" " " " " " " " نصيبي وقسمتي
📁 آحدث المقالات

نصيبي وقسمتي



طرقات متتالية علي الباب لتفتحه سيدة في مقتبل عقدها الخامس يظهر علي وجهها ملامح الأم المصرية الحنون بكل ما تحمله الكلمة من معني لتجد إبنتها ذات الثلاثون عاما والتي تعيش معها وترفض الزواج من أجل أن تبقي بجانبها هي من تطرق عليه ولكنها لا تعرف بأن والدتها تفهمها وتفهم بأنها لا تريد الزواج بالطريقه التقليديه بل تبحث عن الحب ..
ألقت السلام علي والدتها قائله 

((السلام عليكم ))

اجابتها والدتها بنبرة حنونه 

(وعليكم السلام والرحمه ، مابكي لما تبدين حزينه )

نظرت امل لوالدتها ثم أجابتها بإرهاق 

((لا شئ أنا فقط متعبة قليلا سأذهب لغرفتي وأنام لعلي ارتاح وأريح الجميع مني ))

أستدارات لتذهب فأمسكت والدتها بمعصمها وتحدثت بإستياء قائله 

((هل ستخفي علي والدتك ما يحزنك فأنا أعلم لقد أخبرتك بألا تذهبي فمن تسمينها صديقتك لم تدعوكي لحفل زفافها وقد أصريتي أنتي علي الذهاب ووجدتي لها ألاف الأعذار ))

أخذت تبكي وصوت شهقاتها يقطع نياط القلوب فتحدثت من وسط بكائها 

((ما ذنبي إذا كنت عانس فقد تمنيت أن أتزوج شخصا يحبني وأحبه يحترمني وأحترمه وأعيش مرتاحة معه ولكن يبدو بأن القدر له رأي أخر فهو يري بأنه ليس من حقي أن أفرح وأعيش حياة سعيدة ))


تحدثت والدتها وهي تحاول أن تجعلها تتفائل وأن الايام القادمة تحمل في طيأتها الكثير فستكون أجمل 

(( ستفرحين وتتزوجين من يسعد قلبك فأنا قد حلمت حلما جميلا أدعو الله أن يكون من حظك ونصيبك ولكن تفائلي بالخير تجدينه .. ))

قالت أمل وهي حزينه ومازالت عبراتها تتساقط من عينيها 

((ما ذنبي لأسمع كلاما مثل السم من الجميع فليس بيدي شيئا لأفعله ، أليس الزواج منحة من الله يمنحها لمن يشاء ويمنعها عن من يشاء فلما الناس يشعرونني وكأنه بخاطري وأن وضعي هذا يعجبني ..))

ما ان انتهت من قول كلماتها حتي استدارات تترك والدتها مسرعة لغرفتها لتنفجر من البكاء فما ذنبها هي لتدفع ثمن أفواه بغيضه ، فلماذا هي ؟هل لأنها تلتزم البيت ولا تخرج منه ، أم لأنها ليست علي قدر كبير من الجمال ، أم لحظها ؟
حقا إن هذه الدنيا ظالمه، فهؤلاء ليسوا ببشر مثلنا ، لماذا صوت همساتهم يأخذنا لأسفل القاع ، فلماذا أصبح المجتمع بذلك السوء فلم تجد راحة لنفسها من أفواه الناس ، تبكي بضياع تمر عليها سنوات عمرها كشريط سينما تضع يدها علي أذونيها تبعد عنها تلك الأصوات التي تتردد كلماتها بالمكان تغمض عيناها من تلك الاصابع التي تشير 
عليها مطلقه تلك الاتهامات كأنها مجرمة أو بها علة أو وباء ، عانس .. عانس .. عانس.. فاتها قطار الزواج لتتحدث إلي نفسها ! ماذا فعلت حتي أنال تلك الاتهامات الجميع ينهرني علي شئ ليس لي ذنب فيه نسوا أن الزواج والطلاق تلك مقدارات كالحياة والموت .

ما ذنبي انا إذ لم يأتي نصيبي حتي الآن نسوا أن الله تعالى 
مقسم الأرزاق من تلك الأرزاق الزواج نسوا أيات القرآن 


: {... نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ
: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.

أشرقت شمس يوم جديد لتستيقظ علي صوت رنات هاتفها نظرت حولها للغرفة فلم تعرف كيف ومتي غفت نظرت لهاتفها الذي لم يكف عن الرنين فأمسكته وضغطت علي زر الإيجاب لتجد صديقتها نهي فقد قابلتها بالأمس في ذلك الفرح فهي أمرأة متزوجه ولديها أطفالا فقد أبتعدت عنها ما أن رأتها خوفا من أن تحسدها أو تخطف زوجها فهي تفهمها و تعرفها جيدا فلما تتصل بها الأن ..

تحدثت نهي وهي تغمرها الفرحه لا تعرف إذا ما كانت حقيقية أم مصتنعة قائله

(( عندي لكي خبرا لن تصدقيه ، وأي فتاة في وضعك تحلم به وتتمناه )

قضبت حاجبيها بإستغراب وهي تسألها 

(( وما هو ذلك الخبر الذي تتمناه اي فتاة في وضعي ليجعلك تتصلين في الصباح الباكر ))

أجابتها نهي وهي تتحدث ببطئ وتلكأ لتثير فضولها 

(( لقد رأكي بالأمس صديقا لزوجي وحدثه عنكي فلقد أعجبتيه ، ويريد أن يأتي للبيت ليري والدتك ويتعرف عليكي أكثر ))

أتسعت عيناها بذهول من جملة أعجبتيه تلك فكم تبغض تلك الكلمه فهي ليست سلعة معروضة ليراها أحد وتعجبه فيريد الحصول عليها لكن ما يثير إهتمامها أنها ليست سعيدة بذلك الخبر لم تتوقع بأنها قد تكون بذلك البرود فتحدثت قائله 

(( لا أريد قولي له بأنني أرفض فأنا لا أريد الزواج ))

ثم أغلقت الهاتف ووضعته بجانبها وهي تزفر انفاسها الغاضبة وشردت لعدة دقائق تفكر في وضعها ، فأستقامت واقفه من الفراش فقد عزمت علي أن تبحث عن عمل وتثبت ذاتها في شئ ، فالحياة لن تتوقف علي الزواج فقط وعليها أن تتعايش مع لقب العانس ...

طرقت علي باب غرفة والدتها ودخلت لتجدها مستيقظة فألقت عليها تحية الصباح ثم أخبرتها بانها قد قررت أن تعمل فمنذ مده وهي تبحث عن عمل ، وقد وجدت عملا جيدا في شركة هندسة للبرمجيات ولديها موعد معهم اليوم ولكنها لم تخبرها عن تلك المكالمة فهي قد رفضت وأنتهي الأمر ولا داعي أن تخبر والدتها وتحزنها برفضها ..

تمنت لها والدتها أن يمر يومها علي خير وأن يكون ذلك العمل من نصيبها ..

تركتها وذهبت لتصل إلي الشركه في موعدها ، وصلت إلي الشركة وتمت المقابلة على خير وقد تم قبولها للعمل لتباشر معهم منذ الغد ، ذهبت إلي البيت لتخبر والدتها وتفرحها ، فكم سعدت بقبولها وتريد إسعاد والدتها بذلك الخبر فما ان أخبرتها ، حتي لم تستطع والدتها أن تتمالك نفسها فأطلقت زرغوطة عالية أتت علي أسرها جارتها لتسأل عن سببها ..

طرقات عالية علي باب المنزل فذهبت أمل لتفتح الباب فوجدت جارتها طالعتها الجارة بفضول جلي لتتحدثت أمل قائله

(( مرحبا يا خالتي ، تفضلي ))

اجابتها تلك الجاره قائله

((شكرا يا إبنتي ، فلقد سمعت صوت زرغوطة من عندكم وأتيت لأبارك لكي يبدو وأنك أخيرا قد خطبتي وتخليتي عن لقبك ))

نظرت لها نظرة مشتعله تكاد تحرقها في مكانها وردت بضيق قائله

(( لا لم أخطب فلقد أطلقتها والدتي لأنني قبلت في وظيفه عمل ))

نظرت إليها تلك الجاره بنظرة مستهزئه تقول ببرود 

((وظيفه وأنا من تخيلت بأنك تخليتي عن لقب العانس .))

ووقفت ترمقها بتلك النظره مما أستفز أمل ولكنها حاولت ضبط نفسها حتي لا تفقد أعصابها فأرادات إنهاء هذا النقاش العقيم الذي لا فائدة منه فكل ما تحصل عليه كلما تحدثت مع أحد هو ذلك اللقب الذي أرتبط بإسمها الفتاة العانس ...

فتحدثت تقول بإستياء

((خالتي أنا من أرفض الزواج فلا شأن لكم بما أريد فلتهتمي بشؤنك فقط فلقد أقسمت بألا أرتدي الفستان الأبيض لأي رجل يطرق بابي إلا لمن حلمت به حتي لو كان هذا في أحلامي فقط .. ))

أنهت كلامها وأغلقت الباب في وجهها لتصدم جارتها من رد فعلها وغضبها الذي تراه منها لاول مرة فدائما ما كانت تسمع ذلك الحديث منها ومن باقي الجيران ولكنها لم تجرؤ علي الرد والاعتراض يوما فأذدردت ريقها بصعوبة بسبب احراجها واستدارات وهي تنظر حولها تخشئ ان يكرن هناك من رأي ما فعلته معها تلك العانس فاخذت تخطؤ خطوات سريعة نحو باب شقتها واغلقته بقوه ...

مرت الأيام سريعا لا جديد بها غير تلك الوظيفه التي بدأت العمل بها وقد أثبتت نفسها بجداره وتفوقت بعملها مما لفت الأنظار إليها وقد نالت نظرات الإعجاب من الجميع ولكنها لم تعد تهتم بتلك الأشياء فكل ما يشغلها الأن هو عملها ونجاحها فقط فما أن دخلت إلي سوق العمل وكل شئ قد تغير في حياتها وكم زادت ثقتها في نفسها ..

تذكرت عروض الزواج التي تواكبت عليها منذ أن أصبحت أمراة عاملة وناجحة فهل كانوا يحتاجون لعملها حتي تستطيع الزواج ، ولكنها هي الأن التي لا تريد الإرتباط بتلك الطريقه ، بل أصبح كل ماتريده ويشغل فكرها هو واقع أجمل وحياة أفضل لها ولوالدتها لتثبت لنفسها وللجميع أن المرأة ليست مصدرا للإنجاب والإمومه فقط بل كل ما تريده تحقيق ذاتها وطموحاتها وكسر الصورة النمطية التي فرضها عليها المجتمع ، فلقد أتت لها فرص زواج كثيرة ولكنها لم تفكر في الأمر حتي ، وأخيرها مديرها الذي عرض عليها الزواج منذ أسبوعين ولكنها رفضت فلم تفكر حتي مجرد التفكير في ذلك العرض فهي لا تريد الزواج بتلك الطريقه بل تريد أن تشعر بالحب والإحتواء لا مجرد زواج ....

فالمرأة ليست عوره ليستر عليها رجلا ..المرأة ليست عاله بإنتظار ان يعيلها رجل فبإمكانها ان تعمل وتهتم بنفسها وشؤنها .. فهي مثلك أيها الرجل تشعر بالاكتفاء والإرتقاء والإعتماد علي الذات ..وحين تفكر بالإرتباط برجل سترتبط به من باب الإمتلاء وسنه الحياه وليس الإحتياج .. بل من باب الإكتمال وليس النقص .. لانها تريد شريك حياه لا سيد يتحكم بها ..تريد صديق لا سلطان عليها .. تريد محب لا سجان .. فهي تريد من يشعرها بأنها إنسان ....

نعم أنا امرأة وسأفتخر بأنني إبنه الثلاثين وأحمل لقب العانس ...... 

****تمت بحمد الله ****
نصيبي وقسمتي 
موني عادل 

تعليقات