" " " " " " " " رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الثاني)
📁 آحدث المقالات

رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الثاني)




تحت الأرض

 

- ما تنطجي يا زغدانة...الحل إيه?

- هو مافيش حل.. بث ممكن تحاول مع مثجورة تخفف العقاب.

- واجيبها منين مسجورة دي دلوكيت؟

- ممكن أنزلك تدور عليها.

- تنزليني فين؟

- هيكون فين يعني؟.. تحت الأرض طبعًا.

- أعوذ بالله ...سلام قول من رب رحيم.

- أكيد مش هتلاقيها في مارينا.. بقول جن أحمر عفاريت هيعيشوا فين؟ طبعًا  في آخر البحار الثبعة .. بث أنا مش هقدر أخدك هناك.

- أنتي كمان بتهزري؟

- لا والله، جو البحر مش مناثب لثحتي.

- مافيش حل تاني؟

- بثراحة...لأ.. هي حثنات دي مهمة قوي بالنثبة لك؟

- مش حكاية مهمة.. إخوات في الإنسانية.. طبعًا متعرفيهاش أنتي دي؟

- عادي يعني على فكرة.. إحنا عندنا إخوات في الجنية.

- لا ما هو واضح...كل فريج منيكم عاوز يحرج الفريج التاني.

- يالا بقى يا مثيلحي.. مش هتحث بحاجة.. زي شكة الدبوث.

- أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم.. هي رغم أنها شرانية وكانت مرى ممرجعة.. بس حرام.. هي ولية وفي ضيجة.. يا رب أنت عالم بنيتي.. اتفضلي خديني.

- بث بشرط.. لو حد ثألك تقولهم أنك خطيبي.

- نعم يختي؟

- نعم يا خويا... هو أنت مش قايل عليا؟

حدجها بنظرة ساخرة فاستدركت:

- أنا وأنت واحد.. مش كدة يا مثيلحي؟

- يا وجعة مثيلحك المربربة.. اتفضلي هي ليلة متجندلة من أولها.

- غمض عينيك وأمثك إيدي.. وخد بالك لو إيدك فلتت مني مش هعرف أجيبك خالث.

ابتلع لعابه بصعوبة متسائلًا:

- تجيبيني منين؟

- من اللي هياخدوك مني.. احنا هنعدي على طرق كتيرة، فيها مخلوقات نعرفها ومخلوقات منعرفهاش، فيهم الطيب وفيهم الملعون، وفيهم النتاشين.

- ومين النتاشين دولم؟

- هم اللي هيخطفوك مني لو فلت إيدك من إيدي.

- يخطفوني يعملوا بيا إيه؟

- منهم اللي بياكلوا اللحم.. ومنهم اللي بياكلوا العضم ومنهم اللي بيشربوا الدم بث.

- لا والله كتر خيرهم...سوجي بينا يا...خطيبتي.

غطست رأسها بين كتفيها وقد ازدادت زرقة وجهها وهي تمد يدها له:

- يالا بينا يا خطيبي.. أوعي تفتح عينيك لحد ما أقولك أنا.

- حاضر.

لم يحسب حساب لمسها، حتى وضعت يدها في راحة يده واجتاحه فيضان من شيء يرج جسده، وكأنه اصطدم بقطار، ولكنه ظل على قيد الحياة بعدها، برودة شديدة سرت في أوردته وكأنها سكبت فيها مياه مثلجة من لمستها ليده فقط، أغمض عينيه وفي اللحظة ذاتها شعر وكأن شيئًا يلتف حوله يغلفه كالشرنقة، قاوم بشدة ألا يفتح عيناه، خاصة عندما شعر وكأنه يطير بسرعة الصاروخ، كان يتخبط بأشياء غير صلبة، في إحدى المرات شعر وكأن شيئًا سيمسك به، فازداد تمسكًا بيدها حتى شعر أن يده عبارة عن قالب من الثلج، من شدة برودتها، ربما فقد الوعي في مرحلة ما، لا يتذكر تمامًا، ولكن أول شيء انتبه له أن قدماه تلمس الأرض أخيرًا، وصوت زغدانة يناديه:

- افتح عينيك يا مثيلحي، احنا وثلنا.

فتح عيناه ببطء، أول شيء رآه كانت يده لا تزال قابضة في كفها، أو ما ظنه كفها، ولكنه الآن عبارة عن كف يد ذات ثلاث أصابع طويلة رفيعة شديدة الزرقة تبدو كأنها شفافة، جذب يده بسرعة بذعر ثم رفع عيناه إليها ليزداد رعبه ويحاول الهروب صارخًا:

- النتاشين خطفوني.. الحجيني يا زغدانة.. هياكلو لحمي.. هيدجوا عضمي.. هيمصوا دمي...الحجيني يما .

صوتها من خلفه جاء مهدئًا:

- إهدى يا مثيلحي.. دا أنا زغدانة.

التفت ببطء لينظر لها مجددًا، وهز رأسه بخوف:

- لا.. أنتوا النتاشين، ومجلدين صوت زغدانة علشان أطمن لكم.

- لا يا مثيلحي.. دا أنا والله.

- وأصدجك كيف وأنتي شكل البعوة اللي بنخوف بها العيال الصغار.

- دا شكلي تحت الأرض.

- يا سلام؟.. وأنتي لما تتجوزيني .. هيكون بأي شكل منيهم إن شاء الله؟

- لما نكون هنا هبقى كدة، ولما نكون فوق هبقى بالشكل اللي عرفتني به.

- يا فرحة أمك بيك يا مصيلحي.

- يالا بينا.. مش لازم تفضل هنا كتير علشان خطر عليك.

تلفت حوله ليلاحظ المكان الغريب:

- إحنا فين؟.. المكان زي ما يكون بطن الجبل بس لونه أزرج.

- فعلًا.. بس تحت الأرض، إمشي ورايا وحاثب راثك.. ومهما تشوف من أشكال بلاش تبحلق فيهم قوي.

- هم كلهم شكلك اكدة؟

- لا طبعًا .. أنا أجمل جنية تحت الأرض، باقي الأشكال.. هتشوفها بنفثك.. وما تنثاش.. أنت خطيبي.

- رب يا ساتر.

كانت على حق أن تطلب منه غض البصر، فقد مر بأشكال من قبيلتها مرعبة لدرجة الموت، لولا أنها لا تزال تمسك بيده لوقع على ركبتيه من شدة الفزع، خاصة عندما مر به أحد تلك المخلوقات وازداد تفرسه فيه كاشفًا عن أنياب طوريلة زرقاء، يتشممه كحيوان مفترس، ثم ينظر لزغدانة ويزمجر:

- حل عنا يا وطاث.

دمدم بلغة غير مفهومة ولكن مصيلحي أدرك من نبراته أن هذا الجني غاضب بشدة، أجابته زغدانة بفخر:

- أيوة خطيبي، وأنا بلغت القبيلة كلها أني هتجوزه.

ازداد زمجرة الجني وبدا وكأنه يهدد ويتوعد لترد عليه زغدانة:

- هو الوحيد اللي ملا عيني.. لا أنت ولا ملك ملوك الجان.. يالا يا مثيلحي ثيبك منه.

هدرت أنفاس الإنسي بصعوبة وهي يسير خلفها كطفل متمسك بذيل أمه:

- وموافجتيش عليه ليه بس؟.. باين عليه جن ابن أصل وفصل يعني.

نظرت له بطرف عينها المسحوبة حتى أذنيها:

- مش مالي عيني.

أجلى صوته بنحنحة:

- وأنا لامؤاخذة اللي مليت عينك دي كلاتها؟

- أنت مش عارف قيمة نفثك يا مثيلحي.

- طيب...ممكن نشوف مسجورة بجى علشان نفسي غمت عليا وحاسس أني هسورج

- هثورج يعني إيه يا مثيلحي؟

- زغدانة...خلصينا في ليلتك اللي مفايتاش دي.

- طيب ممكن تقولي لما نتجوز؟

- اللهم طولك يا روح.

وقفت فجأة:

- وثلنا.

تلفت حوله، المنظر لم يتغير منذ تركا المكان الأول، حتى يخيل إليه أنه لم يتحرك من مكانه إنما كان يدور في حلقة مفرغة:

- وصلنا فين لامؤاخذة؟

دقت بقدميها الغريبتان، فقد اقترب شكلهما من حذاء علاء الدين غير أن هذه لا ترتدي شيئًا فيهما:

- تحت هنا قبيلة مثجورة، بحر من البحار الثبعة بيجري تحت الكهوف دي.

- وأنا أعمل إيه؟

- أنا بلغتهم وهيبعتوا حد ياخدك.

- إيه يبعتوا حد ياخدك دي؟.. وأنتي متاخدنيش ليه؟

- أنا جن أزرق يا مثيلحي، لو نزلت عند الجن الأحمر أتحرق.

- وبالنسبة لي عادي يعني؟.. ولا هيعملوا عليا شوربة فراخ؟

- أنت إنثي .. مش بقولك مش عارف قيمة نفثك.. اطمن أنت محمى بطلثم كتبه ثيدنا ثليمان.

فجأة ارتجت الأرض من أسفلها وظهر جني مختلفًا في الشكل واللون عن كل من قابله، ويبدو أكثر شراسة أيضًا:

- هو دا الأنسي اللي عاوز يقابل مسجورة؟

- أيوة هو.. خد بالك منه.. معاه طلاثم تحرق كل قبائل الجان، وكمان خطيبي هنتجوز عن قريب.

أومأ بصمت ثم أمسك بيد مصيلحي، والتي وجدها على عكس يد زغدانة كانت شديدة السخونة، حاول سحب يده عندما شعر بجلده يحترق فتهتف زغدانة:

- إوعي تفلت إيدك منه.. الطريق مليان نتاشين.. غمض عينك وأوعى تفتحها.

أطاعها بصبر وتحمل بصعوبة سخونة الجني، وكما حدث في المرة الأولى، شعر بشيء يحتوي جسده كشرنقة وكأنه يطير كالصاروخ يتخبط بأشياء لينة، كانت الرحلة أسرع، أمره الجني بصوته الخشن أن يفتح عيناه، ليرى نفسه في مكان مشابه لكهوف الجبل ولكن الصخور يخرج منها دخان.

- أهلا يا مصيلحي.

التفت لمحدثته، كان صوت مسجورة، ولكنه لم يندهش أبدًا من اختلاف الشكل، واعترف بينه وبين نفسه أن زغدانة كما وصفت نفسها، هي أجمل هذه المخلوقات البشعة، بصوت غاضب سألته:

- جاي هنا ليه يا إنسي؟

ارتبك وارتعد وهتف بسرعة:

- حسنات...جاي علشان حسنات.

- قطعت كل الرحلة دي علشان تدافع عن قاتلة سفاحة.

- قالولي أنك ممكن تخففي العجوبة.

فكرت للحظات ثم سألته:

- مقابل إيه؟

تذكر كلمات زغدانة التي همست بها في أذنه قبل أن يحمله الجني:

- مهما شفت من جبروتها، خليها تحث أنك الأقوى.

أجلى صوته وهدر:

- من غير مجابل، أنا بطلب منك أنك تعفي عنها.. هي مكانتش تعرف أن الجطة جني من عيلتك.

- عذر أقبح من ذنب.

- وأنا مجلتش أنها مش مذنبة.

- ولو رفضت طلبك.

لم يعرف من أين أتته القوة ليصيح بصوت عالي:

- نادي على الجني اللي جابني يرجعني.

هتفت مأخوذة من ردة فعله:

- أنت زعلت ولا إيه؟

- كلامنا خلص يا مسجورة، كان عندي طلب وانتي رجعتيني من بابك، يوبجى الكلام خلص.

- طب أنا هخفف عقابها بشرط تسلمني ال....

رفع يده يوقفها:

- متتشرطيش عليا.

لوحت بيديها بغضب:

- أنت من أمتى بتتكلم كدة؟

- من ساعة ما عرفت أنك محتاجاني.. وطول ما أنتي محتاجاني.. سلام عليكم.

- مصيلحي.. خلاص.. أنا وافقت.. هخفف عقوبة السفاحة.. ومش هقتلها.

- هتعملي فيها إيه؟

- لما تطلع.. هتعرف.. مع السلامة.

أمسكه الجني ليعيده فأوقفتهم في اللحظة الأخيرة:

- مصيلحي.. أنا مش موافقة على خطبتك للجنية الزرقا.

- أنتي مالكيش صالح.

- لأ.. كل صالحي أنكم متتجوزوش، بلغها كلامي.. مع السلامة.طلعه على الأرض يا عجلان.

بالكاد نطقت الكلمة ليجد مصيلحي نفسه جالسًا على فراشه يلهث من الخوف..

- يا دين أبويا..كل دا حوصل.. ولا أنت لسة بتحلم يا مصيلحي؟

- من وجهة نظري.. أعتقد أنك مش بتحلم.. بس لو سألت حد عاقل.. هيقولك أن دا أجن حلم ممكن عاقل يحلمه.

- سلام قول من رب رحيم.. هو بيتي دا بجى محطة مصر وأنا مش واخد بالي؟.. وأنت مين أنت كمان؟

 



 

الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات