نيران
الفصل الرابع
اخرسي بقى، ايه الغل ده كله؟ الناس عزمونا على عيد ميلاد بنتهم مش اكتر، مالك مشحونة ناحية الست كده ليه؟ دى عيلة عيب تحطيها فى دماغك كده.
مكنتش اعرف ان باللى قولته ده زودت بيه حقدها وكرهها لناس مأذوناش بأي حاجة، لقيتها شديت ايدي بغيظ وبصتلى بحقد وهي بتقولي:
- هي عيلة وانا اللى عجوزة صح؟ ماشي ياراضي مبقاش رقية لو مخليتهاش تمشي من هنا بمصيبة، وريني ساعتها هتعمل ايه.
سمعت كلامها وتجاهلته ودخلت اوضة ضياء نمت فيها الليلة دي، مش فاهم ايه الغيرة المبالغ فيها دي؟ الست محترمة ومحبوبة من كل الجيران برغم انها مبقالهاش كتير، مزعلتش اي حد ولا عملت اي مشكلة لا مع مراتي ولا غيرها، بالعكس دي كمان اوقات بتذاكر لضياء مع بنتها، مش عارف كمان هل انا عليا غلط فى اني مقعدتش مع رقية وحاولت افهم منها ايه السبب لكل ده ولا كنت صح فى طريقة التعامل بتاعتي معاها؟
عند رقية فى اوضتها بتتكلم مع نفسها بصوت مسموع:
- بقى انت ياراضي بتكتمني علشان سيرة السنيورة بتاعتك؟ وحياة ابني ماهخليها تتهنى يوم واحد فى البيت ده، من صباحية ربنا هروح للشيخة باتعة، هي اللى هتغورها من وشي.
طلع النهار ونزل ضياء على مدرسته وكنت انا وراه علطول على الشيخة باتعة، دي بلدياتي وكنت بروحلها لما يأست من اني مش بتجوز وبأعمالها وسحرها جالي راضي، وعارفة ان شغلها مش بيخيب:
- ازيك يا خفاجى؟ الشيخة صاحية؟
خفاجى:
- ازيك ياست رقية؟ اه الشيخة معاها ناس جوة، عاش من شافك.
طلعت فلوس من شنطتى وحطيتها فى ايد خفاجى التابع بتاع باتعة وقولتله:
- عايزة ادخلها بسرعة.
خفاجى بفرحة:
- عنيا، يطلعوا اللى جوة وانتي وراهم علطول.
وده اللى حصل فعلا، ودخلت للباتعة اللى اول ماشافتني ضحكت وهي بتقول:
- ياااااه، لسه فكراني يا رقية؟ ايه اللى رماكي عليا؟
رقية:
- وانتي تتنسي يابركتنا؟ ده انتي الخير والبركة، واللى رماني عليكي قلة حيلتي، عارفة ان محدش هينجدني غيرك.
باتعة:
- طول عمرك ساهية وتحتيكي دواهي مش داهية واحدة، غرضك ايه؟
رقية:
- واحدة بتلف على الراجل، هتخطفه مني، وعايزة اطفشها...
باتعة:
- فين الأطر بتاعها؟
رقية:
- مش معايا...
باتعة:
- هاتيهولي وتعالي، ولو عندها عيال هاتيلي حاجة منهم هما كمان.
رقية:
- انا مش بتعامل معاها هجيب أطرها ازاي؟
باتعة بتضحك:
- انتي هتلاقى صرفة، بس تقلي جيبك بقى.
مشيت من عندها وانا مش عارفة هعمل ايه؟ لكن ضحكت لما افتكرت اني عندي الطريقة وقولت:
- مكتوبالك، ده انا نسيت عزومة العيد ميلاد، ده انا اجيب هدية بقى علشان ادخل مالية مكانى.
اشتريت الهدية من اول محل هدايا قابلني وقررت اني اروح العيد ميلاد وقراري كان مفاجئ لكل الناس، سواء جوزي وابني، او حتى الجيران اللى استغربوا من اني اول مرة من سنين ادخل شقة حد من الجيران، الغريبة برغم انها عارفة ان انا اللى بجر شكلها الا ان مقابلتها لينا هي وجوزها كانت كلها ترحيب وذوق، مفسرتش ده غير بأنها بتعمل كده علشان تخطف مني جوزي وماله وحب ابني كمان، وانا شايفة جوزها مطاوعها فى كل عمايلها، كانت لابسة فستان محليها اكتر ماهي حلوة، وبنتها كمان طالعالها وزي القمر، كل الموجودين كانوا مبسوطين لكن كنت من جوايا مولعة من جمالها ونضافة بيتها وشياكته وشباب جوزها ووسامته، بصيت لنفسي ولجوزي حسيت اني عجوزة اووووى وكبرت اكبر من سني بسبب القهر اللى جوايا من قبول الناس ليها وحبهم ليها برغم انهم ملحقوش يعرفوها، متغاااااظة اوي، لقيت نفسي بقولها:
- معلش يا ام سما، لو ممكن بس ادخل اي اوضة اظبط البلوزة بتاعتي احسن فيه زرار اتقطع فيها.
كنت بقول كده وانا ماسكة صدر بلوزتي علشان ميبانش ان الزرار زي ماهو، رديت هي بتلقائية:
- طبعا اتفضلي، هجيبلك خيط وابرة، تعالي اوضتي.
بمنتهى العفوية دخلتني اوضة نومها وجابتلي الخيط وسابتني وخرجت، تعرفني منين دي علشان تثق فيا برغم اللى بعمله معاها؟ تعاملها مكانش سبب فى اني اتراجع، بالعكس الاوضة اللى ريحتها تجنن، وقميص نومها اللي متعلق ورا باب الاوضة، صورة جوزها وهو حاضنها اللى محطوطة على التسريحة، كلها حاجات قادت جوايا نار الانوثة اللى ودعتها من قبل سنين من جوازي، ليه معيشتش عيشتها دي؟ لقيت نفسي بدور على حاجة ينفع اخدها وميبانش اني مديت ايدي على حاجة، ولقيتهم... المشط وفي قلبه الفرشة الصغيرة اللى عليها صورة بنتهم، هو ده لون شعر بنتها اللى فى الفرشة، والمشط فيه شعرها هي، ماهو طوله ده ميقولش انه شعر جوزها، خدت غرضي من اوضتها وطلعت وانا بدور عليها بعيني واقنع نفسي اني هلاقيها واقفالي على الباب علشان تأمن لو خدت حاجة من اوضتها، لكن لاء...كانت مشغولة مع المعازيم وفى عيد الميلاد، مخدتش بالها مني اصلا، حطيت الشعر فى السوستة الصغيرة من شنطة ايدي ووقفت شوية لحد ما طفوا الشمع واستأذنت بمنتهى الذوق المصطنع وطلعت، كان ضياء معاهم تحت لسة بيلعب مع سما وولاد العمارة، طلع معايا راضي اللى كان مبسوط اوي وهو بيقولي:
- ربنا يكملك بعقلك ياست الكل، حصل ايه بقى لما عملنا الواجب وطلعنا؟ الناس بالناس يا رقية، والنبي وصى على سابع جار.
ابتسمت ابتسامة صفرا وانا بقوله:
- طبعاااا، عندك حق.
مكانش يعرف ان انا حلفت بأبني ومش هنزل حلفاني، كان فاكر انه تهديد، اتعامل بطبيعية جدا وروحت من بدري لباتعة، وقالتلي بثقة:
- قادرة، فى ليلة قدرتي تجيبي الأطرين؟ لحقتي؟
رقية بغيظ:
- عايزاها تتقهر، واللى تطلبيه هتاخديه.
ضحكت باتعة وطلعتني من اوضتها شوية بتاع ربع ساعة كده وبعدين ندهت عليا وهي بتقولي:
- الازازة دي يا تشربيها هي وضناها منها، يا اما ترشي على باب بيتها ويخطوا عليها.
خدتها منها وانا بقولها:
- لو تم المراد حلاوتك كبيرة عندي.
باتعة:
- متقلقيش خادم الازازة دي مش هتقدر عليه، هيخلص عليها بدري بدري.
مشيت وانا بفكر هشربها منها ازاي؟ بس لأني مستعجلة اوي على اني اتفرج عليها وهي بتتوجع قررت اني ارش من الازازة وانا طالعة شقتي، واكيد برضو هلاقي طريقة اخليها تشرب منها بيها، عملت كده وطلعت شقتي متجاهلة اني اطمن على ابني حتى، كان لسه راضي مرجعش من الشغل، مكانش ورايا حاجة غير اني اقف اتصنت على الباب شوية وادخل المطبخ يمكن اسمع صوتها، واقف فى البلكونة يمكن المحها داخلة ولا خارجة، لكن هي لا حس ولا خبر، فات وقت وانا فى المطبخ سمعت صوتها هي وجوزها وبتقوله:
- خلاص بقى يا حبيبي سما زمانها جاية، قوم خد دش وهجهز الاكل علشان تيجي تتغدا ونلحق ننزل نشتري طلبات البيت.
محمد:
- بتزهقي مني بسرعة انتي، وانا مش بشبع منك ولا من جمالك ده، بس ماشي ياستي اللى تشوفيه.
الجملتين دول ولعوني نار، تخيلت ان محمد ده جوزي انا، وبيسمعني انا الكلام الحلو ده، وانا اللى بتمتع بشبابه ورجولته دي مش هي، كنت بتمنى اني اخلص منها فى اللحظة دي، وان محمد ده يبقى ليا انا... مش فاهمة ايه التفكير ده؟ هو يعني لوو هي ماتت انا هتجوز جوزها مثلا؟ هسيب بيتي وابني علشان يبقى معايا؟ ااااه انا ممكن اعمل كده، لكن السؤال الاهم، هل بقى هو ممكن يبص لواحدة زيي وفى سني؟
ولأن الاجابة طبعا لاء، كرهتهم اكتر وكرهت راضي اكتر، وانتظاري حسسني ان الوقت مش بيمشي، فضلت واقفة اتصنت عليهم وانا حاسة ان الساعة واقفة لحد ما فجأة سمع صوت دوشة وصررررريخ على السلم، وحسيت بأن قلبي بدأ يبرد من قبل حتى ما اطلع من باب شقتي اشوف فى ايه، ومشيت وانا مستنية الاقيها مرمية على السلم سايح دمها، لكن محصلش ده واللى حصل كان ان اللى دمه سايح مش هي لكن......
يتبع
الناشر / موقع حكايتنا للنشر الالكتروني
حمل الان / تطبيق حكايتنا للنشر الالكتروني واستمتع بقراءة جميع الروايات الجديده والحصريه