إلياس الصغير
بعد ثلاث سنوات
-عبدالله يا عبدالله كفاية بقي شقاوة وأسمع الكلام تعبتني معاك
أجابها قائلا بنبرة مرحة
- حاطل يا مامي أبتو بطل ثتاوا ،ماما خلي أبتو سوف
توم وجيلي في الفون بتاع ماما
أخبرته بنبرة ضاحكة
- بكاش يا عبدو بكاش يا حبيبي
صغيرها يبتزها ولا يريد أن ينصت إلي أوامرها إلا إذا
أجابت له طلباته وهي مشاهدة حلقات الرسول المتحركة
الشهيرة توم وجيري ،لا تعلم سر تعلقه بها ولكنها تعلم أن صغيرها
يعاملها معاملة الفأر للقط ،يجعلها تركض هنا وهناك
تجن من أفعاله معها وفي النهاية تعلن الهزيمة وفوزه هو
صغيرها الذي وهبها الله إياه كمكافأة لها عنا مرت به من
أحزان ،كم تمنت أن يكون والدها مازال علي قيد الحياة
ولكن مشيئة الله أختارت
أطلقت علي صغيرها اسم عبد الله ليذكرها دائما به
- وسام يا بنتي عمال أنده عليكي من بدري وأنتي سرحانة
أجابت والدتها قائلة
- معلش يا ماما مكنتش مركزة ،خير في حاجة
وسألت والدتها قائلة
- كنتي سرحانة في أيه يا حبيبتي
أخبرتها وسام
- في بابا الله يرحمه
- الله يرحمه
- كنت بتمنى يكون لسه عايش ويشوف عبدالله ويلعب معاه
أجابتها والدتها قائلة
- ده عمره يا بنتي،أدعيله بالرحمة وأفتكريه في صلاتك
نادت والدتها علي حفيدها عبد الله قائلة
- عبدالله يا حبيبي تعالى هنا ،مش عايز تفطر ليه
أجابها الصغير قائلا
- أنا عايس الفون بتاع ماما عسان سوف توم وجيلي
ضحكت سهام علي حفيدها وأخبرته
- انت لو خلصت فطارك كله هخلي ماما تجيبلك توم وجيري
زي ما أنت عايز
وجهت وسام حديثها لوالدتها قائلة
- يا ماما عمال تدلعي فيه ،أنا بعد كدا مش هقدر عليه
أجابتها والدتها قائلة
- خليه يدلع مش كفاية ،،،،،
أشارت إلى والدتها وقالت
- مش وقته الموضوع ده يا ماما
تسألت والدتها قائلة
- أمال وقته أمتي يا وسام ،هتسيبي ابنك يعيش لحد أمتي
من غير ما يعرف أبوه مين
عارضتها وسام قائلة
- أبوه مين بالظبط يا ماما
أبوه اللي ساب أمه ومسألش عليها
ولا أبوه اللي خلي الناس تتكلم علينا لحد ما بابا الله يرحمه
ما أستحملش كلام الناس وقلبه تعب ومات
هتفت والدتها باسمها بنبرة يشوبها الحزن
- وسام
أجابت عليها قائلة
- مش هي دي الحقيقة يا ماما ولا نسيتي الأيام الصعبة اللي
مريت بيها وكلام الناس عليا وعن إلياس الجابري اللي
ساب بنت الحسب والنسب معلقة وطفش ومرجعش تاني
فاكرة حالتي النفسية كانت عاملة إزاي ولا زيد اللي ساب
شغله في الشرطة من كتر خناقاته مع الناس
إذا كنتي نسيتي الأيام دي فأنا مش ناسية
مش ناسية اليوم اللي المفروض يبقي أسعد يوم في حياتي
لما عرفت إني حامل هو اليوم اللي بابا سابني فيه
أجابتها والدتها وبعض الدموع تتساقط من عيناها
- مش ناسية يا وسام بس ابنك ليه حق عليكي
وكمان جوزك من حقه يعرف أنه عنده ابن
وأنتي عارفه أنه اللي بتعمليه ده حرام
أجابتها وسام بنبرة غاضبة
- لا مش حرام،هو ميستأهلش أنه يعرف
ميستأهلش أنه يتقاله يا بابا
تعجبت والدتها من ردها ذلك وهتفت قائلة
- وسام أيه اللي بتقوليه ده يا بنتي
أخبرتها وسام قائلة
- من فضلك يا ماما الموضوع ده يتقفل دلوقتي لأنه بيعصبني
والمفروض هروح الشركة بعد نص ساعة
عارضتها والدتها قائلة
- لا يا وسام الموضوع هيتفتح تاني وتالت ،أنا مستنية زيد
لما يجي من زيارته لمصر عشان نشوف حل للموضوع ده
بلاش من إلياس عمك محمود مصعبش عليكي
اللي بقي عايش وحيد وابنه بعيد عنه وكمان مش
عارف أنه عنده حفيد زي عبدالله القمر ده
أجابت والدتها بنبرة حزينة
- عمي محمود هو بس اللي صعبان عليا ،أنا مش ناسية وقفته
جنبي لما الناس طلعت عليا الإشاعات وإزاي حاول
يوقف الناس دي عند حدها
سألتها والدتها قائلة
- طب ميستأهلش يعرف
أخبرتها وسام قائلة
- خلاص هوعدك إني هأقوله ،بس لما يجي زيد من مصر
الشهر اللي غابه هو ومروة والولاد خلاني مشتاقه ليهم قوي
حتي عبدالله علي طول يسأل علي روما وإياد
-عندك حق ،أنا لولا مش عايزة أسيبك لوحدك كنت سافرت مصر
معاهم البلد وحشتني قوي ،وأهلنا كمان واحشني
أنا مش عارفة أيه اللي خلاني وافقتكم أننا نستقر هنا في دبي
أجابتها وساع قائلة
- مالها دبي يا ماما بلد حلوة وجميلة وكمان خالي جمال فيها
أجابتها والدتها قائلة
- قصدك في أبو ظبي ومش بنشوفه هو وأولاده غير كل فين
وفين مع المسافة مش كبيرة بين الإمارتين
أجابتها وسام قائلة
- معلش يا ماما ما أنت عارفه أنه شغله واخد كل واقته
ومتنسيش أنه ساعدنا نعمل فرع تاني لشركة العيلة في دبي
علا صوت رنين هاتف وسام المحمول
تناولت وسام حقيبتها وأخرجت الهاتف ووجدت أن زيد
أخيها يتصل بها
أجابت علي المكالمة علي الفور
- زيد باشا لسه كنا في سيرتك أنا والست الوالدة وبتقول زيد.
ومروة وولادهم واحشنا
- مالك يا زيد صوتك متغير ليه ،،،،،
- خبر إيه اللي ممكن يزعلني
- عمي محمود ماله
- طب وانت زرته في المستشفى
- طب أنا هتصرف خلاص ،أقفل أنت
- لا ،في أمان الله
نظرت إليها والدتها وسألتها بنبرة قلقة
- ماله عمك محمود يا بنتي
أخبرتها وسام بنبرة حزينة
- عمي محمود تعب ودخل المستشفى ،عنده مشكلة في القلب
صدمت والدتها وأخبرتها
- لا حول ولا قوة إلا بالله،مش لسه كنت بقولك الراجل يا عيني
ابنه سايبه لوحده وميعرفش عنه حاجة
طب هتعملي أيه دلوقت با وسام يا بنتي
صمتت وسام لبعض الوقت ثم قالت
- الظاهر أنه كان عندك حق يا ماما عمو محمود لازم يعرف
أنا هروح الشركة هرتب فيها شوية حاجات
وإن شاء الله هحجز لينا تذاكر سفر لمصر
أجابتها والدتها قائلة
- عين العقل يابنتي ربنا يهديكي ويريح قلبك يا رب
ذهبت للشركة واوكلت بعض المهمات للنائب الخاص بها
لمدة أسبوع ثم قامت بحجز بطاقات السفر إلي مصر
لحسن الحظ وجدوا مكانا شاغرا بالطائرة التي سوف تقلع
في التاسعة مساءً
عندما عادت للمنزل أخبرت والدتها بتوضيب أشيائهم
في حقائب السفر الخاصة بهم
فرح عبدالله عندما علم أنه سيلتقي بخاله زيد وروما وإياد
كانت الرحلة سريعة وآمنة وكان زيد في أستقبالهم وبواسطة
بعض أصدقائه تمت إجراءات الوصول سريعًا
لم تنتظر وسام وقتا أطول للذهاب إلى والد زوجها إلياس
أخبرت زيد أن يوصل والدتهما إلي المنزل وهي ستستقل
سيارة أجرة وتتوجه إلي المشفي المتواجد به والد زوجها
أملت العنوان السائق الذي أوصلها سريعاً إلى المشفي
أعطته الأجرة وترجلت من السيارة هي وصغيرها عبدالله
الذي كان نائم بين ذراعيها
توجهت إلى الأستقبال وسألت عن رقم الغرفة
أخبروها أن موعد الزيارة قد أنتهي ولكنها أصرت علي زيارته
أخبرتهم أنها كانت علي سفر ووصلت الآن وتريد زيارة
والد زوجها هي وصغيرها
ومع إصرارها وافق الجهاز الطبي بزيارتها للمريض مع توصية
بعد إزعاجه أو جعله يتحدث لفترة طويلة
أجابت عليهم بالموافقة ودلفت لغرفة العناية الخاصة به
كان نائما عندما دلفت إليه فحاولت أن توقظه بصوت منخفض
أستجاب لها وفتح عيناه فوجدها أمامه وتحمل طفل
نائما بين ذراعيها
دقق في ملامح الطفل النائم وأبتسم بفرحة كبيرة وسألها
- إلياس الصغير صح
أومأت برأسها موافقة ثم توجهت إلى جانب الفراش وجلست
علي الطرف الآخر منه
- عبدالله إلياس محمود الجابري
فرحة عارمة أجتاحته وكأنه وجد الترياق لجميع آلامه
طلب منها حمله فأخبرته أنه مريض فأجابها
- أنا في اللحظة اللي شفت فيها إلياس الصغير وأنا نسيت كل
الوجع اللي فيا
أرادت الأعتذار منه لأنها تأخرت في إخباره فقالت
- أنا أسفة يا عمي إني مقولتلكش قبل كدا عن عبدالله
ومجبتهش لحضرتك تشوفه ،حضرتك ملكش ذنب
في اللي حصل بيني وبين إلياس
أجابها قائلا
- أنا عارف إن قلبك مجروح من إلياس ،وده السبب اللي خلاكي
تعملي كدا وأنا مسامحك يا بنتي عشان خاطر عبدالله
أجابته قائلة
- الحمدلله إن حضرتك فاهم أنا عملت كدا ليه ،،
حضرتك عامل أيه دلوقت
أجابها بنبرة ضاحكة
- أنا الحمدلله زي الفل وعايز أقوم ألعب مع القمر الصغير
علي فكرة هو شبه أبوه بالظبط هو وصغير أنا أول ما شوفته
قولت ابن إلياس أكيد
بدأ الصغير يتململ في نومه ثم أستيقظ من النوم ونظر حوله
في الغرفة فوجد رجل كبير في السن يرقد علي الفراش
استدار إليها وقال
- ماما إحنا فين ،تيتة فين
أجابته بنبرة هادئة
إحنا نشوف جدو أبو بابا
سألها الطفل قائلا
- يأني أبتو سوف بابا ته من سفل
أجابته قائلة
- بابا لسه مش جه بس إحنا هنشوف جدو ،روح يالا سلم
علي جدو وبوسوا في خده هنا
وأشارت له إلي وجنته
نفذ الصغير أوامر والدته وصافح جده وقبله علي وجنته
أستقامت واقفة تنوي الرحيل وودعته قائلة
الحمد لله أطمنا عليك يا عمي ،أنا هروح دلوقت عشان
معاد الزيارة وبكرة إن شاء الله هأجي لحضرتك أنا وعبدالله
ووجهت حديثها لصغيرها قائلة
صح يا عبدو
أجابها ضاحكا
- صه ماما
ودعت والد زوجها وأتجهت للمصعد لكي تستقله وتهبط للأسفل
حملت الصغير علي ذراعها وأخبرها أنه جائع
أضطرت إلي دخول صالة الطعام الخاصة بالمشفي وطلبت لهما
بعض العصير الذي يفضله صغيرها
هاتفت أخيها زيد حتي يأتي ويقلهما للمنزل وأخبرها أنه
سوف يأتي إليها بعد قليل
قابل والده بعد مشقة حيث رفض في الطبيب الخاص به
في البداية وعندما علم هويته سمح له بالدخول
بين عتاب بالأعين ودموع وعناق سار لقائه مع والده
الذي عاتبه قائلا
- للدرجة دي هنت عليك يا إلياس تلت سنين متسألش عني
أقترب منه إلياس وقبل رأسه ويده وأخبره
- سامحني يا بابا حقك عليا ،أنا آسف بس حضرتك متعرفش
ظروفي كانت أيه ،المهم دلوقتي حضرتك بقيت كويس
أجابه والده قائلا
- أنا الحمدلله بقيت من ساعة ما شفته
تعجب إلياس من قول والده من الذي رآه وبفضله أصبح بخير
سأله متعجباً
- حضرتك تقصد مين
أجابه والده بنبرة مرحة
- إلياس الصغير
تسأل إلياس مرددا الحديث
- إلياس الصغير مين
أجابه والده
- بكرة تعرف ،دلوقت روح البيت أرتاح شوية
أكيد جيت من المطار علي طول علي هنا
أجابه إلياس
- أيوة فعلا
أخبره والده أن يرحل لكي يستطيع هو النوم بسلام بعض الوقت
أستجاب لطلب والده ورحل لكي يستطيع أن يستريح
أستقل المصعد وهبط للدور الأرضي هو وخارج أستوقفه
موظف الأستقبال قائلا
- مرات حضرتك جت هي وابنها جت من شوية تسأل عن والدك
يا كابتن إلياس
تعجب إلياس من قول الموظف
عن أي زوجة وابن يتحدث ذالك الرجل ولكنه لم يفكر كثيرا
وتركه واتجه بخطواته للخارج لكي يستقل سيارة أجرة
ويعود للمنزل ثم ينام لقد قضى أكثر من ثمان ساعات في
السفر والعودة إلى مصر
كان يفكر في حالة والده والأخبار التي وصلت إليه عن
سقوطه مغشيا عليه في عمله
من دون وعي منه أصطدم بامرأة تحمل طفل صغير بين
ذراعيها رفع وجهه إليها يريد الأعتذار لها ولكنه فوجئ
مما رأي ،لقد رأها هي زوجته وسام تحمل بين يديها
طفل صغير لم يكمل الثلاث سنوات تقريباً ،أخذ ينظر إليها
لقد رأي علامات الهلع علي وجهها عندما رأته وتعرفت عليه
وبينما يمعن النظر فيها تركته بخطوات سريعة وهربت
وكأن هناك شبح يلاحقها هربت من أمامه ولكن من هو الطفل
الذي تحمله ،تذكر بسمة والده وما قاله عن إلياس الصغير
وموظف المشفي وأخباره بأمر زوجته وابنه
إذا هذا الطفل الذي تحمله وسام بين ذراعيها هو ابنه هو
هو ليه طفل صغير ولا يعلم عنه شيئا لابد أن يلحق به
.ويتحقق من الأمر،ركض سريعا للحاق بها وأخذ يهتف باسمها
ولكنها كانت تنظر إلي الخلف وتسرع في الركض
عندما أقترب منها وأوشك على الإمساك بها تهورت وفعلت
شئ خطير حيث بدأت في السير بين السيارات العابرة في
وسط الطريق فركض خلفها وأمرها بالتوقف
نظرت إليه ثم نظرت أمامها مرة أخرى ولم تستطع أن تري
السيارة الآتية من الخلف وصدمتها
حالة من الذعر أصابت وسام عند رؤيته لوسام والسيارة
تصطدمها تقدم نحوها ليطمئن عليها
وجد الطفل يهم بالبكاء بينما هي علي وشك الأغماء
بدأ إلياس في تفحص الطفل وأطمئن عليه ثم خر علي ركبتيه
ليتفحص جسدها وهل هناك إصابة أم لا.
نهاية الفصل.
-
