" " " " " " " " الفصل الأخير من للقدر دائماً رأي آخر
📁 آحدث المقالات

الفصل الأخير من للقدر دائماً رأي آخر

كاد ان يدلف الي الشركة حين وجدها تنزل اخر درجات السلم الخارجي للشركة بطلتها المميزة... وحجابها الرقيق الذي يزين وجهها ويبرز ملامحها الرقيقه 
وقف في مكانه لترفع هي عيونها تنظر اليه ... رجل وسيم حقًا بجسد رياضي... وعضلات بارزه بشرة سمراء ذات لمعه مميزة خشنه تدل على العمل لفترات طويله تحت أشعه الشمس كانت تفكر هل هذا لون بشرته الحقيقه ام انه تأثير الشمس بالفعل لكنه قطع تفكيرها وقال 
بابتسامه بسيطة: 
- ازيك يا أنسه نادين؟ يارب تكوني بخير 
- الحمدلله .. كويس اني شوفت حضرتك كنت عايزة أشكرك على اللي عملتوا معايا 
اجابته بثقه رغم ان جسدها ينتفض خجلا ... فمن يقف امامها هو من مزق ملابسها وامسك يديها وحملها وهي فاقدة للوعي لتجد نفسها رغمًا عنها تنظر أرضًا بخجل ليقول هو سريعًا بعد ان لاحظ تحول ملامحها للخجل:
- مفيش داعي للشكر ... انا معملتش غير واجبي واللي شوفته مناسب علشان نقدر نبعد عنك الحيوان ده وللأبد 
صمت لثوان ثم قال:
- في الحقيقه انا عايز اعتذرلك .. اني ... أقصد .. بصي من غير شرح ... انا آسفه.
رفعت عيونها له لتجده ينظر في اتجاه اخر وهو يقول اخر كلماته ... يديه الاثنان في جيب بنطاله ... كطفل صغير يشعر بالخجل، لم تعقب على كلماته ليقول من جديد:
- عايز اطمنك عيسى معمول معاه الواجب وزيادة ... انا موصي عليه كل حبايبي .. لو خرج مش هيبقا فيه حيل يبص لاي بنت مش يتحرش ولا يغتصب 
لتشهق بصوت عالي ليقول سريعًا:
- انا اسف .. انا مش بعرف ازوق الكلام أعذريني 
- مفيش حاجه 
قالت كلماتها وهي تتحرك من امامه ... وأكملت قائله 
- عن إذنك وشكرًا مره تانيه
لم يعقب هي في الاساس لم تعطيه الفرصه ... وغادرت سريعًا ... ظل ينظر اليها حتى صعدت الي السيارة التي كانت في انتظارها ... أخذ نغس عميق وهو يفكر ان بتلك الفتاه شيء ما يجذب اليها الرجال ... ربما خجلها، او رقتها ... او خليط مميز بين الاثنان وشيء اخر لا سعرفه ... خرج من افكاره وهو يبتسم ابتسامة صغيرة ثم صعد الي صديقة
~~~~~~~~
عاد سليم يجلس خلف مكتبه ... وهو يشعر بنار حارقه تشتعل داخل صدرة ... هل عمر معجب هو الاخر بنادين .. كل من يراها يقع في غرامها وهو عليه ان يظل صامت لا يتحدث 
كيف يفعل ذلك؟ كيف يسمح للجميع ان ينظرون الي دينا بأعجاب؟ 
قديما ابتعد عن صديق عمره من أجلها واليوم يراها تقف أمامه يتحدثان ويرى نظره الإعجاب في عينيه لها ولم يذهب اليه يحطم أسنانه ... دينا له فقط ولن تكون لغيرة 
طرقات على باب مكتبه ... ثم دخول عمر المميز والذي قال بمرح بعد ان اغلق الباب 
- قابلت نادين تحت ... هي هربانه من الشغل ولا أخدت آذن رسمي 
ليبتسم سليم رغمًا عنه وقال بأسف:
- لا دي سابت الشغل خالص
ليقطب عمر حاجبيه باندهاش وقال بصدمة:
- ليه؟ هو في حاجه حصلت انا معرفهاش ؟
- يعني هي مقالتش ليك؟ 
قال سليم ببعض الضيق ... ليجييه عمر بهدوء وصدق
- وهتقولي ليه هو انا من بقيت عليتها 
صمت لثوان ثم قال ببعض الخبث
- لو تقصد لما قابلتها عند مدخل الشركة .. كنت بعتذر لها عن اللي حصل وهي بتشكرني مش اكتر 
ليلوي سليم فمه بمعني انه لم يصدق ... ليقف عمر وقال ببعض الحزن 
- هو انت شايفني ازاي يا سليم؟ خلي بالك دي تاني مره ... وبعدين الغيرة اللي جوه عنيك دي معناها ايه؟ معناها انك نسيت دينا وبتحب نادين ... ولا غيره اخ على اخته؟ بلاش كل ده ليه ديما شايف اني راجل ندل وخسيس واني هطعنك في ظهرك 
وقف سليم وقال بضيق من نفسه ... خاصه وكلمات عمر وضعته أمام حقيقه نفسه وأمام كل ما هو لا يعلم تفسير له:
- انا عمري ما شوفتك خسيس وندل ... انا بشوفك احسن انسان في الدنيا وعلشان كده بخاف ... بخاف ان اللي حوليا يشوفوا ده ويبعدوا عني ... مش انت اللي ندل ... انا هو اللي ندل يا عمر وجبان كمان ... معنديش ثقه في نفسي... وبخاف من الخسارة ... وبخاف ابقى لوحدي رغم اني طول عمري لوحدي.
جلس بتهالك فوق الكرسي الخاص ليشعر عمر بالشفقه عليه رغم حزنه من مواقفه معه فأقترب منه وقال 
- أتكلم يا سليم ... خرج كل اللي جواك أتكلم وكأنك لوحدك كأنك بتكلم نفسك.
ظل سليم صامت ينظر الي صديقه وكأنه يرجوه ان يساعده ... ليشعر بالشفقه عليه حقًا ... ظل صامت ينظر الي صديقه بدعم ... وبعد عده دقائق قال سليم والدموع تتجمع في عينيه
- انا خسرت كل اللي بحبهم يا عمر .. ابويا وامي .. ودينا ... مبقاش ليا في البلد هنا حد الوجع كان موجود في كل مكان وفي كل حاجه حوليا ... سافرت ... او هربت... بس مكنتش قادر اقعد هنا امشي في نفس الطريق اللي مشيت فيه معاها ... اقعد في نفس الأماكن لوحدي من غيرها ... سافرت شغلت نفسي في الشغل ... والجيم علشان هي كانت ديما تقولي لو عندك شويه عضلات هتبقى ولا ابطال الروايات لبسي تلقائي من بعد موتها بقى كله اسود زي ما هي كانت بتحب ... حتى دقني كانت رغبتها اني اطولها ... انا حياتي كلها بقت بدور حوليها هي ... هي جوا كل تفاصيلي
- طيب ونادين؟ 
سأله عمر مقاطعًا سيل كلماته ليرمش عده مرات ثم قال 
- كلها دينا ... اسلوبها في الكلام ... افكارها المبتكرة في الشغل ... خجلها، عقلها رغم ان ملامحها بعيدة تمامًا عن ملامح ديما لكن كل ما أشوفها قلبي يدق وكأنه هيخرج من مكانه يا عمر وكأني شايف دينا قدامي 
- طيب وهي إحساسها ايه بيك؟
سأل عمر بشك ... ليلوي سليم فمه وقال بأقرار:
- هي شايفه اني سبب موت أختها.
شعر عمر بالصدمة من كلمات صديقه... صمت سليم لثوان تحرك فيهم من خلف مكتبه حتى وقف امام النافذه وأكمل قائلا:
- بعد اللي حصلها من عيسى انا أقتنعت اني لعنه ... شر على كل اللي بحبهم .. واني  مستحقش حد يفضل جمبي ومعايا .. واي حد هيقرب مني هيجي يوم ويمشي او هيتأذي بسببي.. زي ابويا وامي ودينا ونادين .... حتى أنت يا عمر بأذيك بكلامي وتصرفاتي 
أقترب عمر من مكان وقوفه وقال بصدق
- أنت محتاج مساعدة يا سليم 
التفت سليم ينظر اليه ... ليخرج له بطاقه وقال موضحًا:
- ده عنوان دكتوره نفسيه شاطرة جدًا... ومش علشان خطيبتي بقول كده على فكرة ... بس هي فعلا دكتوره شاطرة وهتساعدك بجد لانها في وقت معين ساعدتني 
ارتسم الزهول على ملامح سليم ... الذي يشعر الان كم هو ضيق التفكير وسيء الظن ... ليكمل عمر كلماته
- وانا مليش دعوه بالموضوع لحسن تفكر ان الحكايه كوسه ولا هي ممكن تحكيلي حاجه ... ولو مش عايز فيروز ممكن نشوف دكتور تاني . 
ظل سليم صامت لا يجد ما يقوله يريد ان يعتذر ... ان يشكره لكن الكلمات ابت ان تخرج من فمه ... ليتحرك عمر كي يغادر ليوقفه سليم قائلا
- عمر 
التفت عمر ينظر اليه ليقول سليم بصدق
- انا اسف ... وشكرًا 
أبتسم عمر ابتسامة صافيه وقال بصدق مشابه
- انا في الخدمة ديما يا صاحبي.
وغادر المكتب ليظل سليم واقفًا في مكانه ينظر الي الباب المغلق ... ثم التفت ينظر من النافذه على صديقه وهو يعبر الشارع ثم صعد الي سيراته وغادر في هدوء  لينظر الي تلك البطاقه بين يديه وهو يفكر بجديه في الذهاب اليها ... حقًا هو بحاجه لمن يساعده ويريح قلبه وعقله. 
~~~~~~~~~~~
مر اكثر من شهر لم تطول التحقيقات فعمر كان يسعى وراء انهاء الامر بشكل سريع وتم تحويل عيسى لمستشفى الامراض النفسيه والعقليه للكشف الطبي على سلامة عقله ... فخلال التحقيقات كانت تصدر منه تصرفات غريبه جعلت المحقق يشك في سلامته العقليه ... ومازال الامر معلق حتى يُكتب التقرير الطبي ... فهو يريد ان يطمئن نادين ...  وكذلك سليم الذي ذهب وأخيرًا الي فيروز ... كانت جلستهم  الاولى منذ يومين فقط ... ظل طوال هذا الوقت يماطل في فكره الذهاب ...وعمر تركه على راحته ... فعليه ان يذهب اليها بكامل إرادته وفي أخر الامر ذهب وتلك خطوه جيده له
~~~~~~~~~~
وصل سليم الي عيادة فيروز ... هذه زيارته الثانيه لها ... الجلسه الماضيه لم يستطع التحدث معها براحه رغم بالها الطويل ... وابتسامتها المريحه التي تجعل من يجلس امامها يشعر بالراحه والطمئنينه وأيضًا يشعر برغبه قويه في الحديث لكنه لم يستطع ... حضر اليوم ولا يعلم هل سيستطيع الحديث واخراج كل ما بصدره 
حين دلف الي العيادة ادخلته المساعدة مباشرة الي غرفه الطبيبه التي كانت في انتظاره بالفعل 
وحين دلف قالت فيروز بترحيب :
- اهلا باشمهندس سليم اتفضل ... حضرتك متأخر عشر دقايق
- توهت وانا جاي .. دخلت شارع غلط 
اوضح لها الامر ببعض الحرج ...  للتحرك من خلف مكتبها وجلست على الكرسي المواجه للاريكة التي جلس فوقهت وقالت:
- حصل خير حمدالله على السلامة .. انا كمان اول ما فتحت العيادة تهت كام مره كده لحد ما اتعودت وحفظت الشوارع 
ابتسم لبساطتها في الحديث والتي تجعل الامر سهل عليه قليلًا ... لكن كان يشغل عقله شيء مهم ... انها تشبه عمر كثيرًا ... واضحه، وصريحه... كصديقه الذي يواجه دائمًا دون خوف ويتحدث بصراحه ووضوح كيف تكون شكل العلاقه بين إثنان بهذا الشكل ذلك السؤال كان يلح عليه ... لكنه أنتبه من أفكاره على صوتها وهي تقول:
- ها يا باشمهندس تحب نتكلم في ايه؟ او تحب تبدء منين؟ 
ظل صامت لعده ثوان ثم بدء يقص عليها كل شيء .. منذ خطبته لدينا ... حتى اخر مره تحدث فيها مع عمر ... وابتعاده قدر المستطاع عن نادين وعائلتها ... كانت تستمع له بتركيز شديد وتدون خلفه بعض التفاصيل ... حتى انتهى تمامًا من حديثه، فقالت بهدوء:
- كل اللي حضرتك حكيته ده بيدل على انك عندك رهاب الفقد .... كثره الخسارة في حياتك خلقت عندك حاله الخوف من انك تقرب من حد ... رغم رغبتك وشوقك للقرب ده وخوفك من انك تحس بخيانه تجاه دينا الله يرحمها 
صمتت لثوان اغلقت المفكرة بين يديها ... ووضعتها على الطاوله الصغيرة واكملت بهدوء:
- أنت الوحدة تعباك ... وعلشان كده في عندك إطراب في مشاعرك مش قادر تحدد انت عايز ايه ... يعني لسه متمسك بوحدك لان دينا تستحق ده منك رغم انه حرام ... ولا محتاج حد في حياتك يفكرك بيها ... خايف تخسر حضن عيلتها ليك لو اختها اتجوزت حد تاني ... ولا فعلا اعجبت بنادين لشخصها مش لانها تشبه دينا 
عادت لتصمت لثواني كانت تتابع فيهم تعابير وجهه .. وتفكيره في كلماتها التي يتضح في حركه عينيه الغير مستقرة،و التي اغلقت قليلًا... دليل على التركيز ... لكنها أكملت بهدوء 
- أنت محتاج تفتح دايره معارفك ... ترجع تاني الشخص القديم قبل وفاه دينا .. اللي ليه أصدقاء المستعد للحب ... اللي قادر يكسر حاجز خوفه من الفقد ... اتعامل مع عيله دينا على انهم جزء من حياتك مش محور حياتك اللي لو خسرته خسرت نفسك. 
ظل صامت يفكر في كلماتها .. لتقف وتعود الي خلف مكتبها وهي تقول باستفهام:
- بتنام كويس؟ 
- لا ... عندي ارق وقلق طول الوقت
اجابها دون تفكير .. لتؤمأ بنعم وبدأت تكتب شيء ما ثم رفعت عيونها تنظر اليه وقالت بنفس الابتسامة الهادئة:
- ده نوع خفيف من المهدىء  ... يتاخد قبل النوم مباشرة هيخلي اعصابك تهدى وتقدر تنام ... لمده اسبوع بس لحد معادنا الجاي 
مدت يدها له بالروشته .. اقترب من المكتب وامسك بها ... لتكمل هي كلماتها:
- حاول تشغل نفسك بحاجات كتير  .... اعمل حاجات مختلفه بتحبها ... رياضه، او سفر ... ممكن تطلع على اي كامب تقعد يومين هيغيروا مودك جدًا او تعمل سفاري كمان هتخليك تحس أحاسيس مختلفة عن روتينك اليومي. 
أومأ بنعم وتحرك ليغادر لكنها أوقفته عند الباب حين قالت:
- أنت محتاج أصدقاء في حياتك يا سليم
نظر لها نظره لم تستطع هي تفسيرها ... لكنها ظلت محافظه على ابتسامتها الهادئه ليغادر الغرفه وزهنه شارد حتى انه لم ينتبه لتلك التي تصعد السلم سريعًا لتصطدم به ليسقط أرضًا وهو يتأوه بالم لتنظر اليه بخوف وهي تقول بصوت مختنق من البكاء:
- انا اسفه مكنتش واخده بالي اصلي مستعجله اوي علشان معادي مع دكتوره فيروز ... هو انت كويس هي الوقعه افقدتك النطق ولا ايه ؟ يا استاذ هل تسمعني ... طيب قوم وقعني زي ما وقعتك
كان ينظر اليها باندهاش وكأنها كائن فضائي ... وعند كلماتها الاخيرة ضحك بصوت عالي ... انها مثل الراديو لا تتوقف عن الحديث ... لا تعطيه فرصه للرد وتسأله هل فقد النطق... وكطفله صغيرة أوقعت زميلتها في المدرسة فتسمح لها بالانتقام منها بنفس الطريقه حتى لا تعاقب عقاب اكبر انتبه من افكاره حين قالت من جديد
- انت بتضحك يعني انت كويس 
وضعت يدها على موضع خافقها وهي تقول 
- الحمدلله يارب
لاحظ ذلك الحرق الكبير فوق كف يديها ليندهش من بشاعته لكنه لم يعقب ووقف امامها بعد ان نظف ملابسة وقال:
- ايوا انا كويس متقلقيش ... بس ابقي خلي بالك بعد كده وأنتِ طالعه السلم
أومأت بنعم وهي تقول  بتوضيح:
- اصل انا بمشي بسرعة اوي ومش بعرف ابص قدامي  علشان مخبطش في حد ولا تحت رجلي علشان مقعش وانا ماشيه ... فبصراحه بخاف اقع فببص تحت رجلي ... على العموم انت كويس اهو ... وانا اسفه وبعد اذنك بقا علشان اتأخرت.
كان ينظر اليها وعلى وجهه إبتسامة بلهاء انها تتحدث كثيرًا فعلا ... و تتكلم بطريقه طفوليه غريبه ... رغم انه لاحظ خجلها وخوفها الواضح في عينيها ... تركته على وقفته حين لم يرد على كلماتها ودلفت الي العيادة ثم الي الغرفه الذي غادرها منذ قليل ... ليقترب من الفتاه التي تجلس خلف المكتب وسألها 
- معلش هي البنت اللي دخلت دي أسمها ايه؟
نظرت له باندهاش ولكنها قالت:
- تقصد انسه أمينه 
- أسمها أمينه 
ردد خلفها لتؤمىء له بنعم ليقول من جديد:
- وهي مواعيدها أمتى؟ 
رفعت الفتاه حاجبيها باندهاش ليقول من جديد 
- اصل وقع منها حاجه وانا مش هينفع استنا لحد ما تخلص ولا ينفع اسيبها معاكي... فكنت عايز احجز معادي الاسبوع الجاي في نفس معادها. 
نظرت الفتاه الي دفتر المواعيد وقالت:
- معادها الاسبوع الجاي يوم الحد الساعه ٧ 
ليعتدل في وقفته بعد ان حجز المعاد الذي خلفها مباشرةً وسوف يحاول ايجاد مساحه للكلام مره اخرى ... لكنه الان بحاجه لبعض الهدوء الذي يشعر به وهو جالس امام عثمان وماما سامية ... ليذهب اليهم زياره عاديه فهم في مكانه أبويه ... فلم يعد هناك ذلك الشعور بالخجل خاصه بعد عمل نادين في مكان جديد 
~~~~~~~~~~~
خلال ذلك الشهر كانت نادين تبحث عن عمل حتى تم تعينيها في إحدى المكاتب الهندسية الصغيرة ... صحيح لا يقارن بشركة سليم بأي شكل من الأشكال ... لكنها كانت سعيدة جدًا بذلك العمل ... خاصه وان عدد الموظفين صغير ... وكلهم تقريبًا حديثي التخرج مثلها ... واصحاب المكتب ثلاث أصدقاء شركاء ... منهم إثنان مهندسين وهي ثالثتهم ... والشريك الثالث محاسب اكبر منهم ببضع سنين وهو المسؤل الأساسي عن المكتب ... لكن الثلاثه يديرون المكتب معا بشكل ودي  ... كما يوجد موظفه استقبال وايضا عامل بوفيه.
رفعت عيونها عن لوحه الرسم وقالت بهدوء 
- نسرين تعالي شوفي كده
إقتربت منها نسرين وهي تقول
- يا بنتي هو مفيش غير نسرين ولا أنتِ فعلا بتخافي من هاجر ولا ايه؟ مش بتاكل بشر على فكرة
لتبتسم نادين وهي تنظر الي هاجر التي تنظر اليهم بشر لتقول نادين موضحه
- هو أنتِ عايزاها تقوم لنا دلوقتي ولا بتوقعي وبتهدي النفوس .. وبعدين يا ستي أنتِ الأقرب ليه نتعبها  وهي هتيجي بتكسي وترجع بتكسي تكلفه برده 
ليضحكن الفتايات  بصوت عالي حين دلف شاهين من الباب وهو يقول بضيق
- على فكرة احنا في شركه مش قاعدين في النادي 
خيم الصمت على الفتايات ليكمل من جديد 
- وبعدين ده ظلم إنتوا هنا ثلاث بنات مع بعض وانا في مكتب بتاعي  لوحدي 
ضحكت الفتايات ببعض المرح ليقول من جديد موجه حديثه الي هاجر 
- باشمهندسة هاجر في عميل جديد جاي النهاردة كمان ساعه  ندى بلغتني دلوقتي
خلعت هاجر نظارتها الطبيه وقالت بهدوء
- خلي واحده من المهندسات تحضر معاك ... لاني المفروض اخلص الشغل اللي في ايدي ده النهاردة 
لينظر في اتجاه نادين ونسرين ... لترفع نسرين يديها وهي تقول
- انت عارف يا شاهين انا مليش في الاجتماعات والرسميات دي 
ليبتسم إبتسامة صفراء وهو ينظر الي نادين وقال ببعض السخرية
- عندك أنتِ كمان حجه ومش هتحضري الاجتماع ... علشان نقفلها بقى ونقلبها كافيه 
لتقول بجديه :
- هكون جاهزة على المعاد ان شاء الاهر
ليومأ بنعم وغادر الغرفه ... لتنظر نادين الي الفتايات بشك ... لتعود هاجر تنظر الي الأوراق أمامها بهدوئها المعتاد ... وعادت نسرين الي مكتبها تتدعي الانشغال ... لتشعر نادين ان هناك شيء غير مفهوم في الأمر لكنها لم تعقب او تعطي الأمر اكثر مما يستحق كل شيء في اطاره الطبيعي اذا كل الامور جيدة ... اضافه الي انها قد اخذت عهد على نفسها امام والدها ان تحاول غلق ابواب الماضي ... وان تترك نفسها وقلبها للحياه ... تترك القدر يحقق مشيئته فيها ... لذلك هي تحاول بكل طاقتها ان تخرج من داخلها الأفكار السلبيه ... رغم خوفها كطفله تخرج الي العالم لأول مره .
~~~~~~~~
طرقات على باب مكتبه سمح لصاحبها بالدخول وهو يعلم انها هي ...ويعلم أيضًا ما قاموا به كل من نسرين وهاجر ... ف هاجر ابنه عمه ودائما تحاول ان تجد له عروس ... تقوم بدور والدته رحمها الله ووالدتها وتبحث له عن عروس خاصه بعد فسخ خطبته  .. هو لا يستطيع إنكار إعجابه الشديد بنادين ... بها شيء مميز خطف نبضات قلبه من النظرة الأولى ... رقتها، ثقتها بنفسها رغم خوفها الواضح في عيونها ... قدراتها المميزة في العمل رغم حداثه تخرجها
جلست على الكرسي المجاور له في طاولة الاجتماعات ... تنظر الي هاتفها كان يتأمل ملامحها أصابعها الرفيعه وهي تكتب شيء على الهاتف ليقول بهدوء
- عندك أكونت على الفيس بوك؟
رفعت عيونها اليه وأومأت بنعم وقال بشكل حاد 
- اه عندي بس ما بقبلش عليه رجاله غريبه.
ليبتسم وهو يقول
- ومين قال اني عايز ابعتلك أدد ... مغروره شوية
قال اخر كلماته وهو يشير بأصبعيه السبابه والإبهام لتبتسم بحرج ليكمل كلماته 
- اصلا انا عندي أكونت بس مش بدخله..  كتير الشغل واخد كل وقتي وبحب البلاي ستيشن أكثر 
- انا مش بعرف العب بلاي استيشين 
قالت ببعض الحزن وبتلقائية ... ليقول هو بصدق
- تحبي اعلمك؟!
شعرت ان السؤال غير مقصود به البلاي ستيشن لكنها لم تستطع ان ترد او تقول اي شيء ... لدخول العميل غرفه الاجتماعات ووقف شاهين للترحيب به كذلك هي ومباشرة بدء الاجتماع ... وبدأت نادين في أقتراح بعض الأفكار التي نالت اعجاب العميل بعد ان شرح فكرته وكل ما يرغب ... ومع بعض التعديلات والمناقشات توصلوا للفكره الأخيرة التي ترضي جميع الأطراف 
وحين أنتهى الاجتماع بدأت نادين في لملمه أوراقها حين وقف شاهين خلفها وقال 
- مردتيش عليا ... تحبي اعلمك بلاي ستيشن
التفتت تنظر اليه وكأن لسانها قد عقد ... ليبتسم وهو يقول
- السكوت علامه الرضا ... وانا نفسي اعلمك ... خديلي  معاد بقا من عمه عثمان 
أيضًا لم تستطع الرد على كلماته ... ليشفق عليها خاصه ووجها قد تلون بالاحمر القاني من كثره الخجل 
ليتحرك عائدا  الي مكتبه 
ظلت هي واقفه في مكانها تفكر لماذا لم ترد على كلماته .. لماذا لم ترفض بشكل سريع وقاطع كما فعلت مع عيسى وغيره من الأشخاص ... هل هي مستعده الان لخوض تلك التجربه .. انها لم تتخلص من خوفها بعد ... لكنها تعلم الان ان لكل شيء موعد خاصه بعد حديثها اليومي مع والدها والذي فتحت فيه قلبها واخبرته بكل ما تخاف منه وتفكر فيه و تذكرت كلماته 
"- يا بنتي لك إنسان اجل .. كل واحد له عمر ... وقت ما عمر الانسان بيخلص (( بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [ الأعراف: 34])) يعني لا سليم له دخل ولا الحب او الجواز" ..... عادت من افكارها وعقلها يدور في دوائر الحيره
فهل هذا هو وقتها؟ ... حتى ينتهي عمرها ... حتى لو كان الامر هكذا من داخلها لا تمانع وفي الحقيقه هي لا تعلم السبب ... فمنذ تعينها في ذلك المكتب ... وهي ترى معاملة شاهين مع الفتايات رغم صله القرابه بينه وبين هاجر الا ان هناك حدود في التعامل .. لا سلام باليد او أحضان مثلا ... كذلك لاحظت غض بصره قدر استطاعته ... احترامه في الحديث ... ومرحه فهو لا يتوقف عن القاء النكات او خلق موقف كوميدي من كل شيء ولكن في إطار من الأدب والاحترام .... وكل هذا بجوار وجه رجولي خشن وعيون ملونه تجعل ملامح وجهه مميزة تجذب الأنظار  اليه دون اي جهد منه 
حاولت طرد كل تلك الأفكار من رأسها واخذت اوراقها وغادرت غرفه الاجتماعات ... وحين دلفت الي المكتب كانت صامته تمامًا فمازال عقلها يفكر في نفس الموضوع ... رغمًا عنها تفكر في كلماته، وحركاته ... ولاحظت كل من هاجر، ونسرين شرودها لكن لم يعقب اي منهم او يسأل ... ولكن هاجر أمسكت هاتفها وارسلت رساله لشاهين تسأله ماذا حدث ... ليخبرها بكل شيء لتبتسم وهي تنظر الي نسرين وغمزت لها ... لترتسم ابتسامة واسعه على وجهها لاحظتها نادين لكنها لم تعلق 
~~~~~~~~~~~~~~
في المعاد المحدد وصل الي العيادة يسبقه شوقه لرؤيه وجهها الصغير ... ويستمع الي حديثها الذي لا يتوقف 
وصل اللي العيادة قبل موعدها بنصف ساعه وموعده بعد موعدها كل ذلك من اجل رؤيتها فقط 
جلس في احدى الجوانب ينظر الي هاتفه يحاول ان يشغل عقله عن انتظارها  ... لكن عيونه كانت ثابته على ساعة هاتفه
حتى وصل الي مسامعه صوت خطوات متعجله ليبتسم بسعادة وهو يرفع عيونه ينظر اليها تدلف من الباب وهي تبتسم الي الفتاه التي تجلس خلف المكتب وقالت
- جيت بدري اهو ... انا خايفه يجرالي حاجه النهاردة 
لتبتسم الفتاه وهي تقول 
- بعد الشر عليكي يا آنسه أمينه .. اتفضلي اقعدي الدكتورة لسه معاها حاله 
نظر في ارجاء العيادة لتجده يجلس في مواجهتها ... ينظر اليها بابتسامة رقيقه ... انها لا تستطيع السكوت ودائمًا تحتاج لشخص ما تتحدث معه لذلك أقتربت من مكان جلوسه وكم اسعده هذا 
لم ينتظر ان تتحدث هي و بمجرد جلوسها  جواره قال 
- ازيك .. فكراني؟ 
نظرت اليه وقالت بأبتسامة واسعة 
- ايوه مش أنت اللي وقعتك المره اللي فاتت .. عامل ايه دلوقتي؟ انا اسفه جدا على اللي حصل بس انا لحد دلوقتي مش لاقيه حل لموضوع المشي ده ... وكل شويه اخبط في حد او حس بالدوخه من كتر ما انا خطوه ابص على الأرض وخطوه ارفع عيني ابص قدامي 
ضحك بصوت عالي ... انها مثل الدميه حين تضغط عليها تتحدث ولا تتوقف ابدا وذلك التشبيه يليق بها بشدة
- أنت عارف أصعب حاجه الموصلات خصوصًا ولو كنت انت متعود على السواقه ... اصل انا بسوق من وانا عندي ١٨ سنه .... لكن دلوقتي  بطلت اصل بعد الحادثه ....
صمتت فجأه وكأن بطريات الدميه قد فرغ شحنها ... وتحولت ملامحها التي كانت تبتسم الي وجه شاحب يرتسم عليه الخوف بوضوح ... أقترب منها قليلًا وقال بقلق
- مالك في ايه؟ أنتِ تعبانه 
لتنتبه الفتاه التي تجلس خلف المكتب وأقتربت منهم وهي تقول 
- ايه اللي حصل؟ 
- كانت ببتكلم وفجأه سكتت كده 
اجابها بصوت قلق في نفس الوقت الذي فتح فيه باب غرفه الطبيبه وخرجت الحاله لتركض الفتاه تخبر الطبيبه التي خرجت سريعا ووقفت أمام أمينه وهي تقول بصوت هادىء
- أهدي يا أمينه ... أهدي  اتنفسي بهدوء ... الحادثه خلصت خلاص أنتِ كويسه وعايشة 
كل هذا وهي تربت على يديها التي يظهر عليها اثار الحادث ... وأكملت 
- مكنش غلطك يا أمينه... كل يوم بيحصل حوادث كثير كل يوم في ناس بتموت ... اهدي يا أمينه اهلك ده كان عمرهم مش أنتِ السبب 
لتنحدر دموع أمينه التي كانت شاخصة ببصرها للأمام ثم أومأت بنعم وهي تقول بصوت متقطع
- ده عمرهم ...عمرهم  وأمر الله 
لتومأ بنعم عده مرات لتمسك فيروز يديها تساعدها على الوقوف معاها وسارت بها حتى دلفوا الي غرفه الكشف واغلقت الباب ليشعر ان قلبه سيتوقف من الخوف عليها والفضول سيقتله ما قالته فيروز يفسر بعض الامر ... لكنه يريد ان يعرف كل شيء عنها ... تمنى ان يكون هو من يمسك يديها الان يطمئنها يضمها الي صدره بحنان تبكي كما تشاء حتى تهدء وتطمئن وترتاح 
مر وقت الجلسة عليه ك دهر وسنوات عجاف ... يريد ان يطمئن عليها فكر اكثر من مره في الدخول اليهم لكنه حكم عقله وأنتظر 
وقف سريعا حين سمع صوت الباب يفتح لكنها لم تنظر له حين غادرت الغرفه وتحركت في اتجاه الباب ليناديها 
- أمينه
نظرت اليه ليقترب منها وقال بأهتمام شعرت به 
- أنتِ كويسة؟
أومأت بنعم ... ليبتسم إبتسامة بسيطة وهو يقول
- الحمدلله يارب ديما تبقي بخير.
ابتسمت ولم تعقب بشيء وذلك أحزنه بشدة ... تحركت من امامه لتغادر فدلف الي غرفه الطبيبه وقبل ان يجلس قال 
- انا عايز اعرف عنها كل حاجه
- بصفتك ايه دي أسرار مرضى 
قالت فيروس بجديه ليجلس على الاريكة وهو يقول بصدق
- لاني خفت عليها حسيت اني محتاج اطمن عليها عايزها تعيط في حضني انا ... معرفش ليه بس انا حسيت من اول مره قابلتها اني عايز اتعرف عليها أشوفها تاني ... وأتكلم معاها تاني. 
شعرت فيروز ببعض السعادة لكنها قالت بهدوء:
- مقدرش اديلك معلومات عنها ... بس ممكن أساعدك
- إزاي 
قال بلهفه لتبتسم من جديد وهي تقول:
- هعمل جلسه مشتركه بينكم ... كنوع من التأهيل كل واحد فيكم يتكلم عن مشكلته ونسمع  رأيكم في مشاكل بعض ... آيه رأيك؟ 
صمت لثوان لكنه أومأ بنعم لترفع سماعة الهاتف وطلبت من رنا الحضور وقالت لها حين دلفت الي الغرفه:
- حددي معاد لجلسه نفسيه مشتركة بين باشمهندس سليم والانسه أمينه وبلغيها بالمعاد
- حاضر يا دكتور 
قالت رنا بأدب وغادرت لتعود فيروز بتركيزها الي سليم وقالت:
- هتحب نتكلم النهاردة في ايه النهاردة؟ 
- عنها 
~~~~~~~~~~~~~~~
مرت ثلاث ايام ... كانت نادين تعمل بجد واجتهاد على المشروع الاخير ... تحاول إخراج كل إبداعها وتخيلاتها ... وفي الحقيقه هي استطاعت فعل ذلك بالفعل ... فكل من نسرين وهاجر أعجبوا كثيرًا بعملها ... وكان شاهين يتابع ما يحدث بنظرات يملئها الأعجاب التي بدأت تلاحظها خاصه مع همسات نسرين لها بصفات شاهين ومميزاته ... وكلمات هاجر الصريحة عن كونه رجل حقيقي يستحق الاحترام والتقدير ... تستطيع الإعتماد عليه
شعرت ببعض الخجل حين  اتصل يطلب منها ان تستعد لمقابله العميل مره اخرى ... جلسه اخرى معه لعده دقائق بمفردهم .... رغم انها تشعر بالخجل الا ان من داخلها جزء صغير متلهف لتلك الدقائق  ... جمعت أوراقها والتصاميم التي انتهت منها ...  وتوجهت الي غرفه الاجتماعات ودون ان تطرق بابها دلفت بهدوء لتجده هناك يعطيها ظهره ... كان يتحدث في الهاتف فلم يشعر بها .... وضعت أغراضها على طاولة الاجتماعات بهدوء ليصلها صوته وهو يقول
- مفيش حاجه نتكلم فيها يا آنسه أيمان.. الموضوع إنتهى وأنتِ اللي فسختي الخطوبة وانا احترمت رغبتك لكن انا مش لعبه ... تسبيني بمزاجك وترجعي ليا بمزاجك ... انا بني أدم بيحس وبيشعر وليا كرامة لو حضرتك ناسيه الموضوع ده 
صمت لثوان ثم قال
- الدنيا مليانه رجاله كتير كويسين ... وان شاء الله ربنا هيرزقك بأنسان كويس ... لكن حكايتنا خلصت ومبقاش ليها وجود.
صمت مره أخرى ثم قال:
- ربنا يعزك ده من ذوقك ... وحضرتك كمان إنسانة محترمة وتستاهلي كل الخير ... بس معتقدش ان انا الخير ده 
عاد لصمته من جديد وهي تستمع اليه وهناك إبتسامة رقيقه رسمت على ملامحها ... وزادت حين قال:
- لو احتجتي اي حاجه انا في الخدمة ... اعتبريني اخوكي الكبير ... مع السلامة 
اغلق الهاتف واخذ عده انفاس متلاحقه ببعض الراحة والتفت ليصدم وجودها امامه تنظر اليه بابتسامة صغيرة ... أقترب منها وجلس على الكرسي المجاور لها وقال ببعض الحرج:
- هو أنتِ هنا من أمتى؟ 
- من اول مفيش حاجه نتكلم فيها يا آنسه إيمان 
اجابته بهدوء ... ليهمم رافعًا حاجبيه بأحراج ... ثم قال:
- طيب الكلام ده هيخليكي تحددي ليا معاد مع الحج عثمان ولا هتقدمي استقالتك ولا ايه؟! 
لتضحك بهدوء وقالت بعد عده ثوان 
- الجمعة هيكون مناسب ليك؟!
- مناسب جدا ... هجي بعد العشاء ان شاء الله 
قال بسعادة لتؤمأ بنعم وهي تدعوا الله ان يريح قلبها وعقلها من ذلك الصراع الدائر بين الإيمان بالقدر وبين الخوف مما هو قادم
~~~~~~~~~~~~~~~
جلس الطبيب على الكرسي الموجود في الغرفه يريد ان يتحدث معه للمره الأخيرة قبل ان يسلم التقرير ... يريد التأكد للمره الأخيرة ان ما كتبته هو الصحيح  وان ضميره مرتاح مئه بالمئه
- ها يا عيسى مش عايز تقولي اي حاجه؟ 
- لا
أجابه بهدوء وهو ينظر من النافذه ... ليقول الطبيب من جديد
- ليه خطفت نادين يا عيسى ؟ 
- علشان كنت عايز أملكها وأقطع الطريق على سليم 
أجابه بسرعة ... وببعض الغضب ليقول الطبيب من جديد:
- وهو سليم مكنش عارف يقولك ان في حاجه بينهم ويقفل الموضوع من البدايه... ليه سمح ليك انك تاخد فرصه تقرب منها طالما في حاجه بينهم؟
لينظر له عيسى بغضب وقال 
- لانه مش راجل ... مجرد ديوث معجب ان في كتير عينهم عليها وهي معاه هو بس ميفرقش حاجه عن خطيب حياه اللي كان عارف بعلاقتها معايا وساكت علشان بس تنجح .... ستات خاينه ورجاله معندهمش لا نخوه ولا دم 
صمت الطبيب لثوان ثم قال: 
- يعني مش ندمان انك حاولت تخطفها وتعدي عليها
عاد بنظره الي النافذه واجاب بهدوء
- لا ... انا ندمان اني فشلت ... وندمان اني مخدش حقي من حياه ... ندمان اني صدقت للحظة ان في ست في الكون ده كله ممكن تكون مخلصه 
- يعني والدتك خاينه؟
سأله الدكتور بلؤم ... لينظر اليه عيسى عده ثوان بتركيز ثم قال بهدوء شديد:
- مش بعيد بس متكشفتش. 
ليقف الطبيب وهو يومىء بنعم ثم غادر الغرفه وتوجه الي مكتبه وضع ختم المستشفى على الأوراق وتوقيعه 
وفي نهايه الصفحه كتب 
                     " حاله ميؤسم منها "
~~~~~~~~~
يجلس خلف مكتبه يراجع بعض التصاميم حين فتح الباب ودخل عمر وهو يقول بقلق واضح:
- محتاجين نروح بيت نادين حالا
- انت فسخت خطوبتك من فيروز ولا ايه؟ 
سأله سليم بشك لينظر اليه عمر بلوم وقال بضيق
- بعد الشر ... مش هتبطل ظنون وحشه بقا يا سليم ... على العموم لا يا سيدي في موضوع مهم يخص عيسى ولازم يعرفوه 
وقف سليم ودار حول مكتبه وهو يقول بأعتذار 
- انا اسف يا عمر ... معرفش انا قولت كده ليه اصلا ... بس خير ايه اللي حصل 
- مفيش وقت اتصل بيهم عرفهم وهقولك كل حاجه في الطريق
قال عمر وهو يدفعه ليسير أمامة ... وخلال الطريق كان التوتر سيد الموقف ... خاصه سليم بعد ان اخبره عمر بكل شيء كان يفكر ... كيف نسي امر المحاكمه هل انشغاله بقصه أمينة أنساه عائلة دينا؟ ام ان حرمانه طوال تلك السنوات من وجود الحب بحياته ... جعله يتمسك بذلك الخيط الضعيف الذي يشبه الحياه التي حرم منها 
عليه ان يتحدث لفيروز قبل الجلسه الجماعية ... حتى يستطيع تحديد مشاعره وتوضيحها بالشكل الذي يجعله مرتاح 
كان عمر يلاحظ وجوم صديقه لكنه لم يعلق على الامر ... فهو منشغل بكيفيه إبلاغ نادين ووالديها بحكم المحكمة 
وصلوا امام بيتها وترجلوا من السيارة في نفس الوقت التي كانت هي تغادر تلك السيارة التي اصبحت تذهب وتعود فيها حتى يكون والدها مطمئن عليها 
وقفت تنظر اليهم بحيره ليقول عمر بهدوء 
- اتفضلي اسبقينا وعرفيهم اننا طالعين وراكي 
أومأت بنعم ودلفت الي البيت وبعد عده لحظات دخلوا هم  ... استقبلهم عثمان بترحيب كبير وجلسوا جميعًا في ترقب ليقول عمر بشكل مباشر حتى ينتهي من ذلك الموقف السخيف:
- النهاردة كانت محاكمه عيسى 
ظل الصمت سيد الموقف لكن العيون جميعها توجهت الي نادين الذي أمتقع وجهها بذكرى ذلك اليوم 
ليكمل عمر كلماته موضحًا كل شيء: 
- اثناء التحقيقات ظهرت تصرفات غريبه على عيسى ... وعلشان كده تم تحويله لمستشفى الأمراض النفسيه والعصبيه وخلال الفتره اللي فاتت كلها كان بيتم الكشف عليه وملاحظته علشان يطلع التقرير الطبي قبل المحاكمة اللي كانت النهاردة 
صمت لثوان يتابع تعابير وجه الجميع التي تظهر التوتر وبعض القلق والخوف ... ليكمل كلماته شارحًا ببعض الحرج: 
- في حالات الاغتصاب او هتك العرض والقضيه هنا هي من النوع الثاني ... بيكون فيها الأحكام من ٣ سنين ل ٧ سنين ولو ثبتت القضيه عليه او في صله قرابه او ولايه ... او حتى حد من ناس بيشتغلوا عند اهل المجني عليها ممكن توصل ل ١٥ سنه
كانت الكلمات ثقيله على الجميع ... والكل  يشعر باختناق وكأن الهواء من حولهم قد اختفى ... ليكمل عمر كلماته:
- من الاخر عيسى اتحكم عليه ب ٣ سنين سجن ... لكن هيقضيها في مستشفى الأمراض النفسيه والعصبيه ... وده في محاولة انهم يجعلوه سوي التفكير ... لكن لو حالته فضلت زي ما هي  ولان الحكم كان معتمد بشكل كبير على تقرير المستشفى النفسي ... فأكيد انه مش هيخرج منها ابدا الا لو كان خف تمامًا وأصبح إنسان سوي 
اغمض عثمان عينيه ببعض الراحه رغم رغبته في ان يكون العقاب اكثر شده من ذلك ... ان يكون القصاص رادع له ولأمثاله ... لكن الحمدلله على كل حال 
وكانت نادين تفكر ... لو لم يكن عمر خلف تلك القضيه لما حدث كل هذا ... كان عيسى إستطاع ان يؤذيها وأيضًا لم يكن التحقيقات انتهت بتلك السرعة والفضل في ذلك يعود لسليم الذي لجىء لعمر من البدايه ... لذلك هي من داخلها سعيدة جدا بما حدث وراضيه تماما وشاكره أيضًا لهم من كل قلبها لذلك وقفت وهي تقول 
- تشربوا عصير 
ليشعر الجميع براحه ... وسعادة حقيقيه والجميع يقرر ان يكون ما حدث مجرد صفحه قد انطوت وانتهى الأمر 
~~~~~~~~~~~~~~~
وصل في الموعد المحدد وهو يشعر بتوتر كبير ... اليوم مختلف وكل ما سيحدث مختلف أيضًا ... سوف يستمع الي قصتها وتستمع الي قصته ... وقبل ان يتحدث معها في اي شيء خاص ... هل سيساعده هذا في تحديد مشاعره؟ ويجعل كل الأشياء الغريبه التي تدور داخل عقله وروحه تتضح ويفهمها جيدا وأيضًا يعرف رأيها في شخصه وكل ما حدث معه.
حين دلف الي الغرفه كانت هي بالداخل تجلس بخجل ... ان وجنتيها شديده الحمره تجعله يشعر بدفىء في قلبه ... وعقله يصور له نفسه يقترب منها يقبل تلك الوجنه بحب ويقطف من عليها ذلك التفاح الشهي 
حياهم بهدوء وجلس على الكرسي الفارغ في تلك الحلقه الصغيرة لتقول فيروز بهدوء وبابتسامتها الهادئة التي تجعل من يراها يشعر بالارتياح:
- النهاردة احنا هنا علشان كل واحد يقول حكايته ... ونسمع رأي الشخص التاني فيها بحياديه ... كمان علشان نستفيد من خطوات العلاج اللي مشينا فيها. 
نظرت الي أمينه وقالت:
- السيدات أولًا.
ليقول سليم مقاطعًا 
- معلش خليني انا ابدء 
ابتسمت فيروز وهي تومأ بنعم ليلقي نظره خاطفه على أمينه وقال:
- انا سليم عبدالرحمن مهندس عندي شركة هندسه الحمدلله محققه نجاح معقول ... يتيم الاب والام خطبت اول  ما خلصت دراسه بنت زملتي في الكليه كنت بحبها جدا وقبل فرحنا بأيام ماتت 
تهدلت أكتافه لثوان ثم قال:
- فضلت قافل على قلبي وحياتي بين الشغل وممارسة الرياضه عايش على ذكراها ... لحد من شهر تقريبًا حاجات كتير اوى اتغيرت ... حسيت فجأة ان الحياه لسه فيها حاجه حلوه وان قلبي ممكن يحب من تاني 
قال اخر كلماته وهو ينظر لأمينه التي تلونت وجنتيها بالاحمر القاني  ... ليكمل كلماته بعد ان اخذ نفس عميق:
- حبي لدينا كان اجمل شيء حصل ليا في عمري اللي فات ... لكن دلوقتي ان شايف ان في شيء جميل جديد ومختلف ... شايف اني كنت غلطان لما قفلت حياتي وضيعتها ... صحيح دينا كانت تستحق انه يتحزن عليها العمر كله ... بس أنا أكتشفت وبالطريقه الاصعب ان الحياه لازم تستمر وان القلب لما بيدق محدش يقدر يتحكم في دقاته ولا يوقفه 
صمت وعينيه تنظر الي عيون أمينه التي كانت تشعر بالاندهاش ان هناك رجال حقيقيه تعشق لتلك الدرجه .. ظل الصمت يخيم على الجميع حتى قالت فيروز 
- دورك يا أمينه
نظرت أمينه أرضًا ببعض الخجل وهي تداعب بأصبعها ذلك الاثر البشع على ظهر يديها أثر الحادث ... مرت عده ثوان في صمت حتى قالت:
- انا أمينة حليم وحيده أبويا وأمي بعد سنين كتير ربنا مكنش رزقهم بأطفال كنت كل حياتهم بقيت الهدف اللي عايشين علشانه وبيه ... بس مكنش حب مرضي خالص ... بالعكس علموني الصح والغلط والحلال والحرام ... ماما ديما كانت معايا خطوه بخطوه في كل حياتي ... وبابا كان صاحبي المقرب كنت بحكي معاه في كل حاجه علمني السواقه من وانا عندي ١٥ سنه ... كنت زي ما هما بيقولوا سر سعادتهم وسبب بقائهم في الحياه 
صمتت لثوان  .. ثم رفعت عيونها تنظر الي فيروز التي شجعتها بنظراتها ... لتكمل قائلة:
- والدي كان وحيد ومكنش له قرايب غير ابن عم واحد بس كانوا بيودوا بعض كتير هما ديما عندنا او  احنا نروح نزورهم وفي يوم اتصل ابن عم بابا واسمه عمو مُحسن وقاله ان عايزنا نروح له علشان في مشكله كبيرة عنده في البيت ومحتاج ان بابا وماما يحضروا ويحكموا بينهم 
آخذت نفس عميق ونحدرت تلك الدمعه الحزينه من عينيها وهي تكمل:
- بابا كان متوتر اوي وخايف ... لان عمي دي كان عنده ولد مشاغب وبتاع مشاكل شويه فخاف انه يكون وقع عمي في مشكله ولا حاجه وبسب خوف وتوتر بابا انا كمان كنت خايفه اوي ومتوتره  ... انا معرفش ايه اللي حصل وازاي مش قادرة أفتكر أصلا
صمتت بسبب اختناقها بالبكاء... ثم قالت:
- بس ... بس ك .. كل اللي ف .. فكراه العربيه وهي بتتقلب بينا وصراخ امي بأسمي  وصوت أبويا وهو بيردد الشهادة ... وب ... وبع ... وبعد كده فوقت وانا في المستشفى خسرانه كل حاجه خسرانه اهلى واتشوهت جسمي  كله جروح ... جروح بتمنعني انسى الحادثه او انسى اني كنت السبب في موتهم.
ابتعلت باقي كلماتها بسبب بكأها الشديد لم يحتمل فقلبه يؤلمه من أجلها ... ف أقترب منها وجلس على ركبتيه أمامها وهو يقول برفق
- مش أنتِ السبب يا أمينه ... ده عمرهم ورقتهم كان مقدر ليها تقع في الوقت ده ... حتى لو مكنوش نزلوا من البيت ده كان وقتهم قدرهم وعمرهم ... صدقيني انا عشت اكتر من ١٥ سنه في العذاب ده ... لحد ما فهمت ان لكل منا معاد في الحياه والموت وكمان في الحب 
قال الاخيره وهو يضع يديه فوق يدها لتنظر اليه بعيونها التي خطفت قلبه من اول مره لكن تلك المره عيونها المشاغبه التي تشبه الاطفال ... تحولت للعيون متوسله الصدق في حديثه ... وأيضًا متوسله بعض الامان ليبتسم لها برفق وهى يقول 
- صدقيني اللي حصل كان مجرد سبب لان ده كلن وقتهم "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" مينفعش تلومي نفسك على حاجه أنتِ ملكيش دهل بيها ده قدر ولحكمه لا يعلمها الا الله. 
كانت فيروز تنظر اليهم وبداخلها سعادة كبيرة ... ان ما يقوله سليم الان قالته له في احدى الجلسات ... انه يخطوا بثبات في إتجاه الشفاء ... ولكن آكثر ما يسعدها هو صدق مشاعره تجاه أمينه. 
~~~~~~~~~~~~~
لم تذهب الي المكتب اليوم ... هي تشعر بالتوتر والخوف رغم حديثها مع والدها الذي ساعدها كثيرا في اتخاذ ذلك القرار 
أخذت نفس عميق وهي تتذكر كلمات والدها 
(( - الجواز يا بنتي سنه ربنا على الأرض ... ربنا خلق الذكر والأنثى علشان يعمروا الأرض ويخلفوا ولاد صالحين يعبدوا ربنا ويمشوا على نهجه، لا عمر الحب كان عيب ولا حرام ... ربنا جميل وبيحب كل حاجه جميله ... والحب ده اجمل شيء في الدنيا ... حبي يا بنتي واتحبي طالما في الإطار اللي ربنا حدده ... حبي طالما راجل يستاهل انه يتحب يستاهل انه يسكن قلبك ))
عادت من أفكارها وهي تبتسم ابتسامة صغيرة ثم توجهت الي خزانتها واخرجت منها ما قررت ارتدائه لمقابله شاهين ... وضعتهم على السرير وغادرت الغرفه مقرره مساعدة والدتها في ترتيب البيت وتجهيز الضيافه ... لكن اولا لتذهب الي مخبىء والدها 
وبالفعل توجهت الي الشرفه لتجده يجلس هناك يتناول كوب من العصير التي تعده والدتها بمهاره ... أقتربت منه وهي تقول
- سامية على طول مدلعاك
رفع عيونه اليها وقال 
- ربنا يباركلي فيها وتفضل تدلعني .. وانا ادلعها.. وعقبالك كده ان شاء الله 
قال اخر كلماته بطريقه موحيه ... لتبتسم ببعض الخجل لكنها قالت بمرح 
- هو انت بتغظني يا عثمان ولا ايه .. على العموم في حياتك ان شاء الله يبقا عقبالي 
إقتربت تقبل رأسه وقالت هي تغادر الشرفة
- هروح اساعد سامية شويه
واختفت من أمامه لينظر الي السماء الصافيه وهو يقول
- يارب  الشاب اللي جاي ده يكون ابن حلال ويستاهلها ويسعدها ... رغم اني كنت أتمنى جوازها من سليم لكن أنت بحكمتك ورحمتك ادرى  بالخير ليها فين ... اللهم اني استودعتك قلبها وحياتها فاحفظها يا كريم
وبالمطبخ كانت سامية تنظر إلي أبنتها بسعادة فاليوم يتحقق حلمها وترى ابنتها عروس تجلس مع من يتقدم اليها  ... وكانت نادين تلاحظ نظراتها ومن داخلها تشعر بالرضا من نفسها ان مجرد موافقتها على قدوم شاهين الي البيت واستعدادها للتفكير فقط في الأمر جعل قلوب والديها يشعر بالرضا والسعادة ... لذلك من داخلها تشعر بأنها ستوافق عليه ... علها تسعدهم دائمًا 
~~~~~~~~~~~~~~
في المساء كانت تجلس على سريرها في غرفتها تفرك يديها بتوتر وقلق فمنذ أكثر من ١٠ دقائق وشاهين يجلس مع والدها بالخارج لا تعلم هل هو بمفرده؟ ام ان هاجر معه؟ وقفت وظلت تسير في الغرفه ذهابًا وإيابًا والتوتر يصل الي أشده 
لكن دخول والدتها جعلها تقف مكانها تنظر اليها بخوف لتقترب منها تضمها بحنان وقالت بصدق:
- ربنا يا بنتي يجعلك نصيب في الراجل ده ... ذوق  وأخلاق وإحترام... وأدب مشفتش كده 
ابتسمت نادين ببعض الراحه ... لتبتعد والدتها عنها قليلا وقالت بابتسامة واسعه:
- بابا قالي ادخل أجيبك يلا بيناً
وأمسكت يديها وسارت بها في إتجاه الباب لكن نادين أوقفتها وهي تقول بصوت ضعيف:
- شكلي حلو 
لتحاوط سامية وجه أبنتها وهي تقول:
- زي القمر ربنا يحميكي من العين 
وعادت تمسك بيدها وخرجوا من الغرفه ليقف شاهين حين لمحها وعلى وجهه إبتسامة سعادة جعلت قلب والدها يطمئن ان ذلك الرجل الذي يقف أمامه يعشق أبنته ... أقتربت وهي تنظر أرضًا رحبت به ... وجلست جوار والدها ليعود شاهين يجلس من جديد وقال مباشره:
- زي ما قولت لحضرتك ... انا عارف ان فرق العمر بينا كبير ... لكن 
- فرق العمر مش هو المشكله يا ابني طالما دماغكم متفاهمه وانتوا الاتنين متوافقين مع بعض 
قاطعه عثمان وقال موضحًا افكاره ... ليبتسم شاهين وهو يقول:
- انا طالب أيد الانسه نادين ... وبوعد حضرتك اني هتقي ربنا فيها ... وعهدي لحضرتك "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" 
ليبتسم عثمان براحه ... وقال بعد عده دقائق كان ينظر فيهم لوجه أبنته والدموع تلمع في عينيه ... ثم قال:
- هسيبكم مع بعض شويه علشان العروسة تقول رأيها.
ووقف وخلفه سامية ودلفوا الي الشرفه ... ظل شاهين ينظر اليها لعده دقائق وقال:
- طيب الكسوف ده مش بشوفه ليه في المكتب
رفعت عيونها اليه باندهاش ليبتسم وهو يقول
- أخيرًا رفعتي راسك وشوفت عيونك 
تلونت وجنتيها بحمره الخجل ليكمل قائلًا 
- اسمعيني كويس علشان تقدري تقرري هتوافقي عليا ولا هتوافقي
لتبتسم رغمًا عنها ليقول بسعادة
- اللهم صل على النبي ﷺ ... ايوا كده الواحد  يتكلم هو مرتاح ... شوفي يا ستي ... انا شاهين شريف الحضري عندي ٣٢ سنه عندي أخت واحده اتجوزت وسافرت مع جوزها والدي والدتي متوفين من وانا في الجامعه شيلت مسؤليه نفسي ومسؤليه أختي لحد موصلتها بيتها ... شقه بابا في البيت اللي ساكن فيه عمي والد هاجر شغلتي عرفاها خطبت مره واحده  كانت إختياري بنت جارتنا لكن في فتره الخطوبة حسيت اننا مش متوافقين وتقريبًا هي كمان حست بكده وفسخت الخطوبة وانا حسيت براحه لما الموضوع خلص وانت عارفه بمكلمتها ليا وكانت اول مره بس مكانتش الأخيرة ... بس انا الموضوع بالنسبه ليا منتهي تمامًا. 
كانت تستمع اليه بتركيز وبداخلها تشعر بسعادة كبيرة انه يتحدث بثقه وهدوء ... رجل حقيقي كافح حتى يصل لما هو فيه الان كان نعم الاخ و كما أخبرتها هاجر فهو نعم السند لها ولوالدها ... وحين تحدث عن خطيبته السابقة تحدث أيضًا بأحترام ... قرب وجهه من وجهها وقال:
- انا أقدس الحياه الزوجيه ... وأساعد في المنزل ... صحيح فيا حته سي السيد كده لكن بتناقش وبحتوي ومستعد ديما أني أسمعك في اي وقت 
لمعت عيونها ليبتسم وهو يسأل بهدوء:
- هنقول مبروك ولا آيه ؟
حينها دلف عثمان من الشرفة وهو يقول:
- ها يا نادو رأيك ايه ؟ 
لتنظر أرضًا بخجل فهي ومنذ اخبرها برغبته في مقابله والدها وهي تصلي استخارة وتشعر بأرتياح  ليقول والدها من جديد:
- أعتبر السكوت علامة الرضا والموافقة؟!
لم تعلق ايضا ليقول شاهين بمرح
- خلاص يا عمي متحرجهاش وخلينا نقعد نتكلم في التفاصيل. 
وبالفعل جلسوا يتفقوا على كل شيء والذي لم يكلف عثمان اي شيء فهو كان يقوم بتجهيز البيت جزء جزء خلال السنوات السابقه ومع ذلك أقترح ان يذهبوا ليروا المنزل وإذا احتاجت نادين لتغير اي شيء وتبديله هو على أستعداد لذلك 
وقبل ان يغادر تم تحديد موعد لزياره اخرى يحضر فيها عائلته حتى يتم قرأة الفاتحة وتحديد موعد الخطبه
~~~~~~~~~~
يتناول كوب قهوته بهدوء وهو ينتظرها في مكانهم المفضل ... لا يعلم سبب تأخرها لكنه لا يحزن منها ابدا ولا يشعر بالضيق من انتظارها 
بعد عده دقائق جلست أمامه وهي تقول:
- أسفه جدا على التأخير ... بس الجلسه كانت طويله شويه ... ومنها بدأت قصه حب جديدة
ليبتسم لها هو يقول بمرح:
- طبيبه الغرام 
لتبتسم وهي تقول بمرح مشابه:
- شكلي كده هغير يافطة العيادة من العيادة النفسيه ... لمركز تأهيل القلب وتجديد المشاعر وبدايات قصص الحب. 
ضحك بصوت عالي ... وشاركته الضحك لعده ثوان ثم قالت:
- قولي بقا يا حضره الظابط هنحدد أمتى معاد الفرح
- يظهر ان حالات الحب اللي بتحصل في عيادتك حمستك اوي 
قال بنفس المرح لترفع حاجبيها تنظر اليه ببعض الشر ليقول هو بجديه:
- هزوركم بكره ان شاء الله علشان أحدد مع عمي كل حاجه ... وبعدين هو انت فاكره اني مش مشتاق يعني لليوم اللي يجمعنا فيه بيت واحد يا فيروز " بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَة وَلَكِنَّ مِثلي لايُذاعُ لَهُ سِرُّ إِذا اللَيلُ أَضواني بَسَطتُ يَدَ الهَوى وَأَذلَلتُ دَمعاً مِن خَلائِقِهِ الكِبرُ"
لتضع فيروز يديها فوق موضع خافقها وهي تقول بحب:
- انا بحبك جدا يا عمر ... تعرف اني اول مره شوفتك متخيلتش انك تكون حبيب كده وبتقول شعر لأبو فيراس الحمداني وحركات. 
- عيب عليكي انا حبيب قديم ورومانسي وحساس .. صحيح انا ظابط وضخم الجثه لكن من جوايا سوما العاشق 
قال لها بمرح لتضحك بصوت عالي وهي تقول
- سوما العاشق مره واحدة كتير والله كتير . 
اعتدل عمر وسند ذراعيه على الطاولة وقال 
- انا بحبك بكل الاشكال والصفات هتلاقيني سوما العاشق وتلاقيني غيور وتلاقيني شمشمون الجبار .. فيروز أنتِ حب حياتي ... أنتِ الحب اللي عشت عمري أدور عليه والحمدلله اني لاقيته. 
لتأخذ نفس عميق بحب كبير وراحه وكذلك هو الذي يذوب فيها عشقًا. 
~~~~~~~~~~~~
 حين غادروا العيادة اصر ان يوصلها للمنزل  حتى يعرف مكان بيتها بعد ان طلب منها تحديد موعد مع ابن عم والدها ... وحين وصلوا للمكان اوقف السيارة حتى تترجل منها ... لكنه اوقفها وقال بصدق:
- أمينه انا سعيد جدًا النهاردة ... النهاردة تخلصت من حمل تقيل كان فوق كتافي خصوصًا لما سمعت حكايتك عرفت ان في ناس عانت وشافت اكتر مني وان ربنا بيختبرنا ولازم ننجح في الاختبار ده ونستمر ونكمل .. مفيش حد بيموت ورا حد ... وطول ما احنا عايشين لازم نعيش صح 
أبتسمت ابتسامة صغيرة وخجوله وهي تقول ببعض التوتر :
- بس أنت إزاي وامتى حبيتني احنا مشفناش بعض غير مرتين ... والمرتين حصلت فيهم حوادث .. ولا هو أنت بقا زي بتوع الأفلام فاكر اننا عايشين في فيلم والبطل اول ما يشوف البطله شعرها يهفف وراها وهو اوراقه تقع من ايده وينزلوا يلموها سوا بقا ويحبوا بعض 
كان يستمع لكلماتها ومع كل كلمه يرتفع حاجبيه اكثر فأكثر ... ومع نهايه حديثها ضحك بصوت عالي وهو يقول
- ايه الفيلم الهندي ده ... لا يا ستي الموضوع مش كده ... كل الحكايه ان قلبي أتحرك مع اول مره شوفتك فيها ... مش هقول حبيتك علشان كده ابقى بكدب .... لكن حسيت اني مشدود ليكي عايز أشوفك تاني واسمع رغيك اللي مش بيخلص ده ... ساعه ما افتكرتي الحادثه كان نفسي اكون انا الوحيد القريب منك علشان تجري تستخبي في حضني وتعيطي وأنتِ سانده على صدري وانا إللي اهديكي واطمنك
صمت لثوان ثم قال بصدق استشعرته بكل كيانها:
- حاسس اني عايز اكتشفك يا أمينه وده بالنسبه ليا كافي جدًا كبداية تخليني اخد خطوه الارتباط بيكي.
ابعدت عيونها عنه ونظرت أمامها لتجد مُحسن يقف امامهم ينظر اليهم بضيق شديد ... ولاحظ سليم تحول نظراتها الي الخوف لينظر الي ما تنظر اليه ... فقال بأستفهام
- ده عمك؟!
أومأت بنعم دون ان تنظر اليه ... ليقول هو مطمئنًا 
- متخافيش انا هتصرف 
وترجل من السيارة وتوجه لذلك الرجل الخمسيني وقف امامه بثقه وقال: 
- السلام عليكم ... انا باشمهندس سليم عبدالرحمن صاحب شركة DS للهندسة والعمارة 
مد مُحسن يده يصافح يد سليم الذي مدها له من اول حديثه ... ليكمل سليم كلماته
- انا كنت بوصل آنسه أمينه علشان اعرف مكان البيت لاني كنت طلبت منها تحدد موعد مع حضرتك بس بما اننا هنا فانا بستأذن حضرتك تسمحلي أتكلم معاك شويه 
كان مُحسن صامت تمامًا ينظر للواقف امامه بعيون فاحصه ... ان من يقف أمامه رجل صادق في حديثه ... فعينه ثابته في عين مُحسن، كلماته مرتبه ومنمقه أيضًا فأومأ له بنعم ... ليتحرك سليم يغلق السيارة بعد ان ترجلت أمينه منها وصعدت الي الأعلى بسرعة ... صعد مُحسن وخلفه سليم 
ادخله الي غرفه الصالون واغلق الباب وتوجه لغرفه أمينه بعد ان اخبر زوجته ان معه ضيف وتعد ضيافه مناسبه 
وقفت أمينه تنظر اليه ببعض التوتر وقبل ان يقول اي شيء كانت تقص عليه كل ما حدث معها ... وما قامت به الطبيبه ... وحديث سليم لها في السيارة ... ليقترب منها مُحسن وهو يقول:
- أنتِ عايزه ايه يا أمينه؟ أنتِ موافقه عليه .. عندك أستعداد لخطوه زي دي 
ظلت صامته تنظر اليه بتوتر ليقترب منها وقال بحنان 
- بصي انا هروح اسمع هو عايز يقول ايه ... واقوله ادينا فرصه نفكر .. ونسال عليه ونطمن إيه رأيك؟!
أومأت بنعم ليربت على وجنتها بحب وغادر الغرفه ... حين جلس امام سليم قال الاخير بشكل مباشر 
- انا عارف ان حضرتك عايز تسأل عن حاجات كتير وانا مستعد اجاوب على كل سؤال بس في الاهم اللي عايز  اقوله ... واتمنى من حضرتك تفهمني وتسمعني بقلب اب 
- قول يا ابني انا سامعك
قال مُحسن بهدوء ... ليقترب سليم منه قليلًا وقال:
- انا عشت عمر طويل اوي لوحدي ... ودلوقتي بعد ما شوفت أمينه واتعرفت عليها مش قادر اني أعيش لوحدي تاني ... مش هقول لحضرتك اني حبيتها من اول مره ولا حتى تاني مره .... هي بس سرقت افكاري ... خطفت نبضات قلبي ... شغلت وقتي وتفكيري ... حاسس اني عايز أفضل أسمعها وأسمع كلامها الكثير  عايزها وهي ماشيه تبص على خطواتها لا تقع تفضل تخبط فيا والحقها قبل ما هي تقع وهي تلحقني قبل ما انا اقع 
أبتسم مُحسن وهو يفكر ان ذلك الشاب الذي يجلس امامة هو من يليق بأمينه فعلا هو من يستحقها .. هو من أستطاع ان يتفهم اختلافها و طبيعتها المميزة ووجدها حقًا مميزة ليست فتاه مريضه نفسيًا وسلوكياتها غريبه كما يقول البعض ... هو يرى اختلافها ميزة وهذا هو المهم لكنه سينفذ ما اتفق عليه مع أمينه فقال
- كل الكلام اللي انت قولته ده يا ابني يخليني اشيلك فوق رأسي واحترمك جدا لكن أكيد أنت هتفهمني لما أقولك اديني فرصه اسأل عنك ونفكر 
أبتسم سليم وهو يقف قائلا:
- طبعًا ده حقكم و انا متفهم جدًا
ثم اخرج من حافظة نقوده الكارت الخاص به وأكمل 
- وده الكارت بتاعي فيه كل أرقامي هنتظر تليفون حضرتك.
وغادر تارك خلفه قلب سعيد بما سمعه منذ قليل رغم انه مكرر ... وعقل مشغول يفكر بجديه لكن قلبه مطمئن 
~~~~~~~~~~~~~~
بعد مرور عام 
كانت الشرطة تنتشر في طرقات المستشفى فالجميع في حاله صدمة مما حدث 
كان الضابط يقف في الغرفه الخاصه بعيسى يستمع للطبيب وهو يقول:
- انا سمعت صوت صريخ  عالي جدًا  جريت على هنا لاقيت العسكري اللي كان واقف على الباب بيحاول يبعد عيسى عن الممرضه عفاف والتاني ماسك في رقبتها مش عايز يسيبها جريت عليه بعد ما ضغط على جرس الطوارىء وبكل طاقتي حاولت ابعده عنها بس هو كان عامل زي الطور الهايج محدش قادر يسطير عليه 
تنهد بحزن وأكمل موضحًا :
- زميلي دكتور عطيه جاب حقنه منوم وحقنه بيها بسرعة لكن هو فضل ماسك في رقبتها ومكناش قادرين نبعدة عنها ولما بدء جسمه يلين معانا ونبعده عنها كانت هي ماتت 
نفس الكلام كما قال باقي الشهود ... لكن السؤال هنا: 
- وهو ليه يقتلها؟ عملتله ايه علشان يقتلها؟!
- عيسى مريض " الشك" وده من امراض الأضطرابات الشخصية السلوكية وفي الغالب بيكون اصحاب المرض ده غريبي الأطوار.
اجابه الطبيب بهدوء ثم اكمل موضحًا 
- اصلا هو كان بيقضي فتره عقوبه بعد محاوله هتك عرض بنت خطفها من الشارع. 
أومأ الطبيب بنعم وبدء في اتصالته حتى فهم ما حدث وتحولت القضيه مره اخرى للمحكمة وتلك المره حكم عليه بالسكن ٢٥ سنه  وتم وضعه في عنبر الخطرين وصل الامر الي عمر الذي ابلغه لسليم وبدوره اخبر  عثمان لتغلق تلك القضيه الي الابد
~~~~~~~~~~~~~~
كانت تجلس جواره في سيارتهم متوجهين لمنزل والدها لكنها تلوي فمها كالأطفال ... وهو يشعر بالضيق مما حدث ... لماذا الان قررت إيمان ان تتحدث معه .. فهو يتجنبها منذ اكثر من عام وأوصل لها بأكثر من طريقه انه لا يفكر فيها لكن من الواضح انها كانت تريد ان تكون نادين على هذه الحاله 
لم يعد يحتمل فأوقف السيارة على احدى جوانب الطريق ... وأعتدل ينظر اليها وقال:
- هتفضلي ساكته كده؟! يا نادين اتكلمي صرخي اعملي اي حاجه بس بلاش السكوت ده.
نظرت اليه وبدموع عينيها قالت:
- انا مش زعلانه من تصرف إيمان يا شاهين هي بس جت على جرح قلبي تأخير الخلفه ومش عارفه ليه أنت مش عايزنا نروح للدكتور علشان على الأقل لو في اي حاجه لقدر الله نلحقها من بدري 
ظل صامت ينظر اليها ثم قال بهدوء
- حاضر يا نادين هنروح للدكتور ... بس هو أنتِ متخيله السناريو ازاي يعني لو حد فينا طلع عنده مشكله ايه اللي هيحصل من وجه نظرك ... او لو مثلا احنا الاتنين سُلام  لكن مع بعض مينفعش نخلف موقفك هيكون ايه؟!
ظلت صامته تنظر له بعيون تلمع بالدموع وقالت بصدق لمس قلبه 
- أنت عندي بالدنيا كلها يا شاهين بس على الاقل نكون عرفنا نجرب ونحاول 
أومأ بنعم وقال بهدوء 
- ننزل بدري النهاردة من عند عمه عثمان ونروح للدكتور ... الباشمهندسة نادين تأمر وسي شاهين ينفذ 
لتضحك نادين بصوت عالي ... ثم قالت ببعض الحذر 
- على فكره سليم ومراته معزومين معانا على العشا عند بابا 
ليلوي شاهين فمه بضيق.. لتقول هي بأندهاش 
- هو أنت مش بتحب سليم ليه
- فاكرة يوم الفرح لما جه يسلم عليا ويقولي بسماجه أوعى تزعلها واعرف ان ليها اخ واقف في ظهرها ... عاملي زعيم عصابه حضرته 
قال كلماته وهو يقلد سليم في طريقه حديثه لتضحك بصوت عالي وهي تقول من بين ضحكاتها
- يا ابني هو فعلا زي اخويا وكان ممكن يكون جوز اختي الله يرحمها بس القدر والنصيب 
اقتربت منه وحاوطت ذراعه بحنان وهي تقول
- علشان خاطري يا شاهين عامله كويس وأبتسم كده في وشة
ليضحك لها بسماجه وكأنه يعلن عن معجون أسنان وقال من بين أسنانه 
- حاضر يا قلب شاهين 
لتعود من جديد لتضحك بصوت عالي.
~~~~~~~~ 
وصلوا الي بيت والدها ليجدوا سيارة سليم تصف تحت البنايه ليلوي شاهين فمه وقال بنفس الابتسامة السمجة 
- اخوكي فوق 
لتضحك من جديد وهي تقول 
- خلاص بقا يا شاهين والله سليم شخص محترم ولو عرفته بجد هتحبه أنت كمان 
- ايه أنت كمان دي هو أنتِ بتحبيه ولا ايه؟!
قال كلماته بصوت عالي نسبيًا لتتلفت حولها ثم نظرت اليه بلوم ليدخل الي البيت وهو يقول 
- فهميني يا بنت عثمان بدل ما أطلع ارميلك السمج ده من فوق 
لتبتسم لغيرته التي تجعلها تشعر بالسعادة حقًا ... كيف كانت تفكر ان تحرم نفسها من تلك الحياه .. بيت وزوج محب ... ومشاحنات ومزاح وحياه كامله لا ينقصها سوا الأطفال 
أقتربت منه بهدوء وقالت بمهادنه
- أقصد ان بابا وماما بيحبوه وبيعتبره زي أبنهم ... ودينا الله يرحمها كمان كانت بتحبه وانا كرامه للناس دي بقا وجوده شيء ضروري في حياتي وبعتبره فعلا زي اخويا 
كان ينظر اليها بجانب عينيه لتقول هي بصدق مع إبتسامة تشعل نار الحل في قلبه 
- وبعدين يا شاهين انا مش بحب حد غيرك ولا عمري هحب غيرك انت كل دنيتي 
ليبتسم بسعادة واعتدل في وقفته وكأنه تمثال من ذهب بعد حديثها الذي ملىء قلبه بالحب 
وصعدا الي الأعلى ... وهناك كانت المفاجأة ... حين دخلت البيت كانت أمينه تجلس جوار والدتها التي تضم طفل صغير الي صدرها وحين شعرت بها رفعت عيونها اليها وهي تقول
- تعالي يا نادين شوفي دينا الصغيرة 
لتشهق نادين بعدم تصديق وظهر التأثر على ملامح شاهين الذي نظر الي سليم وحياه برأسه وردها الاخر له بنفس الطريقه 
أقتربت نادين تجلس على ركبتيها امام والدتها تنظر الي وجه الصغيرة وبعض الدموع  تلمع فوق وجنتيها وهي تحمل الصغيرة من بين يد والدتها وتضمها الي صدرها بشوق 
شوق لأختها التي رحلت منذ سنوات ... وشوق لطفل صغير تحمله في أحشائها ثم تحمله بين ذراعيها تهتم به وترعاه 
مر الوقت بين الاهتمام بالصغيرة وبعض المرح و المشاغبه بين سليم وشاهين 
لكنها كانت تشعر بسعاده والديها فعائلتهم في زيادة كل هذا يجعلهم يعيشون ايام سعيدة وذلك جعلها تشعر بالراحه والانطلاق ... وأيضًا تدعوا الله ان يرزقها بالذريه التي تزيد سعاده عائلتها 
~~~~~~~~~~
في سيارتهم متوجهين الي الطبيبة ... فقد حجز شاهين لهم لدى طبيبه النساء قبل صعودهم عند والدها 
كان التوتر واضح عليهم وهو لم يتحمل ذلك اوقف السيارة في المكان المخصص لها اسفل بنايه الطبيب واعتدل ينظر اليها بعد ان امسك يديها وقال:
- نادين انا عايزك تعرفي حاجه ... أنتِ عندي اهم من اي حاجه وكل حاجه انا عايزك أنتِ  صحيح اتمنى يكون ليا اولاد منك بس لو هختار بينك وبينهم فختارك أنتِ في كل مره هختارك أنتِ ... خلي كلامي ده حلقه في ودنك واوعي تنسيه. 
أومأت بنعم وعيونها تلمع بالدموع ليترجل من السيارة وهي أيضًا أمسك يديها بقوه رغم حنانه الواضح 
جلسوا امام الطبيبة صاحبه الوجه البشوش التي قالت 
- خير ان شاء الله ؟! 
شرحت لها نادين كل شيء لتقول الطبيبه بهدوء: 
- طيب اتفضلي على السرير علشان نعمل سونار 
ربت شاهين على قدمها بتشجيع لتذهب خلف الطبيبه وهو خلفها وقف عند نهايه السرير يضع يديه فوق قدميها يربت عليها دون شعور منه وكأنه يشجعها او يطمئنها 
بدأت الطبيبه في عمل السونار ... ودقات قلب نادين تنافس دقات قلب شاهين الذي يكاد يتوقف قلبه خوفًا على حبيبته 
لكن ذلك الصوت الذي صدر من السونار جعلهم يشعرون بالصدمة خاصه والطبيبه تقول 
- مدام نادين حضرتك حامل في نهايه الشهر الثالث 
صدمه ما يشعرون به الان هو الصدمة ... كانت نادين تبكي وتضحك في ان واخز تنظر الي شاهين الذي ينظر الي شاشه السونار يستمع لصوت نبضات ابنه لتنحدر تلك الدمعه من عينيه وهو يقول للطبيبه 
- حضرتك متأكدة؟!
ابتسمت الطبيبه وهي تقول 
- انا متأكده جدا ... الف مبروك يا مدام نادين وان شاء الله تقومي بالسلامة 
ساعدها على الوقوف ثم ضمها بقوه الي صدره وهو يقول
- مبروك يا اغلى من حياتي ... هتبقي احلى ماما في الدنيا 
لتضمه بقوه وهي تقول
- البيبي ده محظوظ جدا انك أنت هتكون ابوه ... زي ما انا محظوظه انك جوزي. 
ليعود ليضمها بقوه من جديد وهو يشكر الله بصوت واضح ... فاليوم اكتملت سعادتهم والكمال لله 

# رواية للقدرِ دائماً رأيِ آخرِ

تمت بحمدالله

#سارة_مجدي
حمل الان  / تطبيق حكايتنا للنشر الالكتروني واستمتع بقراءة جميع الروايات الجديده والحصريه 

تعليقات