" " " " " " " " عُقاب شمهورش الفصل الأخير
📁 آحدث المقالات

عُقاب شمهورش الفصل الأخير


بعيد عن ان سهر ابتديت تختلق اعذار لعُقاب وتبعده عنها بأنها تقرب من ربنا من بعد ما مشينا بأعجوبة من البيت اللى محدش حاول يقرب منه بسبب الاصوات اللى كان عُقاب بيتعمد انها تخرج من بيتنا علشان الناس تخاف،  كانت حالة ايات متتوصفش، منهارة انهيار تام، منظر ابوها مش بيروح من قدام عنيها، عدم قدرتها فى السيطرة على نفسها بأنها تهون على نفسها بالصلاة والقرأن وذكر الله كان سبب فى ان حالتها تسوء اكتر واكتر، لكن مع كل الانهيار اللى فيه كانت بتحاول تطلع حزنها فى دراستها وبس، برغم سكوتها دايما الا انها اوقات تدخل الحمام ونسمع صوتها وهي بتتكلم مع حد مش طالعله صوت ونلاقيها بتقول بصوت ضعيف:
- حاضر، مش هصلي، مش هخرج...مش هتكلم مع حد.
كانت تعيط سهر وتفضل تدعيلها لأنها عارفة ان عُقاب بسبب عجزه عن انه يوصلها بيطلع غضبه فى ايات، لكن مرة مع التانية سمعناها وهي بتقول:
- يابابا انا تعبانة، جسمي كله بيوجعني، يا بابا ده كل يوم بيقطع من جلدي...شوف يا بابا جسمي بقى عامل ازاي!
اول ما سمعنا الجملة دي فتحت الباب بتاع الحمام بالراحة اوي وكانت سهر واقفة جنبي..وشوفنا جسم ايات اللى كان منظره يوجع القلب حرفيا، جسمها متقطع ومليان جروح زرقا وناشفة ولون جسمها اللى كان ابيض زي الفل بقى كأنه محروق، برغم ان وشها مفيش عليه اي علامات زى اللى فى جسمها مش اكتر من ملامحها اللى بقيت كئيبة وحزينة والسواد اللى حوالين عنيها من قلة النوم، سهر اول ما شافت جسم ايات بالشكل ده شهقت بصوت مسموع، وهنا التفتت ايات لينا وبصيتلنا بغضب ووقعت من طولها فى مكانها، كانت سهر لسه هتجري عليها لكن انا منعتها تدخل جوة، جريت انا عليها حاولت اشيلها لحد ما سحبتها برة الحمام وسندتها معايا سهر من برة لحد السرير احنا التلاتة كنا قاعدين فى لوكاندة على قد حالها كده وفى اوضة واحدة، حطيناها على سريرها وابتديت ارقيها، كنت كل ما اقرأ سورة او اردد اية الاقي جسمها بيتنفض، هنا سهر قالتلي:
- ماما كفايا انتي كده بتعذبيها، هو مش هيسيبها، احنا لازم نسعى فى اننا نلاقى حد كويس نجوزهاله.
رديت عليها بقلة حيلة:
- وهنجيبه منين يابنتي؟ احنا لا نعرف حد ولا حد يعرفنا، وبعدين انتي شايفة حالها، اللى فى حالتها دي مين هيفكر يقرب منها؟
سهر بتفكير:
- بصي يا ماما الحل الوحيد هو اني ارجع اساير عُقاب من تاني لحد ما ترجع لحياتها ونوصل للي احنا عايزينه.
رديت عليها بعدم اقتناع:
- لاء يا سهر، احنا بنحاول نبعده عنك بكل الطرق، يابنتي ده البرشام اللى بتاخديه علشان ميجلكيش العذر الشهري خلاكي فى وزن الفيل ورجليكي مش شايلاكي بس مش بتبطليه علشان تفضلي ملتزمة بالصلاة، عايزانا بعد ما وصلنا لكده تتفق رمعاه تاني وترجعي تفتحي سكة بينك وبينه؟
سهر بيأس:
- بصي هو انا مش عارفة المفروض اتصرف ازاي بالظبط، لكن مفيش حل تاني غير كده، بصي يا ماما انا قرأت انه مستحيل يلمسني طول ما انا على طهارة ووضوء، وانا هفضل على طهارة علطول زى ما انا، وبيكون فيه حاجز بيني وبينه بيمنعه انه يكشف عورتي طول ما انا على طهارة حتى لو فى الحمام، لكن مفيش حجاب بيني وبينه يمنعه انه يتكلم معايا، وده اللى هحاول استغله...هوصله اني لسه مش مقتنعة بأني ابقى مع عفريت، ولسة مش عارفة ابقى مطمنة عليكم ولا اسيبكم لواحدكم وانتم فى الحالة اللى انتم فيها دى، همثل عليه يا امي...
مكنتش مرتاحة للكلام:
- يابنتي انتيب تضحكي على مين؟ مش عايزة اخسركم انتم الاتنين يا سهر.
سهر:
- بصي يا امي، احنا مش خلصنا من ابويا وقتلناه برغبتنا علشان نخسر اي حاجة عموما، ومهما كانت الخساير انا مش هسمح ان خسارتنا تبقى ايات او انتي او حتى انا، وعلشان كده لازم نعمل اللى بقولك عليه.
قابيل:
- وعملت فعلا كده؟
رديت عليا وهي بتقولي بيأٍس وهي بتبص للنهار اللي ظهر نوره من الشباك:
- اه عملت كده فعلا، وهو لحد اخر وقت كان مطاوعها وبيحاول يوصلها للحالة اللى هي وهمته بأنها عايزة توصلها، ايات بقيت اهدا شوية، وهو وسهر طول الوقت بتاع الليل بيتكلموا سوا...كانت طول ما ايات صاحية وفى حالتها الطبيعية سهر قاعدة تصلي وتدعي وفى الوقت ده بيكون مش قادر يشوفها، لكن هو على اتفاقه مع سهر لحد ما تطمن على اختها وشغلها ودراستها، فى الليل كانت تستسلم  ايات للنوم كأيات لكن هو مستغل جسمها فى انه يقدر يتكلم مع سهر، استمر الحال على كده لكن ايات نفسيتها برغم انها بقيت اهدا شوية لكن لسة الحزن مأثر عليها ومنظر ابوها كان فى بالها مش بيفارقها...لحد ما خلصت الكلية وجالها التعيين، رفضت رفض تام فكرة الشغل لكن حاولنا نقنعها انها تجرب ولو مقدرتش وصممت انها متكملش شغل يبقى لها حرية الاختيار...وافقت ايات بصعوبة وكنت بتمنى من جوايا اننا نخلص من الكابوس ده، لأني بدأت احس ان سهر كمان بقيت مختلفة، حسيت انها فى اوقات بتقوم للصلاة او بتمسك المصحف بعد الحاح مني، مش عارفة ليه دخل جوايا الشك بأنها بقيت مايلة لوجوده حواليها، كنت بصلي وبدعي للأتنين وبتمنى اننا نعيش زى الناس الطبيعية بقى، كنا منعزلين عن الناس كلها، لا نعرف حد ولا حد يعرفنا، مش عايزة اقولك ان حتى زمايلهم فى الدراسة بعدوا عنهم من بعد اللى حصل مع انهم ميعرفوش حاجة بس بناتي هما اللى بقوا منطويين بسبب نفسيتهم، ومع اول يوم نزلت فيه ايات التدريب، بقيت ازق سهر زق علشان تقوم تصلي وتمسك المصحف طول الوقت، وده كان سبب فى انه يخليها تتعامل معاك بطريقة غريبة فى اول مرة اتقابلتوا فيها، وجه صوته لسهر وهي فى الحمام بيقولها:
- انا نفذت تاني اتفاقي معاكي، متحطيش حاجز بيني وبينك لأني هقتلها.
لقيت سهر خارجة بتجري بخوف وهي بتقول:
- ماما بيهددني ابطل اللى بعمله، بيهددني يقتلها، مش عايزني اقرب من ربنا، اعمل ايه؟
لقيت نفسي بعيط وانا بضرب كف على كف وبقولها:
- قولتلك يا سهر اللى بيحصل مش لعبة، قولتلك مينفعش اللى انتي عايزاه.
كنا قاعدين انا وهي مرعوبين وقلوبنا بتتنفض من القلق والخوف على ايات، لقيناها جاية وهي شايلة هم الدنيا كلها وبتحكي اللى حصل، اللى حصل بينك وبينها، وبعد ما اتكلمت عنك وقالت الكلام اللى قاله عنك المدير بتاعك علقنا نفسنا بأنك تكون انت الامل اللى قدامنا، وعلشان كده اتعمدت اني اجي اقابلك...بس نظراتك لسهر هو شافها من خلال ايات، اعجابك بسهر كان واضح له من اول لحظة وعلشان كده انا وسهر لحد اللحظة دي مش عارفة احنا ازاي وصلنا اللوكاندة بالسرعة دي بعد ما كنا واقفين قدامك، لكن بقينا مش مستبعدين اي حاجة تحصل باللي احنا عايشين فيه.
قابيل:
- وبعدين؟
رديت عليا وهي بتحاول تبتسم:
- ولا قبلين، احنا عايشين بينكم اهو من وقت ما انت جيبتلنا الشقة دي، وانا وسهر بنتفق ازاي نخليك تطلب الجواز منها بسبب كلام ابوك عنك واحترامك اللى احنا لاحظناه....بعيد عن ان سهر كمان لاحظت اعجابك بيها ومش عايزة اقولك ان للحظات هي حسيت من ناحيتك بحاجة، لكن خوفها منه وخوفها على اختها منعها من انها تستمر فى الاحساس ده.
قابيل:
- وانتم علشان تحافظوا على نفسكم تأذوا غيركم؟
رديت هي بخجل:
- مش اذى يابني، هو مش هيأذي بني ادم قريب من ربنا، والا كان قدر يسيطر على سهر ويوصلها وهو كل لحظة عايزة ورغبته فيها بتزيد، الحاجز اللى بينها وبينه هو مش عارف يتخطاه، بس بيمارس تعذيبه على ايات، وانت راجل محترم وملتزم يعني هتبقى متحصن منه وهتبقى حصن لبنتي كمان، انا عارفة ان اللى بطلبه صعب على اي حد، وعارفة ان انت مالكش ذنب فى اللى احنا فيه، وعارفة ان مش ايات هي اللى قلبك دق ليها، لكن ده رجاء ام، لو محصلش وقدرنا نحجمه ونبعده عن ايات مش بعيد يخلص منها لأنه مش قادر يوصل لسهر، هو هددها بكده.
قابيل:
- بس...
ام ايات:
- فكر يابني، انت مش ملزم بأن ده يحصل، لكن بنتي ايات رافضة انها تنزل تشتغل تاني، وفرصها فى انها تقابل حد ضعيفة اوي، ويعالم حتى لو قابلت هيكونوا ناس محترمة وبتاعت ربنا زيكم ولا لاء؟ اكسب فينا ثواب ده معروف هفضل شايلاه ليك العُمر كله، وصدقني انا وبناتي هنبقى تحت رجليك، ولو عايز تتجوز على بنتي واحدة واتنين وتلاتة محدش فينا مستحيل يعارضك، بس خليك انت الحصن ليها.
قابيل:
- مش عارف، مش قادر افكر ولا قادر اقتنع، انا حاسس اني خارج من فيلم سنيما...
ام ايات:
- ابوس ايدك يابني، اعتبرني امك وبترجاك.
قابيل:
- انا لازم انزل دلوقتي، تعبان جدا وبقالي كتير صاحي ومش قادر اقاوم اكتر من كده، انام واصحى من النوم افكر واشوف هوصل لأيه واقولك.
ام ايات:
- هستنى ردك، وخليك عارف انا مش عايزة منك قشاية، جوازك من بنتي من الابرة للصاروخ مش هكلفك فيه قرش صاغ.
قابيل:
- ربنا يسهل.
نزلت البيت لقيت ابويا صاحي وقاعد فى الصالة وباين عليه القلق، اول ما دخلت من باب البيت لقيته قام من مطانه وهو بيقول بخوف:
- ايه يا بني؟ فينك كل ده؟ قلبي واكلني عليك ومش عارف اروح ولا اجي اشوفك فين.
وطيت على ايديه بوستها وانا بطبطب عليها وبقوله بأرهاق:
- معلش يا حاج، كان عندى مأمورية تبع الشغل وكان لازم اسافر فجأة، ارتاح بس شوية ولما اصحى ابقى احكيلك.
بركة:
- حمدالله على سلامتك يابني، ادخل ارتاح، الحمد لله اني اطمنت عليك.
بوست دماغه وسيبته ودخلت اوضتي ومن غير حتى ما اغير هدومي رميت نفسي على السرير محستيش بالدنيا، لكن كل اللى فاكره اني فى الحلم شوفت نفس الست اللى كنت هخبطها بعربيتي بنفس الجملة اللى قالتهالي يومها، دى الحاجة اللى فاكرها من النوم الطويل اللى نمته فى اليوم ده، كنت غرقان فى النوم لدرجة ان ابويا بيصحيني وهو بيقولي:
- يابني العشا وجبت، هتنام لبكرة ولا ايه؟
فتحت عيني بكسل وتعب كأن جسمي مشلول من الارهاق، بصيتله بدهشة وانا بقوله:
- بتقول ايه؟ احنا امتى يابابا؟
بركة:
- خلاص يابني اذان العشا وجب، اليوم ضاع منك، قوم بقى الحق المغرب قبل العشا ما تأذن.
نمت كتير اووووي فعلا، قايم جسمي مكسر لكن فعلا دخلت اتوضيت ولحقت المغرب وبعدين نزلت صليت العشا فى المسجد، طلعت قعدت مع ابويا وحاولت محكيش اي حاجة عن اللى الست اتكلمت معايا فيه، اللى استغربت منه بس ان ابويا لقيته بيقولي:
- غريبة يعني، لا البنات ولا الحاجة حد منهم ظهر النهاردة، محدش فيهم حتى سأل زى كل يوم.
رديت عليه وانا مستغرب ليه محدش ظهر؟:
- عادي يا حاج، متعرفش ظروفهم ايه، وبعدين الناس دى اخدتك مني.
رد ابويا بضحك:
- ونس يابني، ناس طيبين وولاد اصول، بنات محترمة، ربنا يوفقك مع واحدة منهم والله يابني امنيتي اللى بتمناها من ربنا اني اشوف عيالك بقى.
ابتسمت وانا بقوله:
- يعني انت تطنش المأمورية اللى قضيت فيها يوم ونص بحالهم بعيد عنك، وتتكلم وتسأل عن الحاجة وبناتها؟ اتغيرت ياعم بركة.
بركة بضحك:
- اونطجى انت يا واد يا قابيل، يابني عايز ارتاح واطمن عليك، بص بلاش جواز علطول، بس حتى نتكلم ونقرأ فاتحة وخطوبة على الضيق كده تعرف فيها البنت وتاخدوا على بعض ومتاخدوش خطوة الجواز الا لما تكون انت وهي مقتنعين.
قابيل:
- خايف انا يابابا، مش حاسس اني مرتاح، ولا متحمس، ولا حاسس بأني هي دى اللى انا عايزها.
بركة:
- ياحبيبي يابني، بلاش تحكُم على الحاجة من بعيد، جربوا ولو متوفقتوش مع بعض يبقى نطلع بالمعروف.
قابيل بأبتسامة:
- اللى فيه الخير يا حاج.
بركة:
- هدعيلك ربنا يكرمك مع ايات، انا البنت دى داخلة قلبي، هدخل اقرأ الورد بتاعي وادعيلك.
سابني ابويا ودخل اوضته وقعدت افكر فى كل اللى اتقال، حسيت ان من جوايا عندى استعداد اني اساعد فعلا، صعبانة عليا ايات جدا، صعبان عليا حالهم واللى هما فيه، مش عارف ليه حسيت اني لو فكرت بعقلي هتكون النتيجة لصالحهم فعلا، شوفت ان الشهامة بتقول اني متأخرش عن اني اكون سبب فى شفا بنت زى ايات من الشر والاذى اللى ابوها اتسبب لها فيه، بعد تفكيررررر طويل اوي استمر تقريبا لقُرب الفجر لقيت نفسي باخد قرار بأن انا هبلغ ام ايات بأني موافق...وصليت الفجر ونمت.

تاني يوم طلع النهار، وكنت واخد اجازة لسه، طلعت فطرت مع ابويا وقولتله على الفطار:
- عندي ليك خبر هيفرحك..
ضحك ابويا من قلبه وهو بيقولي:
- ربنا يريح قلبك يابني، اخيرا هتفرحني؟
قابيل:
- اعمل ايه بقى يا حاج؟ مقدرش ارفضلك طلب، اطلع اتكلم مع الحجة وشوف هتتفق معاها على ايه؟
سابني ابويا من غير ما يقول كلمة تانية ومن فرحته سحب العباية بتاعته حطها على كتفه وهو بيفتح باب الشقة وطلع على الست ام ايات، اللى بعد دقايق من طلوع ابويا سمعت صوت زغاريد، من جوايا مش مرتاح ولا مقتنع باللي انا قررت اعمله، لكن عقلي بيقولي ان دى اصول وده الصح، نزل ابويا بعدها بشوية وهو بيقولي، بكرة يابني ننزل نجيب الدهب ونطلع نتفق مع الست، ونقرأ فاتحة على الضيق كده علشان هي مكسوفة اننا نعزم اهلنا وهما لواحدهم مالهمش حد.
قابيل:
- اللى تشوفه صح يابابا اعمله.
مش عارف ازاي نزلنا جيبنا الدهب وعملنا الخطوبة من غير اي مظاهر للفرحة، لكن نظرات سهر ليا كان كلها مش مفهومة، اما ايات فكانت فى قمة سعادتها اللى اول مرة اشوفها فيها من اول ما قابلتها، كانت والدتها مش عارفة تعمل معايا ايه ولا ايه، كانت باقي بس انها تشيلني تحطني على رأسها، وبرغم سعادتها دي لقيت سهر بتقول:
- بس معلش وبعد اذن ماما، الجواز مش هيتم غير بعد ما تكونوا انتم الاتنين على اتم استعداد للجواز، لأن انتم لسه متعرفوش بعض ولا تعرفوا طباع بعض.
حسيت من كلامها انها زعلانة، او ان هي كمان كانت عايزاني زى ما انا كنت عايزها، مكنتش عارف بالظبط هل هي بتتكلم من دافع خوفها على حياة اختها من الفشل معايا، ولا من دافع غيرتها واعجابها بيا، طبعا انا وافقت على كلامها لأن ده نفس اللى اتفقت عليه مع بابا، وبقيت تمر الايام بسرعة رهيبة، مش بحس بمعظم الوقت، حتى ابويا كان حاله غريب، طول ما انا فى البيت يا هو نايم يا أما قاعد مع الست ام ايات فوق، ايات كانت زى الملايكة معايا حرفيا، مفيش اي حاجة غريبة ظهرت عليها طول الفترة اللى كنت معاها فيها، بنت كاملة فعلا، اما سهر فكانت بتزيد جمال فى عيني كل يوم عن اللى قبله، ويمكن اتعلقت بيها وانا خاطب ايات اكتر ما كنت متعلق ومعجب بيها قبل ما اخطب اختها، لكن ده مكانش سبب فى اي حاجة غلط تحصل، بالعكس كنت بحاول ارضي ايات بكل الطرق، كنت بفرح اوي بنظرات الغيرة اللى بحسها مع سهر احيانا، وبرغم ان ايات مبسوطة معايا جدا، الا انهم كانوا رافضين اننا نتمم الجواز، وانا مستمر فى شغلي وفى حياتي اللى اتقفلت عليهم بعيد عن كل الناس، ما بصدق ارجع البيت علشان اقعد معاهم، الغريب ان معظم قعداتي معاهم كنت مش بفتكر منها حاجة بعد ما ببقى قاعد مع نفسي لكن كنت مبسوط...فات وقت طويل وفجأة لقيت ايات فى يوم بتقولي:
- اخيرا يا قابيل، اخير عيد ميلاد هتقضيه وانت مع باباك.
ابتسمت وانا بقولها:
- اخيرااااا، رضيتي وقررتي نتجوز؟ ده احنا مخطوبين بقالنا كتير اوي، اول مرة اشوف عروسة تبقى هي اللى عايزة الخطوبة تطول بالشكل ده.
أيات بأبتسامة مريبة:
- مش لواحدي يا قابيل، يلا اجهز بقى علشان ماما وسهر بيجيبوا التورتة وراجعين.
فعلا دخلت اغير هدومي، وهي طلعت بيتهم تغير هدومها، وابويا كمان وقف يجهز الترابيزة وهي خلصت فوق ونزلت كملت معاه، ووصلت حماتي وسهر، سهر اللى اول ما شوفتها حسيت لأول مرة ان قلبي اتخطف، مش خطفة اعجاب، لالا خطفة استغراب، بغض النظر عن جمالها وابتسامتها اللى اول مرة اشوفها تقريبا، وبغض النظر عن اللبس المختلف تماما عن ستايلها فى العموم، لكن حركاتها اللى كانت زى الريشة وخفتها ودلعها وصوتها الناعم اللى لأول مرة تتكلم بيه كانوا اغرب من بعض بالنسبالي، كنت ببصلها بأستغراب لكن خطفت عيني ايات بسعادتها المبالغ فيها وكأن عيد ميلادي ده اسعد مناسبة مرت عليها فى حياتها، فرحتها كانت كبيرة اوي وغريبة، حتى حماتي لأول مرة اشوفها حاطة مكياج على وشها، الست من يوم ما قابلتهم وهي فى قمة الاحترام، كلهم كانوا اغرب من بعض، ابويا كان بيتفرج عليهم ولأول مرة برغم سنه الكبير اشوف فى عنيه نظرة الرغبة اللى خوفتني دي، كان بيبص لحماتي بطريقة غريبة يمكن مشوفتهوش بيبص بيها لأمي عمره كله، وفجأة أتجمعنا حوالين التورتة وطفوا النور وانا مش مرتاح ابدا لكل اللى حواليا، وبدل ما اسمع اغنية عيد ميلادي سمعت صوت حماتي وهي بتقول بثقة وصوت قوي:
- النهاردة يوم اتمام العهد، واخيراااااا وصلنا للحظة الحصول على الكنز الاكبر....
وقبل ما ابص ناحيتها حسيت بسكينة غرزت فى ضهري، مموتش لكن الالم خلاني شبه الفرخة المدبوحة، شايف اللى بيحصل حواليا كله على ضوء شمعة التورتة لكن مش قادر اتكلم، وسمعت صوت حماتي وهي بتقول:
- عُقاب...ملك المردة السفليين، مع كامل ولائنا وطاعتنا لملكك العظيم، بنقدم ليك القربان الثاني، بوابتك لعالم البشر، برجاء خادمة ذليلة من خدامك المطيعين اتوسل اليك فى قبول القربان وقدرتك على التجسد فى جسمه الشاب اليافع لأتمام طقوس زواجك من ابنتاي.
كنت مصعوق وانا سامع صوتها وهي بتردد الكلام ده ومش قادر اقاوم، هي عارفة ضربتني ازاي ضربة متقتلش، هي عايزة روحي تفضل موجودة، لكن ضعيفة، وفجأة لقيت ايات بتبتسم ابتسامة مريبة وبتطلع ازازة صغيرة وبترش منها عليا وهي بتقول:
- دنسته يا مفتاح كنزنا لعالم الجن، تقدر تتملك منه اللحظة دي.
وسمعت سهر وهي بتقول بصوت كله نعومة غريبة:
- جاهزة اني اكون حامل فى ابن اعظم مردة العالم السفلي...تنتقل روحك لعالمنا بسلام يا عُقاب.
وفى لحظة حسيت ان روحي بتطلع كأنها شوك من جسمي، لكن مش عارف ايه اللى حصل بعد احساسي بالألم، كل اللى فاكره اني فتحت عيني لقيت نفسي مرمي على الارض وكل حاجة حواليا زى ماهي، التورتة والترابيزة اللى عليها الحاجة الساقعة، عباية ابويا اللى واقعة جنبي على الارض، بيتنا اللى مفيش حاجة اتغيرت فيه، لكن اللى متغير مكان الجرح اللى اتجرحته قبل ما اغيب عن الوعي...اختفى...لمست ضهري وبصيت على الارض مكان ما كنت مرمي لقيت مفيش اثر للدم، استغربت وانا من جوايا بتمنى انه يكون كابوس قومت من مكاني وانا حاسس اني عضمي كله واجعني، مشيت بالراحة دخلت اوضة ابويا لقيته مش موجود، ببص حواليا فى البيت كله مش لاقى اي حد، قررت اني هطلع اشوفه فوق عند ايات واهلها...بمجرد ما حطيت ايدي على اوكرة الباب شوفت حاجة صعقتني...ايدي مكرمشة وكأن جلدي دى فات عليه اكتر من سبعين سنة، لقيت نفسي ببص لأيدي كويس وبمد ايدي على وشي حسيته هو كمان مليان تجاعيد، جريت على المرايا علشان اشوف منظر كان كفيل انه يكون سبب فى جناني....لقيت وش ابويا وجسمه هما اللى فى المرايا، برغم ان من جوايا انا قابيل لكن جسمي مش هو، كل حاجة فيا ظاهريا مش انا...ابويا، طلعت فوق وانا رجليا شايلاني بالعافيه، بعافية راجل سنه تجاوز السبعين، خبطت على الباب لكن مفيش اي حد موجود، اختفواااااا...ايات...سهر، امهم وجسمي وابويا مفيش اي حد غيري، حتى اللى موجود شكلا مش انا، اتجننت واتصلت بالبوليس اللى حكيتله تفاصيل كل حاجة وبالنسبالهم طبعا مفيش اي حاجة تدل على صدق كلامي، كل اللى بقوله وحصل فى عيد الميلاد يدل على اني مجنون، ان جسمي لشخص وروحي لشخص تاني فده جنان فعلا، واثناء التحقيق سمعت صوت فى وداني بيقولي:
- كنت انت المختار لعُقاب ابن شمهورش علشان تكون البوابة اللى يقدر عن طريقها يتمم جوازه ببنات عالم البشر، كنت انت المختار علشان يكون جسمك هو السبيل لحمل بنات البشر من مردة العالم السفلي، جسمك انت هيكون هو السبب فى انجاب مفتاح اعظم مقبرة فرعونية موجودة تحت بيت بركة، البيت اللى حاول كتير خادمنا يساعدنا فى فاتحه لكن مقدرناش غير عن طريق الوصول لدم من البيت ده، قبلنا نضحي بالخادم علشان دم بناته مليان شر وخبث وده المطلوب من اللي هتشيل في احشائها سلالة عُقاب ملك المردة، خلصنا من خادمنا ومن ابوك ودلوقتي ده دورك، بس مش روحك المطلوبة، انت الدم وانت الجسم وانت اللى عُقاب هيعاشر بنات خادمنا عن طريقه وهيجيب منهم مفاتيح المقبرة...روح بركة هي القربان الاول، وانت القربان التاني....مش هتوصل للهروب من مصيرك مهما قولت، هتفضل مجنون لحد ما تموت بين اسوار مستشفى المجانين، الرصد اللى اجدادك وكلوه على المقبرة كان اقوى من اننا نقدر عليه غير بالطريقة دي، وانت كنت اخر طريق لينا هنوصل منه.

كل الكلام اللى كان فى ودني ده خلاني اسرح واتشتت عن الرد على كل الاسئلة اللى كان الظابط بيسألهالي، نظراتي وذهولي من اللى بسمعه كان سبب مقنع اكتر بالنسبة للظابط علشان يقول اني فعلا مش متزن عقليا، وامر بتحويلي لمستشفى الامراض النفسيه....ومن ساعتها ومش عارف مر وقت قد ايه على وجودى هنا مع ورقي ده كله اللى مفيش ورقة فيه مش مكتوب فيها كل اللى انتم قرأتوه ده، وبرغم اصراري على كتابته فى كل ورقة الا انهم لسه مقتنعين اني مجنون، ومع كل يوم بيمر قوة جسمي بتضعف اكتر، وحاسس ان جسمي قرب يغلب روحي بعجزه وضعفه واستسلامه للرحيل من الدنيا المخيفة دي، اما هما فأختفوا تماما،مثلوا عليا وصدقت لأقصى درجة، كانت تمثيلية مقنعة وممثلينها قدروا يتقنوا الدور لحد ما رموني فى السجن اللى عايش فيه ميت ده، وصلوا او موصلوش مش عارف، من وقت دخولي بين الجدران دي وانا اتنسيت.

تمت
تعليقات