روزي
لقد حاولت الحصول على قسط من الراحة بعد رحيل صوفي من غرفتي الخاصة لكنني لم استطع ذلك، كنت أشعر ببعض القلق على شقيقتي هانا، لذا قررت أن أقوم بالاتصال بها ومحاولة الاطمئنان عليها، قمت بالبحث عن الهاتف المحمول خاصتي، كان يقبع فوق الكومود بجواري، مددت يدي نحوه وقمت بالتقاطه، ثم بدأت في إجراء المكالمة على الفور.
انتظرت عدة ثوان استمعت فيهم إلى صوت رنين الهاتف من الناحية الأخرى من المكالمة، ثم وجدت هانا تجيب على اتصالي وهي تقول بنبرة هادئة:
"مرحبا روزي! كيف حالك الآن؟! هل أنت على ما يرام؟!"
أنصت إلى سؤال هانا لي، ابتسمت بحب كبير لها، رغم أنها هي من تمر بمرحلة عصيبة فهي تريد أن تطمئن علي وكوني بخير!! قمت بالإجابة عليها بنبرة محبة ودافئة قائلة:
"أنا بخير حقا هانا! فقط أخبريني ما هو حالك أنت؟! وهل أنت بخير! هل تشعرين ببعض القلق والتوتر؟!"
بعدما انتهيت من حديثي ذاك استمعت إلى صوت زفرة تخرج من فم شقيقتي هانا على الناحية الأخرى من الهاتف، علمت حينها مدى الضيق التي تشعر به، فوجئت بها وهي تخبرني بنبرة قلقة:
"لا أعلم ماذا أخبرك روزي! لكن الأمر ثقيل جدا علي!! أحاول أن أبدو أمام الجميع متماسكة وقوية ولكنني في الحقيقة أشعر بخوف شديد وقلق كبير!! في المرة الماضية استطعنا التغلب فيها على أب،،ي أقصد الشيطان سانتوس ولكن تلك المرة هل سوف ننجو أيضاً؟! أنا أشعر بالضياع حقا روزي!! اتمنى لو كنت بجواري الآن! لكنت عانقتك بقوة ووضعت رأسي على كتفك واطلقت الدموع لعيني!!"
أنصت إلى كلمات هانا تلك، لقد شعرت بالأسى من أجلها، لقد تمكن الخوف منها بشكل كبير حتى أنها لا تستطيع أن تتذوق طعم الفرحة باقتراب زفافها!! لابد أن قلقة وخائفة من فقدانها لجوزيف!! لقد تمنت أن أكون بجوارها الآن كي تستطيع البكاء براحة!!
حسنا لقد كنت أنوي جعل أمر عودتي إلى البلدة مرة أخرى مفاجأة للجميع، لكن بما أن شقيقتي تحتاجني بشدة سوف أخبرها عن الأمر لعل ذلك يخفف من قلقها ولو قليلا، بصوت مرح أخبرتها:
"حسنا هانا، إن كنت تريدين مني أن أكون بجوارك فأنا سوف أفعل ذلك ولكن ليس الآن بكل تأكيد! ما رأيك بغدا في الظهيرة؟! سوف يكون أمرا مناسبا لك صحيح؟!!"
بتلك النبرة المرحة وهذه الكلمات أخبرت هانا عن أمر عودتي ولكن بطريق غير مباشر، بعدما انتهيت من ذلك انتظرت أن أستمع إلى ردة فعلها على الأمر، وصل إلى سمعي شهقة قوية للغاية جعلتني أوشك على الضحك، لابد أن هانا تعجبت من الأمر، وجدتها تخبرني بنبرة موبخة قائلة:
"كفي عن المزاح روزي! هل تحاولين المزاح معي في ذلك الأمر! أنا أعلم جيدا أنك لا تنوين العودة إلى البلدة الآن! لا تسخري مني لأنني أخبرتك إني تمنيت ذلك،،"
لم أستطع الإنصات لمزيد من التوبيخ من قبل هانا، لذا قمت بمقاطعتها بينما أخبرها بنبرة جادة و حازمة:
"هانا، كفي عن ذلك الهراء! أنا لم أكن أمزح معك أو أسخر حتى!! ليس بذلك الأمر قد أمزح هانا!! أنت قلت أنك تريدنني أن أكون بجانبك وأنا سوف أفعل ذلك!! ثم هل تنتظري من واحدة آخر غيري تصبح الوصيفة الاولى في حفل زفافك شقيقتي!!"
في تلك المرة وبعد أن انتهيت من كلماتي الحاسمة إلى هانا، لم أستمع إلى صوت شهقة لكنني خمنت أن هانا لربما الآن توشك على البكاء، وهذا قد جعلني أتأثر أنا أيضاً، فأنا لم أكن أفوت حضور زفاف أختي ولا أشارك في تحضيراته! ألم يكفي أني قد فوت مولد أخي الصغير! رغم أني استطعت رؤيته بعدها بفترة قصيرة! لكن أن تكون موجودا مع العائلة وسط حصولهم على السعادة هو شيء آخر بكل تأكيد!!
لقد ظلت هانا صامتة بعد كلماتي تلك مما جعلني اتحدث إليها مرة أخرى وأعلم ماذا حدث لتصمت هكذا، فقلت لها بنبرة مرحة:
"ما الذي حدث معك هانا؟! هل ابتلعت القطة لسانك أم ماذا أختي؟!"
أخبرتها بتلك الكلمات المرحة، فوجئت بها وهي تخبرني بنبرة جادة و حازمة:
"كفي عن ذلك المزاح روزي! أنت قلت أنك سوف تأتين غدا! أنا أعد ذلك وعدا منك! إن قمت بأخلاف وعدك لي هل تعلمين ما الذي سوف أفعله بك؟!"
قمت بمقاطعة هانا على الفور فأنا لم أكن أمزح على الإطلاق ولم أكن أريدها أن تظن ذلك لذا لم أجد سوى أن أقول لها بنبرة هادئة:
"أقسم لك أني سوف أفعل ذلك هانا!"
"جيد! هذا أفضل لك أن تفعلي!!"
هكذا أخبرتني هانا بنبرة حازمة، ابتسمت على ردة فعلها تلك ثم أخذت أثرثر معها في اخبار تحضيرات عرسها، وبعد عدة دقائق قمت بإنهاء المكالمة الهاتفية معها، فقد حان الآن وقت تناول العشاء مع خالتي صوفي وزوجها العزيز ثاندر .
بعد عدة دقائق
كما خمنت تماما، صوفي الآن تقوم بالهتاف باسمي من أجل النزول إلى الطابق السفلي كي اتناول العشاء معهما، نظرت لنفسي في المرآة وتفقدت ملابسي ومظهري جيدا، لقد كان ملائما لذلك قمت بالسير نحو الخارج على الفور ومنه إلى الطابق السفلي حيث تقبع مائدة الطعام هناك.
حينما وصلت إلى أسفل وجدت ثاندر وقد كان يجلس على مائدة الطعام، ألقيت عليه التحية ثم جلست بجواره على المائدة، بينما صوفي كانت تأت بأبريق الماء، هي وضعته على المائدة ثم طلبت منا أن نبدأ في الصلاة كي نتناول الطعام.
بعدما فرغنا من الصلاة بدأنا في تناول طعامنا، كانت لدي عدة أسئلة أود سؤالها لثاندر، لكنني قررت أن أقوم بتأجيلها حتى ننتهي من تناول الطعام، لكنني فوجئت به وهو ينظر نحوي ويقول بنبرة مرحة:
"هات ما عندك روزي! ما الذي تودين سؤله لي يا ترى؟!"
لم أتفاجئ كثيرا بكلمات ثاندر تلك، فهي ليست المرة الأولى التي أشعر فيها أنه يستطيع قراءة أفكاري، لذا بهدوء شديد بدأت في سؤاله قائلة:
"حسنا، أنت تعلم بالتأكيد في أمر كنت أريد أن أسالك! لكن لا بأس سوف أخبرك ثاندر! هل هناك المزيد من الأخبار حول المدعو خوليو وجيشه ذاك؟!"
قلت له تلك الكلمات لكنني فوجئت بخالتي صوفي تحاول مقاطعتي بنبرة موبخة بينما تقول:
"ليس على الطعام روزي! ألا نستطيع أن نتناول طعام عشاءنا مثل عائلة عادية!!"
فوجئت بكلمات صوفي الموبخة تلك، أنا لم أشعر بضيق منها فهي محقة في ذلك، كدت أن أرد على حديثها ذاك لكنني فوجئت بثاندر يتدخل في الأمر ويقول لها بنبرة هادئة:
"لا بأس من الأمر حبيبتي صوفي! ثم أنا من فتحت الحديث في ذلك الأمر! لقد شعرت بها وهي قلقة لذا أردت أن اجعلها تطمئن قليلا!! ثم ماذا قد أخبرتك سابقا ؟! ألم تعدني أن تكفي عن التوتر؟ أليس ذلك غير جيد لك حبيبتي؟!"
أنصت إلى كلمات ثاندر التي كان يوجهها إلى صوفي، لا أعلم لكنني شعرت بوجود سر ما بينهما خاصة بعدما أخبرها ثاندر أن التوتر غير جيد لها، ضيقت عينيي على مظهر صوفي، لم يكن هناك أي تغير قد طرأ عليها! لكن وجهها المحمر الخجل فضح الأمر أمامي! صوفي حامل! هذا ما كان يقصده ثاندر بكل تأكيد!!
لم استطع أن أتمالك نفسي من الفرحة، على الفور استقمت واقفة من على المقعد ثم هرولت نحو صوفي التي كانت تنظر إلى الأرض بخجل شديد، قمت بحضنها بقوة كبيرة بينما أخبرها بنبرة فرحة قائلة:
"مبارك لكما صوفي! مبارك! لا أستطيع أن أصدق الأمر!!لكنني أشعر بسعادة كبيرة من أجلكما! مبارك!!"
كلماتي كانت تنبع من داخل قلبي حقا! معرفة أن صوفي سوف ترزق بطفل هي الأخرى جعلني أشعر بفرح كبير، لقد شعرت بمثل تلك الفرحة حينما علمت أن والدتي سوف تنجب طفلا والآن ها هي صوفي سوف تفعل ذلك أيضاً، أتمنى أن تمر الأيام سريعا وأستطيع حمل الصغير بين يدي!
بصوت خجل أجابت صوفي على كلماتي تلك قائلة:
"شكرا لك صغيرتي روزي! أقدر لك فرحتك تلك الكبيرة بي! أنا حقا سعيدة للغاية من أجل ذلك الأمر"
هي قالت لي تلك الكلمات ثم نظرت إلى زوجها ثاندر، أخبرته بنبرة موبخة قائلة له:
"ألم تستطيع أن تتمالك نفسك قليلا، لقد كنت أنوي جعل الأمر مفاجأة للجميع، لكن لا بأس، روزي سوف كانت تلاحظ أمر حملي على كل حال!!"
ابتسمت لها بحب كبير، ثم ابتعدت عنها وعدت مرة أخرى أجلس على مقعد طاولة الطعام، نظرت بعدها نحو ثاندر الذي كان يتلقى التوبيخ من قبل خالتي صوفي، بدأت اضحك في داخلي عليه، مفكرة في نفسي أن هكذا هم الرجال لا يقدرون قيمة المفاجآت مثلنا نحن معشر النساء!
حاول ثاندر أن يجد جوابا مقنعا كي يجعل صوفي تكف عن توبيخه لذا هو قال بنبرة مرحة
"هل تلومين إياي صوفي بسبب خوفي عليك وقلقي على صحتك وصحة الصغير! إن كان هذا خطأ فأنا أعتذر على ذلك الأمر؟!"
الآن ثاندر يستحق درجة كاملة على كلماته تلك، لقد قلب الطاولة على صوفي وجعلها تشعر بالذنب، حقا الرجال والكلام! لا أحد يستطيع مضاهاة رجل في الحديث والتغلب عليه!
رغما عني كادت ضحكة عالية تخرج من فمي، لكن نظرات ثاندر المحذرة لي جعلتني أتوقف عن ذلك، أضع يدي على فمي محاولة كتم ضحكتي، نظرت لي صوفي المسكينة بتعجب وحيرة، ثم وجدتها تخبر ثاندر بنبرة بدت معتذرة بعض الشيء قائلة:
"أنا لم أقصد ذلك ثاندر بكل تأكيد، أجل لا بأس من شعورك بالقلق حولنا! لكن أنت تعلم أننا نحن النساء نحب صنع المفاجآت! لذا أرجوك بعد ذلك لا تحاول إفساد مفاجأة أخرى خاصة بي!"
ابتسم ثاندر إلى صوفي بحب كبير ثم هز رأسه موافقا على طلبها ذاك، ليعود بعدها كل منهما يتناول طعامه من جديد، لكن كان ذلك وقت عودة السؤال مرة أخرى حينما سألت ثاندر بنبرة هادئة
"لم تجب ثاندر على سؤالي! ما هي آخر أخبار خوليو؟!"
توقف ثاندر مرة أخرى عن تناول الطعام بينما يرمقني بنظرات جادة، هو قال بنبرة هادئة:
"آخر الأخبار أنه هناك تحالف على وشك أن يتم بين خوليو من ناحية وبين مجموعة مصاصي الدماء من ناحية أخرى! لكن لا اريد منك أن تخافي أو تشعري بالقلق، فبوجود المستذئبين في صفنا هؤلاء مصاصي الدماء لن يستطيعوا فعل شيء لنا، نحن الأقوى منهم بكل تأكيد!!"
هكذا أخبرني ثاندر بتلك الكلمات، هو حاول جعلي أشعر بالاطمئنان وعدم الخوف، الجميع يعلم العداء الأبدي بين مصاصي الدماء وبين المستذئبين وكذلك يعلمون مدى القوة التي يتمتع بها المستذئبين وهم يستطيعون التغلب على مصاصي الدماء بكل سهولة!
كان ثاندر محق، ليس علي أن اقلق كثيرا، فأنا أيضا أصبحت أمتلك من القوة ما يكفي لهزيمة خوليو وجيشه الضعيف ذاك، لذا قمت بهز رأسي له، كي أوضح له تفهمي الأمر و اقتناعي بوجهة نظره تلك.
لقد حان وقت إلقاء مفاجأتي أنا أيضا، حيث تنحنت بصوت عال ثم قلت بنبرة هادئة:
"سوف أعود إلى البلدة غدا!"
كانت تلك مفاجأة حقا، لقد كان ثاندر وصوفي ينظران لبعضهما البعض بقلق كبير وعدم تصديق.
بعدما انتهيت من إلقاء مفاجأتي على صوفي وثاندر حينما أخبرتهما بنبرة هادئة:
"أنا سوف أعود إلى البلدة غدا!"
وجدتهما ينظران إلى بعضهما البعض بتعجب وحيرة، فأنا لم أقل قبل ذلك أنني اعتزم العودة إلى البلدة مرة أخرى، ابتسمت لهما بهدوء ثم عدت كي اتناول طعامي من جديد تاركة إياهما يحدقان في وجوه بعضهما البعض!!
كان صوت ثاندر هو ما وصل إلي بينما أنا أمثل أنني اتناول طعامي، حيث هو قال بنبرة هادئة
"هل أنت واثقة من ذلك روزي؟!"
قمت فقط بهز رأسي موافقة على سؤاله ذاك، لم يعقب بأي كلمة أخرى واختار الصمت.
رحلة العودة
روزي
العشاء مر حمد للإله على ما يرام، الآن أستطيع الحصول على قسط من الراحة من خلال النوم الجيد ثم استيقظ مبكرا كي أقوم بتوضيب حقيبة ملابسي، لا أعلم إن كان ثاندر سوف يعرض علي أن يقلني بسيارته إلى البلدة أم لا، المسافة ليست كبيرة جدا من هنا إلى بلدتنا، ربما ساعتان من الزمن أو أكثر!!
لا يهم ذلك، فأنا قادرة بكل تأكيد على أن اعتني بنفسي جيدا، لا أريد حماية من أحدهم إن فكر شخص ما في العبث معي سوف يستحق ما يحدث له بكل تأكيد!!
في الصباح
استيقظت مبكرا على صوت المنبه الذي كنت قد قمت بظبطه على الرنين في السابعة صباحا، أنه وقت مثالي لبدء المرء نومه! قمت بغلق المنبه ثم نهضت من على الفراش، توجهت بعدها نحو المرحاض، أريد أن أنعش وجهي ببعض الماء.
خرجت بعد عدة دقائق من الحمام وأنا أشعر بالانتعاش والنشاط أيضاً، سرت بخطوات متمهلة نحو خزانة الملابس، مددت جسدي قليلا للأعلى كي التقط حقيبة الملابس القابعة أعلى الخزانة، أمسكت بها جيدا ثم بهدوء شديد قمت بإنزالها إلى الأسفل، بدأت في وضعها على الأرض، قمت بفتحها، ثم فتحت الخزانة وبدأت في التقاط الملابس ووضعها بداخل الحقيبة.
بعد مرور بعض الوقت
كنت قد انتهيت من إعداد حقيبتي، والآن حان وقت تبديل ملابسي، انتقيت طقم ملابس مناسبة واخترت أن ارتديها، كانت متناسقة للغاية حينما تطلعت على انعكاس صورتي في المرآة، مددت يدي كي اتناول قلم الحمرة ثم بدأت في وضعه على شفتاي بمهارة تامة، ترددت في وضع بعض الماسكرا على عيناي، لكنني وضعت في النهاية، كانت النتيجة أكثر من مرضية حينما تطلعت لوجهي في المرآة لآخر مرة.
بخطوات متمهلة بدأت في الخروج من الغرفة، قمت بالنزول إلى الطابق السفلي من المنزل، حينما هبطت وجدت ثاندر يجلس على الأريكة في منتصف غرفة المعيشة بينما صوفي تقوم بجلب أطباق الطعام على طاولة الطعام.
ألقيت التحية على كليهما، حينما قلت لهما بنبرة دافئة وودودة:
"صباح الخير صوفي! صباح الخير ثاندر! كيف حالكما اليوم أعزائي!!"
ابتسما الاثنان عند رؤيتي على الفور ثم أجابا على تحية الصباح خاصتي لهما بمثلها حينما قالا:
"صباح الخير روزي! هل نمت جيدا صغيرتي!"
كان تلك كلمات صوفي لي تحاول الاطمئنان علي، بينما ثاندر قال بنبرة هادئة:
"صباح الخير روزي! أرى أنك مصممة على رأيك في الرحيل، وقد أنهيت إعداد حقيبتك أيضاً؟!"
ابتسمت لكلاهما، وجهت حديثي في البداية إلى خالتي صوفي حيث أخبرتها بنبرة محبة ودافئة قائلة:
"أجل صوفي، لقد نمت جيدا شكرا لك على سؤالك اللطيف ذاك!!"
ثم وجهت بعدها حديثي إلى العزيز ثاندر، قائلة له بنبرة هادئة:
"أجل ثاندر، لقد حسمت أمري وليس هناك شيء قد يوقفني عن ذلك!! والآن هل ستدعاني اتناول الفطور قبل ذهابي أم ماذا؟!"
ابتسم لي ثاندر بمحبة كبيرة على كلماتي المازحة تلك، هو استقام واقفا ثم بدأ يسير نحوي، أشار إلي بينما هو يفعل ذلك بيديه وهو يقول بنبرة مرحة ممازحا إياي:
"من بعدك أيتها الساحرة، أو لنقل ملكة الساحرات!!"
قال تلك الكلمات ثم ضحك بصوت خافت، لاضحك أنا من خلفه أيضاً على طريقته المرحة تلك، تقبلت دعوته وسرت أمامه نحو مائدة الطعام التي كانت قد انتهت صوفي من إعدادها، جلس كل واحدا منا في مكانه المعتاد، قام ثاندر بالطلب منا ببدء الصلاة ومن بعدها بدأنا في تناول طعامنا في هدوء واستمتاع.
بعد مرور بعض الوقت
انتهيا جميعا من تناول الفطور، نهضت من على مائدة الطعام، بدأت في نقل أطباق الطعام بعد أن طلبت من صوفي أن تستريح في مكانها، ثم بعد ذلك بدأت في تنظيف الاطباق وتجفيفها بمنشفة صغيرة، مزحت مع صوفي بعدما انتهيت من فعل ذلك وانتقلت إلى غرفة المعيشة، قائلة لها:
"أعدك أني سوف ادخر جيدا وابتاع لك غسالة الصحون كهدية لك عند ولادتك صوفي!! أنا أعلم جيدا أن الوقوف لجلي الأطباق في المطبخ أمر مرهق للغاية وبينما أنا أفعل ذلك سوف يقوم ثاندر بمساعدتك أليس كذلك ثاندر!"
كانت ردة فعل ثاندر هو أن ضحك بصوت عال وهو يقول بنبرة مرحة:
"هل توزيعين الأدوار منذ الآن قبل رحيلك روزي؟! أرى أنك تفعلين ذلك جيدا!!"
لم أكن أنا الوحيدة التي ضحكت بصوت عال على مزاح ثاندر ذاك، صوفي فعلت ذلك أيضا.
بعد انتهاء المزاح وخفوت الضحكات، سرت نحو حقيبة السفر خاصتي التي كنت قد اسندتها لإحدى زوايا المنزل، وصلت إليها أمسكت بمقبضها جيدا، ثم بدأت السير بها نحو صوفي وكذلك ثاندر كي أقوم بتوديعهما.
فوجئت بثاندر يبتعد ويسير نحو الخارج حينما رآني أجر بالحقيبة من خلفي مما جعلني أتعجب من الأمر، رفعت حاجبي الأيمن كعلامة تعجب بينما أنظر في أثره مما جعل صوفي تضحك على فعلتي تلك حينما شاهدت ملامح وجهي التي تبدلت، وجدتها تخبرني بنبرة مرحة قائلة:
"هل تعلمين أن ملامحك جميعها تتبدل حينما تفعلين تلك الحركة بعينيك وحاجبيك!! أنا أعلم جيدا أنك متعجبة من ابتعاد سانتوس بتلك الطريقة لكن إذا خرجت من باب المنزل سوف تعلمين فعله لذلك!"
عدت أعبس من جديد وانظر نحوها بنظرات متعجبة، ثم سرعان ما بدلت طريقي لأسير نحو الخارج، الباب كان مازال مفتوحا بعد خروج ثاندر من خلاله، فعلت مثله وعبرت أنا أيضاً وكذلك فعلت صوفي مثلي تماما"
حينما خرجت من المنزل فوجئت بثاندر وهو يجلس في داخل سيارته الخاصة، يشير لي بيده أن ألحق به، بسمة مشرقة ظهرت على وجهي عند رؤيتي إياه وهو يفعل ذلك، فقد كنت واثقة أن ثاندر لن يدعني أعود بمفردي إلى البلدة، لبيت طلبه وبدأت في السير نحو السيارة بحقيبة السفر، وضعتها في شنطة السيارة المفتوحة من الخلف، اغلقتها جيدا، ثم خطوت نحو صوفي من جديد، أردت أن أقوم بتوديعها!
عناق قوي أعطيته لصوفي، مع قبلة على وجنتها، بينما أنا أخبرها بنبرة ودودة قائلة:
"إلى اللقاء صوفي! أراك عن قريب عزيزتي!"
قامت صوفي بتقبيلي على وجنتي أيضاً بينما هي تودعني أيضاً، هي قالت بنبرة مرحة:
"إلى اللقاء روزي، وتأكدي أني سوف أراك قريبا جدا، أو أنت ناسية لأمر زواج هانا وجوزيف؟! ألن أكون أنا معكم هناك!! كما أن هناك مفاجأة أنت تعلمينها جيدا لابد أن يعلم الجميع بها أيضا!"
ابتسمت لها بينما تقول تلك الكلمات، أومأت إليها برأسي مؤيدة إياها، ثم تركتها وسرت نحو السيارة مرة أخرى ولكن تلك المرة توجهت إلى حيث المقعد بجوار السائق، تسلقت السيارة وركبت بداخلها، قمت بالتلويح بيدي إلى صوفي مودعة إياها وكذلك فعل ثاندر، والذي انطلق بعدها بالسيارة على الفور وبسرعة أيضاً.
الطريق كان سهلا بعض الشيء، قام ثاندر بتشغيل بعض الموسيقى الهادئة لنا، بينما أنا أخرجت هاتفي المحمول وبدأت اتفحص موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك من عليه، كان أول شيء فعلته هو الدخول إلى صفحته الخاصة، صفحة ماثيو، أردت أن أرى آخر صورة له قد التقطها، لقد اعتدت على فعل ذلك منذ وقت طويل، كان الشئ الوحيد الذي يعد سرا عن الجميع فلم أرد أن يعلم أحد بأني أفعل ذلك!
ها هي آخر صورة له، لقد التقطها بالأمس فقط، يبدو أنه التقطها بعد وصوله إلى البلدة حيث كتب أسفل منها ما أحلى العودة إلى المنزل! لقد تغير شكل ماثيو كثيرا عما مضى، ملامح المراهقة البريئة قد اختفت، ظهر مكانها ملامح الشباب والقوة، تمنيت أن أكون بجواره في تلك اللحظة التي التقط فيها تلك الصورة، أن أكون بجواره بها، ونكون سويا بها، أن نكتب سويا من أسفلها ما أجمل العودة إلى المنزل مع الحبيب!!
لكن كانت تلك مجرد أمنيات! ترى ماذا سوف تكون ردة فعل ماثيو حينما يعلم بعودتي؟! هل سوف يشعر بالفرح والسعادة؟! أم لن يشعر بأي شيء على الإطلاق؟! حسنا لقد كانت خمس سنوات طوال!! من الجائز أن يكون قد اتخذ له رفيقة خاصة ونسى ما كان بيننا!!
أنا لن ألومه إن هو فعل ذلك حقا، فأنا من اخترت الابتعاد عنه!! والآن بالتأكيد لن اشكو الأمر! رغم أنه سوف يكون شئ قاسي حقا إن عدت أنا إلى البلدة مرة أخرى ورأيت معه فتاة أخرى غيري!
عدت من افكاري حول ماثيو على صوت ثاندر، حيث كان يتحدث إلي ولم أكن منتبهة لحديثه منذ البداية! قمت بالخروج من موقع التواصل ذاك، ثم أغلقت هاتفي المحمول، وجهت اهتمامي إلى ثاندر الذي كان يسألني بنبرة هادئة قائلا:
"هل سوف تعودين على الفور إلى المنزل أم تودين الذهاب إلى المتجر حيث سافي وهانا يتواجدان الآن؟!"
كان أمر محيرا حقا، في البداية المنزل نعم اشتاق إليه كثيرا لكن لا ضير من الذهاب إلى حيث المتجر الخاص بماما وهانا أيضاً!! رؤيتهما في محل عملهما وبزي العمل أيضاً سوف يكون أمرا ممتعا بكل تأكيد! لذا حسمت أمري و أخبرت ثاندر بذلك حينما قلت له:
"اختار الذهاب إلى المتجر! رؤيتهما في زي العمل سوف يكون ممتعا، خاصة أنها سوف تكون المرة الأولى لي كي أراهما على الطبيعة! لقد رأيتهما بالطبع على شاشة الهاتف على الفيسبوك لكن الحقيقة سوف تكون أجمل بكل تأكيد! أليس كذلك ثاندر؟!"
انهيت كلماتي تلك ثم نظرت إلى ثاندر، أردت معرفة جوابه على سؤالي ذاك له! وجدته يبتسم لي بدفء وود ثم يهز رأسه مؤيدا إياي، بينما يقول بنبرة هادئة:
"إلى المتجر إذا!!"
كم وددت لو أخبرت ثاندر أن يذهب بنا إلى مكان آخر! مكان أريد الذهاب إليه بشدة، كي أراه هو! أقوم بمعانقته والتشبس به! لكن بالطبع أنا لن أستطيع أن أقول له ذلك! لذا الصمت كان افضل شئ، حيث عدت من جديد وقمت بفتح الهاتف المحمول خاصتي، وكذلك فتحت موقع التواصل الفيسبوك، تلك المرة بحثت أكثر في الصفحة الخاصة به، وبالفعل وجدت له صورة جديدة، كانت من أمام منزله.
كان يستقل الدراجة النارية خاصته، يضع القبعة في يده، وعلى ما يبدو أحد أصدقائه يقوم بإلتقاط تلك الصورة له، لابد أنه نوح على ما أظن، كان يبدو فيها وسيما بحق، كتب أسفل تلك الصورة
"الألفا الجديد قادما يا شباب!"
ابتسامة عريضة ظهرت على وجهي بينما اقرا تلك الكلمات، انتقلت بعدها لقراءة التعليقات التى كتبت على الصورة، كانت أغلبها مدحا على وسامته وجمال جسده المتناسق، هناك بعض الفتيات كن يرسلن صورا وقحة له، إحداهن أرادت مواعدته، الأخرى تغزلت في عضلات معدته القوية والمسطحة بينما الأخيرة أخبرته أنه وسيم وقوي للغاية!!
لقد انزعجت حقا من تلك التعليقات المتغزلة في ماثيو، أو على الأرجح شعرت بالغيرة منهن! أنه أمر أحمق أليس كذلك! لقد كنت أقول منذ قليل أنني لن أشعر بالغضب من رؤيته مع صديقة أخرى! والآن ها أنا أكاد انفجر من الغضب من رؤيتي لتلك التعليقات السمجة من هؤلاء الفتيات الوقحات حول جسد ماثيو وجمال وجهه! أردت حقا أن احطم أنوفهن بقبضة يدي!!
"كفي عن الحملقة في صورته الخاصة، أنت سوف ترينه حينما نصل إلى البلدة بكل تأكيد!!"
"لم أكن أحملق في صورته!! كنت أرى التعليقات الوقحة فقط من ،،!!"
يالي من فتاة بلهاء حقا! لقد وقعت في فخ ثاندر العظيم، هل كان لابد لي أن أنسى أنه يستطيع قراءة الأفكار بينما أنا معه! الآن قد علم أني كنت أفكر في ماثيو وأبحث عن صوره، وأنا التي قولت أنه سري الخاص ولا أحد يعلم عنه شيئا! أنا فتاة حمقاء حقا!
ضحكات عالية كان مصدرها ثاندر، والذي لابد أنه قد أستمع إلى توبيخي لنفسي في داخل عقلي، من المؤكد علم أني لقبت نفسي بالحمقاء والبلهاء كذلك! نظرت إليه بغضب شديد ثم أخبرته بنبرة متذمرة:
"هذا ليس عدلا! أنت تعلم ذلك!!"
لم يجب ثاندر على توبيخه له، هو رفع كتفيه ثم انزلهما مرة أخرى، مما جعلني أشعر بمزيد من الغضب ثم أخبرته بنبرة حادة
"ثاندر! اسرع بنا إلى البلدة، أنا لن أذهب معك إلى أي مكان مرة أخرى! وإن فعلت ذلك سوف أكون أكبر حمقاء في الكون"
كانت إجابته على طلبي ذاك هو أن قال بنبرة مرحة:
"إن كنت تريدين ذلك!!"
ثم بدأ الانطلاق بسرعة كبيرة حد الخوف، مما جعلني احاول التمسك بمقبض النافذة التي بجواري بينما ارمقه بنظرات غاضبة لكنه لم يهتم بنظراتي تلك بل هو واصل الضغط على مزيدا من السرعة، لكنني كنت عنيدة مثله تماما ولم أطلب منه أن يكف عن ذلك قط.
نهاية الفصل .
