" " " " " " " " رواية عُقاب شمهورش الفصل الثاني
📁 آحدث المقالات

رواية عُقاب شمهورش الفصل الثاني


بصيت ورايا علشان الاقيها واقفة وعنيها فى عنيا ووشها لونه احمر شبه الطماطم، لكن انفعالي من ان صوتها كان عالي عليا خلاني لو اطول اضربها على وشها كنت عملت كده، لاحظت هي الغضب اللى على وشي وقالتلي:
- اسفة يا استاذ قابيل، صدقني انا متوترة جدا من فكرة الشغل، ومش عارفة اتعامل واتواصل بشكل كويس مع كل اللى حواليا، انا حتى فتحت معاك كلام على عكس طبيعتي لأن ماما حلفتني اني احاول اكون اجتماعية شوية..وانا مش كده خالص..
كانت عنيها بتلمع بدموع الكسوف والاحراج من موقفها معايا، ويمكن برغم غضبي لمعة عنيها دي هي اللى خلتني استهدى بالله واتعامل معاها بهدوء بعد ما كنت بغلي من جوايا:
- حصل خير يا انسة أيات، بس فى العموم انتي اكيد عارفة ان مش من الاصول ولا اللى يصح انك تعلي صوتك على راجل...ده انتي من الصعيد وعارفة ده لو حصل هناك ايه اللى ممكن يحصل.
ايات بأحراج:
- عارفة، وصدقني غصب عني، مستحيل تتكرر تاني وبعتذر مرة تانية وتالتة...وارجوك حاول تتحملني بس فترة قصيرة، انا مش هطول اكيد فى الشغل ده...
وقبل ما تكمل ايات كلامها اللى استغربته قاطعتها وانا بقول:
- مش هتكملي؟ طيب ليه؟ اومال نازلة تدريب ليه لما انتي مش هتكملي؟ هتضيعي وقتك ووقتي ومجهودنا احنا الاتنين على الفاضي ليه طيب؟
ايات بصوت مخنوق:
- علشان بابا كان نفسه اني اشتغل بشهادتي واكسر فكرة ان البنات فى الصعيد مالهاش غير بيتها، لكن انا عندي مشاكل فى التجمعات و الحياة بتاعت مصر دي والتعامل مع الناس، انا لحد دلوقتي انا وامي واختي عايشين في فندق بسبب خوفنا من الناس وعدم قدرتنا على التعامل معاهم، علشان كده عايزة ابقى نفذت رغبة ابويا ولو لمجرد اسبوع بس..وفي نفس الوقت عايزة ابقى مع امي واختي وبس..مش عايزة اتعامل مع ناس تانيين.
استغربت كلامها جدا، كنت حاسس انها مش سوية وان عقلها مش متزن، بس منعا بقى للكلام الكتير اللى مش مفهوم منها، وتحجيما لفضولي قررت انهي الحوار ده وانا بقولها بذوق:
- طيب لو تحبي نبدأ شغلنا ونسيب موضوع تكملي او لاء ده على جنب دلوقتي انا جاهز..

أيات:
- بس خلاص حضرتك مش متضايق مني؟
قابيل:
- لاء، حصل خير، وانا واثق انها مش هتتكرر اكيد.
ابتديت انا وهي الشغل من اول وجديد، كانت مركزة معايا جدا، شاطرة وذكية وذهنها حاضر جدا...لكن للحظات بلاحظ انها بتهمس مع نفسها بكلام مش مسموع ولا مفهوم مفيش حاجة تدل عليه غير حركة شفايفها البطيئة وبس، خلص اليوم وخلص الشغل وشكرتني وخرجت من البنك واللى لاحظته انها متكلمتش مع اي حد غيري وده بسبب اني انا اللى مسؤول عن تدريبها، لكن متعاملتش مع زمايلها اللى كانوا جايين معاها ولا حتى مع مستر مجدي، ولا اي حد تاني خالص، طنشتها وقفلت شغلي وخرجت من البنك ركبت عربيتي وانا بفكر فيها بصراحة..كنت بفكر في ان ازاي بنت جامعية وصلت لمرحلة التعيين ولحد دلوقتي مش حابة تتعامل مع الناس؟ ازاي فاتت عليها سنين الدراسة الطويلة دي وهي مش بتحب تتعامل مع حد ولا بتحب الاختلاط مع الناس؟ كنت ماشي فىف طريقي وكل اللي فى دماغي اسئلة خاصة بيها، لحد ما لقيت نفسي بفرمل مرة واحدة وظهرت قدامي ست عجوزة وقفت قصاد العربية بالظبط وبتبص عليا بكل غضب وهي بتقولي:
- هتتقلب طول ما انت مش باصص قصادك.
بعد ما قالت الكلمة وقبل ما انزل من باب عربيتي اعتذرلها لقيتها اختفيت من قدامي، زعلت من نفسي ان بسبب عدم تركيزي كان ممكن اموت حد مالهوش علاقة باللي شاغلني...وبعدين انا اصلا ليه حاجة زي دي تشغلني للدرجة دي؟ انا مالي بالناس وحكاياتهم...استغفرت ربنا وكملت طريقي وحاولت مشغلش بالي بحاجة لحد ماوصلت البيت وفات يومي زى كل يوم...برجع الاقي الحاج بركة مجهز الاكل..بحضر انا السفرة وبنقعد ناكل واعمل كوبايتين الشاي واحكيله على يومي باللي حصل فيه، لحد ما اتكلمت على ايات وحكيتله اللى حصل بيني وبينها ولقيته بيقولي:
- الناس مليانة هموم يا ولدي..مين خابر شافت ايه خوفها من الناس وكل اللى حواليها...عامل ربنا انت بس وبلاش تزود خوفها بدمك الصعيدي..انا خابرك زين..دمك حامي ومتحبش الحريم فى الشغل.
رديت على ابويا بهدوء:
- لاء انا مش شايلها على راسي يا حاج، ودمي حامي فى الغلط..مينفعش حُرمة صوتها يترفع عليا واسكت...لكن انا سكت وعديتها لما لقيتها قلقانة ومكسوفة من اللى عملته..واللى بيني وبينها شغل وبس.
بابا بأبتسامة:
- اللي فيه الخير يعمله ربنا، مين خابر ايه اللى شايلاه الايام لمخاليق ربنا؟
خلصنا كلام عن ايات واتكلمت عن الست اللى كنت هخبطها وابويا رضاني علشان مبقاش حاسس بالذنب من ناحيتها وفضلنا نحكي ونتكلم لحد ما صلينا المغرب وبعده العشا...ودخلنا ننام، مشغلتش بالي بحاجة تاني وعيني راحت فى النوم بسرعة، ولأني متعود على النوم فى ميعاد معين مش باخد وقت علشان اغرق فى النوم، حتى الاحلام اللى بحلم بيها مش بفتكرها، فببقى عامل زى الميت بالظبط، وعلشان كده بصحى من نومي فايق وزى الفل، وزي كل يوم اصحى واصلي ونفطر انا وابويا وندردش شوية وانزل على شغلي، وصلت عند البنك وكانت ايات واقفة ومعاها بنت نسخة منها بالظبط، ومعاها ست كبيرة شوية فى السن بس شبههم بدرجة كبيرة، اول ما لمحتني لقيتها بتشاور عليا وبصوت مسموع:
- هو ده يا ماما استاذ قابيل اللى بيدربني.
حسيت بأحراج وانا مش فاهم هي جايبالي اهلها ليه؟ هي اشتكتني ليهم مثلا ولا انا بتدبس ولا ايه الحكاية بالظبط؟ وقفت متنح ليهم وانا شايفهم ماشيين ناحيتي والست مبتسمة واول ما وقفت قصادي رميت عليا سلام ربنا وقالتلي من غير ما تمد ايديها:
- انا جاية علشان اعتذرلك يا ابني على اللى بنتي عملته، معلش هي كده على طبيعتها زيادة عن اللزوم وفى نفس الوقت مش بتعرف تتعامل مع الناس، ومن امبارح صاحية من النوم ومنامتش ولا اكلت بسبب زعلها من اللى عملته معاك، وصممت اني اجي اعتذرلك بالنيابة عنها علشان تتأكد انك مش متضايق.
ببصلهم بأستغراب وانا مش مستوعب ان بنت فى سنها جايبة امها فى ايديها واختها علشان يعتذروا عن موقف هي اعتذرت فعلا عنه، لقيت نفسي بدور على رد ارده عليهم، لكن والدتها لحقتني وهي بتقولي:
- احنا متوسمين فيك خير يا ابني، وعلشان انت بلدياتنا قصداك فى خدمة...
قاطعتها وانا بقول اللهم اجعله خير من جوايا:
- خدمة ايه يا حاجة؟ اؤمريني..
رديت عليا بهدوء:
- شوفلنا سكن مكان ما انت ساكن...احنا بقالنا هنا شوية  وقت بنتنقل من لوكاندة للوكاندة علشان خايفين من الجيران والشقق والناس، احنا اول مرة نبعد عن اهلنا وبلدنا..وعلشان كده عايزينك انت تشوفلنا سكن جنبك هنطمن بيك وبناسك.
كلامها زود استغرابي وانا بسأل نفسي من جوايا:
- هي منين بتخاف من الناس، ومنين عايزة واحد متعرفهوش يدورلها على سكن؟ هما الناس دول ايه حكايتهم؟
قطعت اخت ايات تفكيري وهي بتقول:
- معلش يا استاذ قابيل، بس امي بتحس ان اي راجل صعيدي بيكون عنده ن خوة وخوف على اللى منه، كأن اي راجل تاني من مكان تاني غير الصعيد مينفعش تأمنله، وكأن الصعايدة دول نزلوا من السما.
ركزت معاها ومع حدتها فى الكلام وجديتها وقبل ما اتكلم لقيتها بتقول:
- السبب التاني هو ان الناس فى البنك كلها بيحلفوا بيك  وبأخلاقك، وسمعتك الطيبة وده كان سبب فى ان ماما تتعشم فيك بعد ربنا انك هتكون حد نقدر نعتمد عليه لأننا لواحدنا هنا ومفيش حد حوالينا من اهلنا.
كانت برغم انها نسخة من ايات الا ان شخصيتها اقوى واجرأ، وعنيها بتلمع لمعة غريبة تخطف اي حد يبص فيها، لقيت نفسي من غير تفكير بقولها:
- اعتبروني اخوكم فى مصر، واعتبروا كمان اني لقيت لكم السكن اللى يناسبكم..ومتقلقوش انتم من بعد اللحظة دي من بعد ربنا فمش لواحدكم.
ابتسمت ايات وهي بتقول بصوت هادي:
- كنت عارفة انك مش هتخذلني، مش قولتلك الدم بيحن.
كنت مركز مع اختها برغم ان انا عارف ان ايات هي اللى بتتكلم، لكن عيون اختها كانت شداني ليها وفضلت سرحان معاها لحد ما اتحركوا من قدامي ومش عارف راحوا على فين..فاتت دقيقة من بعد ما اختفوا وانا لسه واقف فى مكاني وحاسس اني شايف عيون سهر اللى بتلمع قدامي وسامع صوتها بيرن فى ودني، ولقيت نفسي بقول بصوت مسموع:
- حاضر يا سهر...هتبقى جارتي.
ومفوقتش غير على صوت فى ودني بيقول:
- عارفة يا قابيل..بس استعجل بقى.
اتنفضت اول ما رن الصوت فى ودني ورد على الكلام اللى كنت بقوله برغم ان مفيش حد معايا ولا جنبي ولا حتى حواليا غير على بعد خمسة متر تقريبا ودي المسافة اللى كانت بيني وبين البنك...لقيت نفسي برتجف من الاستغراب وبمشي بخطوات واسعة ناحية البنك يمكن افهم اللى حصل ده اول ما اشوف ايات..اللى اكتشفت بأنها لسه موصلتش الشغل.


رابط ثابت
https://www.7kayatuna.com/2023/04/blog-post_76.html
تعليقات