" " " " " " " " رواية للقدر دائما رأي أخر الفصل التاسع
📁 آحدث المقالات

رواية للقدر دائما رأي أخر الفصل التاسع

(( الفصل التاسع))
# رواية للقدرِ دائماً رأيِ آخرِ


مرت أيام وأيام ولم يحدث اي جديد حتى ان عمر شعر ان سليم كان يهول الامر من كثره خوفه من نادين 
ولكن ما لم يستطع فهمه سبب ذلك الخوف وهذا الموقف الغريب هل كل هذا الخوف بسبب ان نادين اخت دينا رحمها الله ام ان هناك شيء ما هو لا يعلمه ولم يخبره به سليم او بمعنى أدق يعترف به ... لكن في حقيقه الامر ... هو لن يترك تلك القضيه ... فهو مدين لصديقه بها على الأقل من باب حسه الامني يشعر ان هناك شيء غير مريح ... وذلك الصمت دليل على ذلك 
ومع كل هذا لم  يكن عمر يضع في حسباته افكار عيسى المريضه .. رغم شكه ان  غيابه لم يكن سوا تراجع تكتيكي حتى يرتب جميع اوراقه ويستطيع تنفيذ خطته 
والتي وللعلم ستحقق له انتصاره الكبير الذي يحلم به 
~~~~~~~~~~
كانت تضع كل تركيزها في مراجعه التصميمات النهائيه لذلك المشروع التي تحملته بمفردها بعد استقاله عيسى كما تعلم هي .. واليوم تسليم تلك التصميمات 
كانت طوال الاسبوع تعمل عليهم بجهد كبير  وتتمنى ان يكلل تعبها بالتوفيق والنجاح .. وان تحقق ذلك النجاح الكبير وتثبت للجميع انها مهندسة مميزة ولها فكرها الخاص ورؤيتها 
مر بعض الوقت وعلا صوت الهاتف الداخلي للمكتب  ... ليجيب عبدالعظيم وحين اغلق الهاتف قال 
- نادين باشمهندس سليم منتظرك في غرفه الاجتماعات.
لملمت أوراقها وعدلت حجابها وتوجهت الي غرفه الاجتماعات ولسانها لا يتوقف عن ذكر الله ورجائها ان يوفقها 
دلف الي الغرفه لتجد الجميع هناك ليقول سليم مباشرة 
- تعالي يا نادين ... وخلونا نبدء على طول 
وبالفعل وضعت امامهم نادين كل الرسومات وبدأت في الشرح والتوضيح ... ثم أشارات اليهم ان يتوجهوا الي احدى جوانب الغرفه التي يوضع بها المجسم ... الذي ابهر الجميع ونال استحسانهم وتم التعاقد على التنفيذ وتم توقيع العقود ... كانت عيونها تلمع بسعادة خاصه وهي تستمع لكلمات المدح والشكر في عملها واجتهادها وأفكارها المبتكره 
وكان سليم ينظر اليها بفخر حقيقي وسعادة وكأنه يرى دينا امامه. 
~~~~~~~~
كان ياسر يجلس على استاند الرسم يصمم احد المشاريع المكلف بها حين رن هاتفه وظهر اسم عيسى 
ليبتسم بسعادة وهو يجيبه لكن باغته عيسى قائلا 
- متقولش اسمي ومش عايز حد يعرف اني بكلمك 
قطب ياسر حاجبيه باندهاش ولكنه قال وعيونه تنظر لكل الوجه حوله بتوتر وقلق 
- يا ابني مش سامعك مفيش شبكه استنى هخرج من المكتب 
وغادر المكتب ووقف في احدى الاماكن الهادئه وقال 
- ايه يا ابني شغل المخابرات ده في ايه ؟
استمع لكلمات عيسى الذي لم يفهم منه شيء  ... لكنه ظل يستمع لكلماته
- بص يا ياسر انا عايز اطلب منك طلب ... وارجوك يبقا بنا مش عايز حد خالص يعرفه 
- اكيد يا ابني ... خير في ايه؟ 
اجابه ياسر بتأكيد ... ليقول عيسى ما يريد وياسر يستمع له بتركيز وحين انتهى قال 
- خلاص ماشي وبجد فرحتني جدا ... وخيرا جت رجلك ووقعت في الحب .... ربنا يتمم لك على خير ... اعتمد عليها  وهتصل  بيك أعرفك لو حصل اي حاجه 
اغلق الهاتف بعد ان سمع رد عيسى وعاد الي المكتب وهو يحاول ترتيب افكاره حتى يساعد صديقه ... يكفي انه اتصل به هو دون عن باقي المهندسين واختاره هو في العمل معه في شركته الجديدة وبراتب اكبر بكثير مما يأخذه الان في شركة سليم ... وأيضًا انه يحب وياسر اكثر من يعشق قصص الحب ... ويسعد كثيرًا بالتطورات التي تحدث فيها والقفزات.
~~~~~~~~~~~
دلفت خلفه الي المكتب الخاص به بعد ان انتهى الاجتماع ... وحين جلس خلف مكتبه قال 
- بجد أنتِ النهاردة عملتي نقله مهمه جدا للشركة .. وحقيقي تستاهلي مكافئة كبيره 
ابتسمت بسعادة وفخر وقال ببهجه
- انا كنت حاطه أيدي على قلبي للأفكار متعجبهمش  ... وبعدين مفيش داعي للمكافأة انا كنت بعمل شغلي 
- دول انبهروا وانا كمان ... حقيقه أفكارك مبتكرة ومختلفه وده شيء مميز ومبشر ... وبالنسبه للمكافأة ف دي حقك على المجهود والنجاح 
قال كلماته بفخر حقيقي ثم رفع سماعة الهاتف وقال
- ابعتيلي استاذ حسنين مدير الحسابات 
اغلق الهاتف وهو يقول
- انت تستاهلي مكافئه تشجيعيه كبيرة .. وكمان علشان تبقي داخله على باقي الشغل بحماس أكبر
طرقات على باب المكتب لم تدعها تقول اي من عبارات الشكر ... ودلف الاستاذ حسنين وقال بابتسامة عمليه
- حضرتك طلبتي يا باشمهندس 
- ايوة استاذ حسنين .. لو سمحت تصرف (.. ) مكافئة للمهندسة نادين وتسلتهم النهاردة قبل ما تروح 
أومأ حسنين بنعم وقال  
- تحت أمرك يا باشمهندس إي أوامر تانيه 
شكره سليم وسمح له بالعودة الي عمله .. ثم نظر الي نادين وقال
- عايز كل المسودات ونسخه من الاوراق والتصاميم
ثم اخرج ملف كبير من درج مكتبه ووضعه أمامها وقال 
- وده مشروع جديد .. في الحقيقة كنت بفكر انا اللي اصممه علشان ارجع اشغل ايدي ودماغي بس انا عايز تصورك أنتِ في المشروع ده 
أخذت الاوراق ووقف وهي تقول 
- ده شرف كبير يا باشمهندس.. وان شاء الله هكون عند حُسن ظنك 
غادرت مكتب سليم وتوجهت الي مكتبها وحين دلفت قالت فرح ببعض من المرح
- ها هنشرب حاجه ساقعة ولا هيفضل ريقنا ناشف 
لتبتسم نادين وهي تقول 
- لا هتشربي حاجه ساقعة 
ليهلل الثلاثي المرح بسعادة وتلقت التهاني من باقي الفريق ... ثم  طلبت بالفعل للجميع مشروب بارد وجلست هي تقرأ الأوراق التي سلمها لها سليم ... دون ان تنتبه لمن يكتب بعض كلمات على احدى مواقع الدردشة يخبر محدثه بما حدث بالتفصيل 
~~~~~~~~~~~~
ارتدى عثمان ملابسة ... ثم توجه الي المطبخ حيث تقبع سامية من أكثر من ثلاث ساعات لا يعلم ماذا تفعل كل هذا الوقت ... لكنه قال سؤاله بصوت عالي 
- بتعملي ايه كل الوقت ده في المطبخ يا سامية؟
التفتت إليه وابتسمت وهي تعد على يديها كالأطفال 
- عملت الغدا .. وصنيه كيكه علشان العشا ... وعملت كمان كريم كرامل وكاستر ... والعصير اللي انت بتحبه و..
ليقاطعها وهو يمسك يديها يقبلها بحب وقال 
- تسلم ايدك وتسلم وقفتك بس الدكتور قال متتعبيش نفسك .. وبعدين الجبنه والعيش من أيدك يبقا طعمهم زي الشهد 
تلونت وجنتيها بخجل وكأنها فتاه في العشرين من عمرها ... ليكمل كلماته
- يلا البسي علشان ننزل نتمشى زي ما الدكتور كمان قال ... وكمان في موضوع عايز أكلمك فيه. 
أومأت بنعم وغادرت المطبخ بعد ان تأكد من كل شيء 
وبعد عده دقائق كانت تسير بجانبه وهو يضم ذراعها بذراعه ويقربها من قلبه .. يتحدث معها في أمور الحياه والظروف السائدة حتى وصلوا لحديقه عامة ... بها الكثير من الكراسي الرخامية ... فجلسوا على أحدهم  لتقول هي بأستفهام 
- آيه بقى الموضوع اللي كنت عايز تتكلم فيه معايا 
- انا طلبت من سليم يتجوز نادين 
قال كلماتها سريعًا وكأنه يلقيها من فوق كتفيه ..  لتشهق بصدمة وعدم تصديق ثم قالت 
- ازاي يا عثمان وليه عملت كده؟ 
ظل صامت وهو ينظر أرضًا بحزن ... ثم قال موضحًا 
- موت دينا سبب عقدة لنادين ... وسليم حياته وقفت قولت يمكن الاتنين ينقذوا بعض من المصير المؤلم ده 
اخذ نفس عميق وحرك يده في الهواء وكأنه يشرح شيء ما 
- وبعدين سليم راجل حقيقي... واي اب يتمناه لبنته ... هو ابننا من اول مره دخل بيتنا فيها ... واحنا ملناش غيره هو ونادين.
ظلت صامته تفكر في كلماته هي تعلم صدق كلماته ... وتؤيده الرأي في كل ما قاله ... لكن ان يطلبها هو من سليم ان يتزوج نادين امر غريب لم تتوقعه او يتصوره عقلها 
اكمل عثمان كلماته موضحًا 
- انا عايز اطمن عليها يا سامية .. احنى مش عايشين ليها العمر كله ... ده غير اللي حصل لدينا لا كان ذنب سليم ولا ذنب الحب والجواز ... ده عمرها ومهما اتكلمت او وضحت او شرحت هي قافله دماغها وقولت كمان يمكن سليم محروج يتجوز أرفع من عليه الحرج ونفرح بيه وبيها 
ربتت على كتفه وقالت 
- انا فاهمة كل كلامك ... و والله أتمنى ان سليم يتجوز نادين هو راجل حقيقي هيصونها ويشليها جوه عنيه 
ظلوا يتحدثون لبعض الوقت ثم تحركوا ليعودوا الي البيت فموعد عوده نادين الي البيت قد حان 
~~~~~~~~~~ 
لقد قرر اليوم أن يذهب بنفسه الي الشركة ... يقف امامها يراقب ما يحدث ... حتى يتأكد بنفسة ان كل الأمور بخير  وينهي الامر مع سليم ... فهو لن يشغل عقله بالامر اكثر من ذلك ... 
وقف على الرصيف المقابل للشركة ... بجانب احدى الأعمدة ... و بدء يعبث في هاتفه يمر من حوله المارة دون ان يلتفت له أحد 
يستمع لضحكات الفتايات ... ومرح بعض الاولاد ... وبعض المواضيع الجادة الذي يتحدث بها الشباب اليافع ... حتى وصل له صوت رجولي يقول 
- ياسر ركز معايا عايز اعرف حركات نادين اول بأول .. هتقف في ظاهري ياصاحبي مش كده انا بحبها اوى يا ياسر ... هتساعدني 
صمت الصوت لكن حواس عمر بأكملها توقعت ما سيحدث ... ليعود الصوت من الجديد 
- اول ما تخلص شغلها اديني رنه ماشي انا قدام الشركة أصلًا 
صمت لثوان ثم قال من جديد 
- شكرًا يا ياسر 
وعاد الصمت من جديد ليلتفت عمر الي الخلف بشكل طلقائي فلمح عيسى ... نفس الشاب في تلك الصورة التي حفظ تفاصيلها وحفظ ملامح وجهه 
عقله العسكري بدء يعمل بسرعة كبيرة ... وعليه ان يتصرف لكنه لا يعلم ما هو موعد انصرافها .. ولا يعلم كم من الوقت باقي له 
فعليه ان يتصرف بسرعة ودقه ... ظل يربت بقدمة على الأرض حتى لمعت الفكرة برأسه 
وتحرك لينفذ ومن فوره دون تأخير 
~~~~~~~~~~~
غادرت الشركه بعد أن اخذت مكافئتها سوف تحضر هدايا لوالديها ... انهم يستحقون ان تسعدهم وتدخل السرور الي قلوبهم وتجعلهم يفخرون بها وبنجاحها 
اخرجت هاتفها تتصل بوالده تخبره انها ستتأخر قليلا ... حتى لا يقلقون عليها وحين اجابها قالت بمرح
- بابا حبيبي عامل ايه؟ واخبار سوسو النهاردة ايه؟
صمت لثوان تستمع لكلمات والدها ... لتتسع ابتسامتها وهي تقول بمرح 
- بتنفذ كلام الدكتور انت بحذافيره يا عثمان جاي الكلام على مزاجك مش كده
وقبل ان تكلم كلماتها سقط هاتفها أرضًا وصرخه صغيره سمعها والدها لينادي عليها عدة مرات دون ان تجيب وظل صوت والدها يصرخ بأسمها دون ان يجيبه أحد ليسقط قلب والدها أرضًا بخوف وعيونه امتلئت بالدموع وهو يقول
- بنتي
~~~~~~~~
كانت ممده على سرير صغير حديدي مغشي عليها  بملابس ممزقه  لا تعلم ماذا حدث لها او ماذا حدث فيها او اين هي ... غائبه عن وعيها منذ كانت تسير في الشارع وتتحدث مع والدها 
~~~~~~~~~
ظل عثمان يصرخ بإسم أبنته عبر أثير هاتفه علها تجيب ندائه وتطمئن قلبه لكن لم تجيب على ندائه ولم يجد من يطمئن قلبه ويخبره إنها بخير  كل الصور السيئة ترتسم الان أمام عينيه ... وأكثر المواقف صعوبة يتخيل انه حدثت لها الان ... أغلق الهاتف على مضض وأتصل بسليم الذي لم يجيب أيضا على هاتفه وزاد هذا من خوف عثمان  ... ليسقط جالسًا على أقرب كرسي والدموع تغرق عينيه وهو ينظر الي السماء قائلا
- انا لله وانا اليه راجعون ... اللهم لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه... يارب ما توجع قلبي عليها ولا تحرمني منها ... يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث... يا حي يا قيوم بكرمك اطمع يا أرحم الراحمين إرحم قلب أب انكوا بنار فراق الضنا ورضي بقضائك ارحمني برحمتك التي وسعت كل شيء وردلي بنتي 
وعند سليم كان ينظر الي الهاتف ولا يعلم ماذا عليه ان يفعل..  كيف يجيب وماذا سيقول؟ 
ظل ينظر لعمر الذي يقود سيارته بتركيز شديد ...  لينظر أليه ووجه يحمل الكثير من الشر  وأيضًا لمعه تصميم وانتصار 
~~~~~~~~
وصلوا اخيرا الي المكان المقصود  وترجلوا سريعًا ومباشرة صعدوا أدوار تلك البنايه التي مازالت تحت الإنشاء في أحدى مواقع البناء القريب من الشركة ... حين وصلوا للطابق المحدد وقف سليم مصدوم مما يراه 
نادين فاقدة للوعي على سرير حديدي أسود اللون ممزقه الملابس وحجابها منحصر عن شعرها قليلًا ... ولكنها مغطاه بشرشف أبيض وبجانب السرير عيسى مقيد والدماء تسيل من رأسه. 
لينظر الي عمر بأستفهام ... ليبتسم عمر ابتسامة صغيرة وهو يقول
- متقلقش كل حاجه تحت السيطرة ... وهحكيلك كل حاجه.
بدء عمر يذكر كل ما حدث منذ أستمع لكلمات عيسى عبر الهاتف مع ذلك المدعوا ياسر .. ليفكر في حل سريع  ومباشرة توجه الي أقرب صيدليه وأحضر عبوه بنج وصعد الي سيارتة وظل جالس بها وقرر ان يسبق ذلك الرجل بخطوه .. لا بل بعدة خطوات 
وحين لمح نادين تغادر الشركة وذلك الشاب سار خلفها 
أقترب منهم بالسيارة وقبل ان يقترب عيسى منها في ذلك الطريق الجانبي الهادىء تمامًا من الماره خاصه وانه في حي سكني راقي وقبل الخطوه الاخيرة لعيسى ضربه بقوة على رأسه ليسقط أرضًا فاقدًا للوعي التفتت نادين للخلف لتشهق بصدمة لكنه في خطوه واحده كان يكتم انفاسها بذلك المنديل الذي المعبق ب البنج لتغمض عيونها وسقطت بين يديه فاقدة للوعي 
سريعًا وضعها بسيارتة ... وكذلك عيسى وتوجه لذلك المبنى وقام بتمزيق بعض من ملابسها بدون ان يكشف جسدها وقيد عيسى بالحبال جوار السرير بعد ان ضربة عدة مرات في جسدة ... ثم توجه الي نادين من جديد وغرز اظافر عيسى في وجنتها ليسبب لها بعض الخدوش وكذلك ذراعيها ليكون هناك بعض الجلد الخاص بها تحت اظافرة ... وكذلك هي امسك يديها وجعلها تخدشه وجهه بأظافرها ليتأكد من خروخ الدماء من وجهه على يديها وتحت اظافرها بعض الجلد. 
نفذ كل هذا وعاد من جديد الي سيارتة واتصل بسليم وطلب منه مقابلته وأخبره ان عيسى أختطف نادين
أنتهى من سرد ما حدث ثم قال 
- انا عملت اللي عليا الباقي بقى عليكم ... اتصل بوالدها وعرفة او روح له واتصل بالبوليس بس قبل ده كله هي لازم تعرف كل اللي حصل 
في تلك اللحظة علا صوت رنين هاتفه وكان المتصل عثمان ليجيبه بصوت حزين متوتر وأخبره ان نادين قد خطفت وانه أبلغ الشرطة وحاول طمئنته قدر المستطاع لكن عثمان لم يعد قادر على تمالك نفسه ولا اعصابة تتحمل ما قيل له ... خاصه وهو  لا يعلم ماذا عليه ان يفاعل ... انه يحاول تجنب سامية حتى لا تعلم اي شيء مما حدث ... أغلق الهاتف بعد أن سمع العنوان ثم قال بصوت عالي وهو يقف عند باب الشقة 
- انا نازل يا سامية هجيب حاجه وراجع
وخرج سريعًا قبل ان تخرج من المطبخ او تسأله الي أين سيذهب.
~~~~~~~
كان يسير في الشارع يجر قدميه جرا ... يشعر ان قلبه سيقف من كثرة الخوف .. يريد من اي شخص يمر جواره ان يطمئن قلبه على وحيدته التي لم يعد يملك غيرها في الحياه ... من هذا الذي خطفها؟ ماذا فعل بها؟ هل هي بخير؟ هل سيراها مره أخرى؟ ام ان القدر قد كتب عليه الفراق دائمًا ... الخسارات تتوالى ... هل هناك ذنب كبير قد أرتكبه ويحاسبه الله عليه؟ 
وقف مكانه ينظر الي السماء وقال:
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك"
حتى ان بعض الماره وقف ينظر اليه ببعض الشفقه، او الاندهاش .. لكنه أكمل سيره ولسانه لا يتوقف عن الدعاء والتوسل 
~~~~~~~~
فتحت نادين عيونها تنظر حولها باندهاش وصدمه ... وعدم فهم لكنها وجدت سليم أمامها يجلس على طرف السرير ينظر اليها اعتدلت جالسه لكنها صدمت من تمزق بعض ملابسها والدماء علو ذراعيها احتمت بالشرشف وهي تقول
- ايه ... ايه اللي حصل؟ انا .. انا فين ؟ 
رفع يديه أمامها وهو يقول 
- اهدي يا نادين مفيش حاجه حصلت انت زي الفل ومحدش قرب منك ولا لمسك وانا هشرح لك كل حاجه 
وامام نظراتها التي تحمل الكثير من التشكك والخوف ... قص عليها كل ما حدث منذ طلب عيسى رقم والدها وجلستهم معا وما علمه عن قصته حبه الاولى والخيانه التي تعرض لها .. وتأثيرها عليه وما كان يفعله مع اخته ووالدته ... وما اخبره به في المستشفى وقام به من تصرفات غريبه
واوضح لها ما قام به عمر ... كانت الدموع تغرق وجهها وهي تقول 
- ليه يعمل فيا كده ليه ؟ 
أخفض سليم راسة وقال موضحًا 
- هو حبك وعلشان موقفي معاكم في المستشفى افتكر ان في حاجه بيني وبينك ... تفكير مريض ... عيسى مريض بالشك وشايف ان كل النساء خاينه بسبب صدمته في حياه اللي ضحكت عليه بانها بتحبه وكانت في نفس الوقت مخطوبه لابن عمها. 
إقترب عمر خطوه وقال 
- أتصل بالبوليس يا سليم وقولهم اللي اتفقنا عليه
- اتفقتوا على ايه
سألت بخوف ... ليوضح لها عمر قائلا
- ان سليم كان نازل من الشركة لما شاف عيسى ماشي وراكي وبعدين شافه وهو بيخطفك حاول يحصله وطلع انقذك قبل ما يعتدي عليكِ 
لتخبىء وجهها بيديها وبدأت في البكاء بصوت عالي ... ليشير عمر لسليم الذي أتصل بالشرطة في نفس اللحظة التي غادر فيها عمر البنايه واختفى تمامًا وكأنه لم يكن موجود 
~~~~~~~~~
وصل عثمان للمكان الذي وصفه له سليم ليجد سيارات الشرطة وسيارة إسعاف ... ليسقط قلبه أسفل قدميه ولم يستطع ان يتحرك والدموع تغرق عينيه وضع يديه فوق قلبه وهو يقول بهمس 
- بنتي ... بنتي .... بنتي 
وكأنها سمعته لتلتفت في الاتجاه الذي يقف فيه وقالت بصوت مرتعش ... مختنق بالبكاء
- بابا 
ليركض اليها حين سمع صوتا ورأها بعينه تجلس داخل سيارة الإسعاف يحيط جسدها شرشف أبيض حين وصل اليها ضمها الي صدره وهو يقول 
- الحمدلله ... الحمدلله ... الحمدلله 
ظل على هذا الوضع لعده ثوان غير مهتم بأي شيء ولا أعتراض الأطباء ... هو لا يهتم سوا انه يضمها الان الي صدره ... يشتم رائحتها ... يلمسها بيديه يستمع لصوتها حتى لو في هيئه بكاء ... حينها قال سليم 
- متقلقش يا عمي نادين بخير 
نظر اليه عثمان وقال
- واللي خطفها 
كلمات غير مفهومة .. هل هي سؤال عن هويه الخاطف؟ ام هى سؤال عن كم الضرر الذي اصاب ابنته من ذلك الخاطف ... إقترب احد الضباط وهو يقول بعمليه موجها حديثه الي عثمان ونادين
- حمدالله على سلامة آنسة نادين .. احنى محتاجين تقرير طبي بالحاله ... علشان مجريات القضيه علشان كده لازم تروح المستشفى ... وكمان المتهم علشان التقرير الطبي ده مهم جدا 
ثم نظر الي سليم وقال 
- وحضرتك هتيجي معانا علشان التحقيقات 
أومأ سليم بنعم وقال 
- حاضر
صعد عثمان الي سيارة الإسعاف ... جوار أبنته ومازال يضمها الي صدره بحماية ... وحب وتحركت السيارة متوجهه الي المستشفى 
ليسير سليم جوار الضابط في نفس اللحظة التي عاد فيها عمر للمكان وترجل من السيارة سريعًا ركضًا في إتجاه سليم وهو يقول له بقلق
- ايه اللي حصل يا سليم في ايه؟ 
نظر الضابط في إتجاه عمر وقال بابتسامة ترحيبيه 
- اهلا اهلا عمر باشا ... منور والله 
رحب به عمر وقال باستفهام 
- خير يا فريد بيه ايه اللي حصل ... سليم صديقي من زمان 
- متقلقش يا باشا  الاستاذ سليم شاهد في القضية 
اجابه الضابط بهدوء وبدء يقص عليه ما حدث لينظر في اتجاه عيسى الذي ينظر الي سليم بشر وغضب ... ولو كانت النظرات تقتل لسقط سليم صريع تلك النظرات  وتحركوا به هو الاخر الي المستشفى قبل الذهاب به الي قسم الشرطة لكن عمر وسليم توجهوا مع الضابط الي القسم حتى يأخذ أقواله 
~~~~~~~~~~
كانت بين ذراعي والدها والطبيب يمسك بيدها يأخذ عينه من اسفل الأظافر ومسح إحدى الجروح ووضع هذه الاشياء داخل اكياس خاصه ... كانت مغمضة العيني وبداخل عقلها يتردد كلمات سليم 
- من فضلك يا نادين متتكلميش مع حد أنتِ دلوقتي مصدومة ومش قادرة تتكلمي أرجوكي خليكي ساكته بس خليني أعرف أنتقم من عيسى وأخد حقك منه.
كان والدها يضمها بحمايه .. ويربت على رأسها بحنان وهو يردد كلمات الذكر الحكيم 
وامامهم يجلس أحد العساكر الذي كلفه الضابط بمرافقتهم الي المستشفى وإحضار التقرير الطبي حين الانتهاء منه.... بعد توقيع الكشف عليها
حتى وصلوا الي المستشفى وسريعًا دلفوا بها الي غرفه الكشف ومعهم الطبيب الذي رافقها في سيارة الإسعاف 
جلس عثمان على الكرسي المقابل للباب بتهالك ... أنتبه لهاتفه الذي علا رنينه ... أخرجه من جيبه ليجدها سامية ... كانت نظراته حائرة ماذا سيقول لها الان ... عليه ان يجيب لكن توقف الرنين لينظر الي شاشه هاتفه ليجدها قد اتصلت به اكثر من عشر مرات ... ليقرر محادثتها وطمئنتها حتى ولو بالكذب لحين عودتهم الي البيت ... لكنها عاودت الاتصال من جديد وقبل ان يقول اي شيء وصله صوتها الغاضب والصارخ بخوف
- أنت فين يا عثمان ومش بترد على التليفون ليه؟ وكمان بتصل بنادين وهي كمان مش بترد ... انتوا عايزين تموتني من الخوف عليكم؟
- بعد الشر عنك .... أنا آسفه يا سامية مكنتش سامعة ومتقلقيش عليا انا كويس ونادين كمان كويسة بس تليفونها وقع منها اتكسر كلمتني علشان أروح لها علشان تشتري واحد تاني هنخلص ونرجع على طول 
أجابها سريعًا كاذبًا في كل كلمه حتى يطمئنها فهو لا يعلم أين هاتف أبنته من الآساس 
أنتبه من أفكاره على صوتها وهي تقول
- اديني نادين أكلمها 
- انا واقف بعيد عنها دلوقتي علشان الشبكة 
قال سريعًا من كثره التوتر وأكمل قائلا 
- هقفل علشان نلحق نخلص ونرجع يلا سلام 
واغلق الهاتف سريعًا وهو ينظر الي الباب بتوسل ان يُفتح ويرى صغيرته ... ويطمئن عليها 
مر أكثر من ربع الساعة .. ليستمع لصوت خطوات راكضة تقترب منه رفع عينيه ليرى سليم وشاب أخر خلفه يقفون أمامة وقال سليم وهو يلهس
- نادين عاملة أيه؟ 
- الي عمل في بنتي كده عملتوا فيه ايه؟ 
أجاب سؤاله  بسؤال اخر ... بقلب اب يود القصاص لأبنته ... ان يشعر بالأمان يحاوطها من كل أتجاه وصوب 
ليقول عمر بهدوء
- أتقبض عليه ... سليم لحقه قبل ما يعمل اي حاجه ... ومعتقدش انه هيقدر يخرج منها .. خصوصًا ان ليه شركه 
كان سليم يستمع لكلمات عمر وهو يتذكر ما فعله بياسر بعد ان اتصل به وطلب منه مقابلته ... لينهال عليه بالصفعات واللكمات حتى اخبره ياسر بكل ما قاله له عيسى ... ولم يتركه الا امام باب قسم الشرطة حتى يدلف الي الداخل ويخبرهم بكل شيء وكان عمر بالداخل يطمئن انه ينفذ كل ما يريدونه 
عاد من أفكارك على كلمات عثمان القلقه
- المهم دلوقتي اطمن على بنتي 
انهى كلماته وفُتح باب الغرفه الذي أسكتهم جميعًا ... والترقب والخوف ... يرتسمان على ملامحهم ... خوف يسير داخل عروقهم وكأنها نار حارقة وقف الطبيب امامهم وقال بأبتسامة صغيرة  
- اطمنوا هي بخير .. وان شاء الله كل  أمورها تكون تمام ... لكن واضح علامات محاولة الاغتصاب وانا بعت العينات للمعمل .. ودكتورة النساء بتكشف عليها حاليًا وهتخرج تطمنكم... انا هروح أكتب التقرير الخاص بيا 
في ذلك الوقت كان سليم ينظر الي عمر بشر لينظر له عمر بحاجب مرفوع وعيون قوية يظهر فيها التحدي لكنهم تغاضوا عن كل ذلك حين تمايل عثمان في وقفته بعد كلمات الطبيب (( أغتصاب ... دكتورة النسا)) ماذا حدث لصغيرته 
ساعداه في الجلوس وجثى سليم أمامة وقال
- متقلقش يا عمي محصلش حاجه ... بس الكشف ده لازم يحصل علشان التقرير الطبي 
كان ينظر اليه بعيون تلمع بالدموع غير قادر على الرد او استيعاب ما يقوله .. هو لا يفكر الا في كم الخطر التي تعرضت له صغيرته  ولم يكن معها يحميها يحافظ عليها بعمره وحياته 
ظل الموقف ثابت مليىء الحزن .. والجو ملبد بغيوم الغضب والقهر ... حتى خرجت  الطبيه وعلى وجهها إبتسامة واسعة ليقف سليم امامها وهو يقول
- طمنينا 
- متقلقوش الآنسة نادين زي الفل ... بس هي هتحتاج الفتره الجايه علاج نفسي ... اللي مرت بيه مش سهل ابدا 
ليسجد عثمان أرضًا يشكر الله على آن أبنته بخير ويعده أيضًا ان يهتم بها أكثر 
~~~~~~~~~~~
دلف عثمان لغرفه أبنته وجدها تبكي في صمت وهي تخبىء نفسها داخل ذلك الشرشف ... غير واعيه لما حولها ... يقف سليم عند باب الغرفه ينظر اليها بشفقه ... حتى انه لم يعد يحتمل فالتفت لعمر وقال بغضب
- كان لازم تعمل كده؟
اخذ عمر نفس عميق ببعض الملل وقال 
- بص يا سليم الي اسمه عيسى ده مكنش ناوي بيها خير ابدا ... والبوليس مش هيحاسبه على النوايا لكن هيحاسبه عل الفعل .. علشان كده كان لازم فعل ... واللي حصل ده رغم الضرر الواضح عليها الا انه في مصلحتها ياريت تكون مقتنع بده علشان تقدر تقنعها ... وتقدر كمان تساعدها تتخطى التجربة دي 
لم يعلق على كلمات عمر لانه يعلم جيدا ان معه حق فيما قاله ... لكنه لا يتحمل رؤيتها في تلك الحاله .. ولا يتخيل بماذا تشعر الان؟ او ما هو رد فعلها بعد تخطي مرحله الصدمه ... لكنه قال 
- انا هروح اجبلها هدوم لو عمي عثمان سأل عليا 
وغادر من امامة ليتحرك عمر يقف عند باب الغرفه ينظر اليها بعيون رجل يعلم جيدًا معادن الناس منذ النظرة الأولى وسعادة مما إستطاع فعله ونظره توعد لمن يفكر في الاقتراب منها 
والبقيه تأتي.
~~~~~~~~~~~~
في قسم الشرطة يجلس عيسى أرضًا بعد عودته من المستشفى .... والشرر يتطاير من عينيه يحاول فهم ما حدث وكيف كبل بالحبال ومن الذي فعل به كل هذا 
من ذلك الشخص الذي كشفه؟ ... وماذا سيحدث له الان؟ 
كل تلك الأسئلة تدور في عقله ولا يعلم اجابه لها رغم انه يعلم ان سليم وراء كل ما حدث له ... واذا ظل في السجن لسنوات لن يمنعه هذا من أخذ ثأره .. ولن يتركه الا بعد ان يدفع ثمن كل ما قام به من خداع وكذب 
ليقف الضابط أمامه نظرات تحمل من التقزز والقرف الكثير وقال من بين أسنانه 
- اطمن القضيه لبساك لبساك ومفيش منها مهرب يا حيوان  ... حتى الحيوانات مش بتعمل اعمالكم يا شوية قذرين ... واوعدك اني مش هرتاح الا بعد ما تاخد جزاك
~~~~~~~~
انتهى الاطباء من عملهم وسمحوا لها بالعودة الي بيتها فما بقى من عمل ليس لها دخل به من الان الامر بكل تفاصيله تخصص الشرطة ... وبعد كتابه التقرير مؤكد لن يتخاذلوا في اخذ حقها من ذلك الحيوان على هيئه بشر .... كانت تستند على كتف والدها وتخبئ وجهها في صدره فلا تستطيع رؤيه اي منهم فما حدث كله لا يستطيع عقلها المنهك التفكير فيه او استيعاب ما حدث ولا تستطيع تصديقه أيضا ... مرهقه لدرجة انها تحتاج ان تختفي تماما عن هذا العالم ان لا تعود ترى سليم او تسمع صوت ذلك الرجل الاخر معه .. او حتى تستمع لاخبار ذلك القذر عيسى التي كانت تظن انه رجل حقيقي
صعدت الي سيارة سليم الذي جلس على الكرسي الاخر تارك كرسي القيادة لعمر .. فهو لا يستطيع القيادة .. أعصابة لا تتحمل القيادة فعقله وقلبه مع تلك التي تجلس بالخلف وحالتها وما وصلت له ... الان هو مقتنع تمامًا برأيها به ... هو حقًا لعنه أصابت دينا وكانت نتيجتها حرمانهم جميعًا منها ... وأصابت نادين صحيح تم إنقاذها الا ان هناك ندبه سيظل أثرها لن يختفي يومًا او ينتهي ... رغم معرفتها انه لم يحدث حتى محاولة الاغتصاب لكن كل التجربة مؤلمة جدًا 
كان الصمت يخيم على الجميع وكل منهم يفكر في شيء مختلف .. لكنه يصب في نفس القصه الاساسية ما حدث معها .. ونتيجته... وعواقبه
********************
حين وصلوا الي المنزل ساعدها عثمان في الترجل من السياره .. وتألم قلبه بشده على ابنته التي حين وضعت قدميها على الارض .. خبئت وجهها في صدره سريعًا بسبب وقوف سليم أمامهم ليشير عثمان له ان يتوقف ولا يقترب .. بقلب أب شعر بخجل أبنته مما حدث لها وصدمتها وان من انقذها من ذلك الموقف الصعب هو سليم .. هو من رأئها ممزقه الملابس وشاهد محاوله ذلك الحيوان البشري في أغتصابها وحين لمح نظره حزن في عين سليم ربت على كتفه وهو يقول
-هكلمك بكره يا ابني .. وصدقني انا مش عارف أشكرك ازاي.
ليضع سليم يده فوق يد عثمان وأبتسم أبتسام صغيرة وتراجع خطوه واحدة حتى يمر بها دون أن يكون قريب منها .. فكم يشعر بقلبها الذي يرتجف خوفا وحزنا
وخلال صعودهم لدرجات السلم كان عثمان يفكر ماذا سيقول لساميه؟ .. وماذا سيكون رد فعلها؟ رفع عينيه حتى ينظر الي باب البيت ليجدها تقف هناك تنظر اليه باندهاش لكن دموع نادين وهمسها بأمي جعلها تنزل الدراجات الفاصله بينهم تضم ابنتها وهي تقول بلهفه
-مالك يا بنتي؟ ايه اللي حصلك؟
ليحاوطهم عثمان بذراعيه وقال من بين دموعه وبصوته المختنق  بالدموع
-خلونا ندخل الشقه ونتكلم جوه
ساعدتها في اخذ حمام ساخن ... جلست خلفها على السرير وجدلت خصلاتها ثم ضمتها الي صدرها بحنان ... كانت تشبه الطفل الصغير الخائف ... جسدها يرتعش عيونها مليئة بالدموع اعتدلت تحاوط خصر والدتها و تخبىء وجهها في بطنها و كأنها تود ان تعود الي رحم أمها حيث الأمان اللا حدود له 
ظلت سامية تمسح فوق خصلات شعر أبنتها بيديها وهي تردد الرُقية الشرعية وحين أنتهت قالت
- عارفه يا نادين احنا عايشين ليه؟ 
لم تتحرك نادين او تبدي اي رده فعل ... لتكمل سامية كلماتها 
- علشان ربنا يختبرنا ... ربنا خلقنا علشان نعبده ونعمر الأرض ونشوف مواقف صعبه ووقتها يكون الاختيار هنختار الخير ولا الشر .. هنختار ننجح في الاختبار ولا هنشيله ذنب فوق كتافنا ويفضل حمل تقيل على قلوبنا 
رغم الدموع واختناق صوتها ألا أنها أبتسمت وهي تقول
- والرحمن الرحيم مش بيحمل حد فوق طاقته .. اختبارك بيكون قد قدراتك على تحمله ونجاحك فيه مضمون ... أنتِ في أختبار يا بنتي .. اللي حصل معاكي صعب .. مؤلم .. جارح كرامتك وانوثتك كسر أمانك وحسسك بالغدر ... بس السؤال هنا 
صمتت لثوان لتشعر بحركة رأس أبنتها وتلاقت عيونهم لتقول بثقه
- السؤال المهم أنتِ غلطتي؟ يعني اللي حصل نتيجه غلطته منك ولا لأ؟ لو إجابتك لا يبقى تقفي بشموخ وكبرياء وعزه نفس .. تبصي في عيون الجميع بقوه وثقه .. تفضلي زي ما انت نادين القويه اللي مفيش حاجه ممكن تكسرها 
انحدرت دموع نادين لتكمل والدتها 
- انا وابوكي في ظهرك .. واثقين فيكِ فخورين ورافعين راسنا ديما وبنقول بنتنا قويه .. وهتفضل قويه ... عادي ممكن تقع لكل جواد كبوه لكن قادرة تقف من جديد وتواجه ... أنتِ يا بنتي عينك مش مكسورة استقوي بربنا ... اقفي بين ايديه وادعيلوه دعوه المظلوم مفيش بينها وبين ربنا حجاب ... استقوي بيا و ب أبوكي واوعدك اننا عمرنا ما نخذلك 
لتعلوا شهقات نادين وهي تبكي بصوت عالي تخرج خوفها، ذكرياتها .... أصوات سليم وصديقه .. صوت عيسى المكتوم .... تصرخ بصوت عالي وهي تخبىء وجهها في بطن والدتها تشاركها والدتها الدموع لكنها تقول بتشجيع 
- عيطي خرجي كل الوجع اللي جواكي ... نظفي جرحك وروحك وقلبك من الحمل الثقيل اللي فوقيه ... عيطي ... عيطي يا بنتي وحسبي الله ونعم الوكيل في اللي اذاكي يا بنتي حسبي الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون
وعند باب الغرفه كان يقف عثمان يستند الي الحائط دموعه تغرق وجه ولحيته ... وهو يشعر بالعجز قلبه يؤلمه لكنه يؤيد كل كلمه قالتها سامية لكن لن يدخل الان ليتركها اليوم لسامية وغدًا يتحدث معها يبثها امل وثقه والكثير الكثير من الامان، والحب
~~~~~~~~~~
مرت ثلاث ايام كانت نادين محاطة بحب واهتمام والديها تحسنت حالتها قليلًا خاصه وهي لم ترى نظره انكسار في عيون والدها ولا شك في عيون والدتها رغم انهم لم يسألوها عن اي شيء ولا اي تفاصيل ... لم تذهب الي الشركة لكنها سمعت والدها يتحدث الي سليم أكثر من مره ... حاولت ان تستمتع لما يقوله علها تسمع شيء يسعدها ويطمئن قلبها 
- طمني يا ابني 
صمت والدها يستمع  لكلمات سليم ثم قال
- انا عايز اعرف كل حاجه اول بأول يا سليم ... عايز أتأكد ان الكلب ده اخد جزائه وحق بنتي ماضاعش
عاد الصمت من جديد ... ثم قال
- نادين قويه واكبر من اي موقف ... بنتي عمرها ما هتكون ضحيه حد هي قادرة على انها تتخطى كل اللي حصل ده وهترجع اقوى من الاول 
عاد الصمت من جديد ليجيب محدثه قائلا
- اشكره جدا واكيد نادين كمان هتشكره وتشكرك 
عاد الصمت من جديد حتى قال 
- مش عارف بالظبط بس اكيد هترجع انا متأكد انها مش هتستلم ابدا.
عادت من أفكارها ... اخذت نفس عميق وأخرجته بقوه ... ثم غادرت السرير والغرفه بأكملها ... لم تجد أحد بالصاله لكنها تستمع لصوت حركه والدتها بالمطبخ ... سوف تذهب اليها لكنها تريد التحدث مع والدها أولا ... هي لن تخبره بحقيقه الأمر ... ولكنها ستطلب منه شيء آخر ومؤكد هو لن يرفض 
~~~~~~~~~~~
فُتح باب الحجز و دفع العسكري جسد عيسى الضخم الي الداخل وقال بصوت جهوري 
- أدخل يا مغتصب ... يا متحرش ... فاكر نفسك كده راجل يا هاتك العرض
واغلق الباب بعد أن أوصل رساله سريه لكل الرجال بداخل الحجز ... ان من يقف أمامهم هاتك للعرض رجل بلا شرف وفي الحقيقه انهم لم يتأخروا في الترحيب به ... ف كل منهم قال كلمه جارحه ... ولكن ما لم يحتمله عيسى حين اقترب منه شاب لا يصل الي صدره يشوه وجهه جرح طولي بشع وقال 
- اسمك يا حلوه؟ 
ليقطب عيسى جبينه بغضب ومسك ذلك الشاب من عنقه ليهجم باقي الرجال على عيسى في وقت واحد يضربونه بقوه وقسوة حتى نزف الدماء من فمه .. كل ذلك كان يصل لذلك العسكري الواقف خلف الباب ... يبتسم بتسفي ... فرغم ان من بالحجز مجرمين الا انه لا يوجد بينهم هاتك عرض او متحرش كلهم رجال ذو نخوه 
عم الهدوء المكان ليفتح الباب من جديد ليجد جميع الرجال يجلسون في أماكنهم ب هدوء وجسد عيسى متكوم على الارض ليقول بأستفهام 
- ايه اللي حصل هنا 
ليقف نفس الشاب القصير وقال 
- ده شكله مجنون ولا كان متعصب من حاجه يا حاصول ... محدش عارف مالو فضل يضرب راسه في الحيط ويضرب نفسه ... شكله يا ولداه اتجنن 
أومأ العسكري بنعم ثم غادر الحجز وأغلق الباب وبعد عده دقائق اعتدل عيسى وهو يتأوه بألم وظل ينظر الي الجميع بانكسار لكن الغضب بداخله يتصاعد انه يخسر كل شيء ... حتى كرامته قد خسرها على يد بعض من المجرمين والصوص 
جلس في إحدى الجوانب تلاحقه عيون الجميع بنظرات ازدراء ... وبعد ثوان وصله صوت دندنه ثم اتضحت الكلمات 
"رصيد الستر عندك خلص
خلاص السر اهو بيفوح
وكدبك بان وبقى مفضوح 
وفرصة سعيدة يالا وروح
صغرت ف عيني حبك نقص ولبست اللي بينا الكفن
ويالا تعيش بقى وتفتكر هابيعك حتى من غير تمن
ولو كان لسة فيك احساس هاتندم ع اللي ضيعته
ولما تشوف قساوة الناس تقول على حبي ياخسارته
دا كان ف ايديا كنز كبير ياريتني مشيت معاه بضمير ياريتني ماكنت دمرته ... ياريتني ماكنت انا خسرته
وشوفلك حد يشبهلك يكون زيك قليل الاصل مريض زيك ومالهوش مصل .. ويحصل فيك نفس الفصل
وانا وعد اني لا افتكرك ولا بالخير ولا بالشر 
ولا ل صوت الحنين أتجر وعندي هاتبقى وقت ومر"
لتنحدر تلك الدمعه من عينيه لكن من المؤكد لن يجد من يشفق عليه ... صحيح هو لا يتذكر ماذا حدث لكنه يتذكر نيته في ان يمتلكها غصبًا حتى يغلق الباب أمام سليم وأيضًا حتى ينتقم منها ومن خيانتها له ... ويجرح سليم في رجولته الغائبه لكنه لم يتخيل ان  يعاقب بهذا الشكل ... ولماذا هو فقط من يعاقب؟ لما هم بالخارج انهم خائنون ... سوف ينتقم وهذا وعده لنفسه مهما طال الزمان 
~~~~~~~~~~~
مرت الأيام عليه ثقيله جدًا بين ضميره الذي يلومه ليل نهار ... والنار الحارقة التي تشتعل في قلبه وإحساسه بالذنب الذي يجعل قلبه يبكي حزنا خاصه وهو يقف بين يدي الله يشكوا اليه ضعفه وقله حيلته ... وإحساسه بالذنب تجاه دينا الذي أصبح يقيده و الان ذنب نادين فماذا عليه الان ان يفعل .. لكن لم يكن شيء يهدىء قلبه ويريح روحه 
أبتسم بستهزاء وهو يقول لنفسه
- إيه الجديد يا سليم طول عمرك عايش علشان تخسر ويضيع منك كل اللي بتحبهم 
كان يذهب الي عمله كل يوم ك آله تتحرك بلا روح وقام بفصل ياسر ... وقدمت نور استقالتها اعتراضًا على ذلك القرار وهو قبلها ... ووقف أمام باقي المهندسين وقال
- احنا بقالنا سنين مع بعض ... وعارفيني كويس جدًا .. لا عمري ظلمت حد فيكم .. ولا عمري اتعاملت معاكم على اننا صاحب شركة وموظفين عندي ... ياسر غلط غلطة كبيرة بقصد او من غير قصد مش ده المهم ... المهم ان نتيجتها كانت هتبقا كارثه .. هو تقبل قرار فصله وراضي بيه وموقف خطيبته مفهوم ... دلوقتي انا عايز اعرف موقفكم ومش عايز أسمع ردود دلوقتي انا في مكتبي واللي مش حابب يكمل معانا وشايف اني ظلمت ياسر ... يجيلي المكتب واللي معندوش مشكله يكمل شغله 
وتركهم وغادر ومر اليوم دون ان يذهب اليه احد ... وعلم بعد  ذلك من المهندس عبدالعظيم انهم جلسوا سويًا يتناقشون في الامر وعاد كل منهم الي مكتبه وعمله بهدوء 
~~~~~~~~~
وقفت عند باب الشرفه تنظر الي والدها الذي يمسك بأحد بتلات زهرة وهو يقول كأنها تستمع له وتفهمه
- عارف انها موجوعة ولو تعرف احنا خايفين عليها قد هتعرف احنا بنحبها قد ايه ... عارف ومتأكد انها هتقدر تخرج بره كل الدايرة دي بس قلبي غصب عمي موجوع علشانها 
- سلامه قلبك يا بابا 
قالت كلماتها بأعتذار واضح في صوتها الحزين...  لينظر لها والدها بأبتسامة سعيدة وفتح ذراعيه لها لتركض اليه تضمه بقوه وقالت 
- عارف يا بابا اكتر حاجه بتوجع البنت انها متحسش بالأمان ... ولو وقعت متلقيش اقرب الناس ليها يسندوها ... حضنك كلامك نظره عنيك ولهفتك نظره عيونك اللي متغيرتش هي كل اللي انا كنت محتاجاه ... كنت خايفه اكون سبب في كسرتك ... او شوف نظره خيبه أمل ... ورغم وجعي وكسرتي لكن وجودك جبرني ... كان الدوا السحري. زي بالظبط كلام ماما اللي لا لامت ولأ سألتني عملتي ايه للشخص ده علشان يعمل كده انا محظوظة اوي بيكم يا بابا معظم البنات اهلها اول ناس بيحسبوها على ذنب هي معملتوش ... علشان كده اوعدك اني اخرج بسرعة اوي من الكبوه دي وأرجع اقوى من الأول واخليكم ديما فخورين بيا
- واحنا فخورين بيكي اوي يا نادو من غير اي حاجه كفايه انك نادو بنتنا الغالية
كان هذا صوت والدتها التي تقف عند باب الشرفة تلمع عيونها بالدموع كما عثمان الذي قال 
- تعرفي يا نادو ان أنتِ أمانة ربنا عندي وهيحاسبني عليها ... وان أنتِ ودينا بابي للجنه ... يبقى أزاي اكون سبب في أذيتك حتى لو بنظره 
كانت نظرات السعادة تطل من عيون نادين .. وإحساس الأمان عاد من جديد يتغلل في كل جسدها وروحها
- تشربوا عصير 
قالت سامية ببعض المرح بعد ان قبلت نادين يد والدها بإحترام ... لتومىء لها بنعم وهي تمسح دموعها بظهر يديها 
غادرت ساميه عائدة الي المطبخ لتقول نادين بخجل
- عندي طلب وأرجوك توافق عليه 
لينظر اليها بأهتمام لتخبره بكل ما تريد وشرحت ووضحت ليبتسم إبتسامة صغيرة وقال 
- انا معنديش مشكله راحتك هي بس اللي تهمني
~~~~~~~~~~~
في صباح اليوم التالي استيقظت وهي بكامل إشراقها صحيح هي لم تنسى ما حدث ومؤكد لن تنسى يومًا لكن عليها ان تكون قويه كما قال والدها ... وعليها ان تسير مرفوعة الرأس هي لم تخطىء بشيء كما قالت والدتها 
وعليها أيضًا ان تطمئن قلوبهم فهذا حقهم عليها ... وقفت امام خزانتها تبحث عن أكثر ملابسها جمالًا ... واكثرهم رقه وبساطة ... وارتدت حجابها بشكل جعلها كالملائكة .. غادرت غرفتها لتجد والديها يجلسان حول مائدة الطعام أبتسموا بسعادة حين رفعوا عيونهم لها لتجلس في مكانها بعد ان قبلت رأس والدها ويد والدتها 
مرت لحظات الإفطار سعيدة بين مرح ومشاغبة حتى حان موعد ذهابها وعند باب البيت وقف عثمان أمامها وقال 
- افتكري اني معاكي وجمبك ديما .. وهفضل ادعمك 
أبتسمت وأومأ بنعم وقالت قبل صعودها الي السيارة التي قامت بطلبها من إحدى التطبيقات 
-ربنا يبارك ليا في عمرك يارب
ظل عثمان واقفًا ينظر الي السيارة وهو يدعوا الله من قلب اب خائف لكنه متوكل على الله يحسن الظن به 
"اللهم إن أبنتي قطعة من قلبي، أدعوك دعاء الذليل المضطر أن تحفظها لي بعينك التي لا تنام.اللهم سلم أبنتي من شر الأشرار آناء الليل وأطراف النهار، في الاعلان والاسرار، واهدها لما تحبه منها واغفر لها ياغفار. اللهم يا حنان يا منان، احفظ لي أبنتي من شر نفوس الناس، وصحبة السوء، واجعلها لي طائعة، ولك عابدة شاكرة."
~~~~~~~~~~~~
وصلت الي الشركة وبخطوات ثابته وقويه و برأس مرفوع توجهت مباشرة الي غرفه مكتب سليم طرقت الباب ودخلت حين سمعته يسمح للطارق بالدخول وحين رأئها وقف ينظر اليها بأعتذار، وخجل... وبعض الخوف ظهر في عيونه جعلها نشعر براحه لم تفهم سببها 
تحرك من خلف مكتبه وأقترب منها وهو يقول
- اهلا يا نادين الشركة نورت ... طمنيني عليكِ 
قال كل كلماته مره واحده لتقول هي بابتسامة عمليه
- انا كويسة .. وهبقا كويسة اكثر ان شاء الله لما تقبل دي 
واخرجت من حقيبتها ورقه مطويه ... يعلم محتواها جيدًا ودون ان يفتحها قال 
- ليه يا نادين؟ عمر قالي ان عيسى مش هيفلت من العقاب و..
- انا عارفة ... علشان هو كان ناوي على الشر ... وده نتيجه افعاله ولولا تدخلكم كانت التمثيلية اللي حصلت بقت حقيقه هدفع انا ثمنها العمر كله واللي بشكركم عليها .. بس انا هبقا مرتاحه كده اكثر ...محتاجه اطوي الصفحه دي وابدء صفحه جديدة 
قاطعت سيل كلماته وقالت بإصرار وتوضيح... ليخفض راسه قليلًا وقال باستسلام 
- مقدرش أعترض .. لكن لازم اعتذرلك وأرجوا ان يجي اليوم اللي تقدري فيه تسامحني على موت دينا، والاذى اللي حصل ليكِ بسببي 
وفتح الورقه ووقعها بالموافقه وعاد يطويها من جديد لكن لم يعيدها لها ... كانت هي تنظر اليه باندهاش كيغ يعلم ما تشعر به تجاهه وانه هو سبب موت أختها لكنها لم تعقب بشيء وبعد عده ثوان قال 
- هجهز ورقك .. وشهادة كمان من الشركة على تميزك وتفوقك معانا وهوصلهم لحد البيت ولا كمان عمي عثمان وماما سامية مش عايزين يشفوني
وقفت لتضع حقيبتها فوق كتفيها وقالت بجديه
- متخلطش المواضيع يا سليم ... دي حاجه واللي انت بتتكلم فيه حاجه تانيه اهلا وسهلا بيك في اي وقت
ومدت يدها له لينظر اليها بشكر ومد يده وسلم عليها 
لتغادر وهو يشعر بطعم الخسارة للمره التي لا يعلم عددها ووجد نفسه يتوجه الي النافذه ينظر اليها لتلمع عينيه بالدموع وهو يرى ما يحدث امامه الان
#سارة_مجدي
حمل الان  / تطبيق حكايتنا للنشر الالكتروني واستمتع بقراءة جميع الروايات الجديده والحصريه 

تعليقات