"حان موعد العودة"
روزي
لقد علمت من خلال مكالمتي لوالدتي سافي أن ماثيو يقوم بزيارتهم في المنزل! إذا هو قد عاد إلى البلدة اليوم، تمنيت لو كنت هناك كي أراه، لقد اشتقت إليه كثيرا حقا!! لقد كانوا خمس سنوات طوال منذ آخر مرة رأيته فيها، حينما وضعته قبل رحيلي مع ثاندر وخالتي صوفي! أتذكر كلماته المودعة لي، حينما قال بنبرة حنونة ودافئة:
"لا تخافي ولا تقلقي روزي سوف تشفي بكل تأكيد فقط انتظري حتى يمر الوقت وأنت سوف تعودين لقوتك من جديد، فقط كوني بخير حبيبتي وعودي لي سريعاً!"
كلماته تلك ظلت تتردد في قلبي منذ رحيلي حتى الآن، كلما شعرت بالضيق أتذكرها!! كم وددت لو حصلت على قبلة منه في ذلك الوقت كي اتذكره بها أيضاً، لكن هذا لم يحدث، قد كان هناك كثيرا من الأشخاص حولنا في ذلك الوقت.
دموع قوية تجمعت في داخل عيني، حينما تذكرت أيامنا سويا!! اتمنى بقوة أن تمحى كل تلك العوائق التي تمنعننا من العودة سويا!! والدتي تخبرني دوما أن العوائق موجودة فقط في مخيلتي أنا ولا وجود لها في الحقيقة!! هي لا تفهم ما بداخلي حقا!! وحدها صوفي تفعل ذلك!!
كلما مرت على غرفتي واستمعت إلى صوت شهقاتي، تدلف إلى الغرفة، تجلس بجواري على الفراش، تخبرني بنبرة حنونة أنه لا بأس!! أنها تتفهم ما أشعر به!!
الجميع يظن أنني لا أرغب في العودة لأن مشاعري قد تبدلت من ناحية ماثيو! لكنهم لا يعلمون أن العكس هو صحيح! فمشاعري نحو ماثيو تزداد قوة يوما بعد يوم!! لكن سبب عدم الرغبة في العودة هو أني لا ارغب في رؤية ماثيو لروزي تلك الفتاة الضعيفة مجددا!! أريده أن يرى فتاة مختلفة تماما! فتاة لا يقدر شيء على هزيمتها!!
أنا أعلم جيدا أن ربما ذلك يعد أنانية كبيرة مني!! لكنني مقتنعة بتلك الفكرة!! والآن وقد أوشكت على إنهاء آخر تدريباتي، وأنا على وشك آخر إختبار لقوتي، أستطيع أن أفكر في العودة من جديد، إلى تلك البلدة، حيث عائلتي هناك، مام، هانا الصغير مايكل، العم لوكاس وفي النهاية الحبيب ماثيو!!
مسحت دموع عيني بقوة كبيرة، لا مزيد من البكاء الآن، الدموع لا يجب أن تكون موجودة في حياتي بعد الآن!! القوة فقط هي من يجب أن تكون هناك!!
صوت طرقات على باب غرفتي جعلني أخرج من مدار أفكاري تلك، لابد أن تكون تلك هي صوفي!! لابد أنها علمت عن عودة ماثيو إلى البلدة عن طريق محادثاتها لهانا، وقد أتت الآن كي تقوم بمواساتي والجلوس معي!!
هبطت من على الفراش، سرت بخطوات سريعة نحو باب الغرفة، قمت بفتحه، وكما اعتقدت تماما، كانت صوفي تقف أمام عيني الآن وعلى وجهها ابتسامة دافئة، ابتسمت لها أنا أيضا، واخبرتها بنبرة هادئة:
"هاي صوفي!! هيا تفضلي بالدخول!!"
ابتسمت صوفي من جديد ثم هزت رأسها موافقة على طلبي ذاك منها، هي خطت نحو داخل الغرفة بخطوات متمهلة بعدما أفسحت لها المجال لذلك، ثم قمت أنا بغلق الباب من خلفها!
جلست صوفي على الفراش وكذلك فعلت أنا، وجدتها تسألني وهي ترسم على وجهها ابتسامة ودودة قائلة:
"كيف حالك اليوم صغيرتي؟! هل أنت بخير؟!"
علمت بكل تأكيد أنها تقصد أمر عودة ماثيو، لذا قمت بهز رأسي كرد على سؤالها بينما أخبرها بنبرة هادئة:
"أنا بخير صوفي لا داع للقلق علي مطلقا!"
تبدل التعبير على وجه صوفي بعد سماعها لكلماتي تلك لتعبير جاد وهادئ، هي عادت كي تسألني من جديد:
"إذا هل علمت بعودة ماثيو إلى البلدة من جديد؟!"
أومأت برأسي إلى صوفي فعلمت أني قد فعلت ذلك، لذا هي وضعت يدها على يدي، أخذت تربت عليها لبعض الوقت بحب كبير، ثم قالت لي:
"حسنا روزي! بماذا تشعرين الآن! هل أنت بخير حقا؟!"
ابتسمت إلى صوفي بينما أستمع إلى سؤالها القلق ذاك، هي دوما ما تحب أن تطمئن علي وهل أنا أشعر بسوء أم لا، في الحقيقة لم أعد أشعر بذلك، لقد قررت العودة، لذا أنا قمت بإغماض عيني بقوة، أخذت نفسا عميقا ثم أخبرتها بنبرة هادئة قائلة:
"أنا قررت العودة إلى البلدة من جديد!"
لقد رأيت تعبيرين مختلفين على وجه صوفي بينما أخبرها بقراري ذاك! أولاها كان تعبير فرح والآخر كان قلق بعض الشيء الأمر الذي جعلني أسالها بنبرة متعجبة قائلة:
"ما الأمر صوفي؟! لم لست متحمسة لمسألة عودتي إلى البلدة من جديد؟! أرى على وجهك تعبير قلق!!"
فوجئت بصوفي تخفض رأسها لبضع ثوان، لربما كانت تفكر في أمر ما، هكذا انا ظننت حتى وجدتها تقول بنبرة هادئة:
"لا، ليس هذا، أنا بالطبع سعيدة من أجل عودتك إلى المنزل من جديد، لقد كانت خمس سنوات طوال قد مرت على رحيلك عنها! لكنني أعلم أن عودتك إلى البلدة من أجل أمر آخر أليس كذلك روزي؟!"
تعجبت من كلمات صوفي تلك التي استمعت لها مما جعلني أعود واسالها من جديد قائلة:
"أنت تقصدين أن سبب عودتي إلى البلدة هو ماثيو أليس كذلك صوفي؟!"
ألقيت تلك الكلمات على سمع صوفي التي هزت رأسها نافية الأمر بينما تقول بنبرة هادئة:
"لا، لم أعني ذلك! عودة ماثيو هي إحدى الأسباب، لكن أمر عودتك هو يعود إلى سبب آخر تماما أليس كذلك؟! لابد أنك سمعتي عن أمر ذلك المدعو خوليو وما ينتوي فعله! هو قادم من جديد من أجل الانتقام ممن تسبب في هزيمة سانتوس والتخلص منه! وأنت أحد تلك الأشخاص بالتأكيد!! لذا أردتي أن تعودي من جديد من أجل ذلك الأمر روزي! أليس هذا صحيحا!!"
استمعت لكلمات صوفي بتركيز واهتمام، هي كانت محقة في بعض الأشياء، هي صحيح تريد العودة من أجل أن تكون بجوار عائلتها إن حدث ذلك الأمر! لكن هناك أمر آخر هو ما جعلها تريد العودة من جديد!
تنهدت تنهيدة متعبة، ثم قلت لها بنبرة هادئة:
"أنت محقة في بعض الأشياء صوفي، لكن هذا ليس كل شيء، ماذا عن كوني أرغب في عيش حياتي من جديد! ماذا عن كوني أريد أن أكون بجوار من أحب! بجوار عائلتي! أخي الصغير! بجوار شقيقتي هانا التي تخطط لحفل زفافها! أليس تلك أسباب مناسبة من أجل أن اعود من جديد"
نطقت بتلك الكلمات على مسامع صوفي، وجدتها تبتسم لي بينما تومئ برأسها بتفهم لما أخبرتها به، هي علمت أن كل ما قلته صحيحا، فليس هناك من أحد يستطيع العيش في غربة طوال العمر! علينا أن نعود من جديد إلى حيث الوطن، حيث العائلة!!
ثم عن تلك الشائعات التي تدور حول عودة المدعو خوليو من جديد ومحاولة تكوينه لجيش من أجل أن يحاربهم به! لهو أمر مثير حقا! فهي فرصة مناسبة لإظهار قواها وما اتقنته طوال تلك السنوات! سوف تدعه يرى من هي ملكة الساحرات حقا!!
بينما أنا أرسم على وجهي ابتسامة عريضة حينما فكرت في أمر خوليو والقضاء عليه بضربة واحدة!! فوجئت بصوفي ترفع حاجبها بتعجب وتتسأل قائلة بنبرة حائرة:
"فيما كنت تفكرين روزي ومن اجل ماذا ظهرت تلك الابتسامة على وجهك!! أعلم أنك محقة في كلماتك تلك لكن أن تبتسمي لهو أمر محير لي في مناقشتنا تلك!"
رغما عني انطلقت ضحكاتي على حالة صوفي الحائرة تلك، فهي تريد أن تعلم عن سبب ابتسامتي تلك، فهل لو أخبرتها عن أمر رغبتي في تنفيذ ما تعلمته على وجه خوليو هل سوف تضحك هي أيضا مثلي؟! أخبرت نفسي أن أحاول أن أرى ردة فعلها حينما قلت لها بنبرة مرحة ومازحة:
"لقد كنت افكر في وضع المدعو خوليو ذاك! وكنت أتساءل كيف سوف يكون وجهه حينما أمارس على وجهه الأفكار الجديدة التي تعلمتها!! سوف يكون شكلها مضحكا بكل تأكيد؟!"
"أوه لا!! أنت تمزحين روزي! ذلك الرجل سوف تتبدل ملامح وجهه بكل تأكيد!! ولكن ألا تعلمين!! هو يستحق ذلك بكل تأكيد!! لذا سوف أمل أن تواجهيه حقا وتفعلي في وجهه كل تلك الأفكار الغريبة والمجنونة!!"
كلمات صوفي جعلتني أضحك بقوة وهي فعلت مثلي أيضاً، لم أكن أعلم أن صوفي الرقيقة سوف تتمنى ذلك لأحدهم لكن ذلك الرجل الأبله يستحق ذلك على هذا الجو المشحون بالقلق الذي تعيش فيه العائلة الآن، خاصة شقيقتها هانا التي من المفترض بها تخطط لحفل زفافها المرتقب!! بنبرة قلقة سألت صوفي قائلة:
"هل قمت بالتحدث مع هانا على الهاتف صوفي؟! هل هي من أخبرتك بكل ذلك؟!"
لم تنفي صوفي الأمر بل قامت بهز رأسها كموافقة على سؤالي ذاك، زفرة ضيق خرجت من فمي، القلق الذي تعيش فيه هانا لم يكن لها أن تعيشه، فقط لو استطيع ان أمسك بذلك الأبله بين يدي لكنت قد تخلصت منه على الفور وعلى جيشه المزعوم أيضاً.
وجدت صوفي تضع يدها على يدي، تحاول أن تجعلني أهدى بعض الشيء، فأنا كنت على وشك أن اغضب بقوة من ذلك الرجل! لابد لي من التحكم في نفسي وطريقة إظهاري لمشاعري أمام الآخرين! لقد تعلمت بأسوء طريقة ممكنة أن إظهار مشاعرك أمام أحدهم أنك تظهر نقطة ضعفك أيضا وهم سوف يستطيعون استغلالها بكل تأكيد!!
حاولت أن اتماسك قليلا لذا قمت بوضع ابتسامة زائفة على وجهي، هززت رأسي بتفهم ثم أخبرت صوفي بنبرة هادئة قائلة:
"أنا بخير حقا صوفي لا داعي للقلق! هناك توتر قليل فقط هو ما أشعر به!!"
تفهمت صوفي ما أمر به، لذا هي هزت رأسها بتفهم ثم استقامت واقفة من على الفراش بينما هي تخبرني بنبرة هادئة قائلة:
"سوف أدعك تحصلين على بعض الراحة روزي! ثم سوف اقوم بمناداتك كي تتناولين العشاء معنا"
ابتسمت لها ثم هززت رأسي موافقة، سألتها بعدها بنبرة مرحة قائلة:
"هل عاد ثاندر اليوم مبكرا وسوف يقوم بمساعدتك صوفي؟!"
ابتسمت صوفي لي ثم هزت رأسها نافية الأمر، وجدتها تخبرني بنبرة مرحة أيضا
"لا لم يعد بعد!! لكنني قررت أن اطهو العشاء بمفردي الليلة، فقط ساعة وتعالي إلى المطبخ!!"
قمت بهز رأسي موافقة بينما اتابع رحيلها من داخل الغرفة الخاصة بي!! شعرت ببعض التسلية من الأمر، فصوفي لا تتقن الطهو وكنت أنا من اساعدها فيه واحيانا يعود ثاندر من عمله مبكرا، لكن اليوم لربما اختارت أن تطهو بمفردها ولا مانع من استخدام بعض من سحرها على الإطلاق! فهي لن تقدم لنا طعام سيئا كي نقوم بالسخرية منها بكل تأكيد.
قمت بالضحك بصوت خافت على اكتشافي لخدعة صوفي في جعل الطعام يبدو جيدا ومقبولنا من طرفنا.
روزي
لقد حاولت الحصول على قسط من الراحة بعد رحيل صوفي من غرفتي الخاصة لكنني لم استطع ذلك، كنت أشعر ببعض القلق على شقيقتي هانا، لذا قررت أن أقوم بالاتصال بها ومحاولة الاطمئنان عليها، قمت بالبحث عن الهاتف المحمول خاصتي، كان يقبع فوق الكومود بجواري، مددت يدي نحوه وقمت بالتقاطه، ثم بدأت في إجراء المكالمة على الفور.
انتظرت عدة ثوان استمعت فيهم إلى صوت رنين الهاتف من الناحية الأخرى من المكالمة، ثم وجدت هانا تجيب على اتصالي وهي تقول بنبرة هادئة:
"مرحبا روزي! كيف حالك الآن؟! هل أنت على ما يرام؟!"
أنصت إلى سؤال هانا لي، ابتسمت بحب كبير لها، رغم أنها هي من تمر بمرحلة عصيبة فهي تريد أن تطمئن علي وكوني بخير!! قمت بالإجابة عليها بنبرة محبة ودافئة قائلة:
"أنا بخير حقا هانا! فقط أخبريني ما هو حالك أنت؟! وهل أنت بخير! هل تشعرين ببعض القلق والتوتر؟!"
بعدما انتهيت من حديثي ذاك استمعت إلى صوت زفرة تخرج من فم شقيقتي هانا على الناحية الأخرى من الهاتف، علمت حينها مدى الضيق التي تشعر به، فوجئت بها وهي تخبرني بنبرة قلقة:
"لا أعلم ماذا أخبرك روزي! لكن الأمر ثقيل جدا علي!! أحاول أن أبدو أمام الجميع متماسكة وقوية ولكنني في الحقيقة أشعر بخوف شديد وقلق كبير!! في المرة الماضية استطعنا التغلب فيها على أب،،ي أقصد الشيطان سانتوس ولكن تلك المرة هل سوف ننجو أيضاً؟! أنا أشعر بالضياع حقا روزي!! اتمنى لو كنت بجواري الآن! لكنت عانقتك بقوة ووضعت رأسي على كتفك واطلقت الدموع لعيني!!"
أنصت إلى كلمات هانا تلك، لقد شعرت بالأسى من أجلها، لقد تمكن الخوف منها بشكل كبير حتى أنها لا تستطيع أن تتذوق طعم الفرحة باقتراب زفافها!! لابد أن قلقة وخائفة من فقدانها لجوزيف!! لقد تمنت أن أكون بجوارها الآن كي تستطيع البكاء براحة!!
حسنا لقد كنت أنوي جعل أمر عودتي إلى البلدة مرة أخرى مفاجأة للجميع، لكن بما أن شقيقتي تحتاجني بشدة سوف أخبرها عن الأمر لعل ذلك يخفف من قلقها ولو قليلا، بصوت مرح أخبرتها:
"حسنا هانا، إن كنت تريدين مني أن أكون بجوارك فأنا سوف أفعل ذلك ولكن ليس الآن بكل تأكيد! ما رأيك بغدا في الظهيرة؟! سوف يكون أمرا مناسبا لك صحيح؟!!"
بتلك النبرة المرحة وهذه الكلمات أخبرت هانا عن أمر عودتي ولكن بطريق غير مباشر، بعدما انتهيت من ذلك انتظرت أن أستمع إلى ردة فعلها على الأمر، وصل إلى سمعي شهقة قوية للغاية جعلتني أوشك على الضحك، لابد أن هانا تعجبت من الأمر، وجدتها تخبرني بنبرة موبخة قائلة:
"كفي عن المزاح روزي! هل تحاولين المزاح معي في ذلك الأمر! أنا أعلم جيدا أنك لا تنوين العودة إلى البلدة الآن! لا تسخري مني لأنني أخبرتك إني تمنيت ذلك،،"
لم أستطع الإنصات لمزيد من التوبيخ من قبل هانا، لذا قمت بمقاطعتها بينما أخبرها بنبرة جادة و حازمة:
"هانا، كفي عن ذلك الهراء! أنا لم أكن أمزح معك أو أسخر حتى!! ليس بذلك الأمر قد أمزح هانا!! أنت قلت أنك تريدنني أن أكون بجانبك وأنا سوف أفعل ذلك!! ثم هل تنتظري من واحدة آخر غيري تصبح الوصيفة الاولى في حفل زفافك شقيقتي!!"
في تلك المرة وبعد أن انتهيت من كلماتي الحاسمة إلى هانا، لم أستمع إلى صوت شهقة لكنني خمنت أن هانا لربما الآن توشك على البكاء، وهذا قد جعلني أتأثر أنا أيضاً، فأنا لم أكن أفوت حضور زفاف أختي ولا أشارك في تحضيراته! ألم يكفي أني قد فوت مولد أخي الصغير! رغم أني استطعت رؤيته بعدها بفترة قصيرة! لكن أن تكون موجودا مع العائلة وسط حصولهم على السعادة هو شيء آخر بكل تأكيد!!
لقد ظلت هانا صامتة بعد كلماتي تلك مما جعلني اتحدث إليها مرة أخرى وأعلم ماذا حدث لتصمت هكذا، فقلت لها بنبرة مرحة:
"ما الذي حدث معك هانا؟! هل ابتلعت القطة لسانك أم ماذا أختي؟!"
أخبرتها بتلك الكلمات المرحة، فوجئت بها وهي تخبرني بنبرة جادة و حازمة:
"كفي عن ذلك المزاح روزي! أنت قلت أنك سوف تأتين غدا! أنا أعد ذلك وعدا منك! إن قمت بأخلاف وعدك لي هل تعلمين ما الذي سوف أفعله بك؟!"
قمت بمقاطعة هانا على الفور فأنا لم أكن أمزح على الإطلاق ولم أكن أريدها أن تظن ذلك لذا لم أجد سوى أن أقول لها بنبرة هادئة:
"أقسم لك أني سوف أفعل ذلك هانا!"
"جيد! هذا أفضل لك أن تفعلي!!"
هكذا أخبرتني هانا بنبرة حازمة، ابتسمت على ردة فعلها تلك ثم أخذت أثرثر معها في اخبار تحضيرات عرسها، وبعد عدة دقائق قمت بإنهاء المكالمة الهاتفية معها، فقد حان الآن وقت تناول العشاء مع خالتي صوفي وزوجها العزيز ثاندر .
بعد عدة دقائق
كما خمنت تماما، صوفي الآن تقوم بالهتاف باسمي من أجل النزول إلى الطابق السفلي كي اتناول العشاء معهما، نظرت لنفسي في المرآة وتفقدت ملابسي ومظهري جيدا، لقد كان ملائما لذلك قمت بالسير نحو الخارج على الفور ومنه إلى الطابق السفلي حيث تقبع مائدة الطعام هناك.
حينما وصلت إلى أسفل وجدت ثاندر وقد كان يجلس على مائدة الطعام، ألقيت عليه التحية ثم جلست بجواره على المائدة، بينما صوفي كانت تأت بأبريق الماء، هي وضعته على المائدة ثم طلبت منا أن نبدأ في الصلاة كي نتناول الطعام.
بعدما فرغنا من الصلاة بدأنا في تناول طعامنا، كانت لدي عدة أسئلة أود سؤالها لثاندر، لكنني قررت أن أقوم بتأجيلها حتى ننتهي من تناول الطعام، لكنني فوجئت به وهو ينظر نحوي ويقول بنبرة مرحة:
"هات ما عندك روزي! ما الذي تودين سؤله لي يا ترى؟!"
لم أتفاجئ كثيرا بكلمات ثاندر تلك، فهي ليست المرة الأولى التي أشعر فيها أنه يستطيع قراءة أفكاري، لذا بهدوء شديد بدأت في سؤاله قائلة:
"حسنا، أنت تعلم بالتأكيد في أمر كنت أريد أن أسالك! لكن لا بأس سوف أخبرك ثاندر! هل هناك المزيد من الأخبار حول المدعو خوليو وجيشه ذاك؟!"
قلت له تلك الكلمات لكنني فوجئت بخالتي صوفي تحاول مقاطعتي بنبرة موبخة بينما تقول:
"ليس على الطعام روزي! ألا نستطيع أن نتناول طعام عشاءنا مثل عائلة عادية!!"
فوجئت بكلمات صوفي الموبخة تلك، أنا لم أشعر بضيق منها فهي محقة في ذلك، كدت أن أرد على حديثها ذاك لكنني فوجئت بثاندر يتدخل في الأمر ويقول لها بنبرة هادئة:
"لا بأس من الأمر حبيبتي صوفي! ثم أنا من فتحت الحديث في ذلك الأمر! لقد شعرت بها وهي قلقة لذا أردت أن اجعلها تطمئن قليلا!! ثم ماذا قد أخبرتك سابقا ؟! ألم تعدني أن تكفي عن التوتر؟ أليس ذلك غير جيد لك حبيبتي؟!"
أنصت إلى كلمات ثاندر التي كان يوجهها إلى صوفي، لا أعلم لكنني شعرت بوجود سر ما بينهما خاصة بعدما أخبرها ثاندر أن التوتر غير جيد لها، ضيقت عينيي على مظهر صوفي، لم يكن هناك أي تغير قد طرأ عليها! لكن وجهها المحمر الخجل فضح الأمر أمامي! صوفي حامل! هذا ما كان يقصده ثاندر بكل تأكيد!!
لم استطع أن أتمالك نفسي من الفرحة، على الفور استقمت واقفة من على المقعد ثم هرولت نحو صوفي التي كانت تنظر إلى الأرض بخجل شديد، قمت بحضنها بقوة كبيرة بينما أخبرها بنبرة فرحة قائلة:
"مبارك لكما صوفي! مبارك! لا أستطيع أن أصدق الأمر!!لكنني أشعر بسعادة كبيرة من أجلكما! مبارك!!"
كلماتي كانت تنبع من داخل قلبي حقا! معرفة أن صوفي سوف ترزق بطفل هي الأخرى جعلني أشعر بفرح كبير، لقد شعرت بمثل تلك الفرحة حينما علمت أن والدتي سوف تنجب طفلا والآن ها هي صوفي سوف تفعل ذلك أيضاً، أتمنى أن تمر الأيام سريعا وأستطيع حمل الصغير بين يدي!
بصوت خجل أجابت صوفي على كلماتي تلك قائلة:
"شكرا لك صغيرتي روزي! أقدر لك فرحتك تلك الكبيرة بي! أنا حقا سعيدة للغاية من أجل ذلك الأمر"
هي قالت لي تلك الكلمات ثم نظرت إلى زوجها ثاندر، أخبرته بنبرة موبخة قائلة له:
"ألم تستطيع أن تتمالك نفسك قليلا، لقد كنت أنوي جعل الأمر مفاجأة للجميع، لكن لا بأس، روزي سوف كانت تلاحظ أمر حملي على كل حال!!"
ابتسمت لها بحب كبير، ثم ابتعدت عنها وعدت مرة أخرى أجلس على مقعد طاولة الطعام، نظرت بعدها نحو ثاندر الذي كان يتلقى التوبيخ من قبل خالتي صوفي، بدأت اضحك في داخلي عليه، مفكرة في نفسي أن هكذا هم الرجال لا يقدرون قيمة المفاجآت مثلنا نحن معشر النساء!
حاول ثاندر أن يجد جوابا مقنعا كي يجعل صوفي تكف عن توبيخه لذا هو قال بنبرة مرحة
"هل تلومين إياي صوفي بسبب خوفي عليك وقلقي على صحتك وصحة الصغير! إن كان هذا خطأ فأنا أعتذر على ذلك الأمر؟!"
الآن ثاندر يستحق درجة كاملة على كلماته تلك، لقد قلب الطاولة على صوفي وجعلها تشعر بالذنب، حقا الرجال والكلام! لا أحد يستطيع مضاهاة رجل في الحديث والتغلب عليه!
رغما عني كادت ضحكة عالية تخرج من فمي، لكن نظرات ثاندر المحذرة لي جعلتني أتوقف عن ذلك، أضع يدي على فمي محاولة كتم ضحكتي، نظرت لي صوفي المسكينة بتعجب وحيرة، ثم وجدتها تخبر ثاندر بنبرة بدت معتذرة بعض الشيء قائلة:
"أنا لم أقصد ذلك ثاندر بكل تأكيد، أجل لا بأس من شعورك بالقلق حولنا! لكن أنت تعلم أننا نحن النساء نحب صنع المفاجآت! لذا أرجوك بعد ذلك لا تحاول إفساد مفاجأة أخرى خاصة بي!"
ابتسم ثاندر إلى صوفي بحب كبير ثم هز رأسه موافقا على طلبها ذاك، ليعود بعدها كل منهما يتناول طعامه من جديد، لكن كان ذلك وقت عودة السؤال مرة أخرى حينما سألت ثاندر بنبرة هادئة
"لم تجب ثاندر على سؤالي! ما هي آخر أخبار خوليو؟!"
توقف ثاندر مرة أخرى عن تناول الطعام بينما يرمقني بنظرات جادة، هو قال بنبرة هادئة:
"آخر الأخبار أنه هناك تحالف على وشك أن يتم بين خوليو من ناحية وبين مجموعة مصاصي الدماء من ناحية أخرى! لكن لا اريد منك أن تخافي أو تشعري بالقلق، فبوجود المستذئبين في صفنا هؤلاء مصاصي الدماء لن يستطيعوا فعل شيء لنا، نحن الأقوى منهم بكل تأكيد!!"
هكذا أخبرني ثاندر بتلك الكلمات، هو حاول جعلي أشعر بالاطمئنان وعدم الخوف، الجميع يعلم العداء الأبدي بين مصاصي الدماء وبين المستذئبين وكذلك يعلمون مدى القوة التي يتمتع بها المستذئبين وهم يستطيعون التغلب على مصاصي الدماء بكل سهولة!
كان ثاندر محق، ليس علي أن اقلق كثيرا، فأنا أيضا أصبحت أمتلك من القوة ما يكفي لهزيمة خوليو وجيشه الضعيف ذاك، لذا قمت بهز رأسي له، كي أوضح له تفهمي الأمر و اقتناعي بوجهة نظره تلك.
لقد حان وقت إلقاء مفاجأتي أنا أيضا، حيث تنحنت بصوت عال ثم قلت بنبرة هادئة:
"سوف أعود إلى البلدة غدا!"
كانت تلك مفاجأة حقا، لقد كان ثاندر وصوفي ينظران لبعضهما البعض بقلق كبير وعدم تصديق.
بعدما انتهيت من إلقاء مفاجأتي على صوفي وثاندر حينما أخبرتهما بنبرة هادئة:
"أنا سوف أعود إلى البلدة غدا!"
وجدتهما ينظران إلى بعضهما البعض بتعجب وحيرة، فأنا لم أقل قبل ذلك أنني اعتزم العودة إلى البلدة مرة أخرى، ابتسمت لهما بهدوء ثم عدت كي اتناول طعامي من جديد تاركة إياهما يحدقان في وجوه بعضهما البعض!!
كان صوت ثاندر هو ما وصل إلي بينما أنا أمثل أنني اتناول طعامي، حيث هو قال بنبرة هادئة
"هل أنت واثقة من ذلك روزي؟!"
قمت فقط بهز رأسي موافقة على سؤاله ذاك، لم يعقب بأي كلمة أخرى واختار الصمت.
نهاية الفصل
الناشر / موقع حكايتنا للنشر الالكتروني
