القهوجي:
- يابيه لو ليك عند الشياطين دول حاجة اهرب واستعوض ربنا فيها، الحمد لله انهم سابوا البلد، والحمد لله انه غار بلا راجعة، مع ان حتى الموت فى اللى زي ده خسارة فيه.
كنت بسمعهم وهما بيحكوا بكره عن ابو ايات وانا مش عارف استوعب ازاي الناس اللى فى منتهى الاحترام دول اصلهم شياطين بالوصف اللى الناس بتوصفه ده؟ اصلا ده محدش منهم اهتم انا ايه علاقتي بيهم او بسأل ليه اصلا ده كأنهم ما صدقوا يتكلموا عنه، حسيت ان جوايا حاجات كتير محتاج اعرفها، فضولي كان اقوى من خوفي، لقيت نفسي بقول:
- هو مات ازاي؟ واهله راحوا فين؟ وبعدين هو مالهوش قرايب تانيين يعني غير بناته ومراته؟
شخص من على القهوة:
- له قرايب كتير لكن كلهم بعيد عنهم خالص، لا حد بيقرب منهم ولا حد بيسأل عن حالهم حتى، اهله بعد ما مات شموا نفسهم بعد ما كان هو اللى رابطهم فى البلد ورافض انهم يبعدوا عنه، مقدروش يعيشوا فى نفس البيت ولا نفس المنطقة ولا حتى نفس البلد اللى هو كان فيها، الست خافت على بناتها من اللى كان بيحصل...
رديت بمقاطعة:
- وهو كان بيحصل حاجة تاني بعد ما مات؟
القهوجي:
- يابيه ده مصايب حصلت بعد ما مات، احنا كنا نبقى بنقفل القهوة ونسمع صوت الصريخ والعويل بيرن فى البلد كلها وكأنه ديب بيعلن للبلد عن وصوله، كلنا عرفنا ان الصوت ده خارج من بيته، ومرة مع التانية حاولنا نروح عند البيت فى الاوقات اللى بنسمع فيها الاصوات دي...
قاطعه شخص تاني وقال:
- كنا فاكرين ان مراته وبناته هما كمان اشتغلوا شغلانة ابوهم، لكن لما وصلنا عند الباب كنا بنشوف حاجة اغرب من ان عقلك يصورها...
يرد القهوجي بحماس ومقاطعة:
- كانت بنته بتاعت كلية التجارة تبقى واقفة على الارض وقصادها امها واختها متعلقين من ايديهم ورجليهم فى السقف وهي باصة فى اتجاههم وبتقول بصوت يشبه صوت ابوها:
- مش هسيبكم ومش هتخلصوا مني، هفضل معاكم حتى بعد ما تموتوا...
- كانت تقول الكلام ده بصوت ابوها وتضحك بطريقة ترعب، كنا بنخاف نقرب من البيت مع اننا كنا بنبقى عايزين نبعد الست وسهر بنتها عن البيت، لكن مكناش بنقدر وكأن فيه حاجة بتمنعنا...او خوفنا هو اللى كان بيمنعنا الله اعلم..وفي يوم جه إمام الجامع قال للست ام البنات من برة باب البيت وكأنه قاصد يقدملها النصيحة قصاد البلد كلها:
- - انفدي بجلدك ياست ام ايات، ابعدي عن هنا علشان تساعدي بناتك ميتأذوش بأذى ابوهم، لو خايفة عليهم اهربي...اهربي قبل فوات الاوان.
رديت عليه بمقاطعه:
- تهرب من ايه بقى؟ وهي عملت ايه؟
رد شخص منهم:
- معملتش ولا رديت، هى عارفة ان اللى هتشوفه فى المكان ده سواد، علشان كده كأنها كانت مستنية حد يديلها تصريح الهروب، صحينا تاني يوم لقينا البيت بوابته مفتوحة على اخرها ومفيش حد فيه، ومن وقتها والبيت فاضي وعلى حاله محدش مننا يقدر يهوب ناحيته، ده ملعون الناس كانت مسمياه شمهورش على اسم الجن اللى معاه ومرافقه.
مش عارف المفروض اعمل ايه، لكن برغم خوفي وذهولي لقيت نفسي بحاول اكدبهم وانا بقولهم:
- بس يا جماعة الدجل والكلام ده خرافات، مفيش حاجة حقيقية، وربنا قال انهم كذابين...
القهوجي:
- احنا كنا بنسمع ونشوف بعنينا، اصوات الصريخ اللى كانت بتخرج من بيته كانت بتجيب اخر البلد، احنا حتى كنا مش بنصدق ان ده ممكن يكون صوت مراته او بنته، كانت الست اللى فضحته وكان السبب فى خراب بيتها وموت جوزها تيجي تقرب من البيت وتقول بصوت مسموع للناس كلها:
- ابعدوا عن بيته، ابعدوا عن اهله، ملعون هو واللي منه...
تقول الكلام ده وتقع من طولها واهل البلد يرجعوها بيتها لحد ما تفوق يسيبوها ويمشوا، فضلت على الحال ده لحد ما فجأة لقيناها اختفيت ومظهرتش تاني غير بعد شهور فى وسط الزراعات ميتة عنيها كانت باظة لبرة ورقبتها زرقا وكأن حد خنقها، ووشها زى لوح التلج..
قاطعته وانا بقول:
- هو مات ازاي محدش قاللي؟
رد شخص منهم:
- مش عارفين بالظبط، كل واحد بكلمة، فيه اللى قال ان الجن بتاعه قلب عليه وغضب عليه بعد اللى الست عملته، وفيه اللى قال انه قال تعويذة غلط انقلبت عليه وموتته، وفيه اللى قال انه شاف حد منهم...
قاطعته بتساؤل:
- من مين؟
رد القهوجي:
- منهم يابيه..اللهم احفظنا، العفاريت..اجعل كلامنا خفيف عليهم يارب، بيقولوا شاف منهم اللى ميقدرش يتحمل شوفته وده كان سبب موته، وبرضو محدش عارف الحقيقة...محدش رضى يغسله، ولا حد صلى عليه ولا حتى حد حضرله دفنة.
قاطعه القهوجي واحد تاني من الموجودين وهو بيقول:
- الناس الوحيدة اللى ممكن تحكيلك هو مات ازاي بصحيح اللى كانوا معاه فى البيت، مراته وبناته، بس محدش يعرفلهم طريق...
القهوجي بأبتسامة بعد كل الرغي ده:
- الا صحيح بقى يابيه، هو انت كنت بتسأل عنهم ليه؟
لقيت نفسي ببص له وببص لكل اللى قاعدين بصدمة وانا مش لاقى سبب اقوله، لكن حاولت استجمع نفسي وانا بقوله:
- انا زميل لواحدة من البنات فى الكلية، وجالها التعيين بتاعها ولم يستدل على مكانها علشان تستلم الجواب، قررت ادور عليها انا وابلغها علشان الفرصة متضيعش عليها..
القهوجي بأستهزاء:
- اهرررب يا ابن الناس، اللى زى ده دول محدش يعمل فيهم خير، اوعى تقرب منهم اصلا خليك بعيد ولو هما قربوا ابعد انت...
هزيت رأسى دليل على موافقتي على اللى قاله، وقررت استأذن منهم بعد ما شكرتهم على الوقت اللي قضيته معاهم والكلام اللى عرفته منهم ده، واخدت بعضي ومشيت وانا حاسس اني تايه، وبرغم ان الوقت اتأخر والدنيا ضلمة والبلد هُس هُس مقدرتش اتحمل اني اقعد فى البلد دي دقيقة تانية بعد اللى سمعته فيها، بصراحة انا مش بثق مليون فى المية فى وجود الحاجات اللى سمعت عنها دي، لكن برضو عندي نسبة قناعة بوجودها، وده خوفني..خوفت على نفسي وخوفت على ابويا...خوفت من علاقتهم بينا وقربهم مننا..خوفت من تحذير امها ليا وطلبها مني اني اتجوز ايات بالتحديد...ياريتني ما سافرت ولا سألت ولا دورت، ياريتني اكتفيت بأني مرتبطش بحد منهم وخلاص ومكنتش جيبت لنفسي وجع الدماغ اللى هعيش فيه ده...وصلت لمحطة القطر بأعجوبة عن طريق عربية بحمار صاحبها كان بيوصل اخوه للقطر علشان رايح الوحدة بتاعته فى الجيش، وصلوني معاهم كتر خيرهم ورفضوا خالص ياخدوا مني اي فلوس، قعدت على محطة القطر استنى القطر اللى هيرجع بيا على مصر، مش عارف استنيت وقت قد ايه بس خلال الوقت ده كانت كل الافكار السودة بتدور فى دماغي، وكل افلام الرعب اللى شوفتها فى حياتي شغالة قدام عنيا، على الحال ده لحد ما وصل القطر ولحد ما انا وصلت مصر، واول ما وصلت كان النهار طلع وكنت هموووت من التعب، قبل ما افتح باب الشقة وادخل علشان ارمي نفسي على اقرب سرير سمعت الصوت من ورايا بيقول:
- بتدور ليه على اللى هيتعبك؟ هتستفاد ايه لما تعرف اللى فات؟ دخلت نفسك فى اللى مالكش فيه وده هيوقعك فى اللى مش هتعرف تطلع منه..هيوقعك فى عُقاب...وانت مش قده.
رابط المقال ** https://www.7kayatuna.com/2023/04/blog-post_1.html
رابط ثابت
https://www.7kayatuna.com/2023/04/blog-post_1.html