" " " " " " " " جاريتي الجزء الاول : الفصل الرابع والعشرون
📁 آحدث المقالات

جاريتي الجزء الاول : الفصل الرابع والعشرون

جاريتى .... الفصل الرابع والعشرون

ظلت جودى على صمتها تنظر الى صديقتها بهدوء دون كلمه 
تكلمت زهره بتوتر قائله 
- انا عارفه ان من حقك تزعلى بس لازم تعرفى انا عمرى ما شكيت فيكى ... انا بس اتفاجئت يا جودى انا اكتر واحده عارفه قصتك .... للحظه واحده بس تخيلت ان ممكن يكون حصل ما بينكم زمان ارتباط .... لكن الفستان الى كنتى المفروض لبساه عرفت وتأكد انك مش الى فى الصوره ... انا بعتذرلك يا جودى وممكن متسمحنيش بس ارجوكى اوعى اخسرك الا خسارتك يا جودى .

ظلت جودى صامته تنظر لزهره ثم قالت 
- انا النهارده أخدت قلم فوقنى من حاجات كتير كنت فاكره انى اقدر اعملها  .... لكن الحقيقه عكس كده تماما ... انا النهارده انجرحت واتهنت  ..... مش قادره انسى نظره الطلبه ليا فى الكليه .... و لا هقدر انسى  كل الى حصل.
تنهدت بصوت عالى .... وهى تشبك يديها وتقول 
- مش هنكر ان اتجرحت منك جدا .. ونظره عينك وجعتنى .. وكمان مش هقدر اقول انى صافيه تماما من ناحيتك ..... لكن انت صحبتى الوحيده يا زهره واكيد مش هخسرك 

وصل سفيان ومهيره الى المكان المحدد كان مطعم راقى وهادئ .... رواده قلائل اختار سفيان طاوله جانبيه تطل على النيل .... سحب سفيان الكرسى فجلست مهيره التى لم ترفع وجهها من لحظه دخولهم .... جلس مكانه امامها وقال 
- حرمانى من  عيونك ليه 
رفعت عينيها تنظر اليه ... وجد فى عينيها خوف وقلق عدم ثقه يعرف سببها ومسببها ايضا 
ابتسم لها بحنان يفيض من عينيه لها ومن اجلها وقال 
- انا بحب لون عنيكى جدا ..... 
نظرت له باندهاش وقالت بعدم ثقه 
- عينى انا .... امال لون عنيك يتقال عليه ايه 
قال بغرور مصتنع 
- انا عارف طبعا ان عينى لونها تحفه ومختلف ...بس انت مش ملاحظه الجرح البشع ده 
نظرت له طويلا ثم قالت
- عارف بالجرح ده انت شبه مين 
نظر لها باهتمام وقال 
- شبه مين ؟
ابتسمت بخجل وقالت 
- مره قرأت روايه والبطل كان عنده جروح كتير فى كل وشه وجسمه بسب انه تعرض لحدثه وشوهته وكان ديما بيحس بالحرج .... لكن البطله حبته بالجروح دى ... واتجوزته وخلفت منه كمان ... واتحدت العالم كله 
وانت جاى تتكلم عن جرح صغير لون عيونك وضيها مغطى على اى جرح .
كان مأخوذ بكلماتها وصدقها ابتسم بسعاده وقال 
- تعرفى انا كنت على طول بلبس النظاره الشمس ... مش علشان الناس ... علشان كنت خايف منك انت .
اندهشت من كلماته وقالت 
- من انا ... ده انا كنت بخاف منك جدا .... كنت بترعب 
ادركت ما قالته من نظره عينيه ووضعت يدها على فمها 
ثم قالت بصوت منخفض 
- انا اسفه ... اسفه .... اسفه .
قطب جبينه وهو يشير لها ان تهدء وقال 
- ما انا عارف يا مهيره ... عارف ان انا كنت بالنسبه ليكى وحش .
نظرت له باندهاش وحاولت قول شيء ما لكنه اسكتها بإشاره من يده وقال 
- ايوه يا مهيره عارف وفاهم ومش زعلان .
كاد ان يكمل ولكن قاطعهم النادل فقال له سفيان 
- عايز عشا مميز جدا لاحتفال مميز .
تحرك النادل لينفز طلب سفيان حين نظرت له مهيره بحيره وقالت 
- احتفال .... احتفال ايه 
شبك يديه على الطاوله وقال 
- هو الحقيقه مش احتفال واحد .... عدى معايا اول خروجه ... واول حديث طويل ... ومن غير خوف ورعب .... وحاسس كده ان ممكن تكون فى صداقه فى الطريق  كفايه ولا نقول كمان 
ضحكت ضحكه رقيقه وقالت 
- لا كفايه جدا .... طيب احنى اهو فى اول خروجه من غير خوف ورعب وبما اننا بقينا اصحاب ايه هو بقا الحديث الطويل .
صمت قليلا يلعب بتلك الورده الصغيره الموجوده على الطاوله .وهو يقول 

- عايزك تعرفى عنى كل حاجه ....
بدء يحكى لها عن طفولته التى لم تخلو من مرح وسعاده وحياه مريحه كان موفرها لهم والده وبيت كبير بحديقه كبيره كان دائما يحب الجلوس تحت اشجارها الكبيره   .. وعن والده الذى لم يعش كثيرا ولكنه ترك اثره فيهم جميعا وكم كان متفهم ومحب حنون وقوى ..... حكا  لها عن صداقته بحذيفه عن صداقه دامت اكثر من عشرون عاما ثابته راسخه ثقه وقوه .... عن امه وعن سبب اصابه قدميها .....
كانت مهيره تستمع اليه بتركيز حين اكمل قائلا 
- امى بعد وفاه ابويا رجعت تانى لشغلها ... كانت مدرسه لغه عربيه .... وفى يوم وهى رايحه المدرسه شافت بنت صغيره بتعدى الشارع لوحدها وكان الطريق زحمه جدا جريت علشان تساعدها لكن البنت سبقتها وعدت  كان فى عربيه كبيره وفى لحظات كانت امى والبنت تحت عجلات العربيه 
تنهد بصوت عالى ثم اكمل قائل 
- البنت مستحملتش وماتت وامى حصلها شلل فى رجليها
كانت دموع مهيره تغرق وجهها مد يده لها بمنديل وقال 
- اهدى اهدى يا مهيره ... الحمد لله على كل شيء ... كنت وقتها لسه داخل كليه الشرطه وقررت انى اسيبها واطلع اشتغل علشان اصرف على امى واختى بس امى رفضت كانت صارمه جدا معايا وقتها لانها كانت عارفه ان ده كان حلمى الكبير ...... وقررت بيع البيت وفعلا بعنا البيت واشترينا الشقه الى احنى فيها وباقى الفلوس خلتها لتعليمى وتعليم اختى ..... وهى فضلت فتره طويله تدى دروس فى البيت ... وبعد ما اتخرجت بطلت  وبعدين اشترتلى الشقه الى فوقها على طول علشان افضل جنبهم
سكت سفيان حين اتى النادل بالطعام وقال 
- شوفى بقا عايزك تاكلى كويس علشان انا عايذك النهارده قويه ..... اوك .
حركت راسها بنعم دون شعور منها عينيه.....  عينيه تجعلها دائما سارحه فيها خاصه حين ينظر اليها بهذه النظره القويه الحنونه .

فى مكان جديد لم نذهب له من قبل فى حديقه قصر كبير تملئه الفخامه كانت سيده جميله بتلك المساحيق التى تخطى كامل وجهها .....  ترتدى فستان يكشف اكثر مما يستر ويجلس حولها مجموعه من النساء على نفس الشاكله كثيرين الزينه قليلى الملابس 
تقدمت منهم الخادمه ومعها مشروبات كثيره ومنها المحرمه وضعتها على الطاوله وانصرفت فى صمت 
فقالت سيده منهم بدلال مصطنع 
- صحيح يا ندى ليه متجوزتوش لحد دلوقتى ده انت قلتى انكم اتخطبتم من اكثر من شهرين .
نظرت ندى الشهاوى ابنه رشاد الشهاوى سيده فى اواخر الثلاثينيات ....مطلقه اربع مرات ...من اربع ازواج مختلفه وكلهم تزوجت منهم لمصلحه يريدها والدها تجمع بينهم البدايات والنهايات فقط ... وهى لها نسبه ماليه  محدده غير ما تستطيع اخذه من كل زوج طوال فتره زواجها 
كانت تنظر لنريمان صديقتها اللدوده بحب مصطنع قائله
- ده صحيح يا روحى بس هو عنده شغل ضرورى بره  .. وكان لازم يسافر واكيد انا محبش اعطله عن شغله ... راجى الكاشف مش اى رجل اعمال  .
كانت كل النسوه الجالسه امامها يحقدون عليها ولكن يتوددون لها لما لوالدها من سمعه وصيت .... ولمعرفتهم بطرقه فى التعامل مع رجال الاعمال الاخرين 
غادر جميع ضيوفها وكانت هى فى اشد حالات غضبها فتوجهت سريعا الى غرفه المكتب حيث والدها 
فتحت الباب بغضب شديد وهى تهتف به قائله 
- انت خلتنى فى موقف محرج جدا قدام اصحابى كلهم بيسألونى ليه ماعلناش الخطوبه او ليه متجوزناش .... 
وقف السيد رشاد عن مكتبه رجل قصير القامه خبيث النظرات ... لا يوجد به شيء يميزه سوى ذلك البطن الكبير تحرك ببطء ليقف امام ابنته قائلا 
- الخبيث مختفى بقاله اسبوع ... ولحد دلوقتى مش عارف اوصل سافر فين .... وبنته كمان اختفت فين معرفش .
زاد غضبها وقالت 
- ولما انت مش واثق انه ينفز الى انت عايزه ليه خلتنى اقول كده لكل اصحابى .
عاد بخطوات اكثر بطئ الى مكتبه و جلس على كرسيه وهو يقول 
- هيروح منى فين ما هو لازم هيرجع متقلقيش .
ظلت تنظر اليه فى غضب قوى ثم خرجت من غرفه المكتب تضرب الارض بقدميها  وكأنها تعاقبها على شئ ما 

فى مكان اخر ولكن فى بيت بسيط جدا شقه صغيره مكونه من غرفه واحده و ردهه صغيره تجلس سيده فى اواخر الاربيعينات تمسك بين يديها كره من الصوف وتحوله الى شيء فنى جميل .... كانت رغم سنينها الثمانى والاربعون ولكن يبدوا عليها الجمال والوقار ..... كانت نغمات كوكب الشرق تشدو بجانبها .

«« نسيت النوم وأحلامه ... نسيت لياليه وايامه .... بعيد عنك حياتى عذاب متبعدنيش بعيد عنك .... غلبنى الشوق ودوبنى ...دوبنى ... دوبنى ومهما البعد حيرنى ومهما السهد سهرنى لطول بعدك يغيرنى ولا الايام بتبعدنى بعيد .... بعيد ... بعيد عنك »»
صدحت صوت طرقات على الباب تعرفها جيدا ثم المفتاح يدور وفتح الباب 
روتين كل يوم دون تغير 
وقف على الباب ينظر اليها فى حب لم يقل يوما ... ولم يتغير .... رغم كل ما حدث 
ظل على وقفته ككل مره ينتظر الاذن بالدخول رغم زواجهم من اكثر من خمسه عشر سنه .... ولكن الاتفاق بينهم سارى لا يتغير  لم يمل هو ... ولن تلين هى 
ابتسمت وهى تقول 
- اتفضل يا عادل .
دخل بخطوات ثابته ونظرات ثابته ايضا ... عشقه القديم الذى لم يبرء منه  يوما ولا يريد .
وقف امامها مباشره ثم قال 
- عامله ايه يا مريم النهارده واخبار رجلك ايه ؟
ابتسمت وهى تقول 
- اه لو خديجه سمعتك وانت بتسأل على رجلى كان كسرت رجلك وقطعت لسانك .
ضحك بصوت عالى وهو يقول
- مجنونه متعرفش انك بتجرى فى دمى فى كل عروقى انت الى مخليانى عايش .
كانت تنظر اليه بحب لم ولن ينتهى يوما هو ابن عمها حبها الاول والاخير هو من تمنت ان تتزوج وتنجب منه ولكن القدر كان له رأي اخر 
سألها باهتمام حقيقى 
- فطرتى .
هزت راسها بنعم 
سألها 
- و الدوا
عادت تهز رأسها بنعم 
سألها 
- لسه بتحبينى 
نظرت اليه قليلا ثم هزت راسها بنعم 
ابتسم هو الاخر فى سعاده ان هذه اللحظات من كل يوم هى ما تجعله متمسك بالحياة ... حبها الا مشروط والا نهائى الذى جعلها وهى فى اوج شباباها تحرم جسدها عليه حتى تحافظ على بيته وزوجته وابنائه ... ولكنه تمسك ان يموت وهى زوجته حتى تكون زوجته فى الجنه  وطلب منها ان تعاهده ان يكون زوجها الاخير مهما حدث وعاهدته دائما كان يقول لها 
- سوف اطلب من الله ان يجعلك زوجتى فى الجنه ولا احد غيرك واذا كان لابد من حور العين ليكونوا جميعهم انتى .
كان ينظر اليها بتمعن لا يمل من تفاصيلها حين استمعا لخطوات صغيره تقترب 
وقفت مريم الصغيره على باب الشقه وقالت سريعا حتى لا تنسى ما قلته لها امها 
- بابا ماما قول خمس دايق خلص .
ضحكا صوت عالى ان خديجه لا تتغير .. هى متاكده انهم يجلسون سويا يتكلمان فقط لكنها ايضا تغير من ذلك لمعرفتها بحبه الكبير لمريم حتى انها خاصمته شهر كامل حين كانت تفكر مع  ظنونها انه سوف يسمى صغيرتها بمريم .
اشار لها والدها ان تاتى اليه فتحركت فى خطوات صغيره ووقفت امامه فقال لها 
- مش عيب كده مش المفروض تسلمى على ماما مريم

وقفت الصغيره حائره فتكلمت مريم الكبيره قائله 
- طيب اسلم عليكى انا و كده تكونى سمعتى كلام ماما ومسلمتيش انت عليا صح 
حركت الصغيره ذو الثمانى سنوات راسها بنعم .فى فرح فهى تحب ماما مريم ... ولكنها لا تفهم لما تمنعها امها عنها قبلتها مريم على وجنتها الصغيره واحتضنتها برفق ابتسمت الصغيره ثم تحركت لتعود لامها 
كان عادل  يسجل كل لمحه ونظره وابتسامه ودمعه تصدر منها ... يحفظها ككف يده .... ويعلم بما يشغل عقلها وقد سعى بكل طاقته ليسعدها ولو قليلا ... ويعلم جيدا ما هو هذا الشيء وسيحققه مهما كان الثمن 
وقف على قدميه وهو يقول 
- انا بعت لام محمد علشان تيجى تنظف الشقه علشان فى ضيوف جاين علشانك بليل .
كانت نظرات الدهشة ترتسم على ملامح مريم لكنها ايضا تفهمه هو لن يخبرها بشيء فلتنتظر وان غدا لناظره قريب .
#سارة_مجدي
تعليقات