" " " " " " " " رواية أميرة أحلامي (الفصل الرابع)
📁 آحدث المقالات

رواية أميرة أحلامي (الفصل الرابع)

 


الفصل الرابع

آسف مليكتي

**************

 

كانت ليلة زفاف لن تنساها, بدأت باستسلامها للزواج من رجل لا تربطها به أي علاقة من أي نوع ولا حتى المودة بعد عرضه المهين بأن يدفع لخطيبها مليون يورو شرط أن يتزوجها لستة أشهر فقط, تلا ذلك هروب رشيد بدون أن تسمع عنه.

 والضغوط التي قام بها أخيها الكبير فؤاد حتى قبلت بالزواج الذي سيريحها مادياً طوال حياتها على حد قوله, وتم الزفاف بعد أن دمرها إحساسها بخيانة كل من أحبتهم بصدق, فقررت معاقبتهم جميعاً بأن تنفذ ما يرونه جميعاً في صالحها وتراه هو سبيلها لدمار روحها.

 وأخيراً انتهت تلك الليلة باعترافات أخرى صادمة عندما عرفت من هو فقد فعلاً آدم القاسمي, ودون أن يدري أعطاها السلاح الذي ستحاربه به لتكسب هذه الحرب التي فرضها عليها بعاطفته المدمرة للانتقام.

فتحت عيناها بكسل بعد ليلة أرقة, أبى النوم فيها أن يطرق أجفانها حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي, ولم تنام إلا من شدة الإرهاق والتعب, ازداد انتباهها عندما سمعت طرقات على الباب فساوت خصلات شعرها التي تطايرت بسبب النوم وأجلت صوتها قبل أن تطلب من القادم الدخول, وقد استعدت نفسياً لاستقبال المدعو زوجها كما فكرت بسخرية الكلمة.

 فوضعت القناع الخشبي الذي لا ينم عن أي مشاعر أو أحاسيس, وقبل أن تنبس بأي كلمة تذكرت أنها لم ترتدي أي شئ بعد أن خلعت فستان زفافها وألقته بإهمال في أحد الأركان, رفعت الغطاء حتى عنقها عندما عادت الطرقات على الباب تزداد وتيرتها علواً

"تفضل"

أخرجت الهواء الذي حبسته طويلاً بزفرة ارتياح عميقة عندما أطلت عليها الخادمة الصغيرة تقترب على استحياء

"طاب صباحك سيدتي, أنا خادمتك رفيدة, أرسلتني مديرة القصر لأضع نفسي تحت خدمتك"

ردت روجينا بابتسامة طيبة

"اهدئي  والتقطي أنفاسك, نعم هكذا, هل أخبرتك مديرتك أنني أعض في الصباح"

ضحكت الفتاة بعد أن استرخت أخيراً وهي تصيح بانفعال

"كلا سيدتي"

"حسناً طالما أنك تأكدت من هذا هلا أعددت لي حمامي, واحملي ذلك الثوب وارميه في أي مكان المهم أن لا تقع عليه عيناي ما حييت"

ترددت رفيدة للحظات ثم أومأت برأسها عندما لمحت علامات الشر تكاد تقفز من عيني سيدتها لترددها ولذلك السؤال الذي كاد يطير من بين شفتيها, فأطبقت الشفاه وحملت الثوب وأسرعت بدخول الحمام لإعداده كما طلب منها.

استرخت كثيراً في حمامها الذي استغرق وقتاً طويلاً حتى بدأت تشعر آثاره على جسدها المنهك, لم تتركها رفيدة إلا بعد أن ساعدتها في اختيار ملابس الصباح وتمشيط شعرها حتى أصبحت مستعدة تماماً للنزول لملاقاته.

"رفيدة, سأتركك في غرفتي لتجمعي ملابسي وتضعيها في حقائب"

رددت الفتاة ببلاهة

"حقا...ئب سيدتي"

زفرت روجينا بعصبية

"نعم يا رفيدة, وانتظري حتى أرسل لك من يحملهم للأسفل"

ظلت الفتاة على وجومها لا تصدق ما تسمعه حتى بعد مغادرة سيدتها الغرفة ثم هزت كتفيها وشرعت بتنفيذ الأمر فما هي إلا خادمة في هذا القصر, فأي حق لها لتعترض, ولكن ...وقفت لتتساءل بينها وبين نفسها وهي تحدق بالباب الذي أغلقته سيدتها بعد خروجها "أي عروس هذه التي تجمع ملابسها في اليوم التالي لعرسها وتعيدهم للحقائب, ترى فيم تفكر هذه العروس الغريبة الأطوار؟؟".

وقفت أعلى الدرج المرتفع المغطى بالسجاد الأحمر تتأمل ما حولها الجدران الشاهقة الارتفاع, اللوحات التي تغطي أغلب الجدران بتوقيع أشهر الرسامين المعروفين, نزلت متمهلة وكأنها تبحث بين الجدران عن شئ ما.

 كانت تعرف بالطبع كل ركن في القصر فاتجهت فوراً لقاعة الطعام التي اعتادت أن تجتمع فيها كل صباح مع والدها وأخيها وزوزو لتناول طعام الإفطار, ثم توقفت مدهوشة أمام الغرفة الخالية إلا من أفخر الأثاث والذي يشبه لحد كبير أثاث القصر القديم إن لم يكن هو, لقد بذل آدم جهداً بالغاً لنيل رضاها, أعادت النظر في المكان مرة أخرى متسائلة: "ولكن, من أين له كل هذه الثروات, ليبذرها في نزوة لمدة ستة أشهر فقط, لابد أنه رئيس عصابة دولية أو ما شابه"

"هل تحدثين نفسك يا عزيزتي"

استدارت نحوه تحاول امتصاص صدمة مفاجأته لها دون أن تضطر لخلع القناع الخشبي الذي أقسمت ألا ترتدي سواه طوال فترة وجودها هنا"

تجاهلت سؤاله, ووجهت له سؤال آخر

"لا أرى طعام الإفطار على المائدة, ألا يعلم الــ..خدم هنا مواعيد إفطار سادتهم"

كان آدم أكثر فطنة من ألا يلاحظ نبرة السخرية في كلامها ولكنه تجاهلها ببرود متعمد ورد بكياسة

"الخدم..قاموا بواجبهم كما ينبغي وحضروا الطعام كما أمرتهم, في شرفة الباحة الشرقية, تفضلي أنا في انتظارك لتفتحي شهيتي"

تجاوزته بنظرات ساخطة محتقرة للمكان الذي أشار عليه, وازدادت نظرتها له احتقاراً عندما وقف خلفها ليمسك لها المقعد ويساعدها على الجلوس بابتسامته التي كادت تذيب قناعها الخشبي من أول جولة مواجهة, خاصة وهو يتمتم

"تفضلي حبيبتي"

ردت برنة استهزاء

"حبيبتك!! تقولها بطريقة مثيرة للسخرية, وكأنك تصدقها"

أشار بيده للخادم المنتظر أوامره فانصرف ثم جلس أمامها قائلاً بإشارات تحذيرية

"هل من العسير علينا أن نحترم بعضنا على الأقل أمام الخدم"

قلبت شفتيها ساخطة

"لم يدر في بالي أنك من الممكن أن تشعر بالإهانة بين الخدم, فأنت منهم أم أنك لا تذكر, أو ربما تتنكر من أصلك"

اشتد التحذير في عينيه وهو يراقبها بصمت, ولم يجيبها كما كانت تتمنى, وتنفس بعمق ثم نفث نفساً حاراً وعبرت وجهه لمحة من الألم قبل أن تكسوه ملامح متحجرة لا تكشف شيئاً عما يخفيه من أفكار ومشاعر

وبصوت لا ينم عن أي شئ قال بهدوء

"ستة أشهر, يا روجينا, سوف تضطري لاحتمالي ستة أشهر فقط, وأنصحك ألا تضطريني لأن أخرج عن الأسلوب المنمق المحترم الذي قررت أن أعاملك به"

ردت بنبرة مترفعة

"لست مضطرة"

ردد بتساؤل

"عفواً"

اندفعت بحدة

"لست مضطرة لاحتمالك ستة دقائق لا ستة أشهر, لقد نفذت انتقامك بالزواج مني, أنا من كنت أبعد إليك من نجوم السماء, أصبحت زوجي بخدعة حقيرة, ولكن هذه المهزلة لن تستمر لحظة واحدة أكثر, خاصة بعد أن عرفت حقيقتك, مجرد خادم كانت كل آماله أن يحمل حذائي الذي سقط مني أثناء ركوبي الجواد"

لدهشتها بدلاً من أن يثور ويغضب أطلق ضحكة مقهقهة ثم رد من بين قهقهاته

"نعم هذا هو أنا ولن أخجل من أصلي يا أميرة والدها آسف لتخييب آمالك بي, ولكني أفتخر بأني استطعت تحقيق أحلامي كلها, وكانت أولها أن أكون جديراً بك, ثم أحصل عليك بأي طريقة, وها أنت هنا معي في قصري كزوجتي"

صاحت بشحوب

"لا تستطيع استبقائي هنا لحظة واحدة رغماً عني, لو عرف فؤاد من أنت..."

رد مقاطعاً

"يعرف, لم أكذب على أخوك لقد أخبرته بهويتي, كما قلت لك أنا لا أخجل من أصلي المتواضع"

تراجعت مصعوقة

"لا مستحيل, لا يمكن, فؤاد كان يعرف مستحيل, أنت تكذب"

"اسأليه بنفسك لتتأكدي, كما قلت لك زواجنا سيستمر للمدة التي اتفقنا عليها ولن تنقص يوماً واحداً, كما أنني ما زلت عند وعدي أن يظل زواجنا أبيض, إلا إذا أردت أنت تلوينه بأي ألوان أخرى فلن أمانع بالتأكيد"

أشاحت بوجهها ثم أسرعت مبتعدة تغادر الشرفة من درج جانبي في الشرفة يفضي للحديقة, لتختبئ في الخميلة الخضراء كما كانت تفعل في صغرها كلما شعرت بضيق أو تشاجرت مع فؤاد.

راقبها من بعيد وتأكد من سلامتها ثم أوصى رفيدة خادمتها الصغيرة أن تظل على مقربة منها لو احتاجت لأي شئ حتى تقرر الخروج من نفسها, واجتاحته ذكريات الماضي, فقد كان يظل قابعاً خلف الخميلة بدون أن تراه, ولا يتحرك من مكانه إلا بعد أن يأتي والدها ويحملها معه بعد أن يطيب خاطرها ويحقق لها كل طلباتها, همس متألماً: "آسف يا مليكتي لن أقدر على تلبية أمرك, فبعادك هو الموت لقلبي الراقص فرحاً بقربك بعد طول بعاد, أتضنين عليه بستة أشهر فقط من العمر كله يتنعم فيها بقربك وبعدها آلام الفراق والهجر لآخر العمر"

لم تدري أساعات مرت أم دقائق وهي تائهة بين ذكرياتها وحاضرها المرير, ترفض الانصياع لمشاعرها وتمقت فكرة الاستسلام للخداع.

"رينا...؟"

أشرقت عينيها من بين أمطار دموعها وقفزت لتقفز في أحضان أخيها شاهقة ببكاء مؤلم

"فؤاد, أيها الخائن, لماذا, لماذا لم تخبرني؟ لماذا"

"شش..شش اهدئي حبيبتي, كل ما فعلته لمصلحتك رينا, أرجوك أن تصدقيني, لم أشأ أن تشقي في حياتك التي لم تعتاديها بعد أن فقد والدنا كل ثروته, أردت لك كل ما حرمت منه بدون أي ذنب جنيته, سامحيني وأعط آدم الفرصة ليسعدك"

تمتمت دون أن ترفع رأسها عن أحضانه

"ولكن هذا مستحيل, كيف ترتضي لي هذا المصير, ومع من؟؟ مجرد خادم اعتاد أن يحمل لي أحذيتي, فؤاد لماذا فعلت ذلك بي"

عاد يضمها بقوة ليحتوي شهقاتها, وبعد دقائق عندما بدأ نشيجها يخف بالتدريج تمتم بجوار أذنها

"أنت لن تخسري شيئاً, اعتبري الأمر كرحلة سياحية وأنا واثق من آدم لن يخلف وعوده ألا يمسك, فلم لا تعطي لنفسك هذه الرحلة المجانية بين ذكريات طفولتك"

هزت رأسها بعدم اقتناع

"فؤاد أنت لا.."

قاطعها بصوته الحازم الحنون

"هي مجرد ستة أشهر يا رينا"

تمتمت بنبرة مهتزة

"ستة أشهر فقط, ذها كل ما يمكنني احتماله, وأخبره أن لا يسعى لاستفزازي وإلا.."

مسد على شعرها بحنان متسائلاً

"ماذا لو أحببته؟"

رفعت رأسها قائلة بحقد

" لا تعاند حظك يا فؤاد, سأصمد هذه الشهور الستة لأثبت لك أنك كنت على خطأ فقط, وأنك بدلاً من أن تسعدني تسببت لي بالتعاسة"

تنهد وهو يعيدها لأحضانه

"أتمنى أن تكوني على خطأ يا رينا, حتى لا أتعذب بذنبك, سأترك معك زينب لتعينك وترشدك كما كانت دائماً"

أومأت برأسها متمتمة

"شكراً لك"

دخلا للقصر وفوجئا بآدم وزوزو الضاحكان يبدو عليهما وكأنهما يستعيدان الذكريات القديمة, هبت العجوز فور أن رأتها لتضمها بقوة

"حبيبتي, افتقدتك كثيراً"

ردت روجينا بصوت جامد وهي تنظر له نظرات متهمة من فوق رأس زوزو

"لم يبدو عليك أنك افتقدت إلا الثرثرة مع الخدم"

لم تلاحظ زوزو ما يحدث بينما تجمد فؤاد وهو يلاحظ اختلاج ملامح آدم المنقبضة محاولاً السيطرة على أعصابه ليرسم ابتسامة واسعة قائلاً

"أكثر ما أزعجني ألا تتذكرني تلك العجوز الحبيبة التي أذاقتني علقات ساخنة أكثر مما فعل أبواي في حياتهم"

ردت زوزو دامعة

"هذا لأنك تغيرت كثيراً يا ولدى, لم تعد ذلك الفتى الطائش الهائج الذي يتطلع للسماء وهو يحلم بأن يمتلك أثمن ما فيها, لقد صنعت لنفسك سلماً من أحلامك وتسلقته واختطفت القمر, وأصبح ملكك, لقد تغيرت كثيراً كما قلت لك"

رد صوت غلب عليه الحنين

"ولكني من الداخل مازلت كما ربيتني"

تنحنح غؤاد لينتبهوا إليه

"سأذهب أنا الآن, زوزو بإمكانك البقاء مع روجينا فهي بحاجتك"

عادت زوزو تضمها بقوة

"أحقاً سيد فؤاد شكراً لك, ولكن من سيعد لك طعامك؟"

"سأتصرف لا تقلقي بشأني"

رد آدم

"بإمكانك أن تأخذ خادماً من القصر فنحن لسنا بحاجة إليهم جميعاً"

صاح فؤاد بحدة

"كلا.." ثم أردف بصوت أقل حدة

"لا داعي حقاً, روجينا اعتني بنفسك"

بهد انصراف فؤاد أمسكت بيد مربيتها وجذبتها خلفها لتسرع بها صاعدة على الدرج ولم تتوقف إلا داخل غرفتها, وضعت العجوز يدها على صدرها لتحاول التقاط أنفاسها

"ما هذا يا رينا, لقد كبرت على ما تفعلينه بي يا فتاة"

صاحت رينا بصوت صارخ

"ٌأخبريني أنت ما الذي تفعلينه بي, فجأة أصبح آدم القاسمي من أصدقائك, زوزو أنت هنا من أجلي فلا تخونيني أنت أيضاً"

ربتت زوزو على ظهرها وضمتها لصدرها لتهدئ من روعها

"أنت ابنتي ربيتك كما ربيته أيضاً , ورغم ذلك أنا هنا من أجلك أنت ولأحميك منه"

"أحقاً زوزو"

ضمتها لصدرها بقوة فاستسلمت روجينا كطفلة صغيرة لهدهدتها كما كانت تفعل وهي صغيرة.

لا شك أن وجود زوزو خفف كثيراً عنها خاصة بعد أن عرفت حقيقته, فرغم كل إحساسها به في البداية ومقاومتها لهذا الغزو الكاسح المتمثل في كل ما يمثله آدم القاسمي والذي اتضح أنها مجرد خطة محكمة ليصل إليها, ولو لستة أشهر فقط, والآن فهي تحتقر كل لحظة خانت فيها أحاسيسها لرشيد, ضحية آدم الثانية في مخططه الانتقامي.

"رينا, رينا, هل أنت نائمة؟"

"لا, أنا فقط أشعر بملل فظيع, كم تبقى من الأشهر الستة اللعينة هذه"

تنهدت زوزو بضيق وهي ترمقها بنظرة معاتبة فهي من أنصار أن الموت وحده هو القادر على أن يفصل بين أي زوجين لذلك تجاهلت كلماتها

"لا تفكري بهذا الأمر واسمعيني, لقد عاد زوجك من عمله ولكنه اختفى كعادته في الحديقة بعد أن أبلغني أن أبلغك بأن تستعدي لأنكما مدعوان على العشاء الليلة في مطعم فاخر"

نظرت لها روجينا وكأنها تتأكد من سلامتها العقلية

"هل أصاب عقلك الخرف أيتها العجوز, أي دعوة عشاء وأي زوج, هل جننت, أنا لن أذهب معه لأي مكان"

نهضت المربية من جوارها تهز كتفيها قائلة

"حسنا كما تشائين"

أحست روجينا بريبة فأوقفتها قبل أن تغادر الغرفة لتسألها

"إلى أين أنت ذاهبة؟"

ردت زوزو ببراءة

"لقد كان يعرف ردك مسبقاً لذلك قال لي: "بعد أن ترفض أخبريني لأحضر لغرفتها وأحاول إقناعها بنفسي"

صرخت روجينا كي تمنعها من غلق الباب

"توقفي أيتها العجوز, لا تذهبي"

عادت لتتنهد بعبوس

"ماذا الآن الرجل ينتظرني"

قفزت روجينا من فراشها وجذبت زوزو من ذراعها وأغلقت الباب واستندت عليه وهي تصيح بغضب

"ماذا تعنين أنه سيأتي لهنا ليقنعني, وكيف سيقنعني سمو البرنس؟"

"لم يخبرني, هل تحبين أن أسأله؟"

"هل تتخابثين أيتها العجوز, اذهبي وأخبريه أن يذهب للجحيم"

وقفت مسمرة مكانها ولم تتزحزح وزوزو تحاول الوصول لمقبض الباب

"ماذا بك يا رينا ابتعدي لأذهب وأخبره رسالتك أن يذهب للجحيم, أليس كذلك أم أنني نسيت حرفاً منها؟"

كادت رينا تصرخ مرة أخرى  عندما دمدمت من بين أسنانها بغيظ كبير

"اذهبي لدولابي وافتحيه وانتقي لي أي ثوب لعين"

ابتهجت زوزو  وهي تسألها

"أحقاً, هل أنت واثقة, أنا كنت متأكدة أنك فتاتي العاقلة, سأحضر لك أجمل فستان"

حدجتها روجينا بنظرات مرتابة

"أخبريني مرة أخرى يا زوزو في صف من أنت, أنا أم هذا الخادم؟"

هزت العجوز كتفيها ورأسها وهي تقلب شفتاها وكأنها تقاوم نظراتها المتوعدة

"أنت طبعاً يا صغيرتي إياك أن تشكي في ولائي, ما رأيك بهذا الثوب الكهرماني سيبدو عليك كملكة"

مدت روجينا يدها لتمسكه ثم توقفت وهي تتوعدها بنظراتها مرة أخرى

"ماذا قلت؟ أنا لست مليكة أحد, أم نسيت أنني أميرة والدي, إياك أن أسمعك, تقولين هذه الكلمة مرة أخرى"

"كما تشائين, تفضلي يا ..أميرة"

وضعت قناعها الخشبي وركزت نظراتها أمامها على الطريق بينما السيارة تنهب الأسفلت نهباً, شعرت بنظراته المختلسة لها مرة أو مرتان, كما شعرت بابتسامته الساخرة, كانت مستعدة تماماً للهجوم إذا حاول استعراض عضلاته ولكنه خيب أملها فبعد كلمة مساء الخير الوحيدة التي نطق بها ثم فتح لها باب السيارة لتدخل وتجلس برشاقة متعمدة, لم تسمع صوته, حتى توقفت السيارة في الموقف الخاص بالمطعم, أمسكت بمقبض الباب ولكن صوته أوقفها عما تفعل, بل واستدارت تحدق فيه بدهشة بالغة

"تبدين جميلة جداً ورائعة هذا المساء"

حولت عينيها عن عينيه بسرعة شاعرة بوجهها يتوهج فشكرت الظلام الذي توفره السيارة من الداخل وإلا فضحتها مشاعرها أمامه وعرف أن مجرد كلمة إطراء بسيطة منه تقلب كيانها, ازدردت لعابها بصعوبة وهي ترد بصوت حاولت أن يبدو محتقراً جافاً

"لم أوافق على دعوة العشاء هذه لأسمع منك مثل هذه الكلمات التي لا تعني لي أي شئ أكثر من كونها مجرد حروف لكلمات صماء"

فاجأها بسؤاله

"لم وافقت إذاً على الدعوة"

تنهدت بصوت مسموع وأجابته

"لأن زوزو أخبرتني أن مدعوينا أناس مهمون ومن الـ...."

توقفت عن الكلام عندما لاحظت ابتسامة ماكرة تلاعبت بشفتيه فدق قلبها بجنون وقد أحست بمكيدة وسألته متوجسة

"لماذا تبتسم؟...لم تكن هناك أي دعوة أليس كذلك؟؟"

رواية أمِيرة أحِلامي

الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات