الفصل الأخير
ماثيو
المعركة انتهت بسلام في النهاية، استطعنا بعد تلك الجولة التي انتصر فيها جيش خوليو حيث أطلقوا علينا أصوات عالية كادت تصم أذاننا، لكننا في النهاية استطعنا إيجاد حل لها بصنع صوفي وروزي دائرة حماية الأمر الذي جعل ثاندر يستطيع التفكير بهدوء ثم يضع خطة أخرى عن طريق تجميد سافي للوقت لخمس دقائق ثم قيامنا نحن باصطياد محاربي العدو كفرائس بعدما استطاعت روزي وصوفي تقريب دائرة الحماية من موقع العدو.
الحرب انتهت مع تحطيم وتقطيع أجساد الأعداء، عرض كلاوس في النهاية أنه هو من سيقوم بالتخلص من خوليو عن طريق مص دمائه، بينما جوزيف استكمل تحطيمه وتكسير عظامه بغل شديد!
حينما انتهى كل شيء خرجنا جميعا من دائرة الحماية تلك! بدأ الجميع في محاولة استعادة رباطة جأشه، بينما جوزيف اسرع نحو عروسه هانا، بدأ الفتية وأنا معهم في تجميع الأشلاء و البقايا في كومة ثم أشعل النار فيها، لتقوم روزي بعدها في عمل رياح جعلت رماد تلك النيران تطير بعيدا بعد أن انطفأت.
عاد جوزيف من قبو المنزل حاملا هانا بين يديه، كان فرحا للغاية حتى أنه قبلها أمام الجميع ودار بها كذلك، حتى حان دور إلقاء العروس لباقة الزهور خاصتها والتي طالب بها الفتيات في صحبتنا!
روزي لم تهتم كثيرا بذلك الأمر، هي اكتفت بالوقوف بعيدا عن الفتيات اللاتي تصارعن على الباقة، لكن لا أعلم أكانت تلك مصادفة أم شئ تم تدبيره وصلت الباقة إلى حضن روزي، مما جعل بقية الفتيات يتذمرن بقوة، لكنها هي كانت تضحك فقط وتبتسم إلى شقيقتها هانا، نظرت لها، نظرات مشتتة وحائرة، تخيلتها ترتدي ثوب الزفاف الأبيض لكن لا أعلم من الذي سوف يستحق أن يكون بجوارها؟!
لقد تمنيت كثيرا أن أكون أنا ذلك الرجل الذي يستحق روزي لكن بعد ما حدث لا أعلم إن كانت سوف تسامحني يوما أم سوف تظل غاضبة مني طوال العمر!
تمنيت أن أذهب إليها واعتذر منها مرة أخرى، لكن كبريائي منعني من ذلك، فهي حتى الآن لم تعتذر على رحيلها ولم تبرر سبب غيابها لكل تلك الخمس سنوات، مما يعني أن كلانا ارتكب خطأ وعليه الاعتذار وأنا لن أفعل إلا إذا قامت روزي بالاعتذار مني أولا.
بدأت رقصة العروسين، أفسح الجميع المجال لهما كي يحظيا برقصة منفردة لعدة دقائق ثم بدأ الأزواج في اللحاق بهما في ساحة الرقص، بحكم كوني الأشبين الأول للعريس وهي الوصيفة الأولى للعروس كانا علينا أن نرقص سويا تلك الرقصة، لم أشأ أن يلاحظ أحد وجود خلافا بيننا، لذا ذهبت إليها بخطوات سريعة حتى وصلت عند المكان الذي كانت تقف فيه، مددت يدي نحوها وسألتها بنبرة هادئة قائلا:
"هلا رقصنا من فضلك روزي؟!"
لابد أن روزي فوجئت من طلبي ذاك، فهي كانت تنظر نحوي بنظرات متعجبة وحائرة، ترددت لعدة ثوان ثم وجدتها تضع باقة الزهور على إحدى الطاولات ثم تعود إلي مرة أخرى، أمسكت بيدي التي كنت قد مددتها لها، قدت روزي بعدها إلى ساحة الرقص، بدأنا نرقص على إيقاع الموسيقى الناعمة التي كانت تدار في الخلفية.
حاولت كثيرا أن أجعل من مراقصتي لروزي أمر عملي وواجب بعيدا عن أي مشاعر أشعر بها نحوها، لكنني فشلت في ذلك حقا! لم استطع أن اتحكم في مشاعري بينما روزي تتواجد بين ذراعي، وجدتني أحاول أن أقترب منها أكثر، أشدد من إحكامي الغلق على خصرها، فوجئت بها تتجمد لثوان قليلة ثم عادت طبيعية من جديد!!
فقط هناك تساؤلات كانت في داخل عينيها الزرقاوين اللتان تفكراني بلون البحر الرائع! لم أعلم بماذا أجيب على تساؤلات عينيها تلك! أدرت وجهي للناحية الأخرى، تجنبت اتصال الأعين واكتفيت باتصال القلوب و الأجساد، فجأة شعرت بها وهي تضع رأسها على صدري ثم استرخت في هدوء تام، وكأنها اقتنعت مثلي أنه ليس هناك سبيل من افتراقنا عن بعضنا البعض! حتى لو حدث ذلك لبضع سنين لكننا في كل مرة سوف نعود لبعضنا البعض من جديد!!
استمرت الرقصة لمدة لا أعلم إن كانت طويلة أو قصيرة، فقط ما علمته أنه لا أنا ولا روزي أيضا أردنا أن نبتعد عن احضان بعضنا البعض! وعلى ما يبدو الجميع لاحظ ذلك الأمر، لقد رقصنا عدة مرات متتالية، حتى انتهت الموسيقى ولم يبقى أحد في ساحة الرقص!
لعنت في داخلي بصوت عال
"اللعنة على ذلك!"
لم أكن أريد ترك روزي حقا لكن يجب أن نترك ساحة الرقص، فهمسات الآخرين بدأت في التعالي! لم أرد لروزي أن تشعر بالحرج، لذا بهدوء شديد همست في أذنها بنبرة خافتة:
"روزي، روزي!"
لكن روزي لم تجب على همسي ذاك، بل أصدرت صوت اعتراض خافت، ضحكت في داخلي على ردة فعلها تلك، لكنني عدت كي اهمس لها من جديد بينما أقول:
"روزي! علينا أن نبتعد عن ساحة الرقص، الجميع قد أبتعد عنها ولم يبقى أحد سوانا نحن الاثنان لذا!!"
أخبرتها بتلك الكلمات ثم انتظرت أن تنصت لي وتبتعد عني قليلا كي نسير بعيدا عن تلك الساحة لكنني فوجئت بها وهي ترفع رأسها لأعلى نحوي، تقف على رؤوس أصابعها، ثم تضع على شفتاي قبلة ناعمة، دافئة، مثيرة رغم كل شيء! لقد تجمدت لثوان قليلة على فعلتها تلك لكنني لم أتردد بعدها ولو للحظة واحدة من أجل أن ابادل روزي القبلات ولو حتى ذلك كان أمام جميع الحضور في عرس أخي!!
لا أعلم كم دامت تلك القبلات الرائعة بيننا لكن ما أعلمه أني أضطررت للتراجع بعيدا عن روزي بعد تعالي الهمسات والصياح من حولنا، شعرت بها تتذمر من ابتعادي ذاك، لكنني كنت مضطرا لفعل ذلك، روزي سوف تكرهني إن جعلتها تستمر في فعل ذلك أمام الآخرين، حملتها بين يداي، ابتعدت بها عن تلك الساحة، عن جميع الحضور، اخذتها لركن خفي حتى تستطيع أن تعود إلى طبيعتها.
روزي
لم تستمر نظرات ماثيو لي كثيرا حتى فوجئت به يقترب مني، يمد يده نحوي كي يطلب مني الرقص على ما يبدو! ترددت قليلا ثم بعدها قمت بوضع باقة الورود على الطاولة بجواري، عدت مرة أخرى إلى حيث يقف ماثيو ناولته يدي ثم سمحت له أن يقودني إلى حيث ساحة الرقص التي يرقص فيها الجميع.
الرقصة بيننا صارت عادية في البداية مثل أي اثنان آخران، لكن فوجئت بعدها بأن ماثيو يتشدد في الإمساك بي ومحاولة التقرب مني أكثر، في البداية تجمدت في مكاني وقد توقفت عن الرقص، لكن سرعان ما تذكرت أن من يقف أمامي هو ماثيو من أحب واعشق، لذا أخذت نفسا عميقا ثم استسلمت له تقريبا، اقتربت منه أكثر، نظرت إليه متسألة عما يفعله الآن معي، لكنني فوجئت به يوجه رأسه للناحية الأخرى.
تنهدت بعدها بقلة حيلة ثم فكرت أنه لا فائدة من محاربة ما يجري بيننا أنا وماثيو، تلك المرة سوف استسلم له، فأنا جربت الابتعاد عنه واكتويت بتلك النار وأنا لا أريد أن أجرب تلك النار مرة أخرى!! وضعت رأسي على صدر ماثيو، ويداي حول خصره،. تركت لنفسي، لمشاعري العنان في تلك الليلة.
لم أعلم كم طالت تلك الرقصة فيما بيننا أنا وماثيو، لكنني فقط استمعت إلى همس ماثيو الخافت لي وهو يهتف باسمي
"روزي، روزي!"
لكني تذمرت حينها، لأنني لم أشأ أن يقطع ماثيو تلك اللحظة الرائعة بيننا! ثم وجدته يهمس لي مرة أخرى بينما يقول بنبرة هامسة
"روزي، علينا أن نبتعد عن ساحة الرقص فالجميع قد رحل عنها ولم يبق سوانا نحن الاثنان!"
رفعت رأسي لانظر إليه واجيب عال على كلماته تلك، لكنني لم استطع النطق بكلمة واحدة، كل ما فكرت فيه في تلك اللحظة هو فقط ماثيو الذي كان ينظر لي بعينين عاشقتين، ماثيو الذي يهمس لي بنبرة أجشة وناعمة، لم أجد نفسي سوي أرفع جسدي على رؤوس أصابعي ثم أضع شفتاي على شفتي ماثيو وبدأت في تقبيله بنعومة ودفء!! هو تجمد من فعلتي في البداية ثم سرعان ما اندمج في تلك القبلة حتى صرنا شخصا واحدا يشعر!
القبلة قد طالت فيما على ما يبدو، لأن هناك همسات وهمهمات انتشرت من حولنا في المكان، صوت ماثيو وهو يخبرني أننا علينا الابتعاد عن المكان، ثم يميل نحوي ويحمل جسدي بين يديه، ليسير بنا نحو مكان منعزل بعض الشيء عن الجميع، وحينما وصلنا إلى ذلك المكان وجدته يضعني على مقعد واسع وكبير، بينما مازال يحتجز جسدي بين يديه بقوة، لربما هو خائف من أبتعد عنه تلك المرة أيضا، أو أن اتهمه بأنه حاول تخطي الحدود معي! لكن ما لا يعلمه ماثيو أنني تلك المرة كنت أشعر بكل ما يشعر به ماثيو نحوي تماما!!
دقائق مرت على وضعنا هذا، لم أكن أن اتحرك من مكاني بين أحضان ماثيو، لكن كان هناك حديث هام لابد أن يتم فيما بيننا، حديث ربما تأخر لخمس سنوات طوال!! ابتعدت عن مجال ذراعي ماثيو، شعرت به يحاول منعي لكنه سمح لي في النهاية بالابتعاد عنه!
نظرت نحوه بنظرات عاشقة وددت لو رآها في عيني، لكنه كان ينظر للناحية الأخرى، لربما هو خائف من مواجهتي ليس إلا!! هتفت باسمه بصوت هادئ
"ماثيو، ماثيو!"
لكنه لم يجب على ندائي أو يلتفت لي حتى!! خيل لي أني استمعت إلى صوت لعنة خافتة، من الممكن أن يكون هو من أطلقها، ابتسمت على ردة فعل ماثيو تلك! لا أعلم لما شعرت بتسلية كبيرة حينما علمت أن ماثيو خائف وقلق، هو حقا كان خائفا من مواجهتي لهذا لم ينظر لي حينما هتفت باسمه، علمت من ذلك مدى التأثير الذي امتلكه على شخص قوي مثل ماثيو! حقا إنه الألفا، وهو يخاف مني أنا!! شئ يدعو للزهو حقا!!
عدت مرة أخرى وهتفت باسم ماثيو بنفس النبرة الخافتة بينما أقول له:
"ماثيو من فضلك أستمع لي! لابد أن نتحدث! ذلك الأمر لن ينفع حقا! ماثيو انظر لي أرجوك!"
تلك المرة هو نظر لي، تطلع نحوي بعينين قلقتين، كان التوتر يظهر بقوة على ملامحه، هو سألني بنبرة بدت هادئة لكنها كانت حتما غاضبة:
"ما الذي لن ينفع روزي؟! هل تقصدين علاقتنا سويا أم ماذا؟! هل هذا ما كنت تريدين قوله لي؟! إذا إن كان هذا صحيحا فلما تلك القبلة التي بادرتي بها منذ قليل أمام الجميع ولم تبالي أو تخجلي منهم! هيا أجيبي على سؤالي ذاك روزي؟!"
"أنا آسفة!"
لم أجد سوى تلك الكلمة كي أجيب بها على كلمات ماثيو لي وسؤاله ذاك الخائف! عدت لأخبره من جديد:
"أعلم أني تأخرت في قولها ماثيو، لكنني حقا نادمة بقوة وأنت تستحق أن تستمع إلى تلك الكلمة مني!"
أخبرته بتلك الكلمات، نظرت إليه فإذا هو متجمد بعض الشيء، ربما متفاجئ بشدة من كلماتي، هو كان ينتظر جوابا آخر على ما اعتقد، وجدته فجأة يضيق عينيه بتفكير ينظر نحوي بنظرات مشككة ثم تسأل قائلا:
"لما ذلك الاعتذار؟! هل تنوين هجري للأبد روزي؟!"
أوه ماذا؟! ما الذي يقوله ذلك الأبله للتو؟! هل هو حقا لا يفهم سبب إعتذاري منه!
أخبرته بنبرة حادة
"ما بك ماثيو لم اعهدك بطئ الفهم لتلك الدرجة؟! لقد كنت أتحدث عن أمر رحيلي لخمس سنوات دون محاولة التواصل معك بحق الله؟! عن أي هجر تتحدث أنت؟! ألم أقوم بتقبيلك أمام جميع من في الحفل دون ذرة خجل واحدة يا رجل!! هل تلك تصرفات فتاة تريد هجر حبيبها؟! لقد أصبحت بلا عقل حقا ماثيو؟!"
أخبرته بتلك الكلمات الزاعقة في وجهه، فوجئت به يستقيم واقفا ثم يقترب مني، يمسك بي بين يديه، ثم يسألني بنبرة غير مصدقة:
"ماذا قلتي روزي للتو؟! هل قلت اني حبيبك؟! هل كنت تعتذرين حقا عن أمر رحيلك البائس عني؟!
هززت رأسي موافقة على أسئلة ماثيو كلها تلك لي، فوجئت به وهو يقول بنبرة غاضبة
"أيتها الفتاة الحمقاء! كنت أموت من القلق والشوق لك طوال تلك السنوات، وأنت لم توافقي على تواصلي معك، لقد حاولت كثيرا فعل ذلك لكنك كنت عنيدة للغاية وأمام عندك ذاك لم يكن لي سوى أن احترمه وابتعد بصمت بعيدا عنك! لقد جرحت قلبي وقلبك روزي بفعلتك تلك! والآن أنت تعتذرين مني بتلك السهولة؟! لا حبيبتي أنا سوف أخذ بثأري منك على تلك السنوات التي قضيتها في ألم ووجع!!
فوجئت بكلمات ماثيو تلك، لم أعلم ما الذي يقصده عن انتقامه مني وأخذ ذلك الثأر كما يقول! لكن رغم ذلك أنا لم أشعر بلحظة خوف واحدة فأنا أعلم جيدا إني سوف أكون آمنة مع ماثيو في كل لحظة بكل تأكيد.
الخاتمة
ماثيو
أخذت روزي بين ذراعي ثم سرت بها لمكان منعزل عن الحضور بعض الشيء، كنت واثقا أنها حينما تعود إلى طبيعتها سوف تشعر بغضب شديد مني أنا، ربما تتهمني أيضاً بمحاولة إغوائها أمام المدعوين، وصلت بها إلى حيث مقعد كبير في الحديقة لكنه في مكان ليس به أحد في الوقت الحالي، جعلتها تجلس عليه، لكنني لم اتركها بالكامل، بل قمت بالتمسك بها بين ذراعي!!
هي لم تحاول أن تتحرك أيضاً من جانبي ظلت على تلك الحال لعدة دقائق، ثم فوجئت بها تبتعد عني، تخبرني بنبرة هادئة قائلة
"ماثيو! ماثيو!"
رغم أن سماع اسمي من بين شفتي روزي بتلك الطريقة الأجشة هو أمر في غاية الروعة لكنه أيضا جعلني أشعر بالقلق والخوف أيضا! حتى وصل الأمر إلى إني لعنت بصوت خافت حقا!!
"اللعنة على ذلك!"
لا أعلم إن كانت كلماتي وصلت إلى سمعها أم لا لكنني وجدتها بعد عدة ثوان تقول بنبرة هادئة:
"ماثيو، لابد أن نتحدث! هذا الأمر لن ينفع بتلك الطريقة! من فضلك ماثيو! انظر إلي كي نتحدث!!"
تلك المرة القلق بداخلي تصاعد لرقم قياسي حقا، لأنها بتلك الكلمات لم تكن تعني سوى شئ واحدا فقط، لم استطع أن أتمالك نفسي أكثر من ذلك لذا هدرت في وجهها زاعقا بصوت عال قائلا:
"ما الذي تقصدينه من كلماتك أن ذلك الأمر لن ينفع ينفع روزي؟! هل تريدين هجري إلى الأبد روزي؟! ماذا عن تلك القبلة التي قبلتني إياها أمام الجميع منذ قليل! أم أنك سوف تنكرين كل ذلك؟!"
صرخت في وجه روزي تقريبا بتلك الكلمات، ثم انتظرت ردة فعلها على ذلك، فوجئت بها تخبرني بنبرة هادئة وهي تقول
"أنا آسفة حقا ماثيو؟!"
اشتعل غضبي مرة أخرى من روزي تلك الفتاة الحمقاء حقا، ما السبب الذي هي تعتذر مني بسببه إن لم يكن سوى أنها تريد هجري؟! قمت بالصراخ في وجهها مرة أخرى بينما أقول!
"هل أنت تعتذرين مني لأنك سوف تهجريني روزي!! قبلتني بحب وشوق والآن تعتذرين من أجل الهجر؟!"
هدرت في وجهها بتلك الكلمات مرة أخرى، لكني فوجئت بها وهي تصرخ في وجهي هي الأخرى بينما تقول بنبرة حادة
"اللعنة عليك ماثيو! أنا لا أنوي أن اهجرك أو ما شابه، أنا فقط أعتذر عن رحيلي عنك لخمس سنوات طوال ولم أدع لك الفرصة كي تتواصل معي! لقد كنت حمقاء كبرى حقا! لم أرد أن تراني بذلك الضعف الذي كنت فيه في ذلك الوقت! أردت منك أن تراني قوية لا شئ يهزمني!! لكنني كنت مخطئة! لقد دفعنا نحن الاثنان ثمن ذلك الفراق!!"
فوجئت بكلمات روزي تلك! لم أكن أعلم أنها تعتذر الآن بسبب رحيلها لكل تلك الخمس سنوات، شعرت بالغضب منها حقا، أخبرتها بنبرة متوعدة قائلا:
"حقا روزي!! أنت الآن تأتين و تعتذري مني بسبب رحيلك! بتلك الطريقة البسيطة تظنين أنه سوف يتم الأمر! أنت حمقاء حقا حبيبتي!! أنا سوف أخذ منك ثأري بكل تأكيد! سوف أدعك تدفعين ثمن تلك السنون التي ضاعت منا في سوء تقدير وفهم من قبلك أنت وحدك! لقد دفعتني للابتعاد عنك دفعا! لقد حاولت كثيرا أن أصل إليك لكنك في كل مرة كنت ترفضين التواصل معي، مما جعل كبريائي الفخور ينتفض و يدفعني إلى الابتعاد عنك كما تريدين، بل محاولة نسيانك أيضاً!!
لكن مع الأسف لم استطع فعل ذلك روزاليتا الجميلة، على ما يبدو أنك لعنة وقد ألقيت علي! وتلك اللعنة ليس لها شفاء! لربما شئ واحد قد يصلح معها!!
أخبرت روزي بتلك الكلمات بينما أنظر في عينيها الزرقاوين، شعرت القلق والتوتر يتصاعد في داخلها، ابتسمت في داخلي، ها هي تذوق ما جعلتني اتجرعه مرات ومرات، هي زمت شفتيها وبدى عليها انها تفكر في كلماتي! لم أشأ أن ادعها تشعر بمزيد من القلق، لذا بنبرة محبة ودافئة قلت لها بينما أنا أبتعد عنها، أجثو على ركبة واحدة قائلا:
"هلا تزوجت بي روزي؟!"
عرضت على روزي الزواج بتلك الكلمات، في الحقيقة تمنيت لو استطيع الزواج بها الآن! لكننا أنا وروزي نحتاج لبعض الوقت كي نتزوج، فأنا لم اتخرج بعد من الجامعة، ولا أملك وظيفة مناسبة تليق بنا! لذا قررت أننا من الممكن أن نخطب لمدة عامين نستكمل فيها دراستنا ثم نتزوج حينما نستقر في عمل و مكان مناسب أيضاً!
انتظرت جواب روزي على طلب الزواج منها، فوجئت بها تضع كلتا يديها على وجهها بينما هي تهتف بصوت خافت قائلة:
"أنا لا أصدق هذا حقا! لا أصدق ذلك!!"
لم تكن روزي على ما يبدو تتوقع أني من المحتمل ان اتقدم للزواج بها! ربما ذلك لأنه شعرت بأن خلافنا يمنع ذلك! لكن الحقيقة أنني لا أريد أن أضيع المزيد من الوقت بدون أن أكون بصحبة روزي، أو تكون بعيدة عني مرة أخرى! هذا مستحيل أن أفعله!!
روزي أخيرا أعطت رأيها لي! رغم أنني لا أملك خاتم بعد، لكنها أومأت إلي برأسها وهي تخبرني بنبرة فرحة وسعيدة قائلة
"أجل ماثيو! أجل سوف اتزوجك!!"
جوابها كان أفضل شيء أستمع إليه اليوم! أو على الأحرى منذ عدة سنوات! نهضت على قدماي بعدما أستمعت لجوابها، أمسكت بها ثم رفعتها لمستواي، وضعت شفتاي على شفتيها وبدأت اقبلها بحب وفرح كبير، فهي قد وافقت على أن تكون معي في سنوات العمر المقبلة.
حينما عدنا إلى حيث يكون الجميع، كانا جوزيف وهانا على وشك الرحيل إلى منزلهما، أردنا أن نخبرهما قبلها بتلك الأخبار الرائعة، لذا أمسكت بيد روزي بين يدي ثم هتفت بصوت عال وأنا أقول:
"انتباه، انتباه جميعا، لقد وافقت الآنسة روزاليتا الجميلة بأن تشاركني مشوار حياتي!! هي وافقت على الزواج بي!!"
هتفت بتلك الكلمات على مسامع الجميع، استمعت بعدها إلى أصوات هتافات، مباركات، هناك من يقول إنه كان يشك في الأمر! أحدهم كان يقول أنه كان متأكد من حدوث هذا الليلة، بعض الفتيات اقتربن من روزي ثم أخذ يحسدونها على حظها الفائق حيث هي حصلت على الباقة من العروس ثم خطبت على الفور!
أفراد عائلة كلا منا كانوا ينظرون إلينا بسعادة كبيرة وفرح أيضاً! جوزيف أخي اقترب مني ثم عانقني بقوة، همس لي بصوت مرح:
"كنت أعلم ذلك ماثيو! أنت قادر على فعلها حقا! تهاني أخي الصغير! أتمنى أن تنال السعادة حقا!!"
كلمات أخي جعلتني أبتسم له بحب كبير، لقد دعمني جوزيف في أوقات كثيرة، والآن دعمه لي يستمر في أوقات السعادة.
والدتي كانت تنظر نحوي بنظرات سعيدة، فخورة أيضاً، هي اقتربت مني، عانقتني بقوة، قدمت لي التهنئة، قبلت وجنتي، وضعت يدها فوق رأسي تعطيني مباركتها على زواجي من روزي.
أبي فعل الأمر نفسه معي! هو قدم لي التهنئة معانقا إياي! ابتسم لي بفخر بينما يفعل، هو همس في أذني قائلا بنبرة مرحة:
"لقد لاحظت نظراتك لها منذ اليوم الأول الذي رأيتها فيه، منذ ذلك اليوم علمت أنها ستكون النصف الآخر المكمل لك، تهاني بني! أمل تلك المرة أن لا تبتعدا عن بعضكما البعد مجددا!!"
أنصت إلى كلمات أبي بحب كبير، لقد علم كل شيء قبل أن أعلم هذا أنا حقا!!
سافانا بعدما انتهت من عناق روزي وتقديم التهنئة لها، هي اقتربت مني عانقتني بحب ودفء ثم قبلت وجنتي، أخبرتني بنبرة مرحة:
"أنتما حقا سوف تأخذ ابنتي الأخرى ماثيو! أنتما استوليتما عليهما حقا! حمد للإله أن ابني مايكل مازال صغيرا وإلا شقيقتك حاولت حجزه لها هي الأخرى!!"
كلمات سافي المرحة جعلت الجميع يضحك بصوت عال! بالطبع نحن آل ذاكري استطعنا أن نحصل على هاتان الفتاتان الرائعتان، روزي وهانا!
بعد مرور ثلاث سنوات
روزي
لا أصدق حقا أنه قد مر ثلاث سنوات على طلب ماثيو الزواج بي في حفل زفاف هانا وجوزيف اللذان ينتظران الآن طفلهما الأول! اليوم هو يوم زواجي حقا!
أنا لا أستطيع مقاومة تمني أن يمضي الوقت سريعا كي نكون معا لأول مرة كزوج وزوجة، أجل أنا وماثيو فضلنا أن تكون مرتنا الأولى سويا ونحن متزوجان، ماثيو رأى أن هذا نوع من التقديس لي ولبرائتي، هو أثبت لي أنه يحبني بكل طريقة ممكنة.
بعد تخرجنا من الجامعة، سعى ماثيو إلى تكوين ذلك المشروع الذي تمناه هو وأصدقائه، قام الآباء بتوفير بعض القروض من أجل مشروع أبنائهم وفي أقل من عامين كانت تلك القروض قد عادت إلى أصحابها مرة أخرى! مع هامش ربح كبير وفر لكل واحد من الشركاء شراء ما يريد! ماثيو اشترى منزل صغير له كي يكون مسكن لنا بعد الزواج، عملت أنا أيضا معهم في مجال العلاقات العامة، والسكرتارية أيضاً، ومن خلال الأرباح التي حصلت عليها استطعنا شراء سيارة صغيرة مستعملة لنا، نستطيع بها الذهاب إلى العمل والخروج بها إلى أي مكان آخر أيضاً.
والآن أقف أمام المرآة حيث مصففة الشعر تنهي وضع الدبوس الازرق الجالب للحظ في شعري، ثم وضعت الوشاح جيدا أيضا، والدتي أتت الآن بعدما كانت ذهبت مع هانا من أجل أن تخبر لوكاس أني مستعدة للنزول الآن! هي ناولتني باقة الزهور خاصتي، ابتسمت لها بحب كبير.
في الحقيقة لقد قمت بالتفكير جيدا ورأيت أن المبلغ الذي سوف نقوم بدفعه لقاعة زفاف كبيرة نستطيع تدبيرها والذهاب لشهر عسل أنا وماثيو في مكان جميل، هو وافقني الرأي، والآن ها أنا انزل درجات منزل عائلة ماثيو، أتزوج في نفس المكان الذي تزوجت فيه هانا منذ ثلاثة سنوات، الفرق الآن أنه لا توجد حرب! لا يوجد أحد يريد مهاجمتنا أو الانتقام منا!
هناك عدة اتفاقيات سلام قمنا بها مع جميع الأطراف، تبين أن الجميع يفضل حالة السلم تلك، فلا أحد يريد أن يعيش طوال حياته في قلق وخوف ونزاعات أيضاً.
لوكاس جاء أخيرا وقدم لي ذراعه للتمسك به، فعلت ذلك ثم سرنا سويا تلك الخطوات حيث الباحة الخلفية لمنزل عائلة ماثيو، لقد تم تزينه تلك المرة أيضا بواسطتي أنا وماثيو، جميع أفراد العائلة ساعدونا في ذلك، كما أنهم قد جلبوا لنا بعض الهدايا الجميلة أيضا للعرس، والتي سوف أقوم بفك غلافها والتمتع بها بكل تأكيد.
ها هو ماثيو يظهر أمامي في بذلته التوكسيدو بلون أسود داكن، كانت أكثر من رائعة عليه، ماثيو يبدو وسيما للغاية في أي شيء يرتديه، لكن الآن يبدو لا يقاوم حقا!! بدأت أسير نحوه بصحبة لوكاس، وحينما وصلنا إلى حيث يقف هو ابتسم لي بحب كبير ودفء أيضاً، فعلت أنا مثله، سلمني لوكاس له بهدوء شديد، بينما هو يتمنى لنا زواجا سعيدا، ليقوم الكاهن بعدها من الإنتباه لما سوف يقول ثم ترديد ما يطلبه منا.
انتهت مراسم الزواج سريعا! في النهاية حينما طلب الكاهن أن يقبل العروس، هو فعل ذلك برقة شديدة ونعومة بالكاد مس شفتي، خمنت هذا لأنه ربما ظن أنه قد يفقد السيطرة على نفسه في ذلك المكان، ابتسمت في داخلي على تلك الفكرة!
بعد أن أبتعد عني ماثيو أعلن الكاهن أننا أصبحنا زوجا وزوجة، كما كنت سعيدة حقا بتلك الكلمات! فها نحن أنا وماثيو اصبحنا ننتمي إلى بعضنا البعض في نهاية الأمر! كم هو أمر رائع! بعد ذلك ذهبنا أنا وهو إلى المكان المخصص لحفل الاستقبال، بدأنا في تلقي التهنئة من الجميع، شرب نخب العروسين أيضاً!
الرقصة الأولى لنا كزوجين حان موعدها، أمسك ماثيو بين ذراعيه برقة وحنان، نظر في عيني بنظرات عاشقة وفعلت أنا المثل أيضاً! في تلك اللحظة هو لم يمنع نفسه من تقبيلي كما يريد!
الرقصة استمرت لوقت طويل، ولكن مع أناس آخرين حيث استجبت لطلب والد ماثيو السيد ديفيد، كان يلقي على سمعي نكات عن طفولة ماثيو وكم كان شقيا في سنوات طفولته! بعدما انتهيت من الرقص مع السيد ديفيد، طلب مني لوكاس الرقص معه أيضا، قبلت ذلك، أخذت أنظر إلى ماثيو الذي كان انتهى من الرقص مع مام ثم الآن مع صوفي! ومن بعدها سوف يحين دور هانا كما سوف أرقص أنا مع جوزيف بعدما تنتهي رقصتي مع لوكاس مثل التقليد المتبع في الاعراس.
تمنيت في داخلي أن ينتهي اليوم بسلام، أن نعود أنا وماثيو إلى منزلنا الجديد ونبدأ فيه حياتنا الزوجية معا، أعلم جيدا أننا لن سعداء طوال الوقت! لكنني أعلم أيضاً أن الحب الذي يجمع بين قلبي أنا وماثيو سوف يسمح لنا بتجاهل بعض الأشياء، تمرير الغضب، محاولة التمسك بحبنا بكل طاقة نحن نمتلكها!
وهذا ما حدث حقا، فبعد مرور بعض الوقت، انطلقنا أنا وماثيو بالسيارة الخاصة بنا والتي سبق وأن تم تزينها وكتب عليها "تزوج حديثا" سار بنا ماثيو بسرعة كبيرة حتى وصلنا إلى المنزل، اختار ماثيو أن يحملني بين يديه لجلب الحظ لنا في يومنا الأول كزوجين في المنزل، كنت أتأمل ملامح ماثيو، زوجي ماثيو بحب كبير بينما هو يتسلق الدرج وهو يحملني بين يديه، بينما عينيه تعدني بحب كبير، وهذا ما نطقت به شفتيه حينما كان يقبلني بقوة كبيرة
"أنا أحبك روزي"
"وأنا أيضا أحبك ماثيو"
تلك هي الكلمات التي قلناها لبعضنا البعض قبل أن نتحد سويا كروح وجسد أيضاً.
النهاية.
.الناشر / موقع حكايتنا للنشر الالكتروني
