" " " " " " " " رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الأول)
📁 آحدث المقالات

رواية سر الطلسم ج2 (الفصل الأول)




حسنات أشتاتًا أشتوت

 

- حمد الله على الثلامة.. لثة بدري.. ولا هي الصحبة مع الثنيورة أحلى من ثحبتي.

وقف مصيلحي مذهولًا من الصدمة، كان الصوت لزغدانة، ولكن الشكل مخيف...مرعب...شديد الزرقة، بالغ الضخامة، عيون مستديرة مدماة بحجم الطبق.. شعر تنتهي أطرافه برؤس ثعابين تفح فاغرة أفواهها، تراجع عندما بدأت تتقدم نحوه:

- مش بترد ليه؟.. بتخني واحنا لثة على البر؟.. بتخوني يا مثيلحي؟

- أخون مين وأتنيل مع مين بس؟.. أنتي مين؟ هو أنا وجعت في ملجف كل جني مش لاجي له شغلانة ياجي يشتغلني؟!!

شهقت بصراخ مزعج مع فحيح أفاعيها:

- أنت مش عارفني؟... طبعًا هتعرفني إزاي وأنت طول النهار بتتثرمح مع الزفتة؟

- ابعدي عني.. لا تأذيني ولا آذيكي.. انصرفي.

- وكمان بتثرفني.. يا راجل يا خاين.

- لو منصرفتيش.. هجرا عليكي طلاسم عم درديري.

دعك عينيه ليتأكد مما يرى.. في لمحة عين تغير شكلها المخيف لزغدانة الجميلة ذات الشعر الناعم المسترسل والثوب بزرقة السماء.. والعيون شديدة الزرقة.

- يخرب مطنك.. زغدانة.. وكتي عاملة في نفسك اكدة ليه؟

بصوت ناعم رقيق يختلف تمامًا عن صوتها الأجش منذ لحظات:

- ما هو أنت الثبب يا مثيلحي.. أنا رضيت بثارة ضرة ليا.. أكتر من كدة لأ.. بموتك.

- ومين جالك أن فيه أكتر من كدة؟

- تقدر تقولي كنت بتتثرمح مع مين طول النهار؟

- ولا حاجة.. دي فضلة خيرك شبح بت مجتولة.. وجفت جارها لحد ما ارتاحت في تربتها.

- وكان عينك عليها...ثح؟

- متاخدنيش في دوكة.. إيه المنظر اللي كتي فيه من شوية دا؟

- ثامحني يا مثيلحي.. لما شوفتك معاها جن جنوني.

- بالمنظر دا؟. تعابين في شعرك.. كتي زي العصفورة بجيتي زي الفيل أبو زلومة.. لا الجوازة دي مش نافعة.. أنا أوت Out  .

- لا يا حبيبي هو دخول التربة زي الخروج منها؟!

- جصدك الكنيف.

- لأ عندنا بنقول التربة.. بحكم المكان وجو الميتين وكدة يعني.

- أنتي بتهزري؟.. بعد ما دخلتي دخلة امنا الغولة جاية تسحبي ناعم.

- خلاث بقى ما يبقاش قلبك أثود.. أنا خلاث جهزت الفرح وعزمت المعازيم.

- وأنتوا كمان عنديكم أفراح ومعازيم؟

- طبعًا...دنا هعمل فرح الجن والإنس هيتكلموا عنه.. الإنس الميتين.. وممكن تعزم البت بتاعتك.

- ما خلاص راحت.

- ومالك زعلان قوي كدا ليه؟

- البت صعبانة عليا.. اتخطفت من حضن أبوها.

- خلينا في المفيد...فينه بقى؟

- اللي هو إيه؟

- الطلثم يا مثيلحي.

- طلسم إيه لامؤاخذة؟

- مش أنت قلتي لي من شوية هتنصرفي ولا أقرأ عليكي الطلثم؟

- أها.. لما كتي عفريتة والحناش في شعرك؟.. لا ما انا كت بنخع.

- بت..إيه؟

- متاخديش في بالك.. ممكن تفوتيني دلوك علشان جيعان نوم.. عاوز أتسطح كام ساعة.

بغيظ شديد هتفت:

- اتفضل...أتثطح.. بس خد بالك...مش هيسكتوا عليك كتير.

- هم مين دول؟

- زنقط ومثجورة.. لازم تلاقي الطلثم بثرعة.. أنا خايفة عليك يا مثيلحي.. أحثن يأذوك.

- من بكرة إن شاء الله هدور عليهم.. تصبحي على خير.

تبخرت في الهواء وكأنها لم تكن موجودة من الأصل.. أخرج زفرة طويلة وهو يتمتم بينه وبين نفسه:

- ودي وجعة أيه دي يا مصيلحي؟..ةوبعدين هتعمل إيه يا ولد عبد الهادي؟.. هروب ومنفعش.. طلسم ومش لاجي.. محايلة وحبلها جصير.

- مصيلحي...أنت نمت؟

جلس مجفلًا يحاول التحديق في الظلام:

- مين؟.. مين بينادي؟.. هي الليلة دي مش هتخلوص؟

- دي أنا متخفش.

هتف غير مصدق وهي تترائى له بهالة نورية:

- هند...أنتي هند صوح؟

- أيوة.. وطي صوتك للعفريتة بتاعتك تسمعك.

هلل وهو يعتدل ويربت على الفراش جواره:

- تعالي اجعدي جاري والله أنا ممصدجش نفسي.

جلست وهي تحدق به فسألها باستغراب:

- وأنتي عرفتي موضوع العفريتة دي كيف؟

- أنت ناسي أنك حكيت لي على كل حاجة في القطر.. وكمان أنا شفتها وهي بتكلمك.. أنا هنا من بدري وكان معايا فهمي وعم درديري.

- ما شاء الله العيلة كلاتها مجتمعة.. وراحوا فين؟

- مشيوا.. خافوا العفريتة تحس بيهم.. إلا أنت هتتجوزها بجد؟!

- والله معرفش أجولك إيه؟.. هي عاوزة تحميني.. ومسجورة بتهددني وزنجط هيمسح اسمي من سجل المخاليج، وعم درديري بيجولي ألغاز مفاهمش منها حاجة واصل.

- يا مسكين.. شوف يا مصيلحي.. زي ما ساعدتني أنا لازم أساعدك.

- هتعملي إيه يعني؟

- هدور معاك على الطلسم.. هو عم درديري قالك فين؟

- قال في صندوج عمري.. مخابرش إيه صندوج عمره ده؟ .. فتشت في صندوج خلجاته اللي حيلته ملجيتش حاجة.

- ندور تاني.. بس أوعي تستسلم للي اسمها زغدانة دي.

- حاضر...حاضر...حاضر.

فتح عينيه وهو يتمتم بكلمة "حاضر" وفجأة سقط من الفراش على الأرض الصلبة ليصرخ متوجعًا من عظامه المكدومة.

- أي يا ضهري...أي يا رجلي...أي يا....هو أنا فين؟ وهي راحت فين؟ الشمس طلعت ميتى؟ يا نافوخك يا مصيلحي اللي هيتفرتك.

نظر للباب وقفز مسرعًا نحوه قبل أن يسمع الطرقات المشؤومة، فتحه بحذر ثم تطلع بنصف عين ليفاجأ بالمكان خالي تمامًا، فتح الباب على مصراعيه وأخذ يتنفس هواء الصباح بانتعاش، ولم يطل استمتاعه طويلًا، إذ سمع صرخة نسائية طويلة تتبعها مواء قطة تصرخ هي الأخرى، وعلى الفور ظهرت حسنات تركض كالمجنونة خلف قطة تهوشها بعصاة وتقسم بأغلظ الإيمان أنها لن تهدأ حتى تضربها على رأسها، تعمدت القطة أن تنظر لمصيلحي وهي تركض ليرى توهج الاحمرار في عينيها...

- يا سنة سوخة.

وركض خلف حسنات يحاول إثناءها عن ما عزمت عليه، كان يلهث تقريبًا متقطع الأنفاس عندما وصل متأخرًا، كانت تقف لاهثة والقطة مضرجة في دماءها تحت قدميها والعصاة ما تزل في قبضتها تتقاطر منها الدماء:

- إيه اللي هببتيه دا يا بت المجانين؟

- اسكت يا سي مصيلحي، دي مجنناني يا خويا، كل شوية تنط في المطبخ تخطف إشي سمكة، وإشي حتة جبنة، هوشتها وقلت معلهش، أنما بنت المفجوعة تيجي النهاردة وتخطف فرخة بحالها، حلفت ميت يمين أجيب دماغها نصين.

- ودرتي حالك يا مسكينة.

- يعني إيه يا سي مصيلحي؟.. كل الزعل دا على قطة، يا خويا الترب مليانة قطط أشكال وألوان.

- أجولك إيه بس؟

- سي مصيلحي.. يكونش يا خويا.. القطة دي منهم؟.. أشتاتًا أشتوت.. حابس حابس.. سي مصيلحي أنت مبتردش ليه؟ يا حوستي ليكون اللي بفكر فيه صحيح؟

- روحي يا حسنات اطلبي السماح يمكن يسامحوكي.

ألقت العصا من يدها أخذت تركض صارخة كالمجنونة، نظر للقطة بأسى ثم حملها ودفنها وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة، بعد عدة ساعات عادت حسنات تطرق بابه باكية منهارة... تتوسله أن ينجدها..

- وأنا مالي بس يا حسنات؟

مسحت عينيها بظاهر يدها فزاد تلطيخ الكحلة سوادًا حولهما وهي تشهق:

- أبوس إيديك يا سي مصيلحي.. كلنا عارفين أنك مخاوي وأنهم بيكلموك وبتكلمهم.. قولهم أني مكانش قصدي.. وأنا هراضيهم بأي حاجة يقولوا عليها.

- عارفين منين؟

- الحوش كله بيشوف وبيسمع... هتساعدني ياسي مصيلحي؟

- هشوف يا حسنات.. عدي عليا بكرة.

ركضت لتقبل يده فرفعها بسرعة:

- استغفر الله...ادعي ربك تمر على خير.

بعد صلاة العشاء جلس بانتظارها.. لم تأت.. ناداها بخوف فهذه المرة الأولى التي يستدعيها:

- زغدانة....يا زغدانة...زغ...

- إيه دا أنت بتناديني يا مثيلحي؟.. دا أحثن يوم في حياتي..يا ثلاااام.. أنت بتحبني.. ثح؟

- اسمعيني يا زغدانة...أنا عاوزك في موضوع.

- خير يا حبيبي؟

- القطة اللي ماتت من جرايبك؟

- قثدك اللي حثنات قتلتها.

- إيوة...عاوزين نعرف الدية علشان نتصالحو.

- للأثف.. مافيش مثالحة.. الجنية اللي ماتت من الجن الأحمر.. مش من عندنا.. ودول تارهم بالدم وميعرفوش مثالحة...أو....

- أو إيه....انطجي .


 

الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات