الفصل الثامن
قدر بحاجة الى (قدر)
****
لقد رأيتَ بأم عينيكَ وبنفسك حكمت ولضميرك
إحتكمتَ رأيت طبيب تسبب في دمار حياة إنسان بجهله وبلادته, وقد تجد طبيبًا آخرًا
أنقذ حياة إنسان, وطبيب إستعان بكل وسائل الطب المتاح كي يمنع مريض من إعاقة
شديدة, رأيتَ الصدفة التي أعزت من شاءت وأذلَت من شاءت ورفعةَ وخفضت وأتت بوزراء
ورئساء حكومات ورئساء دول بمحض إرادتها
الإعتباطية البلهاء! بينما هي تدور بفلك القدر مثلها مثل باقي الأشياء الوجودية
ليس أكثر! كذلك يا بُني رأيتَ اليوم الأبيض واليوم الأسود اللذان مر بهما مئات
الملايين من البشر وتأثروا بالمرور بهذين اليومين الأسود والأبيض تأثُر جبار!
فمنهم من جعل المحنة منحة حولت حياته تحول نوعي وإيجابي عظيم وانتقلت به نقلة
نوعية, ومنهم من إستكانَ وخمدَ وانهار وخفض جناح الذل ليس من الرحمة بل من العجز
والإنهيار الصادر عن قلة الحيلة التي استسلم لها وخضع لإرادتها! كصاحبك ونديمك
فاضل فضل! هو واحد من هؤلاء استسلم مثلهم فقد القدرة على التكيف مع الوضع البدني
والاجتماعي الجديد والذي فرضتهُ عليه سُنّة عالم المجهول
(عالم الأقدار)
..
أما عن حقيقتي أنا.. قاطعتهُ قبل أن يُكمل
حديثه
-لم نسمع من قبل عن قدَر أعمى! لماذا أنت
أعمى ؟! بسرعة البرق أجاب بحسرة وخجل:
انه قدري يابُني !!!
-قدر وتتحدث عن قدرك ؟! كيف ! أنت مثير
للدهشة والشفقة أيضًا أيها الشيخ الهرِم لقد خبل عقلي منك!
-إنها حقيقة الحقائق التي أردتُ أن أُعرفُكَ
إياها, حقيقة الحقائق تقول أنه لاتوجد حقيقة كاملة على الإطلاق لا توجد حقيقة كاملة على الإطلاق!
وجدتني قدر أتحكمُ في مصائر الناس بينما يوجد
مُقدر قادر متعالي مُنذه يتحكم في مصيري!
-وهل كنتَ كفيفا منذ الصغر ؟!
-كانت لدي مقلتين أرى بهما كنتُ مُبصر, وذات
يوم جائني شقيقي التوأم الذي يُدعىَ (خير) والذي
لم أكن أعلم عن وجوده شيءً من قبل باغتني و
(فقأ عيني) صرختُ دون ألم وأنا اسأل:
لماذا فعلت بي هذا ؟ فقال لي متغطرسًا
-القدر الأعظم (قدرالأقدار) أختار لك أن تُفقأ عينيك حتى
لا تستطيع التمييز بين ضحاياك ممن كُلِفتَ بالتحكم في مصائرهم! أو بمعنى أكثر دقة بإدعاء التحكم في مصائرهم حتى تُصبح إدارتكَ
لحياتهم إدارة لا ترتيب فيها ولا تمييز بين فرد عن الآخر إدارة وأفعال أنت نفسك
لا تعلم مداها ولا تدرك عواقبها ولاعوائقها, ولا تعلم الحكمة منها!
منذ ذلك الحين أدركتُ أفظع الأشياء حيث أدركتُ
أنني قدر (بحاجة الى قدر)!
***
