قصة "الباش محترم"
تقف خلف باب غرفتها تحاول ان تشاهد ما يحدث بالخارج انها المرة الاولى الذي يحضر لها هي بالتحديد "سكن" يحضر من أجلها عريس … يتقدم لخطبتها مباشرة دون ان يطلب يد أختها الأصغر "حبيبة" صاحبه الجمال الباهر والخصلات الملونه … إنما تلك المرة هو قد حضر من أجلها هي … يتقدم لخطبتها هي … يريدها هي … وهذا في حد ذاته جعل أحتمال موافقتها عليه تصل الي ٧٠٪ وسوف تأتي كل أحلامها و طموحاتها في شريك حياتها في ال ٣٠٪ الباقيه غير عابئة بشيء
انه قد رأى "سكن"وهذا وحده بالنسبه لها كافي حتى يسكن قلبها قبل ان تراه من الآساس
لوت فمها بضيق حين دلفت "حبيبه" الي الغرفه وهي تضحك رغم انها تخبىء فمها بيدها
لكن عيونها تقول لها شيء ما هي لا تستطيع فهمه … هل هناك خطب ما في العريس؟ … هل هو قبيح الملامح؟ ام انه رث الملابس؟ هل هو غير متعلم؟ ام انه ليس لديه وظيفه؟ هل فهمت خطىء وفي الآساس كان يريد "حبيبه" وهي من لم تفهم الموضوع بشكل صحيح؟ كل تلك الأسئلة جعلتها تشعر بالحزن وقالت بغضب:
- أنت بتضحكي على ايه؟
- على العريس
أجابتها "حبيبه" بشكل مباشر دون مرواغه بتلك الاجابه التي طعنت قلبها البريء دون رحمه … لكنها قالت ببعض الغضب:
- وهو العريس نكته علشان تضحكي عليه؟!
- صراحه اه … نكته اوي
اجابتها أيضًا بصراحه بغيضه لكنها أكملت بأبتسامة حقيقية
- بس الحقيقه يا سكن هو لايق عليكي جدًا … بجد هتبقوا كابل هايل.
وعادت للضحك من جديد … لتشتعل نيران الغضب داخل قلب "سكن" الرقيق وأيضًا عادت تشعر بذلك الإحساس من جديد … انها لا تملك شيء حتى يأتي لها خاطب مميز انها " نحس" كما تخبرها خالتها دائمًا
حتى ولو من باب المزاح …. يالله على ذلك الوجع هي لا تطمع في شيء سوا زوج محب يأتي من أجلها … يرجوا وصالها … لا يرى فقط ملامحها متوسطة الجمال ولا بشرتها الخمرية بعيونها التي تشبه الشكولاته الذائبه … ينظر الي روحها المحبه وقلبها الأبيض … لكن أين هذا جميعهم يريدون الفتايات اصحاب البشرة البيضاء ك"حبيبه" والعيون الملونة ك"حبيبه" صاحبات القوام الممشوق ك"حبيبه"
انتبهت من أفكارها على صوت خالتها وهي تقول بأبتسامة حنونه:
- تعالي يا سكن بابا عايزك.
تلونت وجنتها بالخجل الطبيعي وأنتفض جسدها لكنها تقدمت بأقدام من هلام عيونها أرضًا … خائفه من نظره رفض تتلقاها … او ان ترى بالعريس ما يحزنها … بهدوء القت السلام وجلست جوار والدها الذي قال بعد عدة ثوان
- تعالي يا ام حبيبة هاتيلي الجاكت بتاعي لحسن حاسس اني بردان
شعرت "سكن" بالغباء للحظة … كيف يشعر بالبرد وهم في شهر أغسطس لكن صوت نحنحه بسيطة جعلها تنتبه ان والدها يتركها مع العريس بمفردهم … كيف يفعل ذلك؟ الا يشعر بالغيرة على ابنته؟ لقد تغير والدها مؤكد قد مل من بقائها معه طوال خمسة وعشرون عامًا ويريد التخلص منها … لتقول لنفسها
- ماشي يا بابا لن أنسى لك هذا الموقف
- موقف ايه؟
انتبهت حين سمعت صوته انها قالت ما تفكر فيه بصوت عالي وذلك جعلها تشعر بالحرج لترفع عيونها اليه وصدمت حين وقعت عيونها على ملامحة … انه وسيم بشكل ….. بشكل ما شكل لم تستطع تفسيره حتى لنفسها … شعرت بأرتياح لم تشعر به من قبل وهي تتأمل تفاصيله المليحه خاصه … حين قال بهدوء
- أنتِ اضايقتي علشان والدك سابنا مع بعض؟!
- لا بس اتفاجئت.
اجابت بهدوء ليقول هو بإبتسامه يشوبها خجل رجولي:
- ده طبيعي ودي أسمها الرؤيه الشرعيه علشان الطرفين يتكلموا شويه مع بعض و يا يبقى عندهم نسبه من القبول او احساس بالرفض ….. على العموم اعرفك بنفسي ….. انا ياسين مهندس مدني عندي ٢٩ سنه وحيد أبويا وأمي… من كتر وقفتي في المواقع وفترات شغلي الطويلة ما بصدق أقعد في البيت … بحب القرأة جدًا، وبحب الأفلام العربي القديمة جدًا جدًا جدًا.
تتفحص كل أنش في وجه وهو يتحدث … خاصه وهو لا ينظر لها من الآساس … يفرك يديه طوال الوقت … وكان صوته مرتعش قليلًا لكنه رخيم ومنغم كأن أحباله الصوتيه بها "كمنجة"
صمت ينتظر تعقيبها لتقول هي باندفاع:
- يعني مش بتحب الخروج والفسح، والمصايف الجماعية، وقعدة الكورنيش.
نظر لها نظرة خاطفه وعاد ينظر أمامة من جديد قائلًا:
- لا حضرتك طبعًا بخرج وبتفسح بس مش كل يوم حضرتك ولا كل أسبوع حضرتك انا شغلي صعب حبتين وعلشان كده حضرتك ببقا محتاج اقعد في البيت فترات اكثر حضرتك
خمس مرات قال فيهم حضرتك …. كانت تفكر في ذلك وهي تنظر اليه بصمت …. ليصمت هو لثواني ثم قال بحزن
- انا يا فندم اوقات كتير بفضل قاعد بالساعات وبكون جعان والله يا فندم ومش بقدر أقوم أجيب لنفسي اكل من وجع … انا اسف يعني من وجع رجلي يا فندم
رغم انها شعرت بالشفقه عليه والمها قلبها من أجله الا ان ثلاث يا فندم في جملة واحدة شيء مبالغ فيه … لكن قلبها الطيب عاد من جديد يفكر في كلماته … فهل هذا الوسيم يتألم بمفردة ولا يكون جوارة من تواسيه تربت على ظهرة بتشجيع تمسح فوق الامه فتشفى جروحه … لكن لما هو دائم قول "حضرتك ويا فندم" همس لنفسها
- مش مهم دلوقتي … الواد مز وزي القمر
وبعد عده ثوان قالت
- انا سكن خريجه آداب قسم تاريخ … ومكنتش بحب القسم ولا بحب التاريخ … مش عايزة أشتغل وبحب ابقى هنومة ستوته في البيت … بصراحه بحب الخروج والفسح ونفسي أسافر كتير … بس ده مش معناه اني مش بحب قاعدة البيت واننا ننظم ما بين إللي أنت محتاجه واللي انا بحبه … بحب الأكل جدًا وطباخه بريموا … انا كمان بحب القرأة اوووي وساعات كده بحاول أكتب حاجات يعني على قدي كده.
أبتسم بخجل رجولي مميز … خاصه امام عيونها التي تهتم بالتفاصيل … لحيته المنمقة وشارب يحيطان بفمة المحدد وكأنه رسم باليد جعل قلبها يخرج من تجويف صدرها ويستريح فوق يدية السمراء من حرارة الشمس … قطع تأملها فيه حين قال
- لو مفيش حاجه تانيه حضرتك عايزة تعرفيها عني ياريت تنادي الحج … وهنتظر راي حضرتك فيا.
وقفت على مضض فهي لا تريد مغادرة الغرفه وتركه … هي موافقة وسوف تخبر والدها الان وليحضروا المأذون وسوف ترحل معه
لكنها قالت بهدوء عكس ما تشعر به داخلها
- حاجه واحده بس عايزة أسأل فيها
- اتفضلي حضرتك تحت أمرك
أجابها بأدب شديد جعل الابتسامة ترتسم على وجهها بسعادة … وقالت لنفسها (( مؤدب اوي))(( باش محترم بزيادة))
- أنت بتقول مش بتقدر تجيب لنفسك أكل و أنت مش عايش مع والدك ووالدتك؟!
نظر لها نظرة سريعة ثم اخفض نظره أرضًا وقال موضحًا:
- لا يا فندم …. أهلي عايشين هنا وانا شغلي في محافظة (..) وعلشان كده شقتي هناك … وعلى فكرة يا فندم هي جاهزة من كل حاجه هو بس حضرتك تقولي موافقه ونحدد معاد الفرح ان شاء الله يا فندم
أومأت بنعم وغادرت سريعًا وهي تبتسم بسعادة … بعد عدة ثوان عاد والدها اليه واتفقى على ان يعطيه فرصه بسيطة وسوف يخبره برد "سكن"
~~~~~~~~
بعد رحيل "ياسين" دخل والدها اليها الغرفه … حتى يعرف انطباعها كانت تود ان تقول له وبصوت عالي (( جوزهولي انا عايزة اتجوزة حالًا دلوقتي انا مش قادرة ابعد عن الباش محترم )) لكنها نظرت أرضًا وقالت بخجل
- هصلي صلاه استخارة وارد عليك يا بابا
ليربت فوق كتفيها وهو يقول:
- ربنا يكتبلك الخير … بس لو عايزة تعرفي راي هو شاب محترم ومؤدب وانا موافق عليه … بس استخيري وفكري كويس والقرار في الأول والاخر ليكِ
جلست على سريرها بعد ان ابدلت ملابسها لتدخل "حبيبه" الغرفه وهي تقول باندهاش:
- أنتِ هتنامي ولا ايه يا سكن مش هتتعشي ولا ايه؟!
نظرت لها "سكن" ببعض الشرود:
- لا هاكل بس هقوم اصلي الاول
أومأت "حبيبه" بنعم وكادت ان تغادر الغرفه لكنها وقفت وقالت بأبتسامة صغيرة:
- تحبي تعرفي رأي في العريس؟!
نظرت اليها"سكن" بأهتمام … لتقول حبيبه بعقلانيه نادرًا ما تظهر:
- انا شايفه انه شاب وسيم وراجل عارف معنى الشغل والمسؤلية، شاريكي لانه جاي علشانك أنتِ .. لاني لما دخلت بالعصير غض بصره عني وشكرني بهدوء ورجع يكمل كلام مع بابا عنك ولا كأنه شافني … بيتهيئلي هو بيحبك
صمتت لثواني لتلمع عيون"سكن" بسعادة وارتسمت ابتسامة رقيقه على ثغرها لكنها اخقتهم حين سألتها "حبيبه"
- هو شافك فين يا بت .. قري واعترفي؟!
ظلت "سكن" صامته تفكر انها لم تراه من قبل … ولا تتذكر انها التقت به ولو حتى صدفه …. وفي الآساس خروجها قليل لكن ربما رأها في احدى المرات القلاقل تلك … سوف تصلي صلاه استخارة ولترى ماذا سيختار الله لها
~~~~~~~~~~
مرت ثلاث أيام كانت "سكن" تشعر بشعور غريب … يجعل قلبها يرفرف عاليًا بسعادة … رغم ذلك الهاجس بداخلها … اين رأها … لكنها كانت تترك كل ذلك خلف ظهرها وتتذكر ذلك الحلم الجميل التي تراه كل ليله بعد صلاه الاستخاره … (( كانت ترى شخص لا تستطيع رؤيه ملامحه بشكل واضح يعطيها كأس مليىء بالحليب .. تشربه باستمتاع ويعيد ملئ الكوب لها من جديد لتعود وتشربه))
لذلك قد أخذت قرارها … غادرت غرفتها وطرقت باب غرفه والدها وخالتها "إبتهال" والده "حبيبه" لتسمع صوت أبيها يسمح لها بالدخول
دلفت وعيونها تحتضن الأرض بخجل … ليبتسم عبدالقادر وهو يشعر بما ستقوله له … لكنه سينتظر ان كل ما يحدث الان حلم به مع والدتها من يوم حملها اول مره بين ذراعيه … وشعر قلبه بسكينه وراحه ولذلك أطلق عليها أسم "سكن" وكم يليق بها هذا الاسم … هي السكن بها حياه حقيقيه .. ضحك ومرح، حزن والم، وبها الجنون والشغف … هي بأختصار "سكن"
رفعت عيونها تنظر اليه نظره خاطفه وعادت عيونها الي الأرض وقالت بصوت متلعثم:
- بابا انا … انا صليت صلاه استخارة ٣ مرات … و … و
- ومرتاحه يا بابا
قالتها "إبتهال" بابتسامة سعادة .. لتخبىء "سكن" وجهها خلف يديها بخجل ليقول "عبدالقادر" بسعادة
- الحقيقه هو ولد محترم … وانا كمان موافق عليه … لكن كان اهم حاجه رأيك يا سكن … وطالما أنتِ كمان مرتاحه يبقى على بركه الله.
ركضت "سكن" خارج الغرفه بخجل تلاحقها زغاريد "إبتهال" وضحكات والدها السعيدة … لتقابلها "حبيبه" بابتسامة صادقه وهي تقول بمرح:
- وأخيرًا هخلص منك يا سكن
لتضمها "سكن" وهي تبتسم بسعادة وقالت بمرح مشابه
- انا اللي هتخلص منك وأخيرًا يا حبيبه وهسيبك بقى ل معجبينك الكتير
~~~~~~~
مرت الأيام بين تجهيز العروس .. من ملابس وبعض الأشياء التي لاحظت "سكن" نقصها في المنزل الذي أعده "ياسين" بشكل مميز لا يختلف عليه إثنان ذوق راقي … وبساطة تريح النفس
وبين ذهابها لخبيرة التجميل حتى تكون في ابهى صوره لذلك الرجل المميز الذي سكن قلبها دون إذن او طلب سماح
~~~~~~~~~
كانت تقف خلف الباب الذي ينتظرها أمامة ياسين … دقات قلبها يكاد يسمعها من يقفون أمامها من كثره الصخب والحماس … وبعض من خجل وخوف
كذلك كان حال "ياسين" الذي ينظر أرضًا بخجل رجولي وتوتر يظهر في حركه يديه التي ترتفع لتضم الأخرى لعدة ثوان ثم تعود ذراعيه الي مكانهما جوار جسده الرياضي الممشوق
فتح الباب وارتفعت أصوات الزغاريد من جميع الموجودين بمركز التجميل … ليخطوا بأقدام ثابته رغم ارتجاف جسدة الذي يشعر به ودار حولها حتى ظهر وجهها الجميل امام عينيه التي عشقت ملامحها منذ اللحظة الأولى حين رأها وهي تساعد تلك الفتاه الصغيرة التي علقت كره أخيها الاصغر منها بعده اعوام بأحد الأشجار الكبيرة لتتسلق تلك الشجرة برشاقه رغم عيونها التي ارتسم بها الخجل … ورغم تأكدها لعده مرات من انها وحيدة في تلك المنطقه الهادئه ومن عدم عيون متلصصه عليها الا هو من خلف نافذه تلك الغرفه الذي كان يقف فيها يستمع لكلمات والدته بهدوء لتخطف عيونه حركاتها وكذلك ابتسامتها الحانيه للطفلين ويديها التي مسحت دموع الصغير وتلك القبله التي طبعتها على جبينه كذلك على جبين اخته وتركتهم وهم يضحكون بسعادة
انتبه لنفسه وذكرياته التي اخذته لذلك الاحساس الذي لم ينساه يومًا وأقترب من أذنها وقال بهمس
- تسمحيلي يا فندم ابوس جبينك؟!
لتنظر له باندهاش ليبتسم ابتسامة صغيرة وهو يضم راسها بين يديه ويقبل جبينها قبله صغيرة خاطفه الا انها لمست روحها … خاصه مع همسه ب ((الحمدلله))
~~~~~~~~~~
حفل زفاف مميز … يتسم بالرقي والرقه … كانت ابتسامة "سكن" تزين وجهها وتجعل والدها يشعر بالسعادة الحقيقه … فمنذ وفاه والدتها شعر بالحزن يملىء قلبه … صحيح "إبتهال" خاله سكن حملت عنه حمل "سكن" حين كانت صغيرة الا انه لم يستطع الاستمرار في القاء الحمل فوق كتفيها خاصه وانها كانت على مشارف خطبه وتأسيس حياتها الخاصه
حتى ذلك اليوم الذي استمع فيه لطرقات ملحه على باب بيته في عز ضياعه وتوهه في محاوله لتلبيه طلبات أبنته وحين فتحه كانت الصدمة و "إبتهال" تقف امام بابه والدموع تغرق وجهها وقبل ان يسألها ماذا حدث قالت بصوت متقطع من أثر البكاء
- تتجوزني يا عبدالقادر؟!
حبها ل "سكن" جعلها ترفض العريس الذي تقدم لها وتطلب منه الزواج وهو وجد بها الحل لكل ما يعانيه من خوف وقلق وضياع بعد خسارته لوالده "سكن" وتزوجها وانجب منها "حبيبه" وكانت ام حقيقه ل"سكن" ولم تشعر أبنته يومًا باليتم او آن "إبتهال" ليست بوالدتها الحقيقه رغم معرفتها بالحقيقه كاملة … ووجد بها حياه وسكن وامل جديد له
~~~~~~~
إقتربت "حبيبه" من سكن وهي تبتسم بسعادة وقالت بصدق
- مبروك يا احلى سكن … وأخيرًا خلصت منك وهرتاح من هرموناتك.
لتضحك "سكن" والدموع تملىء عيونها خاصه وهي تقول بحب:
- بس أنتِ هتوحشيني اوي وبجد يا حبيبه … هيوحشني هزارك التقيل وكلامك الجريء وصوت ضحكتك العاليه … هتوحشيني اوي
لتضمها "حبيبه" من جديد والدموع تسيل فوق وجنتيها … ظل العروسين في مكانهم دون ان يغادروه حتى من اجل رقصتهم الخاصه لكن "ياسين" كان قد اخبر المسؤل عن اغاني الحفل بعدم رغبته في كل تلك الاشياء هي لم تعترض لكنها شعرت بالضيق فطوال حياتها تحلم بتلك الرقصه وهي بين يدي شريك حياتها الذي اختارها بقلبه وعقله يراقصها على نغمات الموسيقى ويسمعها احلى الكلمات لكن رفضه أحزنها بشدة … ومع ذلك لم تظهر شيئًا من ذلك الحزن لكنه شعر بها فاقترب من أذنها وهمس قائلا:
- عارف انك زعلانه بس يا فندم أنتِ غاليه وانا بغير عليكي ومش عايز عيون الرجاله تشوفك بشكل لا يليق بيكي .. أنت ملكة يا فندم
لتبتسم كالبلهاء من اثر كلماته وعادت سعادتها من جديد تملىء وجهها حتى أنتهى الحفل الذي كان مليء بالمفاجأت
صعدوا الي غرفتهم التي تم حجزها لهم في نفس الفندق … كانت "سكن" تشعر بالتوتر والقلق الشديد … لكن السعادة بداخل قلبها كانت لا توصف اغلق "ياسين" باب الجناح والتفت اليها يقول بابتسامة رقيقه
- مبارك يا فندم … بجد انا مش قادر أوصف سعادتي باقتراني بيكي … اليوم ده بجد مميز جدًا جدًا
كانت تنظر أرضًا بخجل ليقترب هو وبعد تردد اقترب منها يضمها الي صدرة وهو يقول
- غيري هدومك علشان نصلي ونتعشى ونام لان أكيد اليوم كان مرهق جدًا بالنسبالك
وابتعد عنها بعد ان قبل جبينها قبله خاطفه واخذ ملابسه وخرج لصاله الجناح يبدل ملابسة تارك لها كل الحريه والوقت في تبديل ملابسها
لكنها ظلت واقفه في مكانها تشعر بالاندهاش … بداخلها صوت يخبرها ان هناك شيء خاطىء لكنها لا تستطيع تفسيرة … جلست على السرير وهي تتذكر ذلك اليوم الذي جلست معها حبيبه تشرح لها عن ذلك الوباء الجديد المنتشر بين بعض الرجال .. والذي يجعلهم يشعرون بالضائله أمام النساء ويريدون ان يكون في خدمتهم دائما … يتحدثون معهم بمصطلحات تحمل الكثير من التفخيم والتعظيم … ف هل "ياسين" من هؤلاء الأشخاص … اغمضت عيونها وهي تتذكر كم مره قال لها " يا فندم، وحضرتك"
ابتأست ملامحها وهي تشعر من داخلها ان ما تفكر به حقيقه والصدمة جعلت قلبها يؤلمها
وظلت جالسه في مكانها تفكر بحزن حتى استمعت لصوت طرقات على باب لتنتبه انها لم تبدل الفستان كما طلب منها
تحركت سريعا لتبدل ملابسها وارتدت اسدالها فوق منامتها الحريرية …. فتح الباب واطل بعينيه التي تحمل ابتسامة رقيقه وهو يقول بهدوء:
- تسمحيلي أدخل
أومأت بنعم … وهي تتابع كل حركه وكلمه منه … وللاسف كل ما يقوم به يثبت نظريتها
اقترب منها وقال بهدوئه المعتاد
- متوضيه؟!
أومأت مره اخرى بنعم ليقول هو بأبتسامة صغيرة
- خلينا نصلي مع بعض … لو تعرفي يا فندم انا نفسي في اللحظه دي من زمان … وحلمت بيها من اول مره شوفتك فيها واتمنتها من كل قلبي
- أمتى؟
عاد ينظر اليها باستفهام لتقول من جديد
- أمتى شوفتي ؟!
ليبتسم ابتسامة جذابه وقص عليها كيف رأها لاول مره وما شعر به وقتها …
- حسيت وقتها اني محتاج حنانك وطيبه قلبك في حياتي … محتاج قوتك رغم رقتك … حسيت اني محتاج اشوف ابتسامتك دي تاني … وأفضل أشوفها على طول
تلونت وجنتيها بخجل طبيعي مميز … ليقول هو بمرح
- ممكن بقا أحقق حلمي التاني ونصلي مع بعض
أومأت بنعم دون ان تنظر اليه …. ليعود وينظر في إتجاه القبله ورفع يده وبصوت خطف أذنيها قال
- الله أكبر
كانت تستمع لصوته وهو يقرأ القرآن وكل تلك الهواجس داخلها تختفي من رأسها … وكأنها لم يتبق داخلها سوا كلماته عن رؤيته لها اول مره وما شعر به …. وصوته وهو يقرأ القرآن حين سلمت خلفه وجدته يلتفت اليها وقال ببعض التردد … جعل الأفكار السيئة تعود لها من جديد
- أنتِ عارفه احنا نزلنا النهاردة في الجناح ده علشان محبتش اننا نسافر بليل … بس انا مش برتاح في الاوتيلات ف … ف يعني خلينا نتعشى وننام علشان لما نصحى بدري نروح بتنا ونكمل فرحتنا
فهمت مقصده وشعرت ببعض الراحه … فذلك الامر كان يوترها بشدة خاصه وهم في مكان عام وليس في بيتهم
وقف يمد ده لها وقال
- اكيد جعانة
هزت رأسها بنعم وجلست جواره يتناولون طعامهم وهي تتحدث عن كل ما حدث بالعرس وكأنه لم يكن موجود وكانت ابتسامة لذيذة تزين وجهه وهو يستمع اليها بسعادة … فكم تخيل حياتهم معهم في بيت واحد يتمتع بالنظر الي عيونها البريئة ويرى ابتسامتها الرقيقه
~~~~~~~~~~~
في صباح اليوم التالي … كانت تجلس جوارة داخل سيارتهم المزينة بالزهور … في طريقهم الي بيتهم بالمحافظة التي يعمل بها "ياسين" وتوجد بها شقة الزوجية … كانت تشعر بالحماس وكأنها طالبه في رحله مدرسيه لخارج مدينتها لأول مرة كان يشعر بها وسعيد بكل ما يحدث بينهم ان تحقيق الأمنيات له طعم مميز
وصلوا اسفل البنايه ليشير لها على مكان السوبر ماركت والصيدلية وقال
- ده علشان لو احتاجتي حاجه سريعه … او لو حبيتي تنزلي بنفسك تجيبي حاجه يا فندم … لكن عم رؤوف موجود في خدمتك ديمًا وأي حاجه محتاجاها حضرتك بس تآمري وعو هيجيبها
أومأت بنعم ترجل من السيارة وكذلك هي … ليقف أمام عم "رؤوف" الذي وقف يحيهم بإحترام ليقول "ياسين"
- أعرفك بمراتي يا عم رؤوف مدام سكن
- اهلا وسهلا يا ست هانم … الف مبروك نورتي العمارة والحي كله
قال "رؤوف" بترحيب وابتسامة بشوشة … لتقول "سكن" بابتسامة خجولة:
- الله يبارك فيك يا عم رؤوف والعمارة والحي منورين بأهلهم
أمسك "ياسين" بيديها وصعدا الي شقتهم وخلفت العم "رؤوف" بالحقائب … حين دلفت الي الشقه عجبها التغيرات الذي قام بها "ياسين" كما طلبت … وذلك أسعدها بشدة انه مهتم مراعي لاقصى الدرجات … اخذت نفس عميق وهي تردد داخلها (( يارب ما يطلع من الناس اياهم دول … يارب افكاري كلها تكون غلط))
لكنها انتبهت من أفكارها على صوته وهو يقول
- أتمنى ان الشقة تكون نالت إعجابك يا فندم
ابتسمت بتوتر وهي تقول
- حلوه جدًا زوقك مميز …. مهندس بقى
كانت اخر كلماتها تحمل فخر وسعادة … ليبتسم ابتسامة صغيرة زادت ملامحه وسامة ورقي كانت تتأمله وهو يحمل الحقائب ويتوجه الي غرفه النوم تبعته هي بهدوء والتوتر بداخلها يزداد … والأفكار السوداويه ترتسم امام عيونها … هل سيقوم بما يقوم به هؤلاء القوم بالركوع على ركبتيه امامها يتوسل منها عقابًا ثم عطف
دلفت الي الغرفه لتجده وضع حقيبتها فوق السرير … جوار حقييته التي بدء في تفريغ محتوياتها بهدوء
لتقول هي ببعض الخجل
- عنك يا ياسين انا هعملهم
ليترك لها كل ما بيده وهو يقول
- شكرًا هتعبك معايا يا فندم
وابتعد خطوه للخلف ليفسح لها المجال واكمل قائلا
- اصل انا طول عمري تقريبًا عايش لوحدي وبعمل كل حاجه بنفسي … بس حلو إحساس ان في حد معاك يهتم بيك وبأحتياجاتك … شكرًا يا فندم
ابتسمت إبتسامة مهزوزه وبدأت في ترتيب الأغراض وهو وقف يتابعها وعلى وجهه ابتسامة سعادة والحلم الذي عاش لشهور يحلمه ها هو يتحقق امام عينيه وبأجمل الصور
- تحبي تتغدي ايه يا ست سكن؟
نظرت اليه باندهاش لتجد ابتسامة جذابه تزين وجهه الرجولي لتقول بخجل
- انا ممكن أطبخ
- أنتِ عروسة ولازم تدلعي ولاننا بعيد عن أهلى وأهلك فنطلب الاكل من برة على الأقل الأسبوع الاول من جوازنا … لازم تدلعي يا فندم.
وغمز لها مع كلماته الاخيرة لتعود لما كانت تفعله ولكن كل ما بها ينتفض بخجل
~~~~~~~~~~~
في المساء دلفت الي الغرفه تستعد كعروس ورغم ان جسدها ينتفض بخجل وخوف طبيعي وفطري الا انها كانت سعيدة
كانت تلوم نفسها على أفكارها فهو كان مراعي ومهتم … يتحدث بشكل لطيف … لولا كلماته شديدة الادب مثل
(( لو سمحتي يا فندم … لو تكرمتي حضرتك … وتسلم ايدك يا ست سكن ))
كيف تكتشف حقيقته … وحقيقه شخصيته كل ذلك كانت تفكر فيه وهي تمشط خصلات شعرها دون ان تنتبه لذلك الذي يقف عند الباب يتأملها وبعض شقاوة تلمع في عيونه
أنتبهت له وظلت تنظر اليه عبر المرآه … ليدلف داخل الغرفة واغلق الباب ثم اقترب منها ومازالت تتابعه بعيونها … حتى أقترب منها … ل تعتدل تنظر اليه مباشرة … في إتصال بين عيونهم لم ينقطع حتى وهو يجلس على ركبتيه أمامها … يمسك يدها ويرفعها الي شفتيه يقبلها عده قبلات ثم قال:
- ست سكن تسمحلي اعيش بيها ومعاها … تسمحيلي أفرح وأفرحك تسمحيلي أحقق بيكي كل احلامي
أومأت بنعم ليقف سريعًا يحملها بين ذراعيه وكأنها طفلته المدلله … ليدخل معها عالم سحري أشتاق له منذ وقعت عيونه عليها وسقط قلبه في عشق طيبه قلبها ورقه ابتسامتها
~~~~~~~~~~
مرت ثلاث شهور … كانت تقف في مطبخ شقتها تعد الغداء تحدث نفسها بعصبيه وغضب … ماذا تفعل حتى تجد منه ما تسمعه من باقي النساء عن ازواجهم … ما هذه الحياه الهادئة الرتيبه … اين ذلك الرجل الموجود بالروايات … العصبي الغيور … الذي يتعامل مع حبيبته ببعض الخشونه التي تجعلها تشعر بأنوثتها …. ترتجف خوفًا امامة رغم شعورها بالأمان …. اين تلك الأوامر الذي يظل يلقيها على حبيبته وهي تنفذها بطاعه وحب … لكن ياسين
كان يقف خلفها يتابعها بتركيز شديد فحالتها بالنسبه له غريبه … يحاول فهم ما تقوله لنفسها بتلك العصبيه … وماذا حدث لتكون بهذه الحاله … اصدر صوت بسيط حتى ينبها لوجوده لتلتفت تنظر اليه وحاله الغضب مازالت تسيطر عليها … ليتراجع خطوه للخلف بقلق وقال بخوف حقيقي ظهر على ملامح وجهه الرجولي
- مالك يا ست سكن في ايه؟ ايه اللي معصبك اوي كده؟!
- أنت يا ياسين … أنت اللي معصبني
اجابته بغضب شديد وكانت تحرك يديها يمينًا ويسارًا رغم انها تمسك السكينه بيد ويدها الاخرى تمسك نصف ثمره طماطم ليتراجع خطوه اخرى للخلف وقال بقلق وصدمه:
- انا … انا اللي معصبك ومضايقك اوي كده؟ انا عملت ايه بس ؟
اقتربت منه ليتراجع للخلف وهو يرفع يديه بجانبه وقال بصوت مرح
- السلاح يطول يا ست سكن
- بطل تقولي يا ست سكن … انا مراتك على فكرة .. قول يا سكن على طول دلعني باي دلع يا بيبي يا حبيبتي …. قولي حتى يا بت
قطعت كلامه وهي تقول بعصبيه ليقترب منها يمسك السكين من يدها ونصف ثمره الطماطم ووضعهم على الطاولة … وأمسك منشفه صغيرة ليجفف يديها وقال بهدوء:
- تعالي نقعد بره ونتكلم بهدوء واشوف ايه اللي مزعلك وانا تحت أمرك
خرجت من المطبخ وهي تضرب الأرض بقدميها كالأطفال … وكانت تحدث نفسها بكلمات لم يستطع استيعابها او فهمها … جلس جوارها هلى الأريكة وقال بهدوء
- براحه كده قوليلي انا غلطت في ايه معاكي مزعلك مني اوي كده
اعتدلت تنظر اليه وقالت باندفاع
- بتحترمني بزيادة يا ياسين …. مؤدب بزيادة يا ياسين
ليظهر الغباء على ملامحه والاندهاش والصدمة أيضًا وقال بتشتت
- كل العصبية والغضب ده …. يعني غلطي اني بحترمك … طيب ازاي ؟!
حركت يدها في الهواء بشكل عشوائي وهي تقول موضحه
- مش قصدي كده … ما هو لازم نحترم بعض … بس انت بزيادة اووووي يا ياسين … انا مراتك يعني تقولي خدي يا بت … تتعصب عليا لما اتأخر عليك في الغدا … تضربني بالجزمة تجرجرني من شعري ولما اعمل حاجه غلط اضربني علقه سخنه انا راضيه … لكن أنت طول الوقت تقولي يا ست سكن … حضرتك ويا فندم … هو في ايه ويعني ايه تقولي يا ست سكن هو انا والدتك.
- انا بحترمك وبحبك يا ست سكن .. أنتِ عندي حاجه كبيرة اوووى وانا بقدر النعم اللي ربنا بيرزقني بيها وأنتِ نعمه كبيرة يا فندم ولازم احمد ربنا عليكي واحافظ عليكي وبعدين من أمتى الاحترام يكون غلط يسبب مشكله بين الراجل ومراته
اجابها بهدوء لتقف بعد ان ضربت على ساقيها بقوه وقالت والدموع تغرق وجهها
- وانا عايزة اطلق يا ياسين
لتجحظ عيونه بصدمه حتى انه وقف أمامها ينظر اليها بصدمة حتى انها شعرت بالتوتر لكنه لم يقل شيء وتركها وغادر المنزل
لتركض خلفه لكنه اغلق الباب بقوه فوقفت خلف الباب لكنها لا تعلم ماذا عليها ان تفعل الان … تعلم انها نطقت تلك الكلمه بدون وعي هي فقط أرادت ان توصل له كم هي غاضبه من تصرفاته لكنها لم تكن تقصدها
~~~~~~~~~~
مر اكثر من خمس ساعات لم يعد "ياسين" الي البيت وأيضًا لا يجيب على هاتفه … ماذا تفعل الان
انحدرت دموعها وهي تلوم نفسها على ما فعلته وقالته … انتبهت لصوت الباب يفتح ودخوله لتركض اليه لكنها وقفت في منتصف التطريق وهي تجد والدها يقف خلفه … بوجه بارد ينظر لها بحزن شديد
ليقول ياسين بهدوء
- اتفضل يا عمي … انا هسيب حضرتك معاها علشان تتكلموا براحتكم … وزي ما قولت لحضرتك … انا شاريها بعمري كله وقلبي مفيهوش غيرها ومش هيكون … لكن راحتها عندي اهم من اي حاجه … فشوف هي عايزة ايه وانا تحت أمرها وأمرك
وتحرك ليغادر المنزل من جديد واغلق الباب بهدوء دون ان ينظر لها ولو لمره واحدة … ظل عبدالقادر على وقفته ينظر الي ابنته بحزن ولوم لتخفض هي عيونها أرضًا ليقول بحزن شديد
- عايزة تطلقي ليه يا سكن؟!
رفعت عيونها التي تلمع بها الدموع ليفتح لها ذراعيه لتركض اليه تخبىء نفسها داخل حضنه وهي تقول من بين شهقاتها
- انا مش عايزة اطلق يا بابا … انا بحب ياسين … لكن … لكن
- لكن ايه يا سكن
سألها بصوت حاني … لتبتعد خطوه الي الخلف وهي تنظر في عينيه بحيرة ليمسك يديها وتوجه بها الي أقرب اريكه وجلس بجوارها وقال
- مالك يا سكن … ايه اللي محيرك وشاغل بالك اوي كده وتعبك ومشقلب حالك
نظرت اليه بخجل وبعض التردد لينظر إليها بدعم لتقص عليه كل ما بداخلها ليضحك بصوت عالي وهو يقول بصدمة
- بقى عايزة تطلقي يا سكن علشان جوزك بيقولك يا فندم وحضرتك … وعايزة بدل ما يعمل كده يجيبك من شعرك … أنتِ هبله يا بنتي
لتخفض راسها أرضًا وهي تقول بحزن
- يا بابا مش كده … انا بس بحس ان حياتي هاديه اوي … عارف لما تبقى حاسس انك
- حياتك رتيبه ومفيهاش جديد مش كده؟!
قاطعها مكملًا لكلماتها لتومأ بنعم صمت لثوان وقال لها بأستفهام
- أنتِ بتحبي يا ياسين مش كده؟!
أومأت بنعم ليقول لها بهدوء
- بصي يا بنتي … اي اتنين نفس الشخصيه وقريبين في كل حاجه يتجوزوا بعض هتبقا حياتهم منتهى الملل … وعلشان كده بتلاقي ان ربنا خلقنا كلنا مختلفين الطباع والشخصيات ومفيش واحد زي التاني ابدا …. جوزك هادي ومحترم بزياده
لتقاطعه قائله ببعض السخرية
- الباش محترم بزيادة
ليضحك "عبد القادر" بصوت عالي …. لتبتسم هي أيضًا ببعض الخجل … وبعد ان هدأت ضحكاته قال
- هو الباش محترم بزيادة … خليكي أنتِ قليله الأدب … أنتِ الجريئة اللي تحرك الحياه … وطبعا مقصدش انك تعملي حاجه كده ولا كده أنا أقصد مع جوزك بس … حركي أنتِ المايه الراكدة بينكم … اخلقي أنتِ الجو إللي أنتِ محتجاه لكن شغل الجنان وطلقني وتخلي جوزك يجيلي طريق السفر ده كله علشان يقولي تعال شوفها طالبه مني الطلاق ليع انا مش عارف انا غلطت في ايه
ارتسم الغباء على ملامحها رغم الابتسامة البلهاء التي ترتسم على ثغرها … بعد كلماته عن خوف ياسين حين طلبت الطلاق … لكنها قالت ببعض التيه:
- ايوه يعني اعمل ايه بقا؟!
ليرفع عبد القادر حاجبيه بصدمه ثم وقف وهو يقول:
- لا حول ولا قوه الا بالله الله يكون في عونك يا ياسين.
وغادر الشقه دون كلمه اخرى … كانت تنظر هي في أثره وفمها ملوي كالاطفال قالت بحيره وهي تضرب الأرض بقدميها
- ماقليش اعمل ايه ؟
~~~~~~~~~~
عاد ياسين الي البيت بعد ان تحدث مع والد "سكن" لبعض الوقت… يشعر بالاندهاش من كلماته … هل ما تفكر به سكن خطأ ام أسلوبه في التعامل معها هو الخطأ … ولكن كيف يكون الاحترام خطأ … لتتردد في إذنه كلمات عبدالقادر من جديد
- يا ابني بين الراجل ومراته مفيش الاحترام بتاع خدمة العمله ده أنت بتعاملها على انها مديرك في الشغل ليه ولا عميل لازم ترضيه … لازم شويه مناغشه .. شويه شقاوه … شويه سفالة مضرش بالعكس دي كده تخلي نار الحب والعه بينكم وفي تجديد بينكم وبعدين الستات بتحب التغير وبتحب الشقاوة المناغشة والدلع …. مش الاحترام الزيادة عن اللزوم
اخذ نفس عميق وعيونه تبحث عنها في ارجاء المنزل … لكنه لم يجدها توجه الي غرفه نومهم صاحبه الباب المغلق واقترب منه وكاد ان يطرق الباب لكن يده توقفت في الهواء وهو يتذكر من جديد كلمات والد زوجته
وببعض التوتر فتح الباب مباشرة ليجدها تجلس امام طاوله الزينه ترتدي غلاله سوداء اللون بها الكثير من الخيوط تظهر جمال بشرتها خاصه مع زينه وجهها وخصلاتها المرفوعة بشكل عشوائي تجعلها تشبه الغجريات في جمالهم الفائق وجرائتهم الذي اشعرته بالصدمة
ورغم انه كان يتأملها الا ان عينيه جحظت بقوه حين صدح صوتها وهي تغني مرافقة لكلماتها حركات رقصها
(( لا لا لا لا لا
لا لا لا لا لا
إيرما لا دوس أنا إسمى إيرما لا دوس
ياما العشاق خدوا منى خدوا منى دروس))
وأقتربت من مكان وققوفه وهي تتمايل بحركات مغريه ونظراتها الجريئه
"((إيرما لا دوس أنا إسمى إيرما لا دوس
ياما العشاق خدوا منى خدوا منى دروس
عندى أحلام مليانة كلام مش أى كلام ده كلام بفلوس
أدخل فى عينيك و أمسّى عليك و أمشى بتكتيك تكتيك مدروس
هيهزك شوق ياخدك على فوق و ليالى الشوق لها عندى قاموس
أنا إيرما
إيرما لا دوس))
رفعت ذراعيها حول عنقه ووجه قريب الي اذنه تغني كلمات الأغنية بدلال الأنثى بداخلها …. وظل هو ثابت في مكانه ينظر لها بصدمه … لتكمل غنائها ورقصها امامه
((أنا إيرما
إيرما لا دوس
كل الستات بيغيروا منى مش عارفة ليه؟
مامّا و باپّا عملونى حلوة أنا ذنبى إيه؟
كل الستات بيغيروا منى مش عارفة ليه؟
مامّا و باپّا عملونى حلوة أنا ذنبى إيه؟
دمى شربات وترى ديليكات و الحلويات لها ذوق مخصوص
أنا إيرما
إيرما لا دوس
أنا إيرما
إيرما لا دوس))
دارت حول نفسها وهي تدور حوله تحرك يديها في الهواء كي تصف كلمات الاغنيه على نفسها وهو يتابع كل هذا بجسد ينتفض ك محموم … ورجولته تتجاوب مع جمالها وجسدها المغري يتمايل امامه بأغراء لا مثيل له
((أدخل فى البارتى تكون واحدة و جوزها قاعدين
تتكهرب ساعة ما تشوفنى يروحوا متخانقين
علشان قال إيه جوزها ندهلى بعينه اليمين
راجل يا حرام فيه فى قلبه كلام
راجل يا حرام يا حرام يا حرام
فيه فى قلبه كلام لكن المادام لكن المادام
قاعداله كابوس
أنا إيرما
إيرما لا دوس
أنا إيرما
إيرما لا دوس
إيرما لا دوس أنا إسمى إيغما لا دوس
ياما العشاق خدوا منى خدوا منى دروس
إيرما لا دوس
إيرما لا دوس))
توقفت عن الرقص وعيونها تنظر اليه ب جرئه وهي تقول
- مقولتش أيه رأيك في رقصي يا سي ياسين؟!
ظل صامت ينظر اليها لا يعلم ماذا يقول او يفعل لتقترب بتمايل واغراء وهي تقول
- معجبكش رقصي يا سي ياسين … ولا انا نفسي اللي مش عجباك
- أنتِ من زمان عجباني يا ست … قصدي يا سكن … من زمان اوي يا بيبي
اجابها وهو مسحور بجمالها ودلالها … وذلك الدلع الذي يثير كل ما فيه من مشاعر رجوليه … ومشاعر رومانسيه لتبتسم بسعادة والقت بنفسها بين ذراعيه تقبله بشغف … وبادلها هو ذلك الشغف بشغف مماثل … وذهبا معا الي عالم مختلف لم يجربه اي منهم من قبل
~~~~~~~~~~~~
مرت ثلاث اشهر كانت "سكن" كل يوم تقوم بشيء جديد ومميز …. بعض الجنون يغلف بأغراء تتميز به بفطرتها كأنثى يراه هو يخصها هي فقط … ورغم ان تغير ياسين طفيف جدا لكن يكفي انه توقف عن قول ( يا ست سكن)
اليوم ذاهبون لبيت والدها … فقد عزمهم على تمضيه بضع ايام معهم ووافق "ياسين"
أنتهت من ارتداء ملابسها وخرجت له وهي تقول
- انا جاهزة
لكنه لم يشعر بها كان شاردًا عقله سارح في الثلاث شهور التي مضت … لا يعلم هل يشعر بالسعادة ام بالخوف فكل ما تقوم به سكن لشيء مميز جدًا يجعله يكتشف بداخله اشياء لا يعلمها لكن الي متى ستظل هي محرك تلك الحاله؟ … الي متى ستظل هي من تشعل نيران الحب بينهم؟ … والي متى سيظل يتعامل معها بطريقه خدمة العملاء على رأي والدها
لاحظت شروده وأقتربت منه وجلست بجانبه وهي تقول بهدوء
- مالك يا ياسين؟
نظر اليها بابتسامة ناعمة وقال
- ابدا سرحت شويه في حاجات تخص الشغل
ثم نظر الي ملابسها وقال
- يلا بينا
أومأت بنعم ليقف ومد يده لها لتضع يدها في يده وغادرا المنزل سويًا وطوال الطريق كانت تتحدث كثيرًا لا تتوقف عن المزاح ولا يستطيع التوقف عن الضحك معها وصلوا أخيرا الي بيت أهلها وكان استقبالهم لهم شديد الترحيب والسعادة … وكانت هذه فرصه كبيره ومهمه ل "سكن" حتى تكسر الحاجز الأخير الذي تبقى بداخلها … وبداخل "ياسين" وبعد ذلك لن يكون بيدها شيء أخر تقوم به
اليوم سوف تضع بيد "ياسين" جميع الخيوط … وعليه من بعدها ان يأخذ هو خطوه تاجهها
جلست بجانبه دون ان يشعر بها فهو منشغل تمامًا بالحديث مع والدها ….. فلقد اخذت قرارها بعد ان تحدثت مع "حبيبه" و "إبتهال" تطمئن عليهم ويطمئنوا عليها …. وأيضًا تحدثت مع "حبيبة" في بعض الأمور التي كانت تشغل عقلها … وبحثت لها "حبيبه" عن أجوبتها عبر الشبكه العنكبوتيه … وذلك شجعها كثيرًا على ما تنوي
عادت من أفكارها وابتسمت ابتسامة متسليه وهي تقرب يديها من خصر "ياسين" وداعبته بأطراف أصابعها لينتفض من مكانه ينظر اليها بصدمة وبعض اللوم … ليضحك "عبدالقادر" رغمًا عنه لتقول هي ببرائه
- إيه ده يا ياسين هو أنت بتركب الهوا
لتتحول نظراته الي تحذير لتخفض هي عيونها أرضًا بخجل وأدب مصطنع … ليعود ويجلس مكانه من جديد وعاد ليكمل حديثه مع والدها لكن وبعد مرور عده دقائق هادئه تمامًا كالهدوء الذي يسبق العاصفه همست له "سكن" بصوت مسموع
- ياسين ما تجيب بوسه
ليضحك والدها بصوت عالي وجحظت عيون "ياسين" بصدمه … والتفت ينظر اليها ليجدها تنظر اليه ببرائه الأطفال وكأنها لم تتفوه بأغرب شيء قد يسمعه في حياته ظل ينظر اليها دون ان يجد المقدره على الرد ليكسر "عبدالقادر" ذلك الصمت وهو يعيد انتباه "ياسين" له
- قولتلي بقا انواع الأسمنت ايه؟
لينظر له "ياسين" بتشتت ومازالت الصدمه تأثر عليه …. لتعود "سكن" للصمت من جديد … وبعد ان تخطىء "ياسين" صدمته وعاد اليه كامل تركيزه … وضعت رأسها على كتفه وضمت ذراعه القريب منها بذراعيها … وقالت بشرود متعمد
- انا بحبك اوي يا باش محترم بزيادة
لتعود ضحكات والدها من جديد لكن تلك المره شاركه "ياسين" الضحك خاصه حين قالت
- بس لو تسمع كلامي وتنحرف مش هيبقا فيه منك اتنين.
ليقف "عبدالقادر" ليغادر الغرفه وهو يقول بسعادة
- انا هخرج لان واضح ان سكن عندها شحنه عاطفيه زيادة ويعيني الباش محترم بزيادة جوزها هيموت من الكسوف مني
وغادر الغرفه واغلق الباب خلفه ليقف "ياسين" ينظر اليها بغضب وقال بصوت حاد
- ايه الحركات دي يا سكن ممكن يا فندم تفهميني
- ممكن تضربني
قالت مباشرة ودون مقدمات ليتراجع الي الخلف بصدمه لتقترب منه المسافه التي ابتعدها وكررت
- اضربني يا ياسين مش انا قليله الأدب اضربني
وامالت رأسها الي الجه الأخرى وهي تقول
- خدي اهو اضربني
ظل الموقف ثابت لعده لحظات حتى بدء اليأس يتسلل أليها لكن عيونها جحظت بصدمه مع ابتسامة سعادة حين ضربها صحيح ضربه رقيقه لكنه ضربها ولم يكتفي بهذا بل انه امسك خصلات شعرها ببعض القوه وهو يقول
- بتتريقي عليا قدام والدك … وتحرجيني وبتقولي عليا الباش محترم بزيادة انا بقى هوريكي العربجي اللي جوايا
وأقترب منها يقبلها بعنف وقوه … كان قلبها يتقافز داخل صدرها بسعادة … إنها استطاعت كسر حاجز الادب وعلاقات خدمه العملاء … ابتعد عنها يحاول التقاط انفاسه … وعيونه تلمع بمشاغبه لأول مره تراها
لتشعر بحركه يديه بين خصلاتها التي كانت بين يديه الان لكن حين جذب رأسها للخلف فهمت انه كن يلف خصلاتها على يديه … واقترب منها من جديد وهو يقول
- خرجتي المارد من جوايا واستحملي بقا … يااا يا بنت قلبي
وانقض عليها من جديد يقبلها بقوه ومن بين كل قبله واخرى يهمس لها ببعض الكلمات الوقحه تجعل وجنتيها تتلون بجميع انواع الخجل والسعادة أيضًا
طرقات على باب الغرفه نبهتهم لما يفعلانه واين هم لتكتسي ملامح "سكن" بالخجل ليضمها الي صدره وهو يقول بلوم ومرح
- جايه دلوقتي تتكسفي يالي فضحانا
لتضحك وشاركها هو الضحك أيضًا لا يعلم ماذا حدث وكيف لكن كل ما يعرفه إنها استطاعت كسر كل حواجزه ومخاوفه … وحررته من قيودة
وانه لم يعد من الان (( الباش محترم بزيادة))
~~~~~~~~~
بعد مرور خمسه عشر سنه وفي ذلك التجمع الذي اصر عليه والدها رحمه الله وحافظت عليه هي و"حبيبه" حتى بعد وفاه خالتها "ابتهال"
وبداخل نفس الغرفه بمنزل والدها الذي كُسر فيها كل القواعد وكل المحظورات … وككل تجمع يجذبها الي داخل الغرفه في غفله عن الجميع …. حتى يعيدوا التجربه من جديد …. سرقه بعض لحظات من طيش وجنان كما فعلوها اول مرة …. كان يضمها بقوه يقبلها بعشق …. وحين شعر بحاجتهم الي الهواء ابتعد عنها لكن ظلت عيونهم متعانقه وقال بصدق
- أنتِ سكن … بجد سكن … انت الحياه … غيرتيني كسرتي كل الحواجز اللي كانت مكتفه قلبي وروحي …. اظهرتي الباش محترم بزيادة …. وزينتيه بياسين السافل اللي عارف معني الحياه …. وعارف ازاي يعيش ويتبسط … وعارف امتى يكون باش محترم بزيادة وامتى يقدر يكون سافل ويعيش لحظات السعادة الحقيقيه في حضنك …. أنتِ بس
أبتسمت بسعادة كبيرة وهي تحاوط وجهه بيديها وقالت بصدق
- وانا بحبك في كل حالاتك يا احلى باش محترم في الدنيا
تمت
#سارة_مجدي
# قصةِ الباشِ محترمِ بزيادةٍ