خمس سنوات
ماثيو
خمس سنوات مروا منذ آخر مرة رأيتها بها، روزي تلك الزهرة الجميلة التي أنبتت في صحراء حياتي، أتذكر ذلك الوقت الذي انتهينا فيه من المعركة بعد هزيمة الشيطان سانتوس، واستطاعة أخي جوزيف فصل رأس ذلك الحقير عن جسده، لكن خلف وراء ذلك إصابة روزي بجرح خطير للغاية أوشك أن يؤدي بحياتها حينما حاولت مواجهة سانتوس، ولولا أن صوفيا استطاعت شفاء ذلك الجرح لكانت روزي قد غادرت عالمنا في تلك اللحظة، ورغم ذلك روزي لم تستطع أن تستعيد قوتها بالكامل، الأمر الذي جعل صوفيا تصر على الذهاب بها حيث معلم لها لديه طرق خاصة في شفاء الجروح واستعادة الشخص قوته كاملة، كان ناسك في جبال التيبت،
رحلت روزي بصحبة صوفيا، وكذلك رحل معهما ثاندر، لقد قيل في ذلك الوقت وحينما كنت أقوم بتوديع روزي والذي كان قلبي حزين جدا على فراقها، فهو قد كان بدأ التعلق بها، لكن رغم عني تقبلت الأمر من أجلها هي فقط، حتى تعود كما كانت وتعود معها ابتسامتها الجميلة.
صوفيا أخبرتنا جميعا أن تلك الرحلة لن تستغرق سوا بضعة أشهر، تنتهي بعد استعادة روزي لقوتها الكاملة، ومن ثم تعود إلينا من جديد! لكن هذا لم يحدث قط!!
روزي لم تعد، رغم مرور عام من وراء عام حتى أصبحوا خمس سنوات طويلة ومريرة، كنت من حين لآخر أسال والدتها سافانا عنها، هي كانت تجيب على سؤالي أن روزي اقتربت من الشفاء، أبتسم لها وأرحل!
وعندما تكررت الاجابات ولم تعد روزي توقفت عن السؤال، و ها هي خمس سنوات قد مرت على رحيلها، في كثير من الأحيان أشعر بها، وكأن رائحتها الخاصة تحيط بي، لكني لا أجد أحدا، تزورني في كثير من أحلامي، تعدني بالعودة لكنها لا تعود!!
الجميع من حولي تخطوا الأمر، أو أشعر أنهم يحاولون ذلك، سافانا تزوجت من لوكاس بعد رحيل روزي ببضعة أشهر، حتى أنها أنجبت صبيا بعد عامين من زواجها، ظننت حينها أن روزي قد تعود من أجل ذلك الأمر لكنها مع الأسف لم تعد!
والجديد في الأمر والذي يجعلني سعيد للغاية، هو خطبة أخي جوزيف وهانا شقيقة روزي، لقد نمت بينهما قصة حب كبيرة انتهت بالخطبة وها هما يحضران للزواج وأنا أقوم بمساعدتهما في تلك التحضيرات!
لقد وفق جوزيف في الحصول على وظيفة جيدة في مقر شركة تقع في البلدة المجاورة لنا، تبعد نصف ساعة فقط عن بلدتنا بالسيارة، لقد كان جوزيف سعيدا للغاية بالحصول على تلك الوظيفة الرائعة.
هانا هي الأخرى تعمل، لقد اختارت سافانا أن تقوم بفتح محل خاص لها لعمل الحلويات والفطائر، هانا أرادت مساعدتها، تدربت لفترة من الوقت، وحينما أتقنت عملها أصبحت هي شيف كبير في ذلك المتجر.
أنا سعيدا للغاية من أجل أخي ومن أجل هانا أيضاً فهي تستحق تلك السعادة بعد السنوات المريرة التي عاشتها مع الشرير سانتوس، الحب الذي جمع بين هانا وجوزيف كان عظيما جدا، ساعدهما على. تخطي الماضي والبحث عن السعادة في المستقبل.
الآن أنا أقف في منتصف الحديقة الخاصة بالجامعة التي كنت ألتحقت بها بعد تخرجي من المرحلة الثانوية، لقد ألتحقت بكلية إدارة الأعمال، أنوي من بعد تخرجي منها العمل في مشروع خاص بي أنا واصدقائي نوح والآخرين، هم أيضا التحقوا بنفس الكلية لكن في تخصص مختلف عن تخصصي!
نحن في كثير من الأحيان نمزح حول ذلك الأمر، نوح يخبرنا بمرح أننا من الأفضل أن نفتتح شركة بمفردنا فكل واحد منا له تخصص مختلف ولا نحتاج لأحد من الخارج، لاضحك أنا بصوت عال حينها وأساله من أين سوف نأتي بالمال يا ذكي!
انظر من حولي على تلك الأشجار العالية التي تحيط بالحديقة وأتذكر الغابة خاصتنا التي كنا نتدرب فيها أنا والأصدقاء، لقد مر بعض الوقت منذ آخر مرة ذهبت فيها إلى الغابة، رغم أنني الألفا الجديد بعد تقاعد والدي لكنني لم أذهب هناك كثيرا، فأغلب اجتماعتنا مع القطيع كانت تحدث في الباحة الخلفية لمنزلي!!
لا أعلم ما الذي يحدث لي حينما أخطو بقدمي في داخل تلك الغابة، هناك شعور بالضيق ينتابني، لربما ذلك لأنها المكان الذي وقعت فيه روزي مصابة بجرحها الخطير الذي تسبب في إبتعادها عني كل تلك السنوات.
صوت أحدهم يهتف مناديا باسمي الآن، لربما أحد الأصدقاء، قمت بإغماض عيني بقوة، سحبت نفس قوي ثم التففت بجسدي كي أواجه من يهتف باسمي.
وجدت أن نوح هو من يقترب مني بخطوات سريعة، رأينا على وجهه ابتسامة دافئة بينما يهتف مناديا علي، قمت برد الابتسامة له، انتظرته حتى يصل إلى المكان الذي أقف فيه أنا، وحينما فعل، أخبرته بنبرة مازحة
"ما الأمر يا رجل؟! ألا يستطيع المرء أن يجلس مع نفسه ولو لبضع دقائق صغيرة من دون أن تبحثوا عنه؟!"
كان جواب نوح على مزاحي ذاك معه أن ضحك بصوت عال مقهقها بشدة، ثم قال من وسط ضحكاته:
"حقا يا رجل تريد الجلوس مع نفسك؟! هل هناك قصة حب جديدة تخوضها أم ماذا ماثيو؟!"
رغم أن سؤال نوح كان مجرد مزاح لا أكثر لكنني رغما عني قد شعرت بالضيق! الجميع كان يعلم عن المشاعر التي أكنها لروزي، رغم أنني لم اتحدث عن الأمر مباشرة لكني أعلم أن الجميع يدركون ما أشعر به!
وجهي تحول من الابتسام إلى العبوس الأمر الذي لاحظه نوح وجعله يتراجع عدة خطوات للوراء بينما يقول بنبرة معتذرة:
"انظر ماثيو، أنا لم أكن اقصد شيئا من كلماتي تلك سوى المزاح لا أكثر! لذا لا داعي للغضب أو الشعور بالضيق مني! أنا أعتذر إن كنت تخطيت حدودي معك في المزاح!"
كلمات نوح المعتذرة وردة فعله تلك جعلتني أشعر بأن غضبي قد ذهب حقا، لذا أنا وضعت على وجهي ابتسامة عريضة له، ثم أخبرته بنبرة مازحة:
" لا داعي للإعتذار حقا نوح! أنا أعلم أنك كنت تمازحني ليس أكثر؟! ثم من قال لك أن هناك حب جديد دخل إلى حياتي! حبي لروزي لم يغادر قلبي قط!!"
هكذا أخبرت نوح بنبرة هادئة، فوجئت بردة فعله بعدها، حيث وجدته يبتسم لي ثم يسألني بنبرة مرحة:
"حقا ماثيو؟! روزي مازالت هناك في داخل قلبك هذا رغم مرور تلك السنوات التي رحلت هي فيهم ولم تعلم عنها شيئا منذ ذلك الحين؟!"
قال نوح ذلك لي بينما يشير إلى قلبي بأصبعه السبابة ثم يرفع حاجبه بتعجب وحيرة، مما جعلني أبتسم له، أهز رأسي مؤكدا على تساؤله وأخبره بنبرة دافئة:
"أجل عليك تصديق ذلك نوح! ليس معنى أن من تحب بعيد عنك لفترة من الوقت أنك تنساه بسهولة، تلك أمور تخص القلوب وحدها فقط! أنت لن تعلم ذلك إلا إذا وقعت في الحب يا صديقي وذلك ما أتمناه لك!! أنا أريد رويتك مشغول العقل مسلوب القلب يا صاح"
كلماتي جعلت نوح يضحك بصوت عال ثم يقول:
"لا تعتمد علي في ذلك الأمر كثيرا ماثيو لأنني سوف اخذلك بكل تأكيد!! أنا ليس لدي قلب حتى أستطيع الوقوع في الحب من الأساس"
سماعي لحديث نوح المازح جعلني أضحك أنا أيضا ثم أخبره بنبرة مازحة:
" أجل أنت محق في ذلك يا صاح! أنت لست لديك قلب حتى! لذا لا أمل في وقوعك في الحب على الإطلاق! لذا أنا أعلن أنني هزمت أمامك في ذلك الجانب!! والآن أخبرني ما الأمر الذي كنت جئت من أجله إلي منذ قليل ؟!
انهيت مزاحي مع نوح ثم سألته عن أمر مجيئه إلي منذ قليل وجدته يخبرني بنبرة جادة قائلا:
"لقد قمت بتعبئة حقيبتي وأصبحت مستعدا للرحيل الآن! فهل أنت فعلت ذلك أيضاً؟!"
قمت بهز رأسي موافقا على تساؤل نوح ذاك، فأنا قد كنت عبئت حقيبة السفر الخاصة بي قبل أن أذهب إلى المحاضرة اليوم، قمت بإخباره قائلا:
" أجل فعلت ذلك قبل الذهاب للمحاضرة، حتى أكون مستعدا للرحيل على الفور، فنحن لا نريد التأخر عن الحافلة التي سوف تقلنا إلى البلدة"
هز نوح رأسه متفهما ما أخبرته به، هو قال أيضاً:
"ذلك جيدا، هل قمت بالاتصال بباقي الأصدقاء أم أفعل أنا ذلك الآن؟!"
في الحقيقة أنا كنت قد هاتفت جميع الاصدقاء قبل جلوسي في تلك الحديقة بمفردي، أردت أن يكون كل شيء جاهزا للرحيل على الفور، أيام العطل تلك تكون الطرق فيها مزدحمة للغاية، لذا الانطلاق مبكرا سوف يكون أفضل بكثير.
قمت بالإيماء برأسي لنوح من أجل أن يعلم أني قد فعلت ذلك، أنا شخص منظم للغاية والجميع يعلم عني ذلك الأمر، أبتسم لي نوح، هز رأسه بتفهم، ثم وضع يده على كتفي وأخبرني بنبرة مرحة قائلا:
"إذا هيا بنا كي نجلب لك حقيبتك ثم ننطلق على الفور!!"
ابتسمت إلى نوح، سرت معه بخطوات سريعة نحو المبنى الخاص بسكن الطلاب في الجماعة، من أجل أن نقوم بتنفيذ ما قاله، نحضر الحقيبة الخاصة بي، نجتمع مع الأصدقاء عند موقف الحافلات، استقلال الحافلة والعودة من جديد إلى المنزل.
ماثيو
ها هو هواء الوطن يعانق صدري من جديد، ما أجمل العودة للوطن!! ابتسمت بهدوء بينما انظر على الشباب بجواري، كانوا يتمازحون سويا كالعادة، لقد مرت عدة شهور منذ ابتعادنا عن البلدة، لابد من أن كل واحد منهم يشتاق إلى عائلته، مثلما أنا أفعل ذلك أيضاً.
الحافلة قد أوشكت على الدخول إلى البلدة، بدأنا جميعا في لملمة أشيائنا والتحضر للهبوط من الحافلة، حيث قمنا بإنزال الحقائب من أماكن حفظها، نظرت من خلال نافذة المقعد الذي كنت أجلس عليه، بدأت المنازل تلوح أمام عيني مما جعلني اعاود التبسم من جديد، ما هي إلا دقائق وأرى والدتي، أبي، جوزيف وهانا كذلك.
لقد اشتقت لهم جميعا حقا، كنت اتمنى لو كانت هي معهم، لكن تلك ظلت مجرد أمنية في داخل عقلي أنا فقط ولن تتحقق بكل تأكيد.
بعد مرور خمسة عشر دقيقة
الحافلة توقفت في موقف الحافلات المخصص لها، الجميع بدأ في الهبوط من داخلها، قمت بتوديع الاصدقاء، سرت نحو منزلي بخطوات سريعة تكاد تسابق الريح حقا راسما على وجهي ابتسامة محبة ودافئة.
وصلت إلى أمام المنزل، رغم أن مفتاح المنزل بحوزتي لكنني قررت عمل مفاجأة لأسرتي، وأتمنى أن تكون مفاجئة سارة لهم حقا، قمت بضغط زر جرس المنزل، انتظرت بعدها حتى يجيب علي أحدهم.
لم أكن متعجبا حينما رأت والدتي هي من تقوم بفتح باب المنزل، فالجميع هناك كسالى للغاية، أخي وأبي أيضاً، للوهلة الأولى لرؤية والدتي لي لم تصدق نفسها أني أمامها في تلك اللحظة، لكن ضحكتي العالية هي ما جعلتها تدرك أن من أمامها في تلك اللحظة ليس سواي أنا، ابنها الحبيب ماثيو.
استقبلتني والدتي بحضن دافئ ومحب، حتى أني قد رأيت دموع في عينيها الأمر الذي فاجأني للغاية، فأنا أحادث والدتي على تطبيق التواصل الاجتماعي بمكالمة فيديو أسبوعياً!!.
لم يهمني ذلك حقا، أبعدت تفكيري المتعجب عن عقلي، قمت بالتركيز على حضن والدتي المحب ذاك فهو يعطني شعور رائع حقا!
بعدما انتهت والدتي من الترحيب بي وعناقي في مدخل المنزل وجدت والدي يسير نحوي وهو على وجهه ابتسامة دافئة، مد يده وقام بمصافحتي، ثم دخلت بخطوات متمهلة إلى داخل المنزل، قمت بالجلوس على الأريكة التي تقبع في منتصف غرفة المعيشة حيث الجميع معتاد على الجلوس هناك.
والدتي رحبت بي بأن صنعت لي كوب من القهوة، قدمت لي بعض البسكويت منزلي الصنع أيضا والذي كان طعمه شهيا للغاية، بدأنا نثرثر جميعاً أثناء تناولي للقهوة، والدتي اختفت في غرفة الطهي لبضع دقائق بعد أن قامت بمعاتبتي لأنني لم أخبرها بمجيئ اليوم من أجل أن تصنع لي طعامي المفضل ثم قررت أن تقوم بالبدء في التحضير من الآن.
تركتنا ودلفت إلى مكانها المفضل، حيث تطهو لنا أشهى المأكولات، قمت باستغلال الأمر ونظرت لوالدي نظرة جادة، سألته بنبرة مستفهمة:
" هل هناك أخبار جديدة أبي عن اتباع سانتوس ؟!"
قمت بسؤال أبي ذلك السؤال المفاجئ، تلفت أبي يمنة ويسرة، أخفض صوته قليلا ثم قال بنبرة هادئة:
"لقد سمعت بعض الشائعات عن خوليو، ذلك التابع المخلص للشيطان سانتوس! لا أعلم إن كنت قد سمعت عنه قبل ذلك! لا يهم ذلك لكن ما يهم حقا هو الشائعات التي تتحدث عن جمعه لجيش قوي تحت أمرته من أجل أن ينتقم لمولاه والقضاء على الذين قد هزموه في تلك المعركة!!"
الكلمات التي قالها أبي للتو جعلتني أتفاجئ حقا، فما يقوله أبي الآن لن يعني سوى شئ واحدا! وهو أن ذلك المدعو خوليو سوف يحاول أن ينتقم مني أنا وأخي و هانا خطيبته أيضاً، لربما يحاول البحث عن روزي هي الأخرى ويحاول الانتقام منها بصحبة جيشه المزعوم ذاك!!
حديث أبي جعلني أجفل قليلا، أشعر ببعض القلق أيضاً، تنحنحت بصوت منخفض ثم عدت لسؤال أبي مرة أخرى وقلت له:
- أبي، هل انت متأكد من تلك الشائعات حقا؟! لربما تكون مجرد مزحة لا أكثر؟!
رسم أبي قناعا جادا على وجهه بينما يستمع لسؤالي ذاك، هو فكر قليلا متخذ الصمت حليف له، ثم عاد ليقول مرة أخرى:
- لا أعلم ماثيو! لكني اتمنى أن تكون تلك حقا مجرد مزح أو شائعات ليست لها صحة! فنحن لا نريد أن تعود فترة الصراع والحرب مرة أخرى، نريد أن يدوم السلام في البلدة.
قمت بهز رأسي مؤيدا حديث والدي ذاك، فأنا مثله أيضاً لا أريد أن تشتعل الحرب مرة أخرى، لكن هذا لا يعني أننى أصبحنا ضعفاء! على العكس منذ ذلك تماما!!
لقد نضج معظمنا في خلال تلك الخمس سنوات الماضية، أصبحنا أكثر قوة وصلابة، أجساد المراهقة اختفت إلى الأبد وأضحت اجسام ضخمة وقوية!!
هناك سؤال خطر على عقلي بينما أفكر في تلك الأشياء، لذا أسرعت إلى سؤال أبي قائلا بنبرة قلقة:
"هل أخي جوزيف يعلم شيئا عن تلك الشائعات أبي؟!"
هز أبي رأسه موافقا على سؤالي له، مما يعني أن أخي يعلم بالفعل عن تلك الشائعات، وجدت أبي يقول بنبرة هادئة:
"في الواقع ماثيو إن جوزيف هو من أخبرني بتلك الشائعات، لقد كانت خطيبته هانا هي من أخبرته عنها، لقد جاءت إلى منزلنا في ذلك الوقت وعلى وجهها قلق كبير، وحينما سألها جوزيف عن السبب أخبرته أنها قد سمعت أن تابع والدها المخلص يحاول تجميع جيش جديد من أجل الانتقام منا!
"المسكينة هانا! لابد أنها تشعر بالقلق والحزن أيضاً، فتلك الأشياء قد تؤثر على تخطيطهم لموعد الزفاف خاصتها هي وأخي!!"
هكذا أخبرت أنا أبي بتلك الكلمات المتعاطفة، أبي هز رأسه مؤيدا كلماتي تلك بينما يقول:
"أجل مسكينة هانا، هي لم تكد تستريح من ذلك الشيطان سانتوس وتبدأ في عيش حياتها حتى يعود ذلك الرجل الأبله من جديد كي يحاول أن يفسد عليها حياتها! لكننا لن نسمح له بفعل ذلك بكل تأكيد!!"
قمت أنا تلك المرة بهز رأسي بقوة أويد كلمات والدي تلك، فنحن لن نسمح لذلك الرجل بأن يحاول أن يقترب من حياة هانا وأخي ويفسد عليهما الفرحة بزواجهما، سوف تكون نهايته إن حاول فعل ذلك بكل تأكيد!!
عودة أمي إلى غرفة المعيشة حيث نجلس أنا وأبي جعلتنا نتوقف عن الحديث، فنحن لا نريدها أن تشعر بأي قلق، كنت أشك أن أبي قد أخفى عنها ذلك الأمر والآن وصمته المفاجئ وإشارته لي بالتوقف عن الحديث جعلتني أتأكد من ذلك.
فوجئت بوالدتي تقترب مني، تسألني بنبرة محبة ودافئة قائلة:
"ما رأيك ماثيو في أن تذهب للحصول على حماما منعش و تستريح لبعض الوقت ريثما أقوم بتحضير الطعام لك؟!"
لقد جاء حديث والدي ذاك كفرصة حقا، لا أنفي إني كنت أريد الاستمرار في التحدث مع والدي ولكنني أشعر بالتعب حقا من عناء السفر، كذلك اليوم قمت بالاستيقاظ مبكرا، لذا فالتعب تمكن مني بقوة، ويبدو ذلك الاقتراح أكثر من رائع.
تفهم والدي رغبتي في تنفيذ اقتراح والدتي ذاك، هو هز رأسه بتفهم، فاستقمت أنا واقفا، ثم انطلقت نحو الدرج بخطوات سريعة ومنها نحو غرفتي الخاصة.
حينما دلفت إلى غرفتي الخاصة قمت بإلقاء الحقيبة خاصتي على الفراش ثم أسرعت نحو المرحاض بخطوات سريعة، أحاول أن أنعش جسدي من رائحة العرق وتيبس العضلات من الجلوس أيضاً.
لم استغرق وقتا طويلا في الاستحمام، فقط خمس دقائق، خرجت وأنا ألف منشفة ضخمة على جزعي السفلي، سرت بخطوات متمهلة نحو خزانة الملابس خاصتي، أريد أن انتقي ملابس جيدة من أجل الخروج.
قمت بارتداء ملابسي ثم ذهبت إلى طاولة الزينة وبدأت في تصفيف شعري سريعا، ألقيت بعدها نظرة أخيرة على مظهري أتأكد من كونه ملائما ثم بدأت في الاتجاه نحو باب الغرفة حيث ارغب في العودة إلى الأسفل حيث والدتي في انتظاري مع طعامها الشهي.
لقد صدق حدثي، والدتي استغلت ذلك الوقت الذي قضيته في الاعلى في تحضير وجبة شهية لي، رغم أنها سريعة لكن رائحتها بدت جميلة للغاية، جعلت لعابي يسيل حقا، وهرولت نحو طاولة الطعام ثم بدأت في إلتهام الطعام بجوع ونهم شديد.
كانت والدتي تشاهدني وأنا اتناول الطعام الذي أعدته بنهم وهي ترسم على وجهها ابتسامة ودودة، أشعر أنها كانت تحب مراقبتي بينما أفعل ذلك، لم أنس بالطبع أن أقوم بشكرها على هذا الطعام الشهي بينما أنا اتناوله، لذا أخبرتها بنبرة مرحة:
"أنت سوف تفسدين حقا ذلك الجسد الرشيق الذي تعجب به الفتيات بطعامك الرائع ذاك!! أنا لا أعلم ماذا أفعل ولكني لن أتوقف عن إلتهامه بالتأكيد!"
وكما اعتقدت تماما، مزاحي ذاك جعل والدتي تطلق ضحكات عالية، لقد شكرتها على ذلك الطعام ولكن بطريقة غير مباشرة وهي قد فهمتها، نظرت بعيني نحو والدي فوجدته كان يراقب حديثي مع والدتي بتسلية، لابد أنه يفكر أنني رجل متملق حقا!! ولكن ما الضير من تملك الرجل لوالدته المحبة والدافئة؟!
ابتسمت لأبي بقوة ثم غمزت له بعيني، مما جعله هو الآخر يضحك بصوت عال على فعلتي معه تلك، هي لم تكن وقاحة لكن فقط مجرد مزاح بيننا.
نهاية الفصل.
