" " " " " " " " رواية دمية على أرجوحة الكره (الفصل السابع) الأخير
📁 آحدث المقالات

رواية دمية على أرجوحة الكره (الفصل السابع) الأخير


الفصل السابع

...............

عاد دومينيك يردد:

ـ لن أرحمك يا كاستيلانو..لقد تجاوزت كل الحدود الليلة..ربما تظنين أنك تملكين الأوراق الرابحة بحوزتك...وسأعطيك كل ما طلبت..وبعدها...عليك أن تصلي كي لا أنجو..

ردت بصوت مختنق:

ـ سأعتبره وعداً يا سانتوس...ولم أعهدك ممن يخلف الوعود...لقد خضت حرباً ضارية اليوم وخرجت منتصراً

ـ خضناها سوياً..لم أكن لأحرز أي تقدم لولا شجاعتك...

ـ عليك أن تكون جديراً بتنفيذ عرضي...

ـ سأفعل...

كان يهم بدخول المصعد عندما سمع صوت ديريك الغاضب:

ـ أيتها الفاجرة...كل هذه المسرحية كي تعودي لعشيقك....

رفع يده ليهوي على وجهها بصفعة ولكن يده توقفت في الهواء عندما أمسكتها يد أخرى بصلابة...وصوت دومينيك المزمجر يتوعد:

ـ لن أسمح لك بعد هذه اللحظة أن تتعدى على ليوني ولو حتى بالنظر...هل تفهم...أم أن وسيلتك للتفاهم أبعد عن تصرفات الرجال...لا تتقن إلا لغة واحدة وهي الخسة والألعاب القذرة وضرب النساء وخطف الصبية...

ظل ممسكاً بذراعه دون أن يفلته حتى أركعه أرضاً غير قادر على الفكاك من قبضته...صرخت ليوني عندما لاحظت جبين دومينيك المتفصد عرقاً واهتزاز جسده...

ـ دومينيك...أرجوك اتركه...هو لا يستحق...

حدجها بنظرة غاضبة:

ـ أتشفقين عليه...بعد كل ما عمله بك..وبي...

أمسكت ذراعه تتوسله مرة أخرى:

ـ أرجوك...

تركه أخيراً متنهداً فتراجع للخلف مسود الوجه من شدة الغضب:

ـ لن أترككم تهنئون بفعلتكم...لن أترككم...

راقباه حتى توارى في أحدى الغرف...تمتمت تطمئنه وهي تتابعه بعينيها:

ـ لا تقلق, ديريك أجبن من أن يؤذينا...دومينيك...

شهقت عندما وجدته يترنح ليستند على حائط المصعد, فدخلت معه وضغطت على زر النزول لأسفل...أرخت رباط عنقه تناديه بذعر:

ـ دومينيك...أرجوك...لا تجعلني أفقدك...لا تذهب وتتركني...

فتح عيناه بصعوبة:

ـ لقد...لقد كنت مجنوناً معتوهاً في المرة الأولى لأتركك, تعلمت من درسي...ولن أتركك....أبداً

جذبته من قميصه صارخة:

ـ هل تعدني...اللعنة سانتوس جاوبني...هل تعطيني وعداً أنك لن تتركني مرة أخرى...لن تقايضني هذه المرة ولو بالموت

رد بأنين من بين أسنانه:

ـ وهل تتركين لي الفرصة لأفعل...

ـ لا...

ـ اتفقنا....

فتحت أبواب المصعد فصرخت تنادي على حارسا البناية, هرعا إليها وساعداها حتى سيارتها...

قادت السيارة وهي تتلفت بقلق نحوه عندما سألها:

ـ إلى أين سنذهب؟؟

ـ إلى المشفى طبعاً

تأوه بضحكة مغتصبة من آلامه:

ـ هل نسيت ..أنا مدين لك بولد...لابد أن....

تهدج صوته بلهاث ثم عاد يتماسك:

ـ لابد أن ننفذ الاتفاق قبل أن...أموت..

أطلقت ضحكة ساخرة:

ـ هل أنت واعِ لما تقول...أي ولد هذا الذي ستمنحه له وأنت لا تستطيع حتى أن تقف على قدميك...يمكنني أن أؤجل هذا الأمر حتى...حتى تجري العملية و..تصبح بخير...

هز رأسه رافضاً الفكرة:

ـ لا...لا...هذا لن يحدث...لن أجري أي عمليات وستقودين هذه السيارة فوراً إلى الكوخ أنا متأكد أنك لم تنس الطريق إليه بعد...هيا..نفذي ما أقول..

نظرت له لتلمح كل الإصرار في قراره وهو لن يتراجع أبداً:

ـ لماذا أنت مصر على الموت لهذا الحد

ـ لأنها الطريقة الوحيدة التي أثبت لك أنني الرجل الذي لن يخذلك أبداً

صرخت بدون وعي:

ـ أنت تخذلني بموتك...تخذلني بتركي أواجه الحياة وحدي...

صاح مبهوتاً:

ـ ولكنك قلت ...

ـ أعلم ما قلته لا تعيده على مسامعي....نعم أكرهك كما لم أكره رجلاً في حياتي..ولكنني أيضاً أحببتك بنفس المقدار...لابد أن تعيش لأستطيع أن ازداد في كرهك وأن تمنحني هذا الولد لأحرمك منه لأعذبك كما حرمتني منك ومنه...الموت ليس خيارك...الحياة هي اختياري...ستعيش وستمنحني هذه الحياة....

لم تدري هل فقد الوعي أو فقد الأمل في أن تنفذ ما يريد فقد كانت عازمة على تنفيذ ما تريد هي بصرف النظر عن أي رأي له..

بدأت تشعر بالندم على قرارها فور اختفائه في غرفة العمليات يحيط به نصف دستة من الأطباء ومثلهم من الممرضين...

خرج الطبيب بعد ساعة فهرعت نحوه والرعب يكاد يسيطر على أطرافها:

ـ دكتور..أرجوك..كيف حاله...؟

ـ من أنت...عفواً أنا لن أناقش حالته إلا مع أحد أفراد عائلته..

هم بالذهاب وتجاهلها عندما أوقفته برجفة في كلماتها المتعثرة

ردت بسرعة:

ـ أنا....أنا زوجته..

توقف الطبيب يحدجها بنظرة مرتابة

ـ متى تم هذا الزواج..؟ حالته لا تسمح...

قاطعته بحدة ونبرة عالية:

ـ عندما تم هذا الزواج لم أعرف أنه يتوجب الحصول على إذن منك ...

احمر وجه إحراجاً وأطرق برأسه ..فأعادت السؤال بإلحاح:

ـ هل سينجو...

ـ لا شيء أكيد...لقد تسبب لنفسه بنكسة حذرته منها عندما أصر على الخروج...

ثم أردف بنبرة ساخرة:

ـ وهذا الزواج أيضاً....

لقد تحركت الشظية أصبح وضعها أكثر خطورة من السابق....لم يعد بإمكاننا تركها, إما أن نزيلها...أو سيموت خلال ساعات قليلة...وفي كلتا الحالتين نسبة نجاته خمسون بالمائة..

تهالكت على أقرب مقعد مذهولة:

ـ خمسون بالمائة....فقط...

ـ هل ستوقعين بالموافقة...

هزت رأسها بالنفي ودموعها تسيل مع آمالها المحطمة مرة أخرى....حتى جاءها الصوت الحنون:

ـ وقعي يا ليوني...لا تقلقي بشأن هذا السانتوس..أنت معه لن يموت رجل وفي قلبه امرأة شجاعة مثلك ...كاستيلانو..

ركضت باكية لترتمي في أحضان جدها:

ـ أوه جدي أنا خائفة...ثم تمتمت بصوت خافت:

ـ كما أنني لست زوجته...ولو مات لن أحتمل:

ـ من أنت يا فتاه...لست المرأة الشجاعة التي وقفت وسط عائلة من الكاستيلانو المزخرين بالسلاح وطلبت أن تحمل بطفل من سانتوس...لم تخافي من عائلتك وتخافين من حفنة من السانتوس لن يساووا درهماً لو مات دومينيك....

ثقي به...وبنفسك...حب كحبكما لن يموت بهذه السهولة...مثل هذا الحب قدر له أن يعيش ليدفن أحقاداً دامت سنوات طويلة...لن يتخذ سواك هذا القرار لأنهم أجبن من اتخاذه...حياته متعلقة بيديك...

شهقت بألم:

ـ جدي..ولكنني لا أحبه...وهو كذلك لا...

أمسك بيديها المرتعشتين بين يديه:

ـ أنت غارقة في حبه لأذنيك...لا داعي لتتكبدي المزيد من الوجع في الإنكار...استسلمي لقدرك..

أمسكت بالأوراق التي يقدمها لها الطبيب...تعلقت بنظرة أمل ربما تلمحها من بين ملامحه المتغضنة ولكنه لم يمنحها تلك الراحة...فضمت شفتيها بقوة تصلي بصمت حتى توقفت أناملها عن الارتعاش ووقعت الورقة ثم دفعتها للطبيب بحدة:

ـ أبذل أكثر ما في وسعك...أنت لا ترغب بمواجهتي في لحظات غضبي...وخير لك أن تخرج من هذه الغرفة وتخبرني ..أنه بخير...

أومأ برأسه بنظرة تعاطف أخيرة لم تتوقعها قبل أن يغيب عن ناظريها...

ساعات من الانتظار المحموم دون أن تطمئن عنه...ولكنها تمسكت بالأمل..وبوعده لها حتى خرج الطبيب أخيراً يرفع القناع عن وجهه لتعرف من ابتسامته أن صلواتها استجيبت ...

كان أصعب أسبوع مر بحياتها ...بعد خروج دومينيك من غرفة العمليات ونقله للعناية المركزة ومنع أي زوار عنه خاصة هي ..بعد وصول أهله للمشفى ومنعها للاقتراب منه تماماً ولكنها لم تستسلم...كانت كلمات جدها تدعمها في كل وقت...كانت بانتظاره ..وعندما أفاق لم يطلب سواها....

فوجئت بوالده يقف أمامها وكأنها آخر من يرغب برؤيتها على وجه الأرض:

ـ دومينيك يطلبك...

همت بالركض نحوه عندما أوقفها صوت والده الصارم مرة أخرى:

ـ أحذرك يا كاستيلانو..اياك والتلاعب به وهو في حالته هذه

هزت رأسها بأسف قائلة قبل أن تذهب:

ـ فرانك سانتوس..ابحث عن طبيب نفسي..أنت بحاجة ماسة للعلاج...

أشرقت عيناه الكسيرتان بعد رؤيتها:

ـ ليوني...

أمسكت بيده بلهفة تحاول السيطرة على دموعها:

ـ دومينيك...أنت جاهز الآن لمنحي هذا الولد؟

اتسعت ابتسامته رغم ملامحه المجهدة:

ـ حياتي ملك لك...

ـ هذا جيد لأنني أنوي استخدامها بما يخدم مصلحتي تماماً...وسأستغلك أسوأ استغلال..

تنهد برضا:

ـ وأنا موافق...أي شئ لأرى الابتسامة الغائبة عن شفتيك

أمسكت بيديه بقوة بيدن يديها وكأنها تبحث عن قوتها من خلال ضعفه قائلة بصوت مختنق بالبكاء:

ـ لن يكون الأمر بهذه السهولة...أنا لم...لم أسامحك بعد...أنت...أنت كسرتني...كسرتني...ولا أعرف كيف أسامحك...

جذبها ليضمها بقوة هامساً في أذنها:

ـ دعيني أحاول...لن أخذلك...ألم أفي لك بوعدي...ولم أستسلم للموت...هذه المرة سأحصل على غفرانك...هل ستمنحيني هذه الفرصة...ليوني...

هزت رأسها دون أن تستطع إصدار أي صوت ثم هتفت بنظرات متلاعبة:

ـ وماذا عن سانتوس وكاستيلانو....ماذا سنفعل بهم...

ـ اقتربي مني لأخبرك ..

واقتربت أكثر لتفاجأ بفمه يطبقه على فمها ليقتص منها قبلة طويلة ثم أبعدها لاهثاً:

ـ هذا ما سنفعله...هل أنت معي؟

...........

تسللت بخفة لتغادر الفراش ولكن ذراعاً امتدت من بين الأغطية لتلتف حول خصرها وتعيدها مرة أخرى فتذمرت صارخة:

ـ أووووووه دومينيك دعني...

ضمه بقوة لصدره متأوهاً:

ـ لم أشبع انتقامي منك بعد...ألم أعدك إن نجوت أن أنتقم منك لما فعلته...

ـ ولكنك أيضاً وعدتني أنك ملك لي..وأنت تعلم أنني سأسئ  استغلالك...

ـ نعم ..وهذا أيضاً ولكنني سأنتقم أولاً ثم تبدأين باستغلال ملكيتك..

ـ ومتى سينتهي انتقامك؟؟؟

تنهد بقوة مفكراً:

ـ خمسون أو ستون سنة قادمة ...لست واثقاً بعد...ربما بعدها سأشعر أنني انتقمت من كل لحظة شوق لك ولم أجدك بجواري..ومن كل مرة حلمت بك وصحوت من حلمي أبحث عنك في كل حجرة دون أن أعثر عليك...ومن كل مرة تمنيت لو يعود الزمان للخلف لأستعيد تلك اللحظة التي تخليت فيها عنك وعن ابني....

وضعت يدها على فمه:

ـ أنا هنا الآن..يين يديك ...سامحتك عندما رفضت مقايضتي بالموت...قال الطبيب ان معجزة حدثت في غرفة العمليات في ذلك اليوم...عندما استسلموا بعد أن خسروك على طاولة العمليات, كل طاقم التمريض والأطباء أقسموا  أنهم حاولوا مرات انعاشك بالصدمات الكهربائية...وفي  اللحظة التي قرر الطبيب أن يعلن فيها وفاتك..عاد قلبك يدق ويدق...لحظتها أدركت أنك رفضت المقايضة واخترتني أنا

ضمها بقوة لصدره:

ـ لأنك معجزتي يا ليوني...من أول لحظة التقيتك فيها وأنت تثبتين لي أنك معجزة حقيقية....

فجأة ضجت بالضحك...حدجها بنظرة متسائلة:

ـ ما الذي يضحكك لهذا الحد

ـ منظر عائلتك وعائلتي في حفل الزفاف أمس...

قهقه ضاحكاً عندما تذكر المنظر هو الآخر...فسألته:

ـ متى باعتقادك سيتصرفون بشكل طبيعي

ـ عندما يصبحون أعمام وأخوال....

ـ ولكن جدي اثبت أنه أجمل رجل في كلا العائلتان...

ـ أجمل..رجل...هل أنت واثقة...؟

لفت ذراعيها حول عنقه:

ـ أوووه حبيبي أقصد أجمل رجل عجوز..أما أنت فأجمل رجل شاب...

ـ وأنت أجمل عروس رفضت عرض زواج وطلبت طفل....

صاحت بوجه محتقن:

ـ أنت لن تدعني أنسى هذا الموقف أبداً أليس كذلك؟؟

ـ أتعرفين ما فاتني حقاً أن اصور المشهد, وكان لابد أن اشترط أن تركعي على ركبة واحدة وأنت تطلبين هذا الطلب...في عقر دار كاستيلانو تطلب الحفيدة طفلاً من سانتوس...برأيك كم قرناً سيمضي قبل أن تحدث معجزة كهذه مرة أخرى...

زمجرت غاضبة:

ـ دومينيك سانتوس....مازلت كاستيلانو وبأمكاني أن ...

ـ أن...تعانقيني حتى أنسى..

لأني بين يديك أنسى كل عالمي وحتى نفسي

يا أحلى امرأة في كوني ..تغلل عشقها في كياني..

دعيني أنعم بالجنة على صدرك أتذوق الفردوس من بين شفتيك

أذوب عشقاً في عالم صنعتيه بنظرة عينيك...

 

تمت بحمد الله 

روايةِ دميةِ علىِ أرجوحةِ الكرهِ
 

الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات