.. إنما أنت نايم بقالك أسبوع.

اتسعت عيناه رعبًا:

- يا سنة سوخة..أسبوع؟.. أنتي بتخترفي بتجولي إيه؟.. أنا اللي غلطان.. بتحدتت مع جطة ودبانة؟.. غوري من وشي لما أشوف مصالحي.

تبادلت القطة والذبابة النظرات المستغربة، ثم هتفت القطة:

- أوعي تقوليها.. مصيلحي سيد العاقلين كلهم، هو بس شاف كتير.. أعصابه تعبانة.

- يا خوفي من صاحبك دا.. شكله غدار.

- مصيلحي؟!.. دا مافيش في أدبه وأخلاقه، دا حتى أنا كنت برسم عليه، لحد ما جرا اللي جرا، بس هو خولقي حبتين، بس مهما يعمل.. بموووت في دباديبه.

- طب يختي الحقي دباديبو.. شوفيه رايح فين وهو مش فاكر أي حاجة .

- يا لهوي.. يا مصيلحي.. تعالى بس أما أقولك.

ركضت تمسك طرف جلبابه بأسنانها وتحاول إعادته للداخل ولكنه فتح الباب وتجاهلها وهو يجذب طرف جلبابه ويتظاهر أنه لم يسمعها، وضع يده على رأسه بعد أن أغلق الباب خلفه كي لا تلحق به، شعر كأن الدنيا تدور به، شواهد القبور من حوله ظهرت وكأنها ترتفع وتنخفض عن سطح الأرض، أخذت رأسه تهتز صعودًا وهبوطًا حتى أمسكها بكلتا يديه ليمنعها من الحركة، ثم بدأ بالتحرك يراقب ما حوله بارتياب وكأن شواهد القبور ستنقض عليه في أي لحظة.

- صباح الخير يا مصيلحي.

اتسعت عيناه بابتهاج:

- يسعد صباحك يا عم الشيخ أحمد.

- فينك يا بني؟.. من أسبوع وإحنا بندور عليك.

- تحت الشوف يا عمي الشيخ.. أنا زي ما أنا في بيتي متحركتش منيه واصل.

- إزاي يعني؟.. دحنا خبطنا على الباب وفتحناه ملقيناش حد.

- سلامة الشوف يا عمي الشيخ.. ما أنا جدامك أهه ولساتني صاحي من النوم.

- نوم إيه بس يا بني؟.. بقولك من أسبوع وأنت غايب، حتى الناس بلغت المديرية عن غيابك

- وليه الوش دا كلاته؟

- ودا اسمه كلام؟.. علشان مصالح الناس طبعًا.. هو مش أنت دفان الحوش؟.. ولما تختفي مين اللي هيدفن.. مصليحي.. أنت بتشرب حاجة.

- والله يا عم الشيخ لسة لحد دلوك مشجيتش ريجي ولا بكوباية شاي.

- شاي إيه بس؟.. ليكون حد ضحك عليك وإداك حاجة أصفرة.. إوعى يا مصيلحي.

قهقه مصيلحي:

- الله يحظك يا عم الشيخ...أصفرة إيه بس؟

ثم تجهم فجأة فسأله الشيخ:

- في إيه؟.. افتكرت حاجة؟

- إيوة.. زي ما يكون الكلام اللي بتجوله صوح.. لما صحيت من النوم استهيألي أن الجطة والدبانة بيتحدتوا معايا.

قهقه الشيخ:

- القطة، والدبانة.. لا دا يظهر أنك عديت الحاجة الصفرا.. إوعى لحالك يا مصيلحي لو حد خد خبر هينقطع عيشك من الشغلانة.. ومحدش لاقي شغل يابني اليومين دول.

- عندك حق يا عم الشيخ.. حاضر هاخد بالي.. فوتك بعافية.

- الله يعافيك.

وبعد أن سار عدة خطوات أوقفه الشيخ:

- ألا أنت مشفتش البت حسنات؟ بقالها كام يوم هي كمان لا حس ولا خبر.

اندهش مصيلحي وفتح فمه كالأبله:

- آه.. حسنات مين؟.. آه حسنات.. لا مخابرش.

- لا حول ولا قوة إلا بالله.. هتكون راحت فين يعني؟.. دا البنية مجطوعة من شجرة.. ربنا يردك بالسلامة يا حسنات.

- فوتك بعافية يا عمي الشيخ هروح أشوف حالي.

- ربنا يصلح لك الحال وينور لك طريقك.

أخذ يعصر ذهنه،  هو واثق أنه رآى حسنات في الأيام الماضية، ولكن أين؟..وكيف اختفت؟، انتهى عمله اليومي، وكان آخر ميت يدفنه بعد صلاة العشاء، عاد لبيته لا يكاد يرى أمامه من التعب والإرهاق، رغم أن العمل لم يكن كثيفًا اليوم، فتح الباب الذي أصدر صريرًا مزعجًا من مفصلاته الصدئة، نظر له بتعجب وكأنه يلاحظ هذا الصوت لأول مرة، أغلقه خلفه ليجد القطة بانتظاره، وقبل أن تهم بالاقتراب منه هددها ملوحًا بإصبعه باتجاهها:

- لو فتحتى خاشمك بحرف واحد، أجسم بالله العظيم لأدبحك وودر روحي.

كانت تهم بفتح فمها عندما سمعت تهديده، فقررت تغيير رأيها وهي تموء بدلال وهي تتمسح في رجليه، أخرج الهواء المحتبس في صدره بتنهيدة راحة وهو يجلس على فراشه:

- يخروب بيتك، كنت فاكرك هتتحدتتي معايا، أتاري اللي حوصل الصبح كلاته تخاريف.

زنت الذبابة في أذن القطة:

- ززز الحالة طلعت أصعب مما تخيلنا ززز.

- يظهر كدة.

انتبه لصوتها فهتف بتهديد:

- بتجولي حاجة؟

أطلقت مواءًا آخر وهي تحدجه بغيظ فضحك:

- آه.. بحسب.. هعمل كوباية شاي حبر تجيل.. أشربها وأتسطح طوالي.. لا جطط بتتكلم، ولا دبان بيـ...دبان إيه بس يا مصيلحي؟ .. أنت اتهفيت في نافوخك.. جال دبان بيتكلم جال.. دا اللي ناجص من عيشة الميتين اللي عايشينها دي.

كان يهم بشرب كوب الشاي التقيل عندما اهتزت الأرض تحت قدميه، وارتجت الجدران وبدأت تتشقق، شهق متراجعًا بذعر وتلك الجنية تخرج من بين الشقوق وتقبل عليه بشوق ولهفة:

- مثيلحي.. حبيبي.. حمدالله على الثلامة يا روحي، وحشتني قوي..قوي.. إخث عليك يا وحش، كدة تبعد عني كل المدة دي؟.. أهون عليك؟

تعثر في خطواته وهو يحاول دفعها عنه:

- أنتي مين؟.. عفريتة ولا روح؟.. ابعدي عني.. لا تأذيني ولا أذيكي.

وقفت زغدانة مندهشة:

- مالك يا مثيلحي؟.. أنت مش عارفني؟

- وأعرفك منين؟.. الحجووووني يا خلج.

هم بالهروب نحو الباب، وكاد أن ينجح بالوصول له عندما وجدها تعترض طريقه وكأنها ظهرت من العدم:

- أنت بتهرج؟، ولا بتتكلم جد؟

صرخ بعلو صوته:

- الحجيني ياما.. الحجوني يا خلج هوووووووه.

نظرت زغدانة للقطة التي تراقب ما يحدث وهي تتثائب بنعاس:

- أهو كدة من الصبح، من ساعة ما رجع مش فاكر أي حاجة.

اتسعت عيناه بصدمة محدثًا القطة:

- أنتي مش كتي بتنونوي من شوية بس؟

- أيوة.. لما هددتني أنك هتدبحني.. خفت لتتجنن وتعملها.

وضع يديه على رأسه يخبط بهما:

- يا وجعتك المربربة يا مصيلحي.. يا خسارة شبابك في الجنان يا خويا.

تبادلت ذغدانة والقطة النظرات ثم هتفت هذه الأخيرة:

- أنتوا عملتوا فيه إيه؟.. كان زي الوردة المفتحة.

- معرفش.. مكانش مثموح لي أدخل أرض نهاية المطاف.. وإلا كنت رحت وثاعدته.

- وبعدين؟ هنعمل إيه؟

تحركت باتجاهه فعاد يصرخ:

- إوعي تجربي مني.. بعّدي عني.

- إهدا يا مثيلحي، أنت مش فاكرني؟.. أنا زغدانة...خطيبتك.

- أنا هتجوز عفريتة؟.. أهو دا اللي كان ناجص.

- لأ.. مش هينفع كدا لازم تفتكر بسرعة.. زنقط على آخره، ولازم نتجوز النهاردة علشان أحميك منه.

- ومين زنجط دا كمان؟

عادت الجدران تهتز بقوة حتى ظنوا أن البيت سيسقط على رؤوسهم، اتسعت عينا ذغدانة تهتف بخوف:

- برة.. زنقط مثتنيك برة.

وأشارت نحو الباب:

- عاوزك...ضروري.

تردد لحظات ثم قرر التحرك، فتح الباب بعد أن شمل الجميع بنظرة قلقة، وفي الخارج كان المكان كأنه يشتعل، ومن بين النيران ظهر زنقط بوجهه القبيح وجسمه الضخم:

- المهلة خلصت يا مصيلحي، يا تسلمني الطلسم، يا أما...تنسى خطيبتك...سارة.

كان ما يزال يظن نفسه يحلم بكابوس حتى رأس سارة - خطيبته - مكبلة بالقيود والسلاسل تحت قدمي الجن الجبار، صرخ مناديًا عليها:

- ساااااااااااارة.

 


الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات