القصة القصيرة ما هي؟
هي لون من ألوان
الأدب، وهي أقصر من رواية، تهدف لتقديم فكرة أو حدث خلال فترة زمنية قصيرة جدًا،
يستعرض فيها الكاتب مهاراته الكتابية، مستعينًا بكنزه المدخر من المفردات اللغوية.
قد تظن أنه من
الأيسر لك كتابة قصة قصيرة، أكثر من رواية، ولكن في الحقيقة أن كتابة قصة من ألف
كلمة هي أكثر صعوبة بكثير من رواية من خمسة عشر ألف كلمة كحد أدنى.
لماذا؟؟
الإجابة لأنك
ستضغط حدود فكرة متشعبة وشخصيات كثيرة، في إطار محدود جدًا ولكن ثري بالمفردات
اللغوية المكثفة والموجزة...
مثال:
سأستشهد لك
بجملة طويلة قد تكون عادية جدًا داخل أحداث رواية، ولكنها تسبب عسر هضم كبير لقارئ
القصة القصيرة.
دخل محمد من
الباب، ألقى التحية وجلس على أريكته المفضلة يشاهد مباراة كرة القدم لفريقه
المفضل.
لو كتبنا نفس
الجملة في قصة قصيرة، سنكتبها على النحو التالي:
جلس مستمتعًا
بمشاهدة فريقه يلعب في مباراة حاسمة.
أنت كقارئ وصلت
لك المعلومة، من الجملة الأولى ومن الجملة الثانية بنفس المقدار...أن هذا الشخص
يشاهد مباراة..
لذلك عندما نكتب
قصة قصيرة، أي تفاصيل يمكنك الاستغناء عنها، هي عبء على القصة.
عناصر القصة القصيرة
• العنوان.
• المدخل / التمهيد
• السرد
• الزمان و المكان
• الشخصيات
• الحدث
• النهاية
• العنوان.
قواعد اختيار
العنوان، مجرد قاعدتان لا أكثر، لكن، إياك و الاستخفاف بهما:
-أـ ألا
يكون العنوان فاضحاً، كاشفاً لمحتوى العمل، حاول
أن تجعل من العنوان قصة أخرى مستقلة، تثير حيرة القارئ، وتسيل لعابه، دون أن تشبعه
تمامًا،
- ب ـ كيفية اختيار العنوان
مهمتك أيها
الكاتب البطل ليست هينة، ولكنها المفتاح الذي سيستعمله القارئ للدخول لعالمك بين
دفتي القصة، فيجب أن يكون اختيارك للعنوان ينم عن ذكاء فطنة، كي تدفع القارئ لفتح
القصة وقراءتها بشغف، ولكن احذر خيبة أمل القارئ عندما لا يجد ما وعد به عنوان
قصتك.
مثلًا:
عنوان القصة شيق
وجذاب، يخبر عن قصة مرعبة شديدة التشويق، ربما بوليسية، أو مغامرات رهيبة، هذا ما
دار في خلد القارئ، عندما قرأ عنوانك، ولكن القصة كانت مختلفة تمامًا، تهاني..أنت
فقدت قارئ نجحت بجذب اهتمامه، ثم خذلته عندما لم تقدم له ما وعدته به.
النقطة الأولى
اختر عنوانًا مبدأي، للفكرة التي تدور بمخيلتك لتكون قصة، واحتفظ بالعنوان
حتى نهاية الدرس.
*****
• المدخل / التمهيد
أنت الآن تعد القارئ نفسيًا لأحداث القصة،
تعطي له إشارات غامضة تمهيدًا للحدث الكبير، تستخدم في هذه الإشارات مفردات بلاغية
مثل:
الأدب، بدونَ أخلاق، وحشٌ كاسِر
مُرهِق أن تَكونَ مُلكاً لأحدهِم
النوافِذ
الصحراوية مملوءة بالغُبار، فقَط لأنها مُطلة على الصحراء
أنت الآن تتلاعب بخيال القارئ، فقد يدل وصفك البلاغي على شيء، وأنت
تقصد شيئًا آخر، هذا أمر جيد، استمر على هذا المنوال، صف أجواء القصة ولا تفصح
بالكثير،
مثال:
اتسعت عيناي بدهشة، ما أجملها، تطل من خلف أستارها القاتمة، بحياء
العذارى في أخدارها.
هل تدرون عن من يتحدث الكاتب؟
الجميع سيخطر بباله أنه يتحدث عن فتاة، ولكن ما دار بخيال الكاتب كان
شيئًا آخر، عن سجين يتطلع من خلف قضبانه على الشمس لأول مرة منذ وقت طويل قضاه في
قبو مظلم.
النقطة الثانية
اختر المدخل الذي ستبدأ به قصتك، تخيله أمامك، وأوصفه بعبارات قصيرة
بلاغية مكثفة.
*****
السرد
الآن ستعطي القارئ أول خيط لما يحدث فعلًا، وسيبدأ هو بدوره بتكوين
صورة شبه واضحة عن القصة، لا تعتمد على الحوار إلا إذا اضطررت له في أضيق الحدود،
السرد هو سيد القصة القصيرة بلا منازع.
لا تفرط من:
حروف الجر
(من ـ إلى ـ عن ـ إلخ...)
أسماء الوصل
(الذي ـ التي ـ اللذان ـ اللتان)
الإفراط فيها يضعف من بناء الجملة.
مثال:
الحياة التي نعيشها، هي الحياة التي في الواقع، ولكنك تستطيع
في أي وقت
أن تعيش حياتك كيفما تشاء.
لاحظ تكرار
(الحياة، التي)
كيف يمكنك اختصارها لتصبح جملة ذات صياغة أدبية جذابة؟
نعيش حياتنا في الواقع، وفي أي وقت يمكننا أن نعيشها كما
نشاء.
وصلنا لنفس المعنى بعدد كلمات أقل وبدون تكرار أي كلمة
أو حرف.
السرد ثلاث أنواع:
- بطل يروي قصته بضمير (الأنا)، فهو راوٍ حاضر يحلل الأحداث من الداخل. لكنه لا
يتبع باقي الشخصيات في كل الأماكن، فلا يصف ما يقع داخل نفوس الشخصيات، إلا من
خلال أفعالها أثناء السرد.
- الكاتب الذي يعرف كل شيء، بما فيها دفائن النفوس، فالراوي هنا هو الروائي، فيروي
بضمير الغائب (هو)، كذلك يتحرك مع الشخصية في كل الأماكن.
- الراوي الشاهد، وهو راوٍ حاضر، لكنه لا يتدخل، و لا
يؤثر تأثيراً مباشراً في الأحداث. فهو يروي من حيث يرى و يسمع، و لا يتجاوز تلك
الحدود. ( يحتاج إلى مهارة سرد فائقة و إلا، سقطت في إشكالية التسطيح ).
النقطة الثالثة
اختر الراوي المناسب لفكرتك، اكتب السرد بمفردات بلاغية، وبدون تكرار أي كلمة أو حرف
****
• الزمان و المكان
يعد عنصري الزمان والمكان ركنان أساسيان في بناء الحبكة القصصية، فهو
الحيز الطبيعي الذي يقع فيه الحدث، وتتحرك في مجاله الشخصيات، أي حدث يتم في زمان ما
ومكان ما، لذلك الصلة بين الزمان والمكان وبين القصة صلة لا تنفصم.
مثال:
في أحد المُدن العربية في داخل حي شعبي فقير لا يملِك إلّا غرفة لا
أكثر من الصفيح، وأرضية أسمنتية باردة، وفي ليلة شتوية باردة، داخل الغرفة الأم،
الأرملة العجوز ذات الأسنان المنخورة، والتي تعاني من أمراض تقدم السن.
استخرج من المشهد السابق، الزمان والمكان، والبيئة المحيطة
بالشخصيات؟
حيلة ماكرة يلجأ لها الكاتب
بالتلاعب بالزمان والمكان
أو الكتابة بالتسلسل الطبيعي لهما
مثلًا:
يمكن أن تبدأ القصة بالمشهد الأخير
ثم العودة فلاش باك للحدث من أوله،
أو يمكن عدم العودة للمشهد الأول وتكملة القصة بالتسلسل الطبيعي مع
الاحتفاظ بتأثير الحدث الأول دون داعي لذكره.
النقطة الرابعة
وضح بكلمات قليلة الزمان والمكان لأحداث القصة، هل ستستخدم الفلاش باك، أم التسلسل الطبيعي،
أم ومضات ذكريات؟
****
• الشخصيات
إذا كانت الحادثة هي لب القصة، فإن الشخصية
هي لب الحادثة، إذ لا يمكن تحقيق الحادثة وإنجازها بدون شخصية أو شخصيات تأخذ على عاتقها
مهمة الإنجاز أي خلق الحادثة.
ويقسم النقاد والقصاصون الشخصية إلى أنواع،
سواء بحسب دورها المتبنى في القصة، أو بحسب مظهرها الخارجي أو الداخلي.
إذن فهناك:
* شخصية مركزية أو رئيسة تسمى البطل، وهي
الشخصية المحتلة لب القصة، تعكس بعداً من أبعاده، وبالتالي هي من ينصب عليها اهتمام
الملقي والمتلقي معًا.
* شخصية ثانوية (مساعدة) وهي التي تسلط
الضوء على جوانب في القصة وعلى الشخصية الأولى.
* شخصية جاهزة نمطية، وهي غالبًا ما تكون
مسطحة ومعكوسة، وتسمى أيضًا الشخصية الجامدة.
* شخصية نموذجية نامية، وهي مرتبطة بالظرف
الحياتي، وتتميز بقدرتها على التطور مع تاريخ وأسلوب الأحداث.
* شخصية متوازنة نفسياً أي سكونية، وهي
المحافظة على تطور نفسي واحد.
* شخصية معقدة نفسياً أي دينامية، وهي غير
مستقرة على حال واحدة، وتتحول من وضع نفسي إلى آخر.
مثال:
تقول(هالي برنت) مؤلفة كتاب (كتابة القصة
القصيرة).
إن القاص عادة يكتب عما يعرفه.
1ـ يمكن إضافة الحيوية والصدق والشرعية
على شخصياتك بأن تدع شخصيات أخرى تتحدث عنها بشكل جيد أو رديء بتعاطف أو نفور قبل أن
تظهر في المشهد أو بعده.
2ـ قف خارج الشخصية وانظر داخلها ثم ازحف
وتقمصها.
3ـ انظر إلى ردود أفعال الشخصية وتبريراتها،
في سلوك كقاص، حاول أن تجد أخطاء أو فضائل أو عادات متشابهة داخلك وحاول أن تفهمها
جيدا حتى ولو أدنتها.
4ـ جرب هذه الوسيلة الخيالية، ضع صفات شخصية
ما في جسد شخصية أخرى.. أعط أطفالا لامرأة لا تنجب وانظر كيف يؤثر ذلك على شخصيتها،
لاحظ سلوك إنسان فقد من يهتم بهم، أو واحدة فقدت من كانوا يهتمون بها.
تذكر قبل كل شيء أن القصة يمكن أن تعالج
كل شيء. نحن نمضي مع شخصياتنا حيث تقودنا، وبما أن الزمن يترك بصمته علينا فلا بد أن
يترك بصمته عليهم
النقطة الخامسة
أي من الشخصيات ستكون بطلة قصتك، وهل
ستستخدم شخصيات مساعدة؟
****
• الحدث
الحدث هو الحبكة المحورية في القصة.
الحدث، لا بد له أن ينمو على نحو تدريجي،
و لا بد و أن يسبق بمجموعة من الأحداث الصغيرة (السرد)، من ثم يصل بنا إلى الحدث
الكبير في القصة.
في القصة القصيرة، لابد أن تبدأ الأحداث بعد
المدخل و المقدمة.
و كشأن كل قواعد القصة القصيرة، يتوجب
للتسلسل أن يكون ذو إيقاع سريع، متلاحق، مع الإقلال من وصف المكان، والتركيز على
مشاعر ودواخل الشخصيات، مع مراعاة الالتزام بقاعدة التصاعد التدريجي.
يُتبع الحدث الأكبر، فوراً، بالنهاية.
الحدث الأكبر، لابد و أن يكون حاملاً
للمغزى أو الرسالة الأساسية للقصة.
النقطة السادسة
لا تطيل في الأحداث المؤدية للحدث الأكبر.
الحدث الأكبر هو أكثر ما يستحق التركيز من الكاتب، ما هو الحدث الأكبر لقصتك؟
****
• النهاية
تتبع الحدث الأكبر مباشرة، هي مجرد "إغلاق
للقصة"، لا يتوجب تجاوزه للأسطر الثلاثة أو الأربعة
النهاية لابد أن تكون مثيرة
للجدل.
إذن:
نهاية القصة القصيرة لا بد لها و أن تخضع لثلاثة عوامل:
• المفاجأة غير المتوقعة، و الغير مخيبة لآمال القارئ. لو توقع
القارئ النهاية، لن يشعر بالحدث، و لن يرى ما يميز العمل.
• سرد النهاية لا بد أن يكون قصيراً، قد يكون فقرة واحدة من ستة أو سبعة أسطر إلى
ثلاثة.
• عادة لا تتبع النهاية بما نسميه ب (ما بعد النهاية). القصة القصيرة تنتهي عند
النهاية المفاجئة، غير المتوقعة.
النقطة السابعة
جمع النقاط الست السابقة وابدأ في كتابة قصة قصيرة على ضوئها.
النقطة الأولى
اختر عنوانًا مبدأي، للفكرة التي تدور بمخيلتك لتكون قصة، واحتفظ بالعنوان
حتى نهاية الدرس.
النقطة الثانية
اختر المدخل الذي
ستبدأ به قصتك، تخيله أمامك، وأوصفه بعبارات قصيرة بلاغية مكثفة.
النقطة الثالثة
اختر الراوي المناسب لفكرتك، اكتب السرد بمفردات بلاغية، وبدون تكرار أي كلمة أو حرف
النقطة الرابعة
وضح بكلمات قليلة الزمان والمكان لأحداث القصة، هل ستستخدم الفلاش باك، أم التسلسل
الطبيعي، أم ومضات ذكريات؟
النقطة الخامسة
أي من الشخصيات ستكون بطلة قصتك، وهل
ستستخدم شخصيات مساعدة؟
النقطة السادسة
لا تطيل في الأحداث المؤدية للحدث الأكبر.
الحدث الأكبر هو أكثر ما يستحق التركيز من الكاتب، ما هو الحدث الأكبر لقصتك؟
****
