بداية اللعنة
مر يوما علي تلك الحادثة وتحسنت بعدها وسام بعض الشيء
كانت أغلب الوقت تقضيه في غرفتها تحاول إستذكار بعضاً من
دروسها ولكنها لم تستطع ففضلت أن تتصفح هاتفها المحمول
ومعرفة أخر أخبار الرياضة في مصر وحينها تذكرت أن المباراة
الخاصة ب إلياس ستقام اليوم في السابعة مساءً ،اليوم سوف
تشاهده بوجه آخر وتسألت هل يستحق فعلا تلك الشهرة التي
يتمتع بها أم أنها مجرد ضجة إعلامية بدون مغزي
كانت تعلم أن أخيها زيد ووالدها سيشهدان المباراة في المنزل
لذا قررت أنها ستشاهد تلك المباراة معهما
في المساء أجتمع الجميع في غرفة المعيشة لمشاهدة المباراة
كان زيد يشجع إلياس بشدة ويقفز فرحا كلما آتت الكرة بين
أقدامه لأنه يعلم أن الكرة مع إلياس الجابري تسوي هدف مؤكد
دققت النظر إلي شاشة التلفاز وصدمت من براعة إلياس
سبت نفسها ولعنتها علي تفكيرها السطحي وتسألت في نفسها
كيف لها مجابهة تلك الأقدام الساحرة ولكن لا لن تستسلم
ستطلب منه أن يعلمها بعضا من مهاراته ،فكما لاحظت إلياس
رجل نقي القلب وماهر أيضاً في كل ما يفعله
وجاء يوما آخر
كانت تريد أن تستكمل ما بدأته ولكن كيف السبيل إلي ذلك وهي
حبيسة المنزل عقلها آتي لها بفكرة ألا وهي
أذهبي لوالدتك وقومي بإقناعها أنك أصبحت بخير خاصة وأن
تورم وجهك قد زال ولم يبق سوي بعض الإحمرار عليه
وأطلبي منها أن تلتقي بباقي الفتيات في النادي لإستذكار
دروسكن ،حيث درجة حرارة المنزل مرتفعة وإن أخبرتك أن
لديكم مكيف في غرفتك ،أجعليها تعلم أن الهواء الطلق خير
ألف مرة من هواء تلك الأجهزة المصنعة
إن لم تقتنع تصرفي كأي أنثي ترغب بشئ بشدة وأستخدمي
سلاحك الأول والأقوي ألا وهو "الزن". لأنه أقوي من أي سحر كما
يطلقون عليه ،وأعدك تلك المرة ستوافق بالتأكيد
وافقت والدتها قائلة
- أمري لربي،بس ما تتأخريش يا وسام أديني قولتلك
عم فتحي هيوصلك للنادي والساعة خمسة بالظبط تكوني هنا
أجابتها ممازحة
- تحت أمرك يا مرات سعادة اللواء
ضحكت والدتها على مزحتها ووبختها قائلة
- بطلي بكش يا بكاشة
أتجهت إليها وسام وقامت بحضنها من الخلف
- مقدرش يا أحلي أم في الدنيا دي حاجة في الدم مبتتغيرش
قبلتها علي وجنتها ثم صعدت إلى غرفتها وجمعت بعض الكتب
الدراسية والأدوات الأخرى في حقيبة ظهرها
نزلت للإسفل وأشارت لوالدتها بعلامة الرحيل وأتجهت للخارج
نادت علي العم فتحي سائق العائلة وأبلغته برغبتها الذهاب إلى
النادي الرياضي
دلفت للسيارة وأنطلق بها منفذا لها طلبها
بعد نصف ساعة وصلت إلى النادي وخرجت من السيارة
وأخبرته أن يعود ليقلها في الساعة الخامسة مساء
أجاب عليها بالموافقة ،فتركته ودخلت إلى النادي متجهة إلى
هدفها المنشود والتي تعلم مكانه الآن بالتحديد
في ملعب التدريب الخاص بكرة القدم بالنادي كان اللاعبين
يؤدون مرانا بسيط بعض الشيء نظرا لمباراة الأمس فلم يرد
المدرب الضغط على اللاعبين وإجهادهم
كان إلياس وشريف يؤدون بعض تمارين الخاصة بالعضلات وهم
جالسين أرضا ويتحدثون سويا في مباراة الأمس
لمح شريف الفتي الذي قد صدمه في وجهه بالكرة سابقا وهو
ينظر من على بعد ويقف على أحد جانبي الملعب
رآه شريف وهو يلتفت يمينا ويسارا وكأنه يبحث علي شئ ما
أشار برأسه إلى إلياس ليري الفتي وقد زال الورم من وجهه
وقف إلياس علي قدميه وأستئاذن من مدربه لخمس دقائق
أبتسامة كبيرة ظهرت على وجه الفتي فور رؤيته له وهو قادم
إليه ،مد يده بعدها لمصافحته قائلا
- أزيك يا كابتن إلياس أخبارك أيه
- أنا الحمدلله ،أخبارك أنت يا،،،،،
هو انت أسمك أيه ؟ أصلك المرة اللي فاتت مشيت بسرعة
وملحتقش أعرف أسمك
- أنا أسمي هو ،،،،وسام ،وسام عبدالله
- طب يا وسام أخبار وشك أيه أنا شايف إن الورم خف
والحمدلله ،هو بس شوية زرقان بسيط وهيروح بعد كام يوم
إن شاء الله
أجابت عليه مؤمنة
- آمين يارب
حدثته وسام بمزاح
مبروك يا كابتن المباراة ولعت الدنيا إمبارح ،خصوصا الهدفين
بتوعك خلصوا الماتش بدري بدري
أبتسم إلياس علي مدح الفتي له وأجابه قائلا
- الله يبارك فيك، شوفت الماتش وعجبك علي كدا
أجابه الفتي قائلا
- هو عجبني أنا بس ،دا عجب مصر كلها ،ماعدا طبعا جماهير
الفريق التاني أكيد
تعالت ضحكات إلياس علي مزاح الفتي معه وسأله
- بتعرف تلعب كورة ياتري ولا بتتفرج بس
أجابه الفتي قائلا
- بعرف شوية علي قدي
صمت الفتي للحظات ثم أضاف بنبرة يشوبها الحزن
- زمان أنا وصغير كنت بحب ألعب كورة وكان نفسي أبقي لاعب
كبير زي اللي بيطلعوا في التلفزيون بس أبويا مرضيش يخليني
أكمل لعب كورة تاني
أنعقد حاجبي إلياس ونظر إلى الفتي وسأله
- طب ليه يمنعك من لعب الكورة ،الكورة مش عيب ودلوقتي
ليها مستقبل مش زي زمان
أجابه الفتي بنبرة مرتبكة
- أصل أبويا ،،،،،بيحب التعليم وعايزني أركز فيه،نفسه أطلع
حاجة كبيرة ،نفسه يشوفني دكتور كبير
رد عليه إلياس بتقرير
- عشان يشوفك دكتور قوم يحرمك من الحاجة اللي بتحبها
الظاهر كل الأبهات كدا ،بيقرروا لأولادهم حياتهم اللي جاية من
غير ما حتي ياخدوا رأيهم، بس مش لازم تستسلم يا وسام
تسألت وسام قائلة
-قصدك أيه يا كابتن إلياس
أراد أن يجيب الفتي ولكن مدرب الفريق نادي عليه قائلا
- إلياس أرجع للتمرين مع باقي الفريق
أجابه إلياس قائلا
- حاضر يا كابتن إيهاب ،ثواني وهأجي
تحدث إليها قائلا
- بص يا وسام أنا هخلص التمرين وهقعد أتكلم معاك تمام
أجابته قائلة
- تمام يا كابتن إلياس،أنا جايب معايا كام كتاب هقعد علي جنب
أذاكر فيهم لحد ما حضرتك تخلص
أبتعد عنها راحل لتلبية نداء مدربه الذي أمره بالعودة إلي المران
والأنضمام لبقية زملائه في الفريق
حديثه أصابها بالحيرة لا تعلم لما أصاب الحزن وجهه عندما
حكت له عن والدها ورفضه لعب الكرة
جلست في ركن من الملعب بعيدا عنه وأخرجت من حقيبتها
كتابا وبعض الأوراق وقلما
حاولت أن تشغل ذاتها بدراسة بعض من محتويات الكتاب ولكنها
فشلت ،عيناها أنشغلت به ،كنت تتابع هجماته علي المرمي
وتشجعه بصمت بعدها شردت في ملامح وجهه
كان خمري اللون وعينان سوداوين محاطان برموش سوداء
كثيفة وأنف مستقيم وشفتين رفيعتين مذمومتين أغلب الوقت
كانت ملامحه جدية طوال الوقت وكأنها مصممة على تحقيق
هدف ما وهي لديها فضول لتعرف ما هو
بدون أن تدري وفي أثناء شرودها خطت بقلمها علي الأوراق
وسطرت ملامحه ،فوجئت بفعلتها تلك عندما نظرت إلى ما
أمامها من أوراق
أسرعت في إخفاء تلك الأوراق عندما لاحظت أقترابه منها
مبتسما ويشير إليها أن تستقيم وتلحق به
أتجهت إليه بخطوات واسعة وعندما وصلت إليه قال لها
- اديني فضيتلك يا بطل ،عايزين نتكلم شوية مع بعض عن
موضوع والدك اللي رافض يخليك تلعب الكورة
أيوة صحيح هو أنا نسيت أسألك أنت بتيجي النادي مع والدك
ولا مع مين ؟
أرتبكت وسام من سؤاله ذاك ولم تعلم بماذا ستجيبه ففكرت
في كذبة أخري تخرج بها من ذلك المأذق
- هو في الصراحة أنا بجي مع أبويا بس مش كل يوم
تسأل إلياس بحيرة
- يعني هو عضو في النادي هنا ولا شغال فيه ؟
أجابته بنبرة متسرعة
- هو شغال موظف هنا في النادي
وانا أوقات بطلب منه إني أجي معاه أذاكر في جو النادي الهادي
ولما بيرضي يخليني أجي معاه باجي أتفرج عليكم وانتوا
بتتمرنوا في الملعب
تفهم إلياس موقف الفتي وما يمر به من تسلط والده عليه
ومحاولته تقرير مستقبله بدلا عنه
تذكر وقتها ما حدث بينه وبين والده من تصادم بسبب رفضه
أن يستمر إلياس في إحتراف الكرة ولكن وقوف إلياس له
وإعتراضه عليه جعل والده يتراجع وذلك الفتي يمر بنفس
الحالة وهو يشعر أن عليه مساعدته في أن لا يرضى لأحد
رسم مستقبله
فقال له وهو يهم بخلع القميص الخاص به والممتلئ بالعرق
- أنا دلوقت داخل أخد شاور وبعدها هطلع اتمشي معاك في
النادي شوية تمام
أجابته بنبرة هادئة
- تمام يا كابتن
أبتعد عنه إلياس ببضع خطوات ولكنه عاد مرة أخرى ووقف
أمامها متسأل
- عمرك دخلت أوضة اللاعبين وشوفتها من جوة
أجابته بأن هزت رأسها نافية ذلك فاقترح قائلا
- طب تحب تدخل معايا تشوفها عبال ما اخلص شاور
ذعرت وسام عند سماعها تلك الكلمات وفكرت في رؤية كثير من
اللاعبين بدون قمصانهم يسيرون حولها
فأسرعت بالقول
- لا مينفعش يا كابتن أنا لازم أروح عم فتحي ،،،،قصدي أبويا
زمانه بيدور عليا ،عن إذنك يا كابتن
ألقت عليه تلك الكلمات ورحلت بخطوات شبه راكضة تركته
مذهولا ينظر في إثرها مما فعلته فقال في تعجب
- هو الواد ماله جري بسرعة ليه
كان يهم بالدخول إلى غرفة خلع الملابس الخاصة باللاعبين
عندما لمح ورقة ملقاة علي الأرض فمال بجزعه ليقوم بإلتقاطها
ونظر إليها وأبتسم.
