" " " " " " " " اللوحة الملعونة - نوفيلا
📁 آحدث المقالات

اللوحة الملعونة - نوفيلا


 

 

"اهدأ يا بني، كف عن الشقاوة، سوف نصل بعد قليل"

اختلست الزوجة نظرة قلقة على ابنها في الخلف، ثم اختلست نظرة أخرى لزوجها وتأففت، قد كان مزاج زوجها في السحاب.

يدق على المقود وهو يترنم بلحن أغنية مشهورة، غير عابئ بحالتها المزاجية الموشكة على الانفجار.

صوت ابنها المتململ في الخلف يعيد إليها ابتسامة لم تصل لعينيها:

"أمي...هل ما يزال وقت طويل حتى نصل المتحف؟"

حدجت الزوجة زوجها بنظرة غيظ، ثم أجابت ابنها:

"بعد قليل يا حبيبي، رغم أنني لم أعرف حتى الآن، لم إصرار والدك على زيارة هذا المتحف بالذات، خاصة بعد كل ما سمعناه عن الحوادث الغريبة التي تحدث فيه"

قهقه الزوج باستخفاف:

"اشاعات يا حبيبتي، كل ما سمعته عن المتحف واللوحة الملعونة مجرد إشاعات، وسوف أثبت لك بالحجة والبرهان"

 

حدجت ابنها ذو الأعوام الستة، والذي لا يكاد يكف عن الحركة، ثم هتفت من بين أسنانها:

"هل تغامر بحياة ابنك لتثبت أن الحوادث مجرد إشاعات، خاصة تلك اللوحة التي يقولون عنها أنها تسرق الأطفال"

عاد يقهقه ضاحكًا مرة أخرى:

"هل تستمعين لنفسك، أي لوحة هذه التي تسرق الأطفال، هل تصدقين هذه الخزعبلات المنتشرة في جروبات الماميز"

 

عضت على شفتها غيظًا وهي تكتف ذراعيها على صدرها كي لا تمسك بعنقه وتجبره على العودة أدراجهم.

هز رأسه وقهقه متبجحًا:

"أنتِ امرأة مثقفة، عيب عليك أن تصدقي هذه الخزعبلات، وهي التي غالبًا لن تخرج عن كونها مجرد دعايا مجانية لجأ لها المسئول عن المتحف ليحظى بعدد أكبر من الزوار "

اشتدت عقدة ذراعيها على صدرها وهي تراقب الطريق والسيارة تنهبه بسرعة:

"إشاعات أم دعايا هذا لا ينفي أن طفلين على الأقل مفقودين حتى الآن في هذا المتحف التعس"

حاول الربت على كتفها بيده الحرة، فانتفضت تحذره بنظرة شرسة أن يحاول لمسها

فعاد يقهقه بسخرية وهي تكظم غيظها بعدم ارتياح.

 

أمسكت بكف ابنها وهم يجتازوا بوابات المتحف الإلكترونية، هز زوجها رأسه بابتسامة مستخفة:

"خففي قبضتك قليلًا، المتحف أمان"

تمسكت بكف ابنها أكثر وهي تهز رأسها بقوة:

"لن أتركه إلا عند خروجنا من هنا"

 

"حسنًا تعالي نسأل عن مكان تلك اللوحة، ربما يرتاح قلبك لو رأيت أنها مجرد لوحة عادية"

تابعته بحذر بينما تجر الصبي خلفها، يزوم باعتراض راغبًا في الانطلاق بفضول لاستكشاف هذا المكان الغريب.

 

راقبت زوجها بتوجس وهو يسأل أحد مسؤولي القاعة، ولكن

الرجل حدجه بنظرة غريبة، ثم تجاوزه يراقب بابتسامة صفراء زوجته وهي تحاول التحكم في حركات ابنها الفارطة.

 مط شفته السفلى وابتسم باستحسان:

"بالتأكيد، تفضل معي، ولكن هل أنت واثق من رغبتك برؤيتها رغم سمعتها السيئة؟"

قهقهه الزوج باستخفاف:

"أعلم أنكم تلجأون لوسائل غريبة أحيانًا للدعايا، ولكنكم لن تستخفوا بعقلي مثلما تفعلون مع العامة.

اجفلت الزوجة عندما التمعت عينا الرجل بطريقة غريبة، فازداد تمسكها بيد ابنها وتقييده.

 تبعتهما بساقين مرتجفتين وهي تقيس المسافة بين مكانها وباب الخروج.

توقف الجميع أمام لوحة تمثل رائد فضاء يسبح في الفضاء وقد ظهرت علامات الذعر والرعب في عينيه من خلال خوذته التي يعتمرها.

 اقشعر بدن الزوجة واعتصرت أصابع ابنها بين أصابعها بدون وعي ولم تسمع أنينه، ثم انتبهت لمسئول المتحف يحدث ابنها الذي كان يمد يده نحو اللوحة:

"انتبه يا ولد، اللوحة لا تحب اللمس، إياك الاقتراب"

ضحك الوالد معقبًا بغمزة من عينه:

"وإلا سرقتك، أليس كذلك يا زوجتي الحبيبة"

انتبهت أنه يحدثها، فهتفت بشرود وجسدها يقشعر من نظرة الرعب في عيني رائد الفضاء:

"لا أعلم، ولكنها تبدو مخيفة"

اقترب الزوج من اللوحة وقلب شفته ساخرًا:

"على العكس، أراها طبيعية تمامًا، بل ربما أكثر من عادية، ولا أعلم سبب وجودها في المتحف، غير السبب الذي أخبرتك به، أليس كذلك يا..."

ثم التفت يسأل المسئول ليفاجئ أنه اختفى تمامًا، حدج زوجته متسائلًا:

"هل رأيته يذهب؟"

هزت كتفيها باستغراب وهي تبحث عنه حولها دون أن تعثر على أي أثر له:

"لا...كان هنا منذ لحظات فقط"

"لابد أن اللوحة سرقت انتباهنا فأغفلتنا عنه"

وقهقه بسخرية أكثر مما أثار غيظ زوجته، أردف:

" اتركي الولد، لا داعي للإمساك به بهذا الشكل، المكان آمن كما ترين"

تلفتت حولها ثم مطت شفتيها بتعجب:

"ألم تلاحظ أن لا أحد من زوار المتحف لديه فضول لهذه اللوحة سواك، يبدو أن الجميع يتجنبها"

مط شفته باستخفاف:

"أو ربما فعلوا مثلنا، وأشبعوا فضولهم منها ثم انطلقوا في أنحاء المتحف"

عادت تحدق برائد الفضاء الصارخ في اللوحة، أجفلت بارتياع عندما خيل إليها أن عيناه تتحركان، أعادت النظر بتمعن:

"أنظر يا إلهي عينا الرجل تتحرك من داخل الخوذة"

قهقه ساخرًا:

"ربما هو سارق الأطفال"

جذب الولد يدها:

"ماما أرغب بالذهاب للحمام"

تلفتت حولها حتى رأت لافتة تشير للحمام، فأخبرت زوجها أن ينتظرهما في نفس مكانه حتى عودتهما.

 

أومأ لها بتواطؤ وهو يغمز ساخرًا:

"سأكون هنا يا حبيبتي، أتأمل رجل الفضاء وهو يصرخ طالبًا النجدة"

زفرت بغيظ وهي تصطحب ابنها ويغيبان عن عينيه.

 التفت يحدق في اللوحة باهتمام، وشيئًا فشيئًا كانت تستحوذ على اهتمامه، بتفاصيلها الغريبة والتي تزداد كلما تمعن فيها.

 

توقفت كل شعرة في جسده رعبًا، تلفت حوله يحاول إثارة انتباه الناس من حوله.

ولكن لا أحد على ما يبدو كان مهتمًا، عاد ينظر للوحة، وازداد هلعًا حتى أنه كاد يقسم أنه رأى عينا رجل الفضاء تتحركان وكأنه حيًا داخل اللوحة!!

 

 ازداد اقترابًا بعد أن ارتدى نظاراته الطبية، ثم شهق وهو يهتف:

"رجل الفضاء ليس رجلًا... إنه طفل!!!"

ثم تلفت حوله يحاول الصراخ والاستنجاد، ولكن أيضًا لم ينتبه له أي أحد...

عاد يحدق باللوحة ويزداد اقترابًا، ازداد حماسه عندما خيل إليه أن سجين اللوحة يحاول التواصل معه، مد يده يلمسه ليؤكد لنفسه أنه ضحية تخيلات تأثرًا بكلام زوجته.

 

"أسرع يا بني لقد تأخرنا، لابد أن أبوك سيقلق علينا"

وحثت الخطى مع الصبي حتى وصلا للوحة، تلفتت حولها ثم نظرت لابنها بتساؤل:

"هل يمكن أن يكون قد ذهب يبحث عنا، حذرتك من التأخير، سيصب جام غضبه علينا الآن"

انحنى الصبي وأمسك شيئًا من الأرض ثم هتف:

"ماما، هذه تشبه ولاعة السجائر التي يملكها أبي"

ارتعشت يدها وهي تمسكها، وشيئًا ما حثها لتنظر للوحة، وفجأة أطلقت صرخة مرعبة ووجه زوجها يصرخ من داخل اللوحة بعد أن حل محل رجل الفضاء.

اللوحة الملعونة



رابط ثابت

https://www.7kayatuna.com/2023/03/mervatelbeltagyalwhaalmaloona.html
العنوان
انوبيس
الكاتبة ميرفت البلتاجي
سنة النشر
الأقسام
 تشويق / رعب / غموض / مغامرة / أساطير / نوفيلا من فصل واحد
الكاتبة ميرفت البلتاجي
الكاتبة ميرفت البلتاجي
ميرفت البلتاجي عضو اتحاد كتاب مصر و كاتبة في مجالات أدبية متنوعة المجال الروائي روايات اجتماعية وفانتازيا ورومانسي وصدر لها على سبيل المثال لا الحصر أماليا \ ناريسا \ ألا تلاقيا \ لقاء مع توت شاركت مع الهيئة العامة للكتاب في سلسلة ثلاث حواديت نشر لها قصص مصورة في مجلة فارس، ومجلة علاء الدين..ومجلة شليل وكتبت في مجال أدب الطفل عشرات القصص إلكترونيا وورقيا. ولها العديد من الإصدارات الإلكترونية لعدة مواقع عربية موقع مدرسة Madrasa تطبيق عصافير شركة وتطبيق Alef Education
تعليقات