" " " " " " " " رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الثالث)
📁 آحدث المقالات

رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الثالث)




 

قرينك يا مصيلحي

- أنت مين...ما تنطج...ما ترد.

- مش عارفني يا مصيلحي؟ دحنا عشرة عمر يا راجل.

- لا والله مش واخد بالي.. ألا جولي اللول.. أنت أنس ولا جن؟.. ولا ميت؟

قهقه الرجل بصوت عميق:

- والله مش عارف أقولك إيه؟.. أنا مش جن.. وكمان مش ميت والحمد لله.. ولا إنسي.

- سبحان الله.. توبجى مين يا عم هي فزورة؟

- افتح عينك كويس.. مشفتنيش قبل كدة؟

اتسعت عينا مصيلحي يحاول رؤية وجهه، كان يقف بالظل وقد جانبه ضوء الشمس:

- والله هو الصوت مش غريب، كني سمعته من سابج.

تحرك الرجل نحو الضوء لتتسع عينا مصيلحي وهو يحدق به غير مصدق، فرك عيناه بقبضتيه وعاد ينظر لذلك الوجه المبتسم، وكأنه ينظر في المرآة، هتف بصوت شاهق:

- أنت مين؟

- أنا قرينك يا مصيلحي.

- قريني يعني إيه؟

جاء صوت أخر ليجيب بسخرية:

- يعني متعرفش قرين يعني إيه؟.. يا خيبتك يا مصيلحي.

وظهر من خلف القرين رجل آخر، ما زاد من رعب مصيلحي أنه هو الآخر يشبهه صرخ مفزوعًا وهو يركض مبتعدًا عنهما لأقصى مكان بغرفته، التفت الأول للثاني يعاتبه:

- قلت لك خليك بعيد لحد ما اتفق معاه، شوفت أنت خوفته ازاي؟

قهقه ضاحكًا:

- يا شريك، أنت عارف إني سيء في تنفيذ الأوامر، وفي الأول والآخر كان هيعرف إن أنت قرينه الطيب الملاك، وأنا قرينه الشرير.. الشيطان.

كان مصيحلي يتابعهما بذعر لم يشعر بهما حتى عندما كان في رحلته لكهوف الجن تحت الأرض، التفتا نحوه أحدهما بابتسامة مواسية والآخر بنظرة شريرة ساخرة، كانا متشابهان في الشكل والملامح فقط، أما ملابسهما فكانت مختلفة كاختلاف الليل والنهار، تقدم ذو الملابس البيضاء نحو مصيلحي:

- أنا عارف أنك مخضوض، متخافش إحنا هنا علشان نساعدك.

أمسك مصيلحي بملابسه يهم بشقها صارخًا:

- تلاتة بالله العظيم معايزش حد يساعدني، أجولها لكم بأيتها لغوة.

صاح ذو الملابس السوداء:

- أنا قلت لك يا شريك، ما تتعبش نفسك معاه، هو خلاص باع روحه لأبويا.

هتف مصيلحي مصدومًا:

- أبوك مين يا عم، أنا مشفتوش ومبعتش حاجة له ولا لغيره.

قهقه بسخرية:

- أبويا يبقى الشيطان يا مصيلحي.

- يا سنة سوخة يا مصيلحي.

هتف ذو الملابس البيضاء:

- سيبك منه يا مصيلحي وخليك معايا.

- وأنت ابن مين أنت كمان؟

- متخافش يا مصيلحي، أنا معاك مش ضدك، كل حاجة كويسة بتفكر بها أنا اللي بوشوش في ودانك علشان تعملها، وكل حاجة شريرة تغضب ربنا، هو اللي بيوشوش في ودانك عليها، ودا معنى القرين، أنا وهو معاك من يوم ما اتخلقت في الدنيا.

- أنتو التنين؟!

- أه.. عشنا معاك كل لحظة حلوة وكل وقت حزين مر بيك.. خصوصًا من يوم عم درديري مات.. لو أخدت بالك أنا كنت ماسك ودانك وقتها وكتير حذرتك أنك تفتح الباب، بس أنت سمعت كلامه هو.

وضع مصيلحي يده على صدره ليهدئ من ضربات قلبه وهو يحملق بحذر في شبيهاه الأبيض والأسود:

- طب مكنت تعلي صوتك يا أخي، كت هسمعه طوالي، بدل الوحلة اللي وجعت فيها دي بسبب جلاب المصايب دا.

قهقه الأسود:

- كدة يا مصيلحي؟.. تحب أفكرك كام مرة حبيت تعمل الشر أكتر من الخير وكنت في منتهى السعادة؟ طب فاكر البنت بتاعة إعدادي...

ثم غمز بعينه فشهق مصيلحي:

- يخرب بيتك.. لهو أنت اللي وسوست لي وجتها.. آه يا بن ال....

هتف الأبيض:

- مصيلحي.. بلاش شتيمة.. الشتيمة حرام.

قهقه الأسود ساخرًا:

- آه صحيح اللي بيشتم بيروح النار.. على أساس أنك داخل الجنة يعني.. أمال أنا بعمل إيه؟

نظر مصيلحي للأبيض فرد بابتسامة:

- إوعى تخليه يهزك.. خليك مؤمن بنفسك.

هتف مصيلحي بانفعال:

- أنا عرفت خلاص نيتك السودا يا بو.

طرقات على الباب فهز مصيلحي رأسه:

- وأنا بجول هو الباب الزفت دا مخبطتش ليه على الصبح.

ثم نظر لكلاهما:

- استخيبى منك ليه لما نشوف جاي لي إيه نصايب على الصبح....غيركم طبعًا.

- متخافش.. محدش يقدر يشوفنا غيرك.

- والله؟.. أقنعتوني.. نتفاهم بعدين.

فتح الباب ليفاجأ بحسنات تقف أمام بيته ترتعش بوجه شاحب وعينين زائغتين:

- يسعد صباحك يا سي مصيلحي.

- حسنات...مالك مين اللي عمل فيكي اكدة؟

- سايق عليك كل الأوليا.. سيدي عبد الرحيم...وسيدي التشطوطي، وسيدي الدريني، وسيدي القناوي وسيدي..

- خلاص يا حسنات.. عاوزة إيه بس؟

- شوفت حل لمشكلتي؟

- إيوة.. وهم خلاص مش هياخدوكي راس براس.

تنفست الصعداء براحة وهي تضحك وتبكي:

- إلهي يسعدك.. إلهي يفرحك وينور طريقك...إلهي....

- مكملتش حديتي يا ولية.

- هو لسة فيه كلام.

- إيوة.. أنا جلت مش هياخدوا بتارهم منك بالدم.. بس هم مصممين.

- مصممين على إيه ياسي مصيلحي؟

- هتتعاقبي يا حسنات.

ضربت على صدرها بصرخة:

- يا لهوي.. هيعملوا فيا إيه؟

- والله هم مجالوش.. بس هتكون أحسن من الموت ولا إيه؟

أكملت ولولة وصراخ:

- يا وقعتك السودة يا حسنات. مكانش يومك يختي.. يا خسارة شبابك.. يا لهوي.. إيه اللي بيحصلي دا؟

اتسعت عينا مصيلحي وهو يلاحظ أيضًا ما يحدث لها، وقد بدأ الشعر يغزو جسدها ووجهها، صغر أنفها وخرج منه شوارب رفيعة تشبه شوارب القطط، ثم بدأ حجمها يتقلص وهي تصرخ بذهول تراقب ذراعيها يكسوهما الشعر، وفجأة تحول الصراخ لمواء، شهق مصيلحي وهو يراقب القطة تتمسح في ساقه:

- يخروب بيتك يا مسجورة.

هتف الأسود من خلفه:

- عقاب ممتاز.. يليق بملكة جن البحار السبعة، دلوقتي حسنات هتعيش حياة القطة اللي قتلتها بدم بارد.

بينما قال الأبيض بأسى:

- مسكينة.. زمان قرينها هيموت عليها، لو كانت سمعت كلامه، مكانش حصل اللي حصل.

- أنت إمتي هتؤمن أن الخير مالوش مكان في العالم دا؟.. الشر .. الشر يا صاحبي هو أساس العالم.. وأساس الإنس نفسهم.

- دا رأيك أنت علشان عاوز العالم كله يبقى زيك.. عاوزهم يونسوك في النار، علشان متبقاش وحدك.

صاح مصيلحي ليوقف التشاحن:

- ستووووب.. وقت مستجطع يا شباب.. أنتوا جايين تتخانجوا عندي.. أنا عندي اللي مكفيني وزيادة شويتين، لو مصرين على العراك اطلعوا برة.

مواء القطة هدأ من انفعاله وهو ينحني ليحملها ويربت عليها بحنان:

- سامحيني يا حسنات، كل اللي حوصل دا ذنبي.

- وأنت عملت إيه بس؟

- طبعًا عمل.. كل حاجة سيئة بتحصل من ذنوبه، أنت ناسي  ذنوبه اللي طبت كفة الميزان.

- ربك غفور رحيم، إوعى تنسى.

- أيوة اضحك عليه بكلامك دا علشان يفتكر أنه داخل الجنة، جنة مين يا عم أنت بتحلم.. الجنة اللي أبوك آدم خرج منه عمرك ما هتخطيها برجلك.

زمجر الأبيض بضيق:

- ومين اللي خرجه منها، مش أنت ووسوستك الشريرة؟

- حد قاله يسمع كلامي؟.. دي غلطته مش غلطتي أنا.

- سمعت يا مصيلحي؟.. هي دي آخر وسوسته ليك، هيتبرأ منك ومن عمايله السودا، وهيلبسك في حيط.

قهقه الأسود:

- في ملاك طيب وابن حلال يقول الكلام البيئة دا؟.. إيه يلبس في حيط دي؟

جلس مصيلحي على فراشه الصغير يحمل القطة حسنات بين ذراعيه يشاهد مصيلحي الأسود ومصيلحي الأبيض يتشاجران، وعندما انتابه الزهق منهما صرخ بعلو صوته:

- زغدانة.. يا زغد......

- شبيك لبيك.. زغدانتك بين إيديك.

أشار لها على قرينيه:

- أخلص ازاي من ويلد المنكوبة دولم.

كشكشت أنفها قائلة بضحكة مائعة:

- أنت تؤمر يا مثيلحتي.. بث متأكد أنك مش عاوز تشوفهم.

- إيوة متأكد.. وجعولي راسي من طلعة الشمس، عاملين زي ناجر ونجير.

- هم كدة على طول، بث أنت مش بتشوفهم، على فكرة لو لقيت الطلثم هت....

- خلاص يا زغدانة...خلاص عرفت.

التفت القرينان وصاح الأسود:

- يا أهلًا وسهلًا بخطيبة الغالي.

وهتف الأبيض بنزق:

- هو أنتي وصلتي، أهلًا.

وقفت تتمطى بينهم بدلال:

- ايه يا شباب مزعلين مثيلحي ليه؟

التف الاثنان حوله، الأبيض من ناحية اليمين، والأسود من اليسار وتحدث الاثنان بصوت واحد:

- أحنا زعلناك يا مصيلحي؟

أشار بغمزة لزغدانة فضحكت ورفعت كتفيها باعتذار:

- أنا آثفة.. مضطرة أخفيكم.

هتف الأبيض:

- لأ..لازم أقول حاجة مهمة مصيلحي لازم يعرف...

صفقت بيديها فاختفى الأبيض، حدجها الأسود ورفع حاجبيه باستهزاء:

- برافو عليكي.. متشكر على ثقتك ال....

هتفت باستمتاع:

- وأنت كمان هتختفي.

وهمت بالتصفيق فهددها الأسود:

- إوعي تعمليها.. أن بحذر....

صفقت بتحدي ليختفي هو الآخر، نظر لها مصيلحي:

- هم كانوا بيجولوا ايه؟

- مش عارفة، تحب أرجعهم علشان تسألهم؟

- لا.. ما صدجت خلصت منيهم.. متشكر.

- أي خدمة.

قفزت القطة من حجره وقوست ظهرها وهي تخمش الأرض من أسفل قدمي الجنيه التي رفعت ثوبها بارتباك:

- إيه القطة دي؟.. أول مرة أشوفها عندك.. دي مش جنية.. ولا قطة كمان.

- إيوة.. دي حسنات.. مسجورة سخطتها.

تراجعت بخوف:

- طيب أنا ماشية.. يا ريت تتخلص منها هتجيبلك مشاكل.

- زغدانة استني.. زغدا....هي متسربعة كدة ليه؟ مالها اتكهربت فجأة.. تعرفي يا حسنات.

بمواء جزين قفزت مرة أخرى في حجره وتكورت نائمة.

الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات