" " " " " " " " رواية ساحرة القطيع الفصل التاسع
📁 آحدث المقالات

رواية ساحرة القطيع الفصل التاسع






مواجهة أخرى


أشار إليها أن تتبعه، سارت خلفه بخطوات مهرولة، مقلدة إياه، وصلا إلى مكان يبعد عن مدخل القصر بضع أمتار، توقف هو فجأة ثم أخبرها بنبرة حادة و حازمة قائلا لها:

- اسرعي هانا، قومي بصنع دائرة نقل أخرى قبل أن يأتون إلينا.

أنصتت إلى كلماته، أخذت نفسا عميقا، عادت إلى الخلف بضع خطوات، بدأت في صنع دائرة جديدة، تحاول بها نقلهما إلى الداخل مرة أخرى، رفعت يدها لأعلى حركت الهواء من حولها.

فجأة و بينما هي تفعل، حركة سريعة ضجت من حولها، بذهول شديد هي نظرت لما يحدث من حولهما، لقد كان هناك هجوم كاسح عليهما من قبل قطيع مستذئبين و سحرة أيضاً!! 

حاولت أن تتماسك وتستعيد قوتها التي تشتت بفعل ذاك الهجوم المشتت، نظرت نحو أبيها وجدته يحاول التصدي لذاك الهجوم، يطلق بيده عدة شرارات متتالية في كل مكان من حوله، يتحرك بسرعة خارقة، يلف المكان كله.

في المقابل كان جمع المستذئبين بدأوا يتجمعون من حولها، يصدرون اصوات عواء عال، فوجئت بأحدهم يتقدم نحوها بسرعة كبيرة، يدور عدة دورات من حولها.

سرعته كانت خارقة بطريقة جعلتها تجفل وتحاول أن تبتعد عنه! هو كان يخيفها بفعلته تلك حقا! زفرت بقوة، أغمضت عينيها، بدأت في تمتمة ببضعة كلمات، تريد أن تصفي ذهنها الذي شتته ذاك الهجوم.


بينما في الداخل يحاول ثاندر أن يسرع من مراسم التنصيب، الجميع يتوقع هجوم آخر من قبل سانتوس و أتباعه، تذكر حينما وقفا وجها لوجه، يتحدى كل منهما الآخر، سانتوس يتوعد بصوت عال وواثق:

- سوف أعود مرة أخرى ثاندر، أعلم ذلك! وتلك المرة لن يستطيع أن يمنعني أحد عن فعل ما أريد، كن واثقا من أني سوف أفعل ذلك بكل تأكيد! 

بينما هو ينصت إليه، يهز رأسه برفض قاطع، يخبره بنبرة حازمة، قائلا له:

- لا، لن تستطيع فعلها سانتوس، سوف أحرص على أن لا تفعلها، كن أنت واثقا من ذلك! لن ادعك تمرر شرك في العالم، تنشر الفساد فيه، تحاول السيطرة عليه و حكمه، سوف اعمل على ذلك، حتى لو كان الثمن هو حياتي أنا!! هل فهمت ديابلو؟! 

بصق تلك الكلمات في وجه الشيطان، لم يشعر بالخوف منه، يعلم أنه سوف ينتصر، قوى الخير لن تنهزم أبدا أمام قوى الشر! قد تضعف أحياناً لكنها لا تلبث أن تعود بقوة مضاعفة تقضي على الشر و تبيده! 

خرج من شروده على صوت سافانا القلق، بينما هي تسأله بنبرة متشككة، قلقة قائلة له:

- ما الأمر ثاندر؟! هل هناك شيء ما خطأ في مراسم التنصيب؟!

رؤيته للقلق الذي ينضح على معالم وجه سافانا، جعله يهز رأسه نافيا، يخبرها بنبرة هادئة قائلا: 

- لا، اطمئن سافي، لا يوجد شئ خاطئ، على العكس من ذلك، نحن قد اقتربنا من موعد إتمام التنصيب، فقط بضع دقائق أخرى نحتاجها وينتهي كل شيء.

زفرت سافانا بارتياح، كلمات ثاندر جعلتها تطمئن ولو قليلاً، لكن ظل خوفها من دلوف سانتوس و هانا مرة أخرى وتبدأ معركة أخرى في الحدوث!

 نظرت إليها، ابنتها، الذي كان مصيرها أن تكون في ذلك المكان الآن، قدرها أن تفعل! لقد ولدت بخمس دقائق سابقة لولادة هانا، مما جعلها هي من تستحق التنصيب، لكن على ما يبدو أن هانا لا تفهم ذلك حين أخذت تلقي عليها عدة اتهامات.

لقد اتهمتها أنها هي و روزي أخذتا حقها في التنصيب، لابد أن سانتوس أخبرها أكاذيب كثيرة! هكذا هي فكرت، هزت رأسها بعدم رضا، بينما تنظر نحو روزي التي تستلم لما يحدث بشكل غريب.

يبدو عليها التماسك الشديد و كأنها قد تدربت على ذلك المشهد مرات كثر، وهذا يصيبها بالقلق بعض الشيء، تنهدت بتعب وضيق، نقلت بصرها إلى جوارها، حيث يقف ذلك الشاب المدعو ماثيو

 ما فعله منذ قليل و ما يفعله الآن يصيبها بالذهول و الدهشة! لقد كان سابقا يحاول مضايقة ابنتها، و الآن هو يحاول حمايتها بكل قوة! يعوي في وجه من يحاول الاقتراب منها! وذاك يدعو للتعجب والشك أيضاً! 

حتى أنها بدأت تتساءل في نفسها، هل هناك أمر ما يدور بينهما و هي لا تعلمه؟! لكنها عادت لتنفض تلك الأفكار عن عقلها، تعطي تركيزها لما يحدث حولها، حيث تنصيب روزي قد أوشك على نهايته، ابنتها سوف تضحي ملكة الساحرات وينتهي ذلك الموقف المتعب! 


سانتوس يحارب بكل قوته، لكن سرعة الذئاب وقوتهم البدنية تتفوق على أتباعه من حوله، الكثرة تشتت انتباهه أيضاً، زفر بضيق شديد، تلك المعركة لم يخطط له، لم ينصب فخاخ أو يصنع متاهات! 

نظر إلى ابنتها هانا، حيث تحاول هي الأخرى المقاومة و الدفاع عن نفسه، وجدها تنظر إليه فجأة بقلة حيلة، كأنها تطلب منه بعض الدعم.

 وحينما حاول أن يقترب منها، فوجئ بأحد الذئاب ينقض عليها، لحظة تشتتها تلك التي نظرت فيها إليه خلقت ثغرة في دفاعها، ليستغل الذئب ذاك التيه، ينقض بجسده عليها، يرميها أرضا، و هو يغطيها بجسده، يعوي بصوت عال دليلا على انتصاره الكبير! 

لعنات و سبات بذيئة خرجت من فم سانتوس الذي رأى سقوط ابنتها أرضا و هزيمتها أمام عينيه، سار مسرعا نحوها يحاول إنقاذها، لكنه عاد ليفكر، ماذا لو شتت هو أيضاً أثناء محاولة إنقاذها وتم أسره من قبل أحد الذئاب، تراجع بعدها مبتعدا عنها، وعن منطقة الهجوم بسرعة فائقة، لن يسمح أن يتم أسره، سوف يخسر بتلك الطريقة، لكن تراجعه الآن يعطيه الفرصة لشحذ قواه من جديد، وضع خطط، الحصول على أتباع مدربين على مقاتلة جيش من المستذئبين، ثم في النهاية، سافانا لن تسمح بأن تمس ابنتهما هانا بسوء، كان هو واثقا من ذلك في نفسه، لذا هو بهدوء شديد أمر أتباعه أن يتراجعوا للخلف، يلحقوا به حيث هو يبتعد عن المكان كله، بينما هناك فتاة تنظر إليه بذهول شديد، غير مصدقة أن يتركها أبيها تحت رحمة هؤلاء الوحوش، غير عابئ بما قد يحدث معها، شئ ما حدث داخل قلبها، حتى أنها شعرت بصوت تحطمه، أغمضت عينيها في استسلام شديد، لا تريد رؤية المزيد من الخزي و الخذلان! 

ما حدث للتو كان أمر لا يصدق حقا، رؤيته لذلك الرجل يرحل هو و أتباعه تاركا ابنته تحت رحمتهم لهو شئ مخجل وعجيب! كيف له أن يتركها بتلك الطريقة المهينة؟! هكذا تسأل جورج في نفسه بينما يرفع حاجبه بتعجب شديد، ينظر إلى الفتاة التي توشك على فقدان الوعي أمامه. 

هدوء الفتاة من أسفل جسده أثار تعجبه، هي كانت تقاوم بكل قوة، تحاول تحرير نفسها من قبضته، لكنها فجأة هدأت وكفت عن الحراك، أبتعد عنها، تراجع خطوات للوراء، نظر إليها بقلق، لقد كانت شاحبة مستغرقة في ثبات عميق يشبه الموتى، عاد بسرعة لحالة جسده البشرية، أقترب منها، ركع أمامها، مال عليها قليلا، يريد أن يشعر بأنفاسها، تنهد براحة حينما وصلت إليه صوت أنفاس منتظمة، نهض من ركوعه ذاك، نظر إلى أبيه الذي اقترب منه حتى وقف أمامه، أخبره بنبرة قلقة، يدافع عن نفسه قائلا: 

- أبي، أقسم لك أنا لم أفعل لها شيئا! أنا فقط حاولت تحجيم قواها و اجبارها على الاستسلام ليس إلا! لم أمسها بسوء حقا! 

استماعه لنبرة صوت جوزيف وهو يحاول الدفاع عن نفسه أمامه جعله يهز رأسه إليه متفهما، يخبره بنبرة هادئة يشوبها الضيق قائلا: 

- أعلم بني! لقد كنت شاهدا على ما حدث بعيني! ما حدث للفتاة هو أنها قد تعرضت للخيانة و الخذلان على يد أقرب الناس إليها! لقد كان ذاك الرجل الذي رحل وتركها بين أيدينا هو والدها! لذا هي لم تستطع تحمل الأمر! هربت بروحها إلى عالم آخر! 

كلمات أبيه جعلته يشعر ببعض الراحة، فهو علم أنه لم يفعل شيئا للفتاة، على الرغم من أنه شعر بالشفقة نحوها، لا أحد يستحق تلك الخيانة التي حدثت حتى لو كانت ساحرة مثلها! 

عاد يميل عليها بجزعه مجددا، لكن تلك المرة مد يديه، وضع يدا أسفل ظهرها و الأخرى أسفل ركبتيها، حملها بهدوء شديد تحت أنظار والده الذي أشار إليه برأسه أن يتبعه بها نحو داخل القصر، ليفعل هو ذلك بهدوء و 
حذر.

زفرة راحة أخرجتها سافانا بينما تشاهد ابنتها تنهض من ركوعها أمام ثاندر، تقف ساكنة، تنتظر وصول صوفيا إليهما، بينما تحمل بين يديه، وسادة صغيرة من فوقها تاج كبير مرصع بالجواهر

 الألماس يلمع بشدة فيه، حين وصلت إلى حيث يقفان، مدت ما تحمله بين يديها لثاندر، هز هو رأسه بإمتنان، رسم على وجهه ابتسامة عريضة بينما يضع التاج فوق رأس روزي، يردد بصوت عال وهادئ قائلا: 

- والآن أعلن أنك روزيتا ابنة سافانا، ملكة على الساحرات. 

 ابتسامات فرحة ظهرت على أوجه جميع من حولها، حتى ماثيو هو الآخر، الذي عاد ليتحول مرة أخرى إلى هيئته البشرية، لكنها ظلت جامدة، تشعر برهبة شديدة في داخلها، حيث تلك القوة الجديدة التي امتلكتها استطاعت تشتيت أفكارها، مشاعرها أيضاً. 

ربما ترغب في البكاء، الصراخ بصوت عال، أن تركض نحو والدتها، تعانقها بقوة، تخبرها أنها لم تكن تريد أن يحدث كل ذلك، فقط من أجلها هي فعلت. 

فى وسط دوامة المشاعر تلك، وجدت والدتها تقترب منها، تحتضنها بقوة كبيرة، بدفء أيضاً، تهمس لها بصوت خافت قائلة: 

- مبارك روزي، لقد أصبحت الملكة! لا أصدق أن الأمر قد تم أخيراً، ولكن شكرا للرب أنه تم!! 

أرغمت نفسها على رسم ابتسامة مزيفة على وجهها من أجل والدتها فهي ليس لها شأن بما يحدث في داخلها هي، ردت على كلماتها تلك بهدوء شديد قائلة: 

- شكرا لك مام، أجل حمدا للرب على أن الأمر قد تم على خير أخيرا!! 

هزت سافانا رأسها موافقة و مؤكدة حديث ابنتها روزي، لتخرج من ذلك العناق، تضع يدها على كتفها، تربت عليه بحنان شديد.

نظرت سافانا من حولها حينما شعرت ببعض الحركة في المكان، توقعت دخول أحدهم إلى القاعة، صرخة هلع خرجت من فمها حينما وقع نظرها على جوزيف يحمل ابنتها هانا بين يديه، وهي تبدو مثل جثة هامدة.

هرعت نحوه بسرعة كبيرة، توقفت أمامه، أخذت تنظر إليها بهلع كبير وخوف، هزت رأسها برفض تام، رددت بصوت عال قائلة: 

- لا، لا يمكن أن يكون ذلك! أنا لم أخبرها بعد بأني أحبها! لم تكن لدي فرصة لذلك! لا هي لم تمت! 

بينما هي تفعل، تهتف بتلك الكلمات الجزعة، فوجئت بجورج يقترب منها، يخبرها بصوت خافت قائلا: 

- لا تقلقي سافانا، ابنتك مازالت على قيد الحياة.

نظرت إليه نظرات متسألة، تريد أن تتأكد من كلماته، وجدته يهز رأسه إليها بعزم و تأكيد، همست هي بصوت خافت بعدها: 

- شكرا يا إلهي على تلك الفرصة الثانية.



"حارس، و حامي" 



شكرت ثاندر بصوت خافت حينما سمح لها بأخذ صغيرتها إلى إحدى الغرف، أكمل جوزيف معروفه لها بأن حملها حيث تلك الغرفة، فتحت هي له باب الغرفة، و أفسحت له المجال بحمولته إلى الداخل.

أرقدها بهدوء شديد، اعتدل بعدها في وقفته، أخذ ينظر إلى تلك الراقدة على الفراش باستسلام مريب، رمق والدتها بشفقة، لقد كان يبدو على ملامحها الحزن و الضعف، وجدها تقترب منها بخطوات متمهلة، تجلس بجوارها، تمد يدها نحوها، تحتضن إحدى يداها، تملس عليه بحنو شديد. 

كان يريد أن يرحل، يبتعد عن ذلك المكان، فمهمته قد انتهت وهو قد أداها على أكمل وجه، أقترب بخطواته من باب الغرفة لكنه فوجئ بينما هو يفعل بتلك الوالدة تنهض من جلستها، تهتف باسمه مناديا عليه: 

- جوزيف! 

ألتف بجسده إليها، يحمل على وجهه علامات التعجب، ترقب كلماتها، أنصت إليها بينما تخبره بنبرة متعبة: 

- أريد منك معروفا جوزيف! 

ضيق عينيه بحيرة، لقد أستمع إليها، فهم من حديثها أنها تريد منه أمر ما! لكنه تسأل في نفسه، ما الأمر الذي يستطيع هو فعله من أجلها ياترى؟! هكذا سأل نفسه، ليفاجأ بها تخبره بنبرة مرتبكة: 

- أعلم أن طلبي ذاك قد يبدو غريباً، لكنني أريد منك البقاء بصحبة هانا! هل فعلت ذلك من أجلي! 

بتعجب شديد وعدم فهم هو هز رأسه، رفع حاجبه الأيمن غير مستعب لطلبها، أخبرها بنبرة مشككة قائلا: 

- عفوا منك سيدتي و لكن هل ما سمعته للتو حقيقة؟! 

لقد كان حقيقة إذا! هو لم يخيل له الأمر! هي تطلب منه مرافقة ابنتها، لكن السؤال هنا هو لماذا قد تفعل هي ذلك، تطلب منه البقاء، السؤال تردد في عقله وخرج على لسانه، حينما وجد نفسه يقول: 

- و لكن لماذا؟! 

تنهيدة متعبة خرجت من فمها، أغمضت عينيها بقوة، عادت تفتحهما من جديد، تنظر إليه بحيرة وتشتت، أخبرته بنبرة تقطر ألما و وجعا، هي قالت: 

- لا أعلم إن كنت قد سمعت قبل الآن عن ما قد حدث بيني وبين زوجي السابق سانتوس، والد الفتاتان، لقد حدث خلاف كبير بيننا، انتهي بهروبي بصحبة روزي.

 بينما هانا لم استطع أن أخذها معنا في هروبنا، لقد تربت على يد سانتوس، ولك أن تتخيل من هو سانتوس! ذاك الرجل صاحب مدرسة السحر الأسود!! 

هانا تشعر بالمرارة نحوي أنا و شقيقتها روزي، حتى أنها تريد الانتقام منا نحن الاثنتين! أستطيع مقاومتها والتغلب عليها، وكذلك أضحت روزي بعد التنصيب! لكني لا استطيع ان ألحق الأذي بابنتي، أو أن أدع الشقيقتين تتواجها سويا، تحدث معركة بينهما، تنتصر إحداهما على الأخرى.

قلب الأم خاصتي لن يتحمل ذلك! لذا أنا أطلب منك أن تظل معها، لفترة قليلة من الزمن، أنت تستطيع تحجيم قواها والتعامل معها بحزم، لكنني لن أفعل، أريدها أن تحظى بفترة من الهدوء قبل أن تبدأ الحقيقة في الظهور! 

أستمع إلى كلماتها، شعر بألمها الذي كان يقطر مع كل كلمة تنطق بها، وكأنها تنزف حروفا وليس تتحدث! أغمض عينيه بقوة لعدة ثوان، طفق يفكر في نفسه على ذلك الوضع الذي هو فيه الآن، وضع غريب حقا! 

أن تطلب منه تلك السيدة معروفا وهو يشعر أنه لن يستطيع فعله، ليس من عادته رد طلبا لأحدهم، لقد تربى على ذلك، لكن ما تطلبه هي صعبا عليه، كيف له أن يفعلها، يتعامل مع ساحرة دون الرغبة في قتلها أو التخلص منها! خاصة أنها تتبع السحر الأسود كما قالت والدتها للتو، الأمر محيرا فعلاً!

فتح عينيه، زفرة ضيق خرجت من فمه، والذي قد فتحه للتو كي يخبرها بجوابه على توسلها ذاك، حتى فوجئ بها، تنظر إليه بنظرات متوسلة، هناك في داخل مقلتيها دمعات تهدد بالنزول! 

لعنة خافتة خرجت من فمه، ليجد نفسه بعدها يهتف بصوت عال، قائلا لها! 

- حسنا سوف أفعل ذلك سيدتي، سوف أجيب طلبك ذاك! لكن عديني أن الأمر لن يدوم طويلا! فقط أيام قليلة! لأنني لا أعدك أني سوف استطيع تحمل التواجد مع ابنتك الشرسة تلك في مكان واحد دون حدوث شجار بيننا! 

تفهمت طلبه ذاك و الوعد الذي أراد منها قطعه، بسعادة بالغة هي هزت رأسها موافقة بينما تخبره بنبرة يشوبها البكاء قائلة: 

- أعدك بني، أعدك بذلك! 

تلت على سمعه الوعد، اقتربت منه وأعطته عناقا دافئا وحنونا، ابتعدت عنه بعدها، توجهت نحو الفراش، مالت بجزعها على ابنتها الراقدة، وضعت قبلة حنونة ودافئة على جبينها، همست بصوت خافت في أذنها: 

- أحبك هانا! لا تشك في ذلك أبدا! 

همست بتلك الكلمات، ابتعدت من جديد عنها، لتسير نحوه هو، أخبرته بنبرة هادئة، تعبر عن إمتنانها له: 

- حسنا، شكرا لك مرة أخرى بني جوزيف! 

قالت الكلمات بوجه مبتسم،ثم فتحت الباب ورحلت، اغلقته من خلفها، تاركة إياه يلعن ضعفه الذي جعله يقبل تلك المهمة الصعبة والتي تكاد تكون مستحيلة! 


بعدما عاد لحالته البشرية، انتهز فرصة ابتعاد الجميع عنها، لقد أعطوا لها التهنئة، تبقى هو فقط، أراد أن يفعل مثلهم، رسم على وجهه ابتسامة مشرقة بينما يواجهها، أخبرها بنبرة دافئة وودودة قائلا: 

- مبارك لك روزي! لقد أصبحت الملكة حقا! 

بنبرة مرحة أجابت هي على كلماته تلك، قائلة له: 

- أجل، تخيل ذلك الأمر! أنا لا أصدق الأمر بعد! 

ضحك بصوت خافت على مزاحها معه، نظر إليها بدفء، هي مازالت فتاة بريئة، لم تتغير حتى بعد ما أصبحت عليه، كم كان أحمق كبير حينما ظن أنها ساحرة شريرة! و الحقيقة أنها فتاة جميلة، بريئة في ذلك العالم الآثم الذي يحيط بها! 

لاحظت نظراته لها، و لغرابة الأمر لم تعد نظراته متهمة و مشككة، بل تبدلت إلى شيء آخر! شيء دافئ و حنون، هكذا هي فكرت في نفسها.

عادت لتبتسم إليه من جديد، لقد ساعدها، ساندها بقوة، وقف في وجه أبيها وشقيقتها حينما حاولا الاقتراب منها، ودت لو تستطيع شكره بطريقة أفضل من الكلمات الفقيرة من العاطفة، لم تتردد لثوان بينما تفعلها، تقترب منه، تعانقه بدفء شديد.

 ظلت لثوان قليلة ثم ابتعدت عنه، ليس كثيرا، حيث أنها قد مالت نحو رأسه، وضعت قبلة ناعمة على وجنته، بينما تخبره بنبرة ممتنة قائلة: 

- شكرا لك ماثيو! شكرا لك كثيرا. 

فعلتها تلك جعلته يشعر بالربكة، الحيرة، ربما تشتت أيضاً، حتى أنه خيل إليه بينما تضع تلك القبلة الناعمة للغاية على وجنته أنه ينتفض بقوة من الداخل، صوت دقات قلبه فاقت الحدود! وهذا لا يمكن أن يحدث أبدا! إلا إذا!! 

عاد ينظر إلى ضحكتها البريئة أمامه، عيناها اللتان تشعان دفئا وحنان! تلك الفتاة على وشك جعله مفتونا بها حقا! أجل هي توشك على فعل ذلك بالتأكيد! 

رؤيتها لوالدتها جعلتها تبتعد عن ماثيو بسرعة كبيرة، تركض نحوها، تقترب منها، تعانقها بقوة، بينما تخبرها بنبرة قلقة، مخبرة إياها: 

- لقد قلقت عليك حقا مام! خشيت أن تستيقظ هانا ثم تحاول مهاجمتك! أنت تعلمين هي تكرهك! أقصد هي لا تحبنا جميعا! 

بلى، هي قد شعرت بقلق شديد على والدتها و تواجدها مع شقيقتها هانا، لأن الأخيرة ليست مأمونة الجانب، رغم تلك الحالة المزرية التي كانت فيها بينما يحملها جوزيف بين يديه! لكنها لا تأمن جانبها أو شرها! 

فوجئت بوالدتها تهز رأسها، تحاول طمأنتها، بينما تخبرها بنبرة هادئة قائلة: 

- لا تقلقي علي صغيرتي! أنا أستطيع العناية جيدا بنفسي! لا يغرنك حالة الهدوء والسكينة التي أبدو فيها طوال الوقت! خلف ذلك الهدوء هناك جنية تستطيع تطويق المكان بأكمله! عليك فقط القلق حول نفسك، أنت لابد لك من التدرب على قواك جيدا، حتى تستطيعي السيطرة عليها! 

ثم أن أمر شقيقتك هانا قد تم حله، اتركي التفكير في أمرها بعيدا عن رأسك! فكري في أمر روزي فقط وليس في أحدا آخر! 

كلمات والدتها رغم أنها مطمئنة إلا أنها أثارت حيرتها، لقد ذكرت أنه تم الاعتناء بأمر هانا، لكن كيف ذلك! 
نطقت بتلك الكلمات بصوت عال حينما قالت: 

- كيف اهتممت بأمرها مام؟!

ابتسامة باهتة ظهرت على محيا سافانا بينما تخبر ابنتها بنبرة هادئة قائلة: 

- لقد عينت لها حارس قوي، يستطيع السيطرة عليها وتحجيم قواها جيداً! 

علامات الاستفهام عادت تظهر على وجه روزي بينما تستمع لكلمات والدتها، سألت هي مجددا قائلة: 

- حارس! ولكن من ذا الذي قد قبل تلك المهمة الصعبة! أو الأصح أن نطلق عليها مستحيلة؟! 

"جوزيف هو من فعل! هو من قبل أن يكون حارس لها ريثما تهدأ ونستطيع الاجتماع بها، نوضح لها الحقيقة" 

"جوزيف أخي" 

كان ذاك رد ماثيو المتعجب على حديث سافانا الذي صرحت فيه أن جوزيف هو من وافق على أن يكون حارس هانا! بعد توسل شديد منها! لن تخبرهما بتوسلها له حقا، سوف تكتف بما قالته لهما فقط! لذا هي أومأت برأسها إلى ماثيو مؤكدة نبرة تشككه تلك! 

بينما روزي وماثيو، ظلا ينظران لبعضهما البعض بذهول شديد وتعجب أيضاً، ثم إلى سافانا التي تركتهما لتلك الحيرة التي أصابتهما. 


وصلت إلى حيث تقف شقيقتها صوفيا، والتي تتبادل الحديث مع ثاندر، ابتسمت لهما ثم سألت ثاندر بعدها بنبرة قلقة قائلة: 

- هل على روزي المكوث هنا ثاندر؟! أنا أخشى عليها من عودة سانتوس مرة أخرى مع أتباعه! 

بنبرة هادئة وواثقة حاول طمأنتها، بينما يهز رأسه مؤكداً، حيث قال: 

- لا تقلقي سافي، سانتوس ليس غبيا كي يشن هجوماً جديد بتلك السرعة! ثم اندهش من قلقك على روزي بتلك القوة بعد أن أصبحت ملكة الساحرات، تمتلك قوى هائلة، بجانب حارس قوي لها أيضاً. 

تقطيبة حائرة ومتعجبة ظهرت ما بين حاجبيها، لقد تفهمت كلمات ثاندر حول قوة روزي التي قد حصلت عليها وأصبحت تمتلكها، لكن ماذا عن أمر الحارس ذاك!

هل هو قد علم بأمر طلبها من جوزيف بحراسة هانا! ولكن الأمر كان عن هانا! فلم هو يذكر اسم روزي إذا! 

هذا الأمر قد أصابها بالحيرة، جعلها تتساءل، هي قالت بنبرة متعجبة: 

- حارس! كيف علمت ذلك؟! أعني لقد تحدثت إليه للتو، وقد وافق بصعوبة عال على الأمر! كيف علمت أنت بهذا بالأمر إذا!! 

ضحكة خافتة صدرت من فمه، بينما يشير إليها برأسه، إلى شيء ما خلفها، بينما يخبرها بنبرة مازحة: 

- ما الأمر سافي! هل فقدت بصيرتك أم ماذا؟! ألا ترين ما يحدث في الخفاء أمامك! 

نظرت إلى حيث يشير لها، لكنها لم تكن تضحك مثله! بل كانت تشعر بخوف وقلق شديد!! 

نهاية الفصل .
حمل الان  / تطبيق حكايتنا للنشر الالكتروني واستمتع بقراءة جميع الروايات الجديده والحصريه

تعليقات