الفصل العاشر
عالم الأقدار.
"دنيا"
****
ومرت عدة سنين!
***
عادت حياة (بدر) الى أفضل من طبيعتها أو أفضل
من سيرتها الأولى وذلك, بعدما قام ومعهُ بعض المستثمرين بإنشاء نادٍ رياضي إجتماعي
ثقافي خاص بذوي القدرات الخاصة وأسماه
(نادي الإرادة) كما جعل الإشتراك والحصول على
العضوية بهذا النادي رمزيٌ للغاية في متناول كل الراغبين في الالتحاق بركب نادِ
الإرادة من أصحاب الهمم الذين يعاني أغلبهم الفقر وضيق ذات اليد وفي متناول الجميع أيضًا من الأصحاء, ثم أطلق إسم
فاضل فضل على المبنى الإجتماعي بالنادي تخليداً لذكرى نديمه فاضل فضل,وعندما سُئل
عن الفكرة من إنشاء النادي والهدف من بيان هذا الصرح الرياضي الثقافي المراد أن
يكونَ كبيرا! قال: أن ذوي القدرات ميزهم الخالق من فوق سبع سموات ولكن نستطيع
القول بأنه تمييز من نوعٌ خاص كما أن هناك فرق شاسع بين التخصيص وبين التمييز
مضيفا أن حتى التمييز لا يعيب ذوى الإعاقة لأنه ليس تمييزا عنصريا بل تمييزًا بهدف
التخصيص, موضِحًا أن الشخص صاحب الإعاقة لا يمارس حياته اليومية من أكل وشرب
وتلبية نداء الطبيعة وكذلك من كتابة وقراءة ورسم وسير مثلما يؤديها الشخص صحيح
البدن من ليس به شيء وعليه, فإن التخصيص من قِبل المؤسسات والقرارات لاسيما الدولة نفسها هو أمرٌ بديهي ولا غرابة
فيه ولا عنصرية به كما لا يصح وصف التخصيص بأنه نوعٌ من التمييز العنصري للأفراد
ذوي الإعاقات عن سائر المواطنين! لا سيما وأن الله رب السموات قد أراد هذا التمييز
وأراد له الوجود لكنه ليس بالتفضيل المطلق وإنما تمييز يعكس اختلاف طرق المعيشة
وأساليب التعايش!
فعندما رفع الله التكليف عن صاحب الإعاقة في
الخروج الى المعارك فهل كان يريد له التمييز العنصري؟ هل كان يريد أن يُفضلهُ عن
سائر الجنود بل وسائر الشعب؟ وعندما قال تعالى بصريح النص
"وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا
النُّورُ"
هل كان يريد التمييز العنصري؟
أم أراد لفت الإنتباه الى حقيقة بديهية وهي
أن الأعمى ليس كالبصير بالفعل وأن من يعيش ويقضِ يومه في الظلام
الأبدي ليس كالذي يقضِ يومه في وضح النور المضيء!
بالتالي وبالضرورة أيضًا لكل منهما طريقة معيشية خاصة لأن الذي يمشي
يتحسس الأشياء ليس كالذي يرى الشيء من على مسافة 50 مترا
قياسا على ذلك كل أنواع وأقسام الإعاقة!
هكذا تغيرت حياة بدر بدير,
ليعيش أيامه الباقية في رضاء تام عن نفسه وعن
ربه وبضمير مرتاح يستطيع أن يواجه به ربه ويواجه نديمه فاضل فضل في يوم الحشر لأن
المرء (يُحشر مع من أحب) ! وذلك ايضًا فور شفاءه من العارض الذي كان قد ألمَ به
وعودة القدرة على الأكل والشرب بشكل طبيعي
في ظل شفاءه من حالة التعايش مع مرارة الحياة ومرارة الواقع المتمثلتان في (مرارة
السكر) ...
والفضل يعود الى المكوث المؤقت داخل
عالمًا إفتراضيًا يشبه عالم الموتى الأحياء
أو الأحياء الموتى, فلا فرق كبير بين
العالمين على الرغم من أن الفرق بينمهما شاسع للغاية
لأن الحياة والموت تجمعهما نفس البداية
العدمية التي خُلِقت بين سحيق فضاء أُنشأهُ
(عالم الأقدار)
.....
كانت هذه كلمات الختام لرواية "واقع
مرير"
تلك
التي قرر أن يكتبها الكاتب والمفكر والملحد سابقًا / بدر بدير.
وذلك بعد مرور بضعة أشهُر على إشهار إسلامه
وإعلانه الإيمان بالله وبرسوله محمد صلواتُ الله عليه وسلامه بعد أن كانَ ملحدًا,
وكان ذلك على خلفية حادث سيارة كاد يموت على أثره, لكنه قد عاد الى الحياة من جديد
في صورة مريض بالشلل الرباعي جعل من
الدكتور والكاتب الكبير/ بدر بدير مجرد قعيد على مقعد متحرك بالكاد يستخدم أنامله
في كتابة القصص والروايات التي تناقش معضلة القدر ودوره في حياة الإنسان ...
****
تَمَت بحمد الله
محمد العايدي..
