الفصل الرابع
ـ لماذا أعدتني...؟
ـ عندما ترجع سيارتك لن أمنعك...تستطيعين الذهاب في أي وقت, لن
أمنعك...ولكني لن اسمح لك بأن تهيمي على وجهك كالمشردة...
ـ وماذا يهمك من أمري...؟؟
تنهد بقوة:
ـ ربما لا يهمني...ولكن لابد أن أهلك يهتمون...بالمناسبة لم ألحظ أنك اتصلت
بهم لتطمئنيهم عنك...لابد أنهم قلقون و...
ـ بإمكانك أن تطمئن....أهلي لن يقلقوا بشأني ..لقد ودعتهم بالأمس بعد أن
انفصلت عنهم ..ألم أخبرك أنني حصلت على استقلالي ...كل أهلي لم يستطيعوا تقيييدي,
ولن تستطيع أنت..
ـ أنا لا أحاول تقيييدك..أنا أحاول الحفاظ عليك...اهدئي وسأتصل بالجاراج
أستعجلهم...
أخرج هاتفه وأجرى الاتصال....
أذعنت أخيراً للأمر الواقع وجلست تتناول طعامها هادئة رغم البراكين التي
تغلي مراجلها داخلها...تتوق للحظة التي تغادر فيها هذا المكان لتختلي مع نفسها
وتعيد حساباتها من البداية بعدياً عن تأثيرات دومينيك ومواقفه المتعارضة....
في الجهة المقابلة من البيت وبعيداً عن المطبخ أوصد دومينيك باب مكتبه
بالمفتاح ثم اعاد الهاتف على أذنه صارخاً بحريته بعد أن تأكد أن ليوني من المستحيل
أن تسمعه:
ـأعد على مسامعي ما قلته منذ قليل...ماذا يعني أن الموضوع سيطول...أنا لن
أحتمل هذا الوضع دقيقة واحدة أخرى ...ماذا...أسبوع أو أسبوعين...هل جننت...؟ كيف
سأبقيها يوم آخر هنا بدون أن تلاحظ أنها مخطوفة، كف عن الهذل أنا لن أعبث مع فتاة
من كاستيلاني...وما دخل جمالها، ماروني...أنا....
هل قال لك أبي هذا الكلام....أعطه الهاتف لأتحدث معه بنفسي...ولماذا يرفض
الحديث معي....تباً لكم جميعاً ولكل الكاستيلاني .
ألقى بهاتفه على المكتب محاولاً كبت انفعالاته العصبية...تنفس بعمق وأعاد
تفكيره...حل واحد فقط سيقنعها بالبقاء...هو الحل الأكثر صعوبة...والأجمل لأنه
سيطاوع شيطانه في هذا الأمر...عزاءه الوحيد أنه سيتخلى عن مقاومته أخيراً ولن يكون
اقناعها صعباً.
أسبوع أو أسبوعان مع ليوني يستمتع بوجودها معه وحدهما دون أي مقاطعة...ولكن
كيف سيحتوي نيران غضبها؟
عندما انضم إليها من جديد أدرك من ملامحها المتجهمة أن مهمته أكثر صعوبة
مما تخيل...
شعرت بوجوده بدون أن تراه...كان يراقبها من بعيد كأنه يقيس سرعة الرياح
حولها, وبعد قليل شعرت به يجلس جوارها, دون أن تعطيه الانطباع أنها شعرت به,
استولى عليها قلقاً لا مبرر له عندما شعرت بتردده:
ـ ليوني...أعلم أنك غاضبة مني...ما يحدث وما حدث بيننا, أعترف كان مندفع...لا
أنت ولا أنا كنا نملك أن نوقفه...كان أجمل من أن نحاول إيقافه أو التصدي له....
كانت دموعها الصامتة تنزل على قلبه كالأسيد الحارق...كره نفسه وكل كلمة,
وكره كل من وضعه في هذا الموقف...واكثر ما كرهه هو ضرورة استمراره فيما يفعل:
ـ كل علاقة مررت بها من سنوات المراهقة وحتى هذا وصلت لعمري هذا كنت أتروى
بها...أسرع علاقة أخذتها لفراشي استمرت يومان...
حتى جئت أنت زلزلت كياني, صدعت أرضي التي أرتكز عليها...ربما وقعت في
غرامك...ولكن انجذابك نحوي بنفس القدر والتوقيت كان مذهل...والكيمياء التي بيننا...ليوني باختصار خفت عليك منى ومن
عواطفي المشبوبة..لا تبدين لي تلك الفتاة المستهترة التي ترضى بعلاقة لتمضية
الوقت...ليوني أنا....
وضعت يدها على فمه لتمنعه من الاسترسال:
ـ هذا دوري...عندما استيقظت في الصباح ولم أجدك جواري شعرت كم أنا رخيصة,
في مشاعري وفي جسدي وفي رغبتي بك...أردت الاختفاء من على وجه الأرض...أنا ايضاً لا
أفهم ما يحدث معنا...ولكنني على اتم استعداد للتفاهم, أنا لا ألتقي برجل كل يوم
يزلزل عالمي ويهدد استقراري النفسي...
سألها بحذر:
ـ هل أنت على استعداد لتظلي هنا معي حتى نعرف سر ما يحدث بيننا...وأعدك أن
لا أكون البادئ بفرض رغباتي...سأنتظر حتى أحصل منك على طلب صريح..
تنهدت بصعوبة:
ـ لا أدري...لا أحب الشعور بأني محاصرة...
عاد يحاول إقناعها:
ـ فقط حتى تعود سيارتك
ـ تبدو واثقاً أنها لن تعود قريباً
ظهر الذنب على ملامحه:
ـ لنقل أنني لم أكن أستعجل عودتها فعلاً...هذا ما أغضبك أليس كذلك عندما
ظننت أنني أسعى للتخلص منك بعد أن حصلت على أغراضي الدنيئة...
ـ قلت لي أنك ذئب مستوحد...خطأي أنني لم أصدقك...حسناً...سأبقى...فقط...حتى
تعود السيارة...بشرط أن لا تتصل بالجاراج...اتركهم يعيدوها في أي وقت...لنترك
أمرنا بيد القدر...لو عادت الليلة فلا أمل لنا بالبقاء معاً...وإن تأخرت...هذا
يعني المزيد من الوقت لنا معاً...لنر ماذا سيفعل بنا قدرنا.
سألها بريبة:
ـ هل ستكونين راضية بأي اختيار للقدر؟
فكرت لحظات ثم هتفت:
ـ ما رأيك بتوقيع الاتفاقية...برضا الطرفان...
رفع رأسها ليتمكن من مهر شفتيها بفمه بقبلة طويلة....كان نبضها يضرب بإيقاع
همجي بري, ويداها تلتفان حول رأسه مطالبة بما هو لها بحكم الغريزة...همهم بصوته الحسي:
ـ رائحتك حلوة...لذيذة...أستطيع التهامك الآن وفوراً ولن أبقي منك أي شيء
للغد...هذا أمر مؤسف حقاً..
تحسس شفاهها المتورمة بأصابعه, فتمتمت من بينهما:
ـ اتفقنا .....
وفيما بعد لم تتذكر ولو لمرة واحدة سيارتها التي تأخرت كثيراً...وأحياناً
كانت تطوف بتفكيرها فتبتسم...ربما دومينيك اتصل بهم كي لا يعيدوها...يرغب بإطالة
أمد وجودها معه...
كالعاشقان عاشا أيامهما ولياليهما وكأنهما يطويان صفحات من قصة خرافيه, لا
يوجد فيها إلا كل خطوط العشق والهوى...لم يعدها يوماً بأي وعد ملزم....
رغم أنها كانت ترى كثيراً مقدار غرامه بها...كانت تجيد قراءته حتى وعيناه
مغمضتان...
وأحيانا كثيرة كانت تشعر ببرد رهيب وهي بين ذراعيه تتوسد صدره, عندما تتذكر
أن أي حلم جميل لابد له يوماً أن ينتهى...وسيارتها لن تظل طوال العمر في
الكاراج...
كانت تعرف جيداً انه يقاوم شعوره نحوها بينما تركت كل مشاعرها تتساقط
كالثمار الشهية تحت أقدامه ليلتقطها ويلتهمها ويستمتع بها...
كان حب عمرها كله الذي لن تقابل مثيله لأخر حياتها...لذلك تركت لنفسها
العنان لتستمتع بكل لحظة وهي تدرك أن النهاية لا شك قادمة...
وهو لن يفكر مرتين وهو يخرجها من حياته...كانت واثقة من هذا أيضاً...فبقدر
المشاعر الفياضة والأحاسيس الملتهبة والتي يغمرها بها كل ليلة، كانت تشعر أنه
بعيداً عنها بعقله...كان يقضي معها وقتاً فقط...وهي لم تمانع...فهذه هي طبيعته التي
تقبلتها أحد بنود اتفاقيتهم.
قطعت ورقة من التقويم وحدقت بالتاريخ مذهولة, ثم شهقت تحدث نفسها:
ـ ماذا...مر شهر...شهر كامل...
ـ حبيبتي هل تحدثين نفسك؟
ـ دومينيك، هل تصدق، لقد مر شهر على وجودنا معاً....
أطرق رأسه مغمغماً:
ـ نعم...مر شهر بالفعل...
سألته بعتاب:
ـ ترى هل ماتزال سيارتي قيد التصليح...
لم يبتسم...لم يجاريها...فسقط قلبها بين قدميها...أدركت أن النهاية أصبحت
قريبة تهدد بوجهها القبيح...
ـ دومينيك...
رفع رأسه بملامح جامدة لا توحي بأي شيء:
ـ ليوني....أعتقد...
وضعت يدها على فمه بابتسامة مكسورة:
ـ لا تقل شيئاً...كنت أعرف أن هذا اليوم سيأتي.
ثم تنهدت وهي توليه ظهرها كي لا يرى الدموع المترقرقة في عينيها:
ـ سأعد نفسي للذهاب...امنحني دقائق فقط...ولكن ماذا بشأن سيارتي؟
ـ سأوصلك لها، أحد أقربائي جاء بسيارتي وهي متوقفة بالخارج، سأنتظرك
هناك...
أخذت نفس عميق وهي تلتفت نحوه تهديه ابتسامة لا مبالاة فاشلة:
ـ حسنا...لن أتأخر...دقائق فقط...
وركضت مسرعة للطابق العلوي...دخلت غرفتها تتأمل فراشها المرتب...بعد الليلة
الأولى أصر على أن تكون معه في غرفته...
ورغم كل الليالي المتوهجة التي
شهدها فراشه, ولكن ظل هذا الفراش يحمل ذكرى عزيزة على قلبها...
دخلت الحمام لتغسل وجهها, نظرت في المرآة في عمق عينيها القاتمتان، وفجأة
تذكرت أمراً.
شهقت واضعة يدها على فمها أمام المرآة وكأنها تحدث نفسها...هل هذا معقول؟؟؟ولكن
.....
ثم بدأت بالعد على أصابعها...وانفرجت شفتاها الحزينتان أخيراً على ابتسامة
أمل...ثم لحقت بدومينيك بنظرة كلها تفاؤل بالمستقبل...
كان يراقبها بدهشة وهي تدخل السيارة وتجلس في المقعد المجاور له، وضعت حزام
الأمان ثم التفتت نحوه:
ـ أنا جاهزة....
حاول قراءتها ولكنه لم يستطع...هذه الليوني تختلف تماماً عن الأخرى التي
تركها محطمة منذ دقائق لدرجة أنه فكر بالتراجع وليحدث ما يحدث وسيتحمل كافة
النتائج المترتبة...أفاق على صوتها الرقيق وهي تتأمل محيط السيارة من الداخل:
ـ أعتقد أن قريبك لم يستطع جلب هذه السيارة في وقت سابق ...دومينيك...هل
سنذهب...؟
ـ أه...نعم...بالطبع...وبدأت السيارة بالتحرك...
كان يراقبها خلسة غير مصدق ما يرى...مفتونة تماماً بالحقول الخضراء
والطبيعة المحيطة بهم...ما إن تجاوزت السيارة المنطقة الوعرة واستوت على الطريق
السريع بدأ يتكلم...لابد أن ينهي هذا الأمر..
ـ ليوني...أنت لم تسأليني مرة واحدة عن اسمي بالكامل، ألم تشعري بالفضول
أبدًا؟
حانت منها التفاتة نحوه وقد ضاقت عيناها بتساؤل:
ـ أنت ما أنت عليه...دومينيك...حصلت على كل ما أردته منك...لماذا يساورني
الفضول بشأن اسمك...ولكن طالما أنك تجد لذلك الأمر أهمية فلابد أنه كذلك...
تنهد بصعوبة، ازدردت لعابها بغصة...غريزة الأنثى أخبرتها أن في الأمر رائحة
كريهة...لا تسألي...
رد بعد فترة صمت طويلة:
ـ اسمي..دومينيك...سانتوس...
انتظر صرخة...غضب...أي انفعال من أي نوع...ولكن ظلت ملامحها كما هي, ازدادت
ابتسامتها اتساعاً :
ـ حسناً ..أنت دومينيك سانتوس...ما هو الخبر الشديد الأهمية..؟
ضرب المقود بيده صارخاً:
ـ حسناً ليوني...أنت أنت سعيت لهذا ما زالت تمثلين دور الساذجة البلهاء، أنا
أعرف أن اسمك ليس كاربنتر...بل كاستيلانو...
احمر وجهها بشعور بالذنب ولكن ليس كما توقع:
ـ أوووه...أنت عرفتني، سامحني حبيبي...اسم عائلتي يبدو لي كلعنه تطاردني...عندما
التقيتك لم أرغب أن تعاملني على أني كاستيلانو،هل هذا ما يغضبك مني....
ردد كلماتها بذهول, ثم ضغط بشدة على دواسة الفرامل لتتوقف السيارة في منتصف
الطريق ثم التفت لها بعصبية:
ـ مازلت تدعي الغباء...كل طفل بين عائلتينا سمع بالعداء المتأصل بيننا وأنت
تأخذين الموقف على أنه لا شيء...
سألته بحذر:
ـ وهل المفروض أن يعني أي شيء...؟
ـ تباً لك ليوني...أنت كاستيلانو وأنا سانتوس، لو عرف أحد ستقوم الحرب
العالمية الثالثة بين عائلتينا...
ردت ببراءة:
ـ ولماذا يجب أن يعرف أحد ما بيننا؟
صرخ بدون وعي:
ـ اللعنة لأنه هذا ما خططنا له من البداية...
الآن شحب وجهها وظهر تأثير قنبلته عليها...كانت تهز رأسها بدون
تصديق...وفجأة شعرت بغثيان ففتحت باب السيارة وركضت بالخارج تتقيأ.
لحق بها يمد لها يد العون بالمناديل المعطرة...انتزعتها من يده وراحت تفرك
وجهها بقوة...حتى استعادت أنفاسها الطبيعية...عادت للسيارة.
جلس مكانه بعد أن اطمأن أنها لن تهرب...انتظر أن تبدأ بالكلام...كانت
تسترجع كل ما حدث من لحظة لقائهما وحتى هذه اللحظة...ثم التفتت له فجأة:
ـ ماذا تعني...أن لقائنا مخطط له...هل تراهنت أنت وأقربائك المراهقين, على
أن توقع فتاة من كاستيلانو في غرامك...والآن أنت نجحت وستقبض الرهان...أليس
كذلك؟؟؟
رد بجمود وهو لأول مرة يشعر كم هو حقير ودنئ:
ـ لا...أخوك ديريك...اختطف أخي الصغير...ورفض إعادته قبل أن نتنازل عن صفقة
ما كان المفروض أن نحصل عليها...
شهقت:
ـ أخي...ديريك...
ـ نعم....فكرنا أن نقوم بالمثل...كي نبطل ورقته الرابحة, وتكون في يدنا
ورقة أخرى للمقايضة..
ردت بصوت متقطع:
ـ وهذه...الورقة الرابحة...هي ...أنا!!
اجاب باقتضاب:
ـ نعم...
ـ وكل ما حدث بيننا...كان من ضمن خطتك الجهنمية؟
رد بسرعة:
ـ لا ...ما حدث بيننا لم يكن مخطط له...لقد حدث لأنه كان مقدر...وكنت أتمنى
لو لم يحدث, ولكنك تعرفين عندما حاولنا أن نتجاهل مشاعرنا....
أومأت برأسها ساخرة:
ـ أه بالطبع أذكر...يا لها من خطة لتضمن بقائي مخطوفة وأنا لا
أعلم...كيف...كيف أمكنك أن تفعل هذا بي..؟ لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت...
ـ لم يصدقنا أهلك عندما أخبرناهم أنك معنا...وعندما تركنا سيارتك ليجدوها
استغرقوا وقتاً طويلاً ليربطوا الأحداث, ثم وقتاً آخر في المفاوضات فجدك خارج
البلاد وأخوك تولى أمر المفاوضات لإعادتك...ويبدو أنه كان من الصعب عليه التخلي عن
الصفقة حتى من أجلك...
ـ وإلى أين سنذهب الآن
ـ للمقايضة...أنت ...مقابل أخي...
أنهى المناقشة بعد جملته الأخيرة فانطلق بالسيارة بأقصى سرعة متاحة على
الطريق...
بعد صمت طويل:
ـ لا يمكنك أن تفعل هذا...أنت رغم كل شيء تشعر نحوي بشيء ما...حتى لو لم
تعترف لنفسك...
رد بجمود:
ـ حتى لو كان قلبي بين يديك...هذا أخي من لحمي ودمي...لا أستطيع تركه بين
أيديهم...حباً بالله عمره عشرون عاماً فقط
هتفت بغصة مؤلمة وعاصفة من البكاء والرثاء على حالها على وشك الهبوب:
ـ وأنا ...
مط شفته السفلى بلا مبالاة:
ـ ستعيشين...
ضحكت ساخرة بدموع مريرة:
ـ أه بالطبع عندما يعلم الجميع أنني قضيت الشهر الأخير في فراشك...سيسمونني
عاهرة سانتوس...لقد وصمتني...سيدفنونني حية...
أوقف سيارته أخيراً في مكان داخل الصحراء المترامية الأطراف حولهم ..وعلى
بعد مائة متر كانت سيارة أخرى...عرفتها هي أحد سيارات عائلتها...
التفتت نحوه:
ـ دومينيك...لا تفعل أرجوك...وسأحاول انقاذ أخوك بوسيلة أخرى...
ـ متأخرة...يعرفون بالفعل أنك معي.
رددت بأمل:
ـ لم يراني أحد بعد...يمكنك أن تخترع أي قصة أخرى...
توقفت سيارة جوار سيارته ثم خرج سائقها...أنزل دومينيك زجاج النافذة ليطل
وجه أحد اقربائه يرمقها بنظرات محتقرة:
ـ واااااااااااو أهذه هي...وكنت متلهف لأنهاء اللعبة...لو كنت مكانك لرغبت
أن أكون معها للأبد دفع دومينيك وجهه خارج النافذة:
ـ اذهب إليهم...وتأكد أن دونالد معهم...
رد بدون أن يشيح بنظراته القذرة عنها:
ـ كم أتمنى أن لا أجده معهم...لعلني أصطحب هذه الكاستيلانو الجميلة بدلاً
منك...
صرخ دومينيك بحده:
ـ موري...افعل ما أمرتك به...
ـ كما تشاء...لا تغضب...
أطرقت برأسها مفكرة...ثم رفعتها فجأة:
ـ دومينيك..أنت لن تفعل هذا...ربما تقايضني مقابل أخيك لأنني لا أساوي شيء
بنظرك...مجرد امرأة قضيت معها ليالي ممتعة, أي امرأة سواي ستفي بالغرض...ولكنك لن
تستطيع مقايضة ابنك...لن تستطيع؟
كالإنسان الآلي التفت لها ببطيء شديد وقد شحب وجهه مصفراً:
ـ أنت كاذبة...
زفرة رنة ساخرة:
ـ كنت معك شهر كامل أليس كذلك...لم تتركني ولا ليلة واحدة...هذا يعني أن
دورتي لم تأتيني ولا مرة واحدة خلال هذا الشهر....
شهق بذعر:
ـ ولكنك أخبرتني..
ردت ضاحكة:
ـ يبدو أنني لم أكن الكاذبة الوحيدة...أنا الآن حامل بابنك...ان كنت لن
تهتم بما يفعلونه بي...هل تتوقع ما سيفعلونه بابنك لمجرد التسلية ورؤيتك تحترق
أمامهم...
وضع يده في جيبه وأخرج بعد الأوراق النقدية فئة المئة ألقاهم في حجرها:
ـ مازلت في البداية...أي طبيب مبتدئ سيستطيع تخليصك من عارك قبل أن يعرف
أحد...
كانت قد أطلقت سهمها الأخير ولكنه ارتد إليها لينحر قلبها وكل أمل ظنت أنها
تملكه...حدقت بأوراقه النقدية بعينين مغرورقتان بالدموع...لملمتهم لأخر ورقة وقبضت
عليها بقبضتها وكأنها تعتصرهم:
ـ يوماً ما...يوماً ما يا سانتوس سأجعلك تلعق التراب من أسفل حذائي
وتتوسلني أن أسامحك...ثم خرجت من السيارة ووقفت تستند على هيكلها تحاول مقاومة
نوبة الغثيان الجديدة التي هاجمتها. كان قريبه قد عاد يرمقها بنظرات متسائلة ثم
التفت لدومينيك:
ـ دونالد معهم بالفعل...وحالته سيئة....الأوغاد ...
غادر دومنيك السيارة واشار لقريبه...
ـ أعطهم الإشارة سنبدأ المقايضة...
لوح بذراعه فبدأ الأخرون يغادرون السيارة البعيدة...
عرفتهم كان أخوها ديريك طبعاً...وأباها ومعهم ابن عمها ايريك يقيدون رجلاً ويغممون
عيونه... حاول موري امساكها فرفعت يدها لأعلى:
ـ أستطيع السير بمفردي...
نظر لدومينيك فأومأ برأسه ليتركها....
بدأت بالسير باتجاه أهلها في نفس التوقيت الذي تركوا فيه رهينتهم..
وقفت بينهم تحاول الصمود بين وجوههم المتجهمة المتهمة...وفجأة صرخ ديريك:
ـ أيتها الحمقاء...لعلك تدركين أي خسارة كبدتنا لنعيدك...
كان دومينيك وموري يقتربا بعد أن أدخلا أخوه السيارة وتأكدت أنه يمكنه
سماعها وهي تحدث أخوها بوقاحة:
ـ هذا لا يعفيك من العتاب لتأخرك كل هذه الفترة...أم أنه كانت لك أهداف
أخرى من بقائي فترة كافية في فراش سانتوس....ربما حتى أحمل بابنه...
صرخ مصدوماً:
ـ وهل أنت...
دوت ضحكتها لتملأ آذانهم جميعاً وهي تكمل:
ـ أووووه ديريك أنت كبير كفاية لتعرف مثل هذه الأمور...امرأة مثلي من
كاستيلانو ورجل من سانتوس...ليسا بحاجة لشيطان ليكون ثالثهما...كما أن الوقت كان
كاف ليتمكن سانتوس من وضع بذرته في كاستيلانو...
ووضعت يدها على بطنها بابتسامة ظافرة...ثم حدجت دومينيك بنظرة منتصرة فلم
ترى قبضة ديريك وهي تغوص في معدتها...ولا صفعته التي فاجأتها لتطيح بها أرضاً...
من بين شعورها المريع بالدوار استرقت نظرة لوجه دومينيك, الذي حاول
الانقضاض على ديريك ولكن موري أوقفه, وإريك وقف بطريقه يهدده بسلاحه...صرخ والدها
يهدد ديريك:
ـ المسها مرة أخرى وسترى ماذا سأفعل بك...وأنت يا سانتوس...هل اكتفيت...هل
اكتفيت؟؟؟
صاح بصوت متحجر النبرة وهو يتلوى الماً من منظرها المفجع تحت أقدامهم:
ـ أنا لم أبدأ هذه اللعبة...ابنك فعل...
صرخ والدها:
ـ وابنتي دفعت الثمن...أرجو ان تكون راض عن النتيجة...
ازداد وجهه شحوباً لدى سماعها صرختها المتألمة وهي تمسك ببطنها وصوت ايريك
يصيح:
ـ انها تنزف....
وقف مرة أخرى عاجزاً مهزوماً وهم يحملونها ويخفونها عن عينيه داخل
السيارة....لوح ديريك بسلاحه في وجهه:
ـ لم أنتهي منك....بعد....
روايةِ دميةِ علىِ أرجوحةِ الكرهِ
