ماثيو
انهيت تناول طعامي الشهي الذي كانت أعدته والدته لي، ثم استئذنت بعدها في الرحيل، فقد علمت من أبي أن أخي جوزيف الآن بصحبة خطيبته هانا في المتجر الخاص بها هي ووالدتها سافانا، ذهبت إلى الجراج الملحق بالمنزل وقمت بإخراج الدراجة النارية خاصتي.
بدأت في تفحص الدراجة لبعض الوقت لربما تحتاج إلى وقود أو شئ آخر، لكنني شكرا للإله وجدتها في حالة جيدة ولا تحتاج إلى شيء على الإطلاق، قمت بتشغيلها ثم انتقلت بها على الفور حيث متجر هانا.
حينما وصلت إلى المتجر وجدت أخي هناك بالفعل، لقد استقبلني بمصافحة حارة وعناق أخوي أيضاً ثم بدأ يسأل عن أحوالي في الجامعة، ألقيت التحية بعدها على هانا وقمت بمصافحتها، ثم نظرت من حولي في المكان أبحث عن سافي كي ألقي عليها التحية أيضاً لكنني لم أجدها، حينها قمت بسؤال هانا عنها قائلا:
"أين سافي؟! لما لا أراها في الجوار؟!"
ابتسمت هانا لي حينما أستمعت إلى سؤالي لها، هي قالت بنبرة مرحة:
"أنت تعلم أن مايكل الصغير لا يسبب سوى المشاكل والقلق، لذا هي اليوم أخذت عطلة من العمل في المتجر، وكما ترى لا أحد هنا سواي أنا وجوزيف الذي أتى لمساعدتي!!"
أخبرتني هانا بتلك الكلمات بنبرة مرحة، ثم تحولت نظراتها في الجزء الأخير من الحديث نحو أخي جوزيف، وتبدلت إلى نظرات محبة و عاشقة، شعرت في داخلي بالسعادة من أجلهما، فهما يستحقان السعادة بكل تأكيد، تمنيت أن أحصل على السعادة أنا أيضاً.
ابتسمت لهانا بود ودفء، تقبلت عرضها علي أن اتناول كوب من القهوة، وأن تدعني أتذوق الفطيرة التي صنعتها بطعم التوت، هي عرضت ذلك ثم تركتنا أنا وأخي نجلس على إحدى الطاولات بينما هي تحضر لنا الأشياء.
نظر أخي في عقب هانا التي كانت تسير نحو الجزء المخصص لتقديم الطعام، تغير تعبير وجهه من المرح والتسلية إلى التعبير الجاد، علمت أنا حينما نظرت إلى تبدل ملامحه تلك أنه على وشك التحدث معي في موضوع جاد، والذي لم يكن سوى موضوع الجيش الذي يقوم خوليو بجمعه، سمعته يقول بنبرة جادة:
"هل أخبرك أبي عن أمر خوليو تابع سانتوس أم ليس بعد ماثيو؟!"
أنصت إلى سؤال جوزيف بتركيز واهتمام كبير ثم هززت رأسي موافقا على سؤاله، فقد كان أبي بالفعل قد أطلعني على الأمر، قمت بإخباره بنبرة هادئة:
"أجل جوزيف، لقد أخبرني أبي بشأن ذلك الأبله! لكن لا داعي للقلق حقا!! ذلك الرجل ضعيف للغاية ولا يستطيع أن يفعل شيئا! لربما تلك مجرد شائعات لجعلنا نقلق!!"
ألقيت تلك الكلمات على سمع أخي، وجدته ينظر إلي بتعبير قلق ثم يهز رأسه ينفي ما أخبرته به، هو قال بنبرة جادة وواثقة:
"لا يا ماثيو، هذا الرجل لربما يكون أخطر من سانتوس!! هذا الرجل مثل الثعبان تماما، ولا نعرف كيف يفكر! الخوف هنا من أن يستعين بأحد آخر من غير السحرة! الأمر الذي سيكون به خطر كبير علينا جميعا!"
استمعت إلى حديث جوزيف بقلق، لقد كان يلمح إلى وجود طرف خفي قد يشارك في تلك الحرب بيننا وبين السحرة اتباع السحر الأسود، قمت بالتفكير لعدة ثوان في الأمر حتى توصلت إلى شيء ما قد يكون مقلق حقا، بصوت حاولت أن يكون هادئ قلت له:
"لا، لا يعقل أن تكون تقصد مصاصي الدماء!! ذلك مستحيل تمامًا!! هذا الرجل ثعبان حقا جوزيف!!"
فوجئت بأخي يهز رأسه بموافقة على كلماتي تلك، إذا لقد صدق ظني أن ذلك الرجل لديه من الغباء ما يكفي للإستعانة بهم، هم أناس غادرون قد يساعدونه في البداية ثم يحاولون القضاء عليه بعدها!!"
قلت ذلك لأخي بنبرة مغتاظة وغاضبة من ذاك الرجل خوليو، وجدت أخي يومئ برأسه مؤيدا إياي في الحديث ثم يقول بنبرة يملؤها الضيق:
"أنا وأنت نعلم ذلك لكنه رجل أبله لا يعلم ذلك، هو سوف يستعين بهم من أجل شئ واحد فقط وهو القضاء علينا نحن المستذئبين!! فهو يعلم جيدا العداوة التي تجمعنا بمصاصي الدماء ومدى كرهنا لهم!!"
لم يكد جوزيف ينهي حديثه حتى وجد هانا تقف بجوار الطاولة، لقد كنا مندمجين في الحديث سويا ولم نلاحظ قدومها، نظرت إلى ملامح وجهها فوجدت الضيق يعلوها، فوجئت بها وهي تخبر أخي بنبرة متضايقة موبخة إياه:
"هل حقا قد أخبرته؟! الرجل لم يكد يمر ساعة على عودته وأنت أطلعته على آخر الأخبار؟! أنت لن تتغير ابدا حقا جوزيف دوما متسرع في اتخاذ القرارات!! كنت دعه يرتاح قليلا قبل أن تصدمه بتلك الأخبار اللعينة، أوه منك جوزيف!!"
هناك توتر خفي تصاعد في المكان، هانا وبخت جوزيف بتلك الكلمات، أنا أعلم أنها لم ترد أن تجعلني اشعر بالقلق لأنني قد جئت للبلدة منذ قليل فقط! لكن هناك أيضا شئ يجعلها تشعر بمزيد من القلق والتوتر، لربما هي قلقة بشأن حفل زفافها؟! هكذا أنا فكرت في عقلي.
لم أرد أن يحدث بينها وبين أخي سوء فهم، تطوعت بتحمل الذنب عنه، فقلت لها بنبرة مرحة:
- لا تقلقي هانا، لقد كنت أنا من بدأت الأمر حقا تلك المرة!! لذا لا داعي من لوم أخي المسكين!!"
"أوه، حقا أنت فعلت ذلك ماثيو؟!"
تلك كانت كلمات هانا حينما أستمعت إلى حديثي لها، هي شعرت بالذنب من أجل توبيخها لأخي، قمت بهز رأسي موافقا على سؤالها ذاك مما جعل العبوس يسطع على وجهها بقوة، هي وضعت ما في يدها على طاولة الطعام، جلست على المقعد، وضعت يدها على وجهها وبدأت في البكاء!!
لا أعلم ماذا حدث لهانا وجعلها ضعيفة لتلك الدرجة! لكنني أعلم جيدا أن أخي يحبها بقوة، رأيته وهو يستقيم واقفا ثم يمد يده نحوها ويجعلها تقف على قدميها مثله ثم أخذها بين ذراعيه، بدأ في مواساتها بكلمات في أذنها، مما جعلها تهدي بعض الشيء و تتوقف عن البكاء أيضاً.
بعدما توقفت هانا عن البكاء هي عادت لتجلس على الطاولة بعدما تركها أخي من بين ذراعيه، هي حاولت أن تتماسك ولو قليلا، وجدت نفسي أخبرها بنبرة مطمئنة قائلا:
"لا داع للقلق هانا، نحن نعلم أن ذلك المدعو لا يستطيع أن يفعل شيئا! حفل الزفاف خاصتكما سوف يتم على خير! أنت لا تخافي من ذلك الأمر"
كلماتي تلك جعلت ابتسامة مشرقة تظهر على وجه هانا، في النهاية هي كانت تشعر بالقلق حقا على حفل الزفاف خاصتها هي وأخي والذي يتم التحضير له منذ شهران تقريباً ومن المقرر أنه سوف يتم في نهاية الشهر الجاري!!
وجدت أخي يخبرها بنبرة هادئة قائلا:
"أجل هانا لا داع للقلق! ثم من ماذا أنت قلقة بتلك الطريقة؟! إن كان على الزواج أنا أريد أن اتزوج بك في أي لحظة وفي أي مكان!! لكنني أحترم رغبتك في الحصول على حفل زفاف مثل باقي الفتيات، ولأنني أحبك هانا وافقت على ذلك!! لذا إن حدث شيء ما تأكدي أنني لن اتركك ابدا وسوف اتزوج بك رغم كل شيء حبيبتي!!"
الطريقة التي كان يتحدث بها أخي إلى هانا جعلتني أنا أيضا أبتسم وأشعر بالفرح من أجلهما، اخي يصر دوما على إظهار مشاعره نحو هانا ولا يقوم بإخفائها عنها، فوجئت بهانا وهي تقوم من مقعدها ثم تميل على جوزيف وتضع قبلة ناعمة على وجهه، مما جعل ابتسامة بلهاء تظهر على ملامحه بينما يستمع لها وهي تقول:
"شكرا لك حبيبي على دعمك لي! أنا أعلم جيدا أنك تريد هذا! لكن فقط دعنا نتمنى ألا يحدث شيء يعكر من صفو فرحتنا، وأن تفشل كل مخططات خوليو!"
فوجئت بأخي بعدما أستمع إلى كلمات هانا تلك يستقيم واقفا هو الآخر، ثم يقترب منها، يخبرها بنبرة مرحة قائلا:
"أو لا تعلمين، لقد غيرت رأي! أنا أريد أن اتزوج بك الآن حتى أستطيع الحصول على المزيد من القبلات صغيرتي! فأنا مشتاق جدا لك!!"
لقد جن أخي حقا!! هذا ما فكرت به بينما اشاهد جوزيف يقترب من هانا ويحاول الحصول على قبلة منها، صرخت فيه بصوت عال أخبره بنبرة موبخا إياه:
"توقف، توقف أيها الأحمق، ألا تلاحظ وجودي بينكما كي تغلق فمك ولا تقول تلك الكلمات!! أو لا تعلم! أنا سوف اترككما وأرحل! أنتما حالة ميؤس منها بكل تأكيد!!"
استمع جوزيف إلى توبيخي ذاك له ثم بدأ يضحك بصوت عال، بينما شعرت هانا بالخجل ووضعت وجهها بين يديها، اشرت له بيدي ملوحا له بالوداع، ثم بدأت في السير نحو الخارج، لكن قبل ذلك التقطت الفطيرة التي قد جلبتها هانا وكذلك كوب القهوة وذهبت بهما نحو الخارج، كي اتناولهم هناك.
بعد عدة دقائق قمت بالانتهاء من تناول الفطيرة الشهية التي قد أعدتها هانا والتي اشهد لها بالمهارة حقا، وكذلك القهوة الرائعة، ألقيت العلب الفارغة في سلة القمامة، بدأت أتساءل في عقلي عن وجهتي القادمة، فوجدت أن زيارة سافي وإلقاء التحية عليها سوف يكون شيئا رائعا.
اتجهت نحو الدراجة النارية خاصتي وبدأت في تشغيلها ثم انطلقت بها على الفور إلى منزل سافي
اتصال هاتفي
ماثيو
وصلت إلى منزل سافي سريعا بواسطة الدراجة، كانت هي من فتح لي باب المنزل حينما قمت برن جرس الباب، رأيت على وجهها علامات المفاجأة بوجدي أمام عتبة باب منزلها لكنها سرعان ما بدلت ملامحها بابتسامة مشرقة ومدت يدها لي تحثني على الدخول إلى داخل المنزل بينما هي تقول بنبرة ودودة:
"ماثيو لا أصدق هذا؟! متى عدت إلى البلدة!! أوه لا يهم! تعال معي إلى الداخل!!"
وفعلت ذلك حقا، لبيت دعوة سافي بالدخول إلى المنزل وأنا ابتسم لها على ترحيبها ذلك بي! مشيت خلفها بخطوات متمهلة حتى وصلنا إلى غرفة المعيشة، وجدت السيد لوكاس يجلس هناك على الأريكة التي تقبع في منتصف الغرفة، كان يحمل الصغير بين يديه ويحاول إطعامه من طبق الطعام الذي أمامه على الطاولة.
قمت بإلقاء التحية عليه بوقار وهدوء قائلا:
"مرحبا سيد لوكاس، كيف حالك؟!"
وجدته يبتسم لي عند رؤيتي ثم يقول بنبرة هادئة:
"مرحبا ماثيو! أنا بخير كيف حالك أنت ومتى عدت إلى البلدة؟!
ابتسمت له بينما أستمع إلى سؤاله ذاك، أخبرته بنبرة هادئة وجادة:
"أنا بخير أيضاً، لقد عدت منذ ساعتين تقريباً أنا والأصدقاء"
هز لوكاس رأسه بتفهم بينما يبادلني الابتسام، وبينما أنا أركز بنظراتي على الصغير الذي كان يرفض تناول الطعام من بين يديه ويحاول التحرر من بين ذراعيه وجدت سافي تعرض علي عمل قهوة لي فرفضت ذلك وأنا أخبرها بنبرة ممتنة:
"لا أريد قهوة، شكرا على عرضك ذاك سافي، في الحقيقة لقد تناولت القهوة للتو في المتجر مع هانا وجوزيف وجئت من هناك إلى منزلكما"
ابتسمت لي سافي ثم هزت رأسها بتفهم، هي قالت بنبرة هادئة:
"إذا أنت ذهبت لإلقاء التحية عليهما؟!"
أومأت إليها موافقا، ابتسمت بعدها للصغير وسرت نحوه، مددت يدي إليه كي أحمله بين يدي، وللعجب هو ضحك في وجهي ثم اقترب مني كي أحمله بين يدي، فعلت أنا ذلك وحملته بين ذراعي، أخذته ارفعه وأقوم بخفضه بسرعة و بحرص شديد بينما هو يقهقه بصوت عال من الفرح والسعادة.
لم أستمر كثيرا في هذا وجلست وأنا أحمل الصغير مايكل بين يدي وأخذت اطلب منه أن يردد أسمي أنا:
"مرحبا يا صغير كيف حالك؟! هل تعرف من أنا؟! أنا أدعى ماثيو! هل تعرف تقول الاسم صحيحا؟!"
فوجئت بالصغير يبتسم لي، ثم يبدأ في التهتهة باسمي بينما يقول
"مثوو!! مثوو"
لم استطع تمالك نفسي من الضحك عقب أن استمعت إلى كلمات الصغير تلك وكذلك فعل لوكاس وسافي، فطريقة نطق الصغير لاسمي كانت مضحكة للغاية حقا! هو كان مازال يردد الاسم لبضع ثوان، ثم قمت بتسليمه إلى السيد لوكاس مرة أخرى كي يستكمل أمر إطعامه.
في أثناء ما كنت مشغولا بحمل الصغير و الابتسام له فوجئت سافي بقدوم مكالمة هاتفية لها، هي استمعت إلى رنين الهاتف المحمول ثم سارت كي تحضره من على الطاولة الكبيرة، وجدت ملامحها قد تغيرت بينما كنت أنظر إليها وهي تتطلع إلى شاشة الهاتف، فشعرت بوجود شئ خاطئ.
ترددت سافي في الرد على الهاتف لعدة ثوان ثم سرعان ما استقبلت المكالمة تلك، كان صوتها منخفض بعض الشئ لم أستطع أن أسمع كل ما كانت تقوله للطرف الآخر لكن دون أن أدرك أذني التقطت اسم روزي في حديثها مما جعلني أشعر برجفة تجري في خلايا جسدي كله.
المكالمة لم تستغرق الكثير من الوقت، حيث قامت سافي بإنهاءها سريعا، لربما كي انتبه إلى شيء بخصوصها، ابتسمت لها بينما هي كانت تسير نحوي بعدما وضعت الهاتف مرة أخرى على الطاولة، فوجئت بها وهي تجلس بجواري وتقول بنبرة هادئة:
"هل علمت بآخر الأخبار ماثيو؟! تلك الشائعات التي وصلت إلينا مقلقة للغاية! اتمنى أنها تكون مجرد شائعات لكن أفراد أسرتي يقولون إنها حقيقة مع الأسف الشديد!!"
شعرت بالأسف مثل سافي تماما من أن هذا الأمر حقيقي، لأن ذلك لا يعني سوى أننا على موعد مع صراع جديد وهذا آخر شيء قد يتمناه أحد، فبعد الحرب التي استهلكت طاقتنا منذ خمس سنوات مع سانتوس، الجميع أصبح يريد السلام، لا الحرب!
قمت بهز رأسي موافقا على سؤال سافي، ثم قلت لها بعد ذلك:
"أجل لقد علمت ما حدث، أمر مؤسف حقا كما تقولين خاصة مع اقتراب زواج هانا وجوزيف، لا أحد يريد أن يلغى ذلك الزفاف! هانا سوف تحزن كثيرا بشأن ذلك بكل تأكيد!!"
سافي هزت رأسها مؤيدة كلماتي تلك، حتى أن ملامح وجهها تبدلت لبعض العبوس، هي قالت بصوت هامس:
"أتمنى فقط أن تسير الأمور على ما يرام مع أبنائي! فأنا قد تعبت حقا من تلك الصراعات!!"
لقد كنت أكثر من متفهما لما همست به سافي، ومؤيدا لها كذلك، فلا أحد مهما كانت قوته يتمنى أن يعيش حياته كلها وسط الصراعات والحروب أيضاً.
أردت أن أخفف عن سافي من بعض القلق الذي يبدو على ملامح وجهها لذا أنا أخبرتها بنبرة مرحة:
"هل أخبرك أمرا سافي؟!"
أخبرتها بتلك الكلمات فوجدتها تبتسم لي وتهز رأسها موافقة على اقتراحي ذاك، لذا لم أنتظر المزيد من الوقت وقلت لها بنبرة مرحة:
"لقد تذوقت اليوم الفطيرة التي أعدتها هانا بطعم التوت! هي كانت شهية حقا! لكنها ليست أشهى من الفطائر التي كنت تعديها لنا سافي! أنت لديك وصفة خاصة سحرية تجعل للطعام نكهة خرافية!!"
أخبرت سافي بتلك الكلمات فوجدت ملامحها تتحول إلى السعادة والفرح، ثم بدأت تضحك بصوت عال بينما هي تخبرني بنبرة مرحة ممازحة إياي:
"بالطبع أنا أفعل ذلك ماثيو! ألست أنا بساحرة؟! لذا أنا أقوم بوضع سحري في وصفاتي تلك!!"
هي قالت لي تلك الكلمات ثم عادت تضحك من جديد، الأمر الذي دفع لوكاس إلى الضحك مثلها وكذلك أنا والصغير الذي انتقلت إليه عدوى الضحك تلك!!
فوجئت بلوكاس وهو يقول بنبرة مرحة من وسط ضحكاته تلك:
"أجل أنت ساحرة ماهرة للغاية سافي، ألم توقعيني في سحرك منذ أول مرة رأيتك فيها؟! وحتى الآن أنا لا أستطيع مقاومة سحرك على الإطلاق!!"
كلمات لوكاس المرحة تلك جعلت سافي تشعر ببعض الخجل، هي اخفضت وجهها وبدأت تنظر إلى الأسفل، وجدت لوكاس يغمز لي بعينه ثم يشير على سافي الخجلة ابتسمت له بمرح، ثم وجدته يهز رأسه ممتنا لي، ففهمت من ذلك أن لوكاس قد علم أني حاولت أن أخرج سافي من الضيق الذي كانت تشعر به حول أمر زفاف هانا المحتمل.
بعد قليل وبعد انتهاء فترة المرح تلك، فوجئت بسافي تبدأ في تجهيز طاولة الطعام من أجل أن يتناولوا طعام العشاء، أردت أن استئذن بالرحيل منهما، فأنا قد تناولت الطعام منذ وقت ليس بطويل ولن استطيع تناول المزيد إذا حدث ودعتني سافي كي اتناول الطعام معهما، لذا استقمت واقفا من جلستي على الأريكة ثم قلت بصوت عال ونبرة مرحة:
"أنا سوف أرحل إذا وادعكما تتناولان الطعام يا رفاق!"
لم أكد أكمل حديثي ذاك حتى فوجئت بتحول ملامح وجهها لسافي إلى العبوس الشديد، هي سارت نحوي بخطوات سريعة ثم قالت حينما وصلت إلي:
"أنت تمزح حقا ماثيو؟! هل تظن حقا إني سوف أدعك ترحل دون أن تتناول الطعام معنا! إن كنت أنت تفعل ذلك فأنت مخطئ بكل تأكيد! ثم أليس أنت من قلت منذ قليل أن طعامي له سحر خاص به! ألا تريد تجربة المزيد من السحر الآن؟!"
كلمات سافي جعلتني أشعر بالخجل والضيق من نفسي، فقد شعرت أنني قد جعلتها تشعر بالضيق من أجل رفضي تناول الطعام معهما لذا وجدت نفسي اقول بنبرة مرحة:
"يبدو أنك أنت ووالدتي تريدان أن تعبثوا برشاقتي التي أجذب بها الفتيات! لقد طهت لي طعامي المفضل عقب عودتي وجعلتني أكل حتى الشبع من طعامها! وها أنت ذا تريدين مني أن اتناول طعامك الشهي! رشاقتي سوف تفسد بكل تأكيد بسببكما أنتما الاثنتان!!"
ضحكات عالية ومرحة انطلقت من فم لوكاس الذي كان ينصت لكلماتي بتسلية كبيرة، فوجئت به يشير إلى جسده بينما يخبرني بنبرة مرحة:
- أستمر أنا في قول لها ذلك، انظر إلي لقد أصبحت سمينا منذ أن تزوجت بها! لا أستطيع الآن تأدية عملي ومطاردة الساحرات! لابد أنها تفعل ذلك من أجل مثيلاتها من الساحرات!! أشك أني إذا حاولت فعل ذلك فأني سوف أقع على وجهي و اتكور مثل بطة ضخمة!!
كلمات لوكاس المرحة جعلتني لا أستطيع تمالك نفسي من الضحك، لقد أدمعت عيناي حقا بينما أنا اتخيل السيد لوكاس وهو يقع على وجهه متعثرا ثم يحاول التحرك فيفشل في ذلك الأمر! كان أمر مسلي حقا أن اتخيله في عقلي!
بينما أنا والسيد لوكاس نضحك بصوت عال كانت سافي ترمقنا بنظرات ساخرة ومتهكمة، هي وجهت حديثها للسيد لوكاس حيث أخبرته بنبرة موبخة:
"حقا لوكاس! أنت تسخر مني ومن طهوي؟! إذا اجلب لك أحد آخر كي يطهو لك طعاما صحيا كي لا تتضخم أكثر وتستطيع مطاردة الساحرات بحرية كبيرة!!"
ألقت سافي تلك الكلمات في وجه لوكاس الذي توقف عن الضحك على الفور وأخذ ينظر إلى سافي بنظرات معتذرة، بينما فوجئت بها وهي تخبرني بنبرة موبخة وساخرة:
"وأنت ماثيو! تريد العبث مع الفتيات حقا!! بجسدك الرشيق ذاك! لم أكن أعلم أنك رجلا عابث ماثيو؟! لكنني ها قد علمت بذاك! أنت تستغل فرصة ابتعادك في الدراسة ثم تعبث مع الفتيات وتجذبهم إليك!!"
يا إلهي! لقد استطاعت سافي قلب الأمور كلها على رأسينا أنا والسيد لوكاس! نحن كنا نمزح فقط! وها هي تحاول أن تظهرنا أننا مذنبين بشدة!! لقد كانت بارعة حقا في التلاعب بالكلمات، فأنا لم استطع الرد عليها أو محاولة التبرير حتى! وجدت نفسي أخبرها كي اتخلص من ذلك الموقف الغبي، أقول لها بنبرة مستسلمة:
"أو لا تعلمي سافي! أنا لم أرى أي فتيات! أنا أخلد إلى النوم منذ التاسعة مساءً! ثم لا فائدة من هذا الجسد الرشيق! أنا سوف اتناول معكما الطعام واملئ معدتي حتى آخر جزء فيها!!"
أخبرت سافي بتلك الكلمات فوجدتها تخبرني بنبرة هادئة قائلة:
"حسنا أنا أصدقك والآن هيا إلى طاولة الطعام قبل أن يبرد طعامي الشهي ذاك!!"
استمعت إلى كلمات سافي تلك ثم هززت رأسي موافقا لاقتراحها ذاك، سرت بخطوات سريعة نحو مائدة الطعام وقمت بالجلوس على أحد المقاعد هناك، ثم انتظرت قدوم السيد لوكاس والذي كان يحمل الصغير في يده بينما هو قادم نحونا.
بينما سافي ابتسمت لنا بمرح، فهي قد جعلتنا ننفذ ما ترغب هي فيه بدون أن ندرك نحن ذلك حقا!! نحن معشر الرجال تسهل قيادتنا والضحك علينا بمجرد كلمات متلاعبة! لكننا نرفض تصديق ذلك ونظن أننا الاقوى في كل شيء بينما العكس هو الصحيح حقا!
نهاية الفصل.
حمل الان / تطبيق حكايتنا للنشر الالكتروني واستمتع بقراءة جميع الروايات الجديده والحصريه.
