" " " " " " " " رواية ساحرة القطيع الفصل الثامن
📁 آحدث المقالات

رواية ساحرة القطيع الفصل الثامن


 "القصر المهجور"


الطريق الذي ساروا فيه مخيف للغاية، خيل إليها أنه ملئ بالأشباح، تنفست الصعداء حينما وجدته يطفئ المحرك الخاص بدراجته النارية، لكن حينما إلى ذلك المكان الذي وصلوا إليه تصاعد الخوف من جديد إليها من جديد، المكان يبدو كقصر قديم مهجور!! 


كيف سوف تدخل إلى ذلك المكان المخيف؟! هكذا تسألت هي في داخلها، بينما ترمق القصر القديم، هو يبدو الآن مهجورا و ملعونا، لكنها لا تعلم أن ذلك القصر هو شامخ منذ عصور طوال، لطالما كان شاهد على عصور نهضة السحرة، حكمهم الطاغي! قوتهم الكبيرة النهمة للجبروت!! 


أخرجها عن شرودها ذاك، صوت ماثيو الخافت، بينما يهتف باسمها مناديا: 


- روزي! هيا! أين ذهبت بتفكيرك؟! لقد كنت أنادي عليك منذ دقائق وأنت لا تجيبين! هل هناك شيء خاطئ؟! 


أنصتت إلى سؤاله، تطلعت للمكان من حولها من جديد، نظرت إلى القصر بقلق، لكنها هزت رأسها نافية بينما تخبره بنبرة بدت متماسكة، هادئة ربما: 


- لا شيء، فقط المكان هو جديد بالنسبة لي، لذا أشعر ببعض من الرهبة فقط لا غير!! 


كاذبة، هي علمت نفسها أنها كذلك، لم تكن تشعر بالرهبة فقط من المكان بل بالخوف! الكثير من الخوف حقا! 


أما هو فهز رأسه إليها بتفهم، أخبرها بنبرة هادئة قائلا: 


- حسنا، ولكن علي أن أخبرك أنه لابد أن ندخل إلى ذلك القصر على الفور، لن أجعلك تصابين بالصدمة، ولكن هناك أعين مراقبة كثيرة من حولنا! لذا هل أسديت لنفسك ولي معروفا و دلفت إلى المكان فورا! 


بخوف شديد و هلع، نظرت من حولها في المكان تتفحص كل جزء منه، رغما عنها وجدت نفسها تقترب منه، حتى كادت تلتصق به، بأعين زائغة، خائفة نظرت إليه، بينما تخبره بذعر شديد: 


- أنا أشعر بخوف شديد ماثيو، أرجوك خذني إلى الداخل من فضلك! 


لعنة خافتة خرجت من فمه، تلك الفتاة تفاجئه باستمرار! كيف لساحرة مثلها أن تفعل ذلك؟! تخاف و ترتعب بتلك الطريقة، بل الأدهى أنها اقتربت منه هو، تناشده الحماية، تطلب منه منح الأمان لها! أليس من المفترض أن يكونا عدوين، لكن على ما يبدو قوانين الطبيعة لا تسري بينهما! 


نظر نحوها بقلق وجدها مازالت ترتجف و هو!!هو سيكون ملعونا إن لم يقترب منها، يمنحها عناقا مطمئنا، فتلك التي ترتجف أمامه ليست بساحرة!! بل فتاة لم يتجاوز عمرها العاشرة!! 


منحها عناق دافئ و داعم، لتسكن هي في حضنه لثوان، تقتات على الأمان الذي يقدمه لها، الدموع تجمعت في مقلتيها، بدأ في الهطول، انتفضت بقوة في داخل حضنه، شعر بها، أبتعد قليلا عنها، نظر إليها بضيق، لم يصدق ما يحدث أمامه، لعن مرة أخرى!! 


مال بجزعه قليلا، وضع يدا أسفل ركبتيها، يدا أخرى حول خصرها، حملها بعدها بسهولة بين يديه، كانت مثل ريشة، سار بها نحو داخل القصر المخيف، وأشار بعدها للبقية أن يتبعونه.


عند دخوله إلى القصر، أخذ يتطلع إلى ما حوله، لكنه لم يرى بوضوح، زفر بقوة كبيرة، لقد نسى أن يحضر شيئا يستطيع أن يضئ به المكان، لكن وسط تفكيره ذاك، فوجئ بالثريات من فوقه تضئ واحدة تلو الأخرى، في مشهد مذهل للغاية، ربما مخيف أيضاً، مما جعله يتسأل في نفسه "هل هناك أحد في هذا المكان!! ربما شعروا بهم!! ربما سوف يظهرون في أي لحظة الآن!"


برفق شديد وضعها على الأرض، لكنه لم يبتعد عنها، بل ظل قريبا منها، يتطلع فقط لما حوله، منتظرا ظهور أحدهم، نظر من خلفه، أعطى إشارة بعينيه للبقية أن يكونوا على أهبة الاستعداد لأي ظهور لأحدهم أو حدوث هجوم ما! 


بينما روزي تعيش في عالمها الخاص من الخوف والذعر، نظرت إلى الفتيان من خلفها، وجدتهم يتحولون من شكلهم البشري إلى هيئة الذئاب، لكنها تلك المرة لم تشعر بالخوف مطلقا! بل على العكس من ذلك، هي شعرت بالأمان، بأن هناك أحدهم مستعدا لحمايتها مهما حدث. 



بينما يتشاور الجميع فيما بينهم حول الانتقال، اقترح ديفيد أن يستقل جورج بصحبته السيارة، أما مايكل فسأل صوفيا بنبرة قلقة: 


- صوفيا، دائرة الحماية خاصتك تتحمل كم واحدا منا؟! 


نظرت صوفيا بقلة حيلة، هزت كتافها، أخبرته بنبرة يملؤها الضيق قائلة: 


- أنت تعلم جيدا مايكل! دائرتي لا تتحمل أكثر من اثنان فقط من السحرة، و لابد أن تكون قواهم أقل من قواي حتى لا تفسد الدائرة!!


تنهد مايكل بضيق، هو كان يعلم ذلك، دائرة الحماية خاصة شقيقته لا تتحمل الكثير، هو ردد بنبرة حزينة


- أعلم صوفي، لذلك لم تقترحي علينا أن تنقلي روزي بواسطة دائرتك، أنت تعلمين جيدا أن قواها أكبر من قواك بالتأكيد! 


أنصتت إليه، هزت رأسها مؤكدة، مايكل محق في كلماته، روزي قواها أكبر من قواها هي، وسوف تتضاعف بعد التنصيب، أليست هي نتاج امتزاج دماء شقيقتها سافانا و الشيطان سانتوس. 


الجميع أخذ ينظر لبعضه البعض، جورج من تحدث كاسر حاجز الصمت ذاك قال بنبرة هادئة: 


- حسنا صوفي، اصنعي دائرتك، احملي أخاك مايكل بداخلها، ثم انتقلا إلى هناك، نحن سوف نلحق بكما بعد ذلك، هيا أسرعا. 


بأمر أبيها الذي استمعت إلى كلماته للتو، بدأت صوفيا بصنع دائرة الحماية، وحينما انتهت، طلبت من أخيها مايكل الدخول فيها، أخذت تتمتم بعض الكلمات وفي لحظة واحدة كان الاثنان قد اختفيا عن الأنظار. 


دقات على باب المنزل لفتت انتباه الجميع، نظرت سافانا نحو الباب بترقب، خطت نحوه بسرعة كبيرة وحينما فتحته، وقع نظرها على آخر شخص تتوقع أن تراه الآن في ذلك الوقت العصيب! كان لوكاس هو ذلك الشخص! 


نظرت إليه ببعض من الخوف والقلق، لكنها فوجئت به يرسم وجهه ابتسامة عريضة، أخبرها بعدها بنبرة هادئة وواثقة قائلا: 


- لا تفزعي سافي، أنا أعلم كل شيء عنك!   


كلماته لها جعلتها تتجمد في مكانها، شعرت برجفة قوية تسير في جسدها، بينما تردد كلماته لها في داخلها مرة أخرى وهو يخبرها "أنا أعلم عنك كل شيء" هل هو حقا يفعل؟! هكذا سألت نفسها. 


رؤيته لسافانا وهي في تلك الحالة من التخبط و القلق كان أمرا متوقعا بالنسبة له، لذا هو بهدوء شديد دلف إلى داخل المنزل، أغلق الباب من خلفه بهدوء، نظر إليها بنظرات محبة، أخبرها بنبرة دافئة وودودة: 


- لا داع للخوف حبيبتي! أنا هنا لأجلك لا تخافي! 


أنصتت إليه، نظرت نحوه، كلماته تبدو جيدة و مطمئنة لكن هل هو يعني ذلك حقا؟! هي تسألت في نفسها مرة أخرى، لكنها فوجئت به يقطع تفكيرها ذاك، هو أمسك بيدها، سار بها نحو الداخل، ألقى التحية على الجميع بهدوء و ثقة، ثم عاد يبتسم لها من جديد بينما يخبرها بنبرة هادئة: 


- هيا ساڤي، لا داع لذلك الوجه المتجهم و القلق، أنا أعلم من أنت حقاً، و ليس اليوم! بل منذ زمن طويل، منذ الوقت الذي كنا فيه أصدقاء وهربت من حفل تخرجنا لتغادري البلدة كلها مع عائلتك! 


هزت رأسها غير مصدقة الكلمات التي ينطق بها لوكاس الآن! لقد كان يعلم من هي منذ وقت طويل، لكنه لم يخبرها بذلك، حتى عندما تقابلا مرة أخرى، احتفظ بسره داخل قلبه، لكن السؤال هنا هو لم فعل ذلك الأمر حقا ؟! 


شعر بتخبطها ذاك، أراد أن يخمد ثورة القلق في داخلها، بهدوء شديد أشار إلى أحد من خلفها، تتبعت هي إشارته تلك، لتفاجئ بعدها أن ذاك الشخص الذي يشير إليه لوكاس لم يكن سوى والدها!! عادت لتهز رأسها مجددا بعدم تصديق، وجدته يخبرها بنبرة هادئة: 


- أجل ساڤي!! أنا كنت اعلم من أنت! والدك كان يعلم من أنا في الحقيقة، هو أخبرني أن صداقتنا لن تنفع! كيف لصائد ساحرات أن يكون صديقا لساحرة، هو كان محقا في ذلك بالطبع، لذا حينما رحلت بصحبة عائلتك يوم حفل تخرجنا، كان أمرا متوقعا، علمت عنه سابقا!! 


"لا، لا هذا ليس صحيحاً! أنت ماذا؟! صائد ساحرات!! لا لوكاس! هل كنت تريد قتلي؟!" 


بصقت تلك الكلمات في وجهه، بخوف شديد، ترمقه بنظرات عاتبة تلومه بها على كل شيء، أقترب منها، وضع كلتا يديه على كتفيها، أخذ يهز جسدها بقوة، يخبرها بنبرة حادة و حازمة قائلا: 


- ساڤي! هل أنصت جيدا لما كنت أقول! اللعنة كيف تفكرين في بتلك الطريقة! هل تظنين أنني قد أفعل بك سوءاً؟! لقد خاب ظني بك حقا سافي! 


نهرها بتلك الكلمات المتألمة، أخفض يديه عن كتفيها، أبتعد عنها عدة خطوات للوراء، ألتف بجسده يعطيها ظهره، بينما في داخله هناك نارا تشتعل تريد حرق المكان من حوله، لولا تدريبه الجيد على ضبط النفس لكان تركها ورحل بعيدا عنها، تركها لسوء ظنها ذاك!! 


لكنه لن يفعل! رغم تهورها ذاك وكلماتها الحمقاء هو يحبها، هي كانت حبيبته في ما مضى ومازالت كذلك، رغم أنها تزوجت رجلا غيره، هو مازال يفعل! 


 حينما علم بزواجها شعر بالجحيم في قلبه! لقد كان من المستحيل أن يصبحا سويا، لكنه لم يتحمل فكرة كونها مع أحد آخر، ذاك العهد الذي قطعه لوالدها على نفسه، قانون لحد ذاته، و هو ما منعه من الذهاب إليها. 


طوال تلك السنوات الماضية حاول أن ينساها لكن مع رؤيته لها مرة أخرى أمام عينيه عاد كل شيء إلى ما كان عليه في السابق.


لكن تلك المرة هو مصمم على التمسك بها، لن يدعها تبتعد عنه مرة أخرى مهما كان الثمن الذي يدفعه من أجل ذلك، حتى لو كان كسر ذلك الوعد أو معارضة قانون الطبيعة، حيث صائد ساحرات وساحرة لن يستطيعا أن يجتمعا سويا!! لكنهما سوف يفعلان ذلك حتماً، هو سوف يحرص على ذلك!! 


كلمات الرجل العجوز أخرجته من شروده، ألتفت إليه، وجده يخبره بنبرة هادئة قائلا: 


- حسنا لوكاس سافانا لا تعني ذلك حقا، لكن أنت تعلم أنها تمر بوقت عصيب الآن! لذا امنحها بعض من التفهم! علينا الآن التحرك على الفور. 


أنصت إليه، هز رأسه متفهما، أخبره بنبرة هادئة: 


- أجل أنا أعلم ذلك، لهذا الأمر قد جئت الآن، أنا سوف أساعد سافانا وأقوم بدعمها! 


تفهم جورج رغبة لوكاس تلك، لذا هو أومأ إليه برأسه متفهما ثم أشار إليه أن يفعل ذلك على الفور، ليهز لوكاس رأسه موافقا، بهدوء شديد أخذ يبحث عن السترة الخاصة بسافانا، وجدها على الأريكة، ذهب كي يلتقطها بيده، و حينما فعل، هو سار نحوها مرة أخرى.


ساعدها في ارتداء السترة، أمسك بيدها، سار بها بخطوات سريعة نحو الخارج، حيث السيارة الخاصة مصفوفة أمام المنزل. 



لم تكد تبعد نظرها عن الفتية المتحولون لذئاب فوجئت بأحدهم يتقدم نحوهم بهدوء وثقة، كان رجلاً عجوز، يرتدي عباءة بيضاء اللون، فوق رأسه قبعة كبيرة بنفس ذات اللون، يرسم على وجهه ابتسامة عريضة بينما يخبرها بنبرة هادئة و دافئة قائلا: 


- مرحبا بك روزيتا! لقد انتظرت مجيئك إلى هنا منذ وقت طويل صغيرتي! هيا بنا إلى الداخل! ولا داعي لذلك الوجه الخائف المرتسم فوقه الذعر عزيزتي. 


كلمات الرجل العجوز رغم أنها ودودة ودافئة لكنها شعرت بالخوف حقا، حتى أنها بدون إرادة منها اقتربت من ماثيو الذي كان ينظر إلى الرجل بتعجب شديد، هو كان يفكر في داخله، أن مظهر ذاك الرجل هو قد رآه كثيرا في تلك الأفلام عن السحرة! لكن أن يكون الأمر حقيقيا هو شيء مذهلا قطعاً! 


شعر بها بينما تقترب منه، أخفض بصره نحوه، حاول أن يبث الطمأنينة بها، هو هز رأسه مؤكد على دعمه لها، بينما نظرات عينيه إليها تحولت إلى دفء شديد. 


بطاعة عمياء هي سارت معه، وحينما مد يده إليها قبلت بها ووضعت يدها بداخلها في هدوء، سارا معا بعدها بصحبة الساحر العجوز الذي كان يرشدهم إلى الداخل وعلى وجهه ابتسامة مشرقة. 


حينما وصلوا إلى قاعة كبيرة، بها بعض المقاعد المتناثرة في المكان، أشار إليهما أن يجلسا، ففعلا ذلك، بدأ هو يجوب في المكان، يبحث عن شيء ما. 


ثوان قليلة مرت على وصولهم إلى القاعة، حتى فوجئت روزي بوصول شقيقة والدتها صوفيا بصحبة شقيق والدتها مايكل إلى المكان، في هالة من الضوء، مما جعلها تنتفض واقفة، تهرع نحوهما، تسألهما بنبرة قلقة وحائرة قائلة: 


- خالتي صوفي! خالي مايكل! أين ماما؟! ألم تأت معكما؟! 


نظر كلا من صوفيا و مايكل إلى بعضهما البعض ثم إلى تلك الواقفة أمامها تنظر إليهما بخوف شديد، هزت صوفيا رأسها بعدها نافية الأمر بينما تخبرها بنبرة هادئة قائلة: 


- لا، هي لم تأت معا، دائرتي لن تتحمل أكثر من اثنين، هي سوف تأت مع أبي بعد قليل، عليك أن تهدأي قليلا روزي، لا داعي للقلق صدقيني. 


تنهدت بضيق وتعب، كانت تريد والدتها بصحبتها الآن تقدم لها الدعم و الحنان، فكل ما يحدث حولها يجعلها تشعر فقط بالخوف الشديد. 


نظرت صوفيا إلى حيث الرجل العجوز، ألقت التحية بود ودفء قائلة: 


- مرحبا ثاندر! كيف هو حالك! لم نرك منذ زمن طويل! 


أخبرته بتلك الكلمات بينما تضع على وجهها ابتسامة ودودة، وجدته يبتسم لها هو أيضاً، يخبرها بنبرة ودودة ودافئة قائلا: 


- مرحبا صغيرتي صوفي، أنت أيضا لم نرك منذ وقت طويل، منذ الوقت الذي تم تنصيب شقيقتك سافانا فيه كملكة على الساحرات!! 


ألقى تلك الكلمات على مسامعها، ضحك بعدها بصوت عال، تبادلت الضحك معه هي الأخرى بينما تردد في نفسها "أجل منذ ذلك الوقت حقا" 


في الجهة الأخرى، كان جورج يخرج من منزل سافانا بصحبة جورج، يشير بيده إلى ابنه جوزيف، يهمس له أن يبدأوا في التحرك، ليستقل هو السيارة بعدها ومن خلف عدة سيارات أخرى. 


في المقابل من المنزل، أعين متربصة كثر، يتابعن ما يحدث أمامهم، أحدهم يرفع الهاتف المحمول خاصته، يطلب رقم ما، ينتظر الإجابة، وحينما وصل إليه صوت سيده، أخذ يسرد إليه كل ما حدث للتو.


جاءته الأوامر بعدها أن يتبع تلك السيارات إلى القصر المهجور، حيث هو سوف يصل إليه بعد قليل، فقد حان الوقت لعودة الشيطان من جديد. 


"عودة الجحيم"


كانت تلك الليلة لتسير وفق ما خطط له، لكن ذلك التحالف الذي حدث بين المستذئبين وفريق السحرة الحمقى غير كل شيء!! 


الآن عليه وضع خطة جديدة تعتمد على المواجهة المباشرة بينه وبينهم، لكنه يخشى تلك القوى تمنعه مما يريد، هو لن يستسلم أو يتراجع بكل تأكيد لكنه لن يتعامل بحذر مرة أخرى، سوف يرمي بجميع أوراقه في وجوههم، فلابد من وجود ورقة رابحة بينهم!! 


السيارة وصلت إلى حيث ذلك القصر القديم، نظر إليه بسخرية وتهكم بينما يتمتم بصوت خافت: 


- ها أنا عدت من جديد عزيزي ثاندر! لنرى هل سوف تمنعني من الدخول إلى قصرك الملعون هذا أم لا؟! 


بصق تلك الكلمات بينما يتأمل القصر، ضحك بعدها بصوت عال مما جعل الواقفة خلفه ترفع حاجبها متعجبة مما يحدث مع أبيه الآن!! 


أشار إلى ابنته أن تتبعه، بينما اتباعه يفعلون ذلك أيضا، يسيرون من خلفه في وضع تأهب وحذر شديد، وحينما وصل إلى مدخل القصر، حدث ما قد توقعه، لعن بصوت عال، مطلقا غضبه: 


- اللعنة على ذلك! لقد حدث ما كنت أتوقعه، هؤلاء المستذئبين يقفون في مدخل القصر، يلفونه كدائرة من أجل الحماية! لابد أنهم قد توقعوا مجيئنا!! 


نظرت هانا حولها، جمع كبير من المستذئبين يقفون أمامها، أخرجت زفرة ضيق ثم نظرت إلى والداها، أخبرته بنبرة ساخرة قائلة: 


- أبي هل تخاف من هؤلاء الحمقى، لن يستطيعوا هزيمتنا بكل تأكيد!! 


ألقت تلك الكلمات على مسامع من حولها، أسرعت بخطواتها نحو القطيع، وقفت أمامهم، نظرت إليهم بازدراء شديد، ثم حاولت تخطيهم، ليندفع بعدها أفراد القطيع يحاولون منعها.


"اللعنة عليك هانا، لم ذهبت إليهم و تسرعت في المواجهة؟! يا لك من حمقاء هانا!"


هدر بتلك الكلمات بصوت عال ليشير بعدها إلى تابعيه أن يلحقوا به بينما هو يسير نحو ابنته المتهورة التي ذهبت إلى المستذئبين بقدميها!! 


بدأ سانتوس و أتباعه في استخدام قوى السحر الخاص بهم، كذلك فعلت هانا التي استطاعت إصابة عدة أشخاص من قطيع المستذئبين، ليحاول بعدها البقية الاندفاع نحوها والانتقام منها، لكن أبيها استطاع إنقاذها في آخر لحظة، أخذها بسرعة كبيرة وتوجه إلى مكان نائي حول القصر، تاركا أتباعه يخوضون معركة شرسة مع المستذئبين الغاضبين بشدة. 


"هل جننت هانا؟! ما الذي فعلتيه للتو؟! لقد جعلتنا ندخل في معركة لا فائدة منها! انضجي هانا! تلك الطريقة المتهورة لن تنفعك دائما! بئسا لك، لقد أوشكت على خسارة أفضل رجالي وأضحوا طعاما لهؤلاء الدمويين الملاعين! والسبب كله يعود لحمقك أنت!" 


كلمات هادرة و غاضبة هدر بها سانتوس في وجه ابنته هانا التي جفلت من تعليقه هذا على فعلتها، نكست رأسها بحزن وضيق، كادت أن تتحدث، تبرر فعلتها لكنه أشار إليها بيده أن تصمت ففعلت ذلك، أخبرها بعدها بنبرة حادة قائلا: 


- هل استخدمت عقلك قليلا واستخدمت قواك في شئ مفيد! اصنعي لنا دائرة نقل تنقلنا إلى الداخل هانا، فقط اصنعي تلك الدائرة! 


شعور حاد بالغباء والخجل شعرت به هانا في داخلها، مفكرة كيف أنها استسلمت لاندفاعها و تهورت، والدها محقا في غضبه ذاك منها، أخذت نفسا عميقا، زفرته للخارج.


بدأت تتراجع نحو الخلف بعدة خطوات، أخذت تحرك يديها في حركة دائرية بينما تتمتم بعدة كلمات كتعويذة سحرية، لتبدأ الدائرة بعدها في الظهور، سار سانتوس بخطواته نحو الدائرة، دلف إلى داخلها، فعلت هانا مثله وفي ثوان كانا الاثنان في بهو القصر. 


قبل ذلك بعدة دقائق


وصلت سافانا بصحبة كارلوس إلى القصر، وكذلك وصل ديفيد مع جورج و القطيع خاصته من خلفه، أسرعت سافانا بالدخول إلى القصر هي و لوكاس، وكذلك فعل جورج، بينما ديفيد أخذ يوزع أفراد القطيع حول القصر، بحيث أصبحوا يطوقونه في دائرة محكمة، حتى لا يستطيع أحد اختراقه بعدها. 


في داخل القاعة، هرعت روزي نحو والدتها التي وصلت للتو، تعانقت معها في دفء شديد، همست لها بخوفها مما يحدث حولها الآن


- مام، أنا خائفة مما يحدث! أشعر أني ارتجف من الخوف!! 


 لترد سافانا همساتها، تخبرها أنه لا بأس، أن عليها التحمل والجلد من أجل الجميع وإلا سوف يدخلوا جحيم مهلك! 


- روزي، عليك التماسك صغيرتي، الجميع يعتمد عليك الآن! أنا أثق بك روزي! عليك أن تثقي في نفسك أنت أيضاً!! 


كلمات والدتها بثت في داخلها بعض الآمان والراحة، حاولت أن تتماسك جيدا، نظرت من حولها في المكان، وجدت الجميع ينظر إليها نظرات شفقة و عطف، نفسا عميقا أخذته بقوة، تركت يداي والدتها، سارت بخطوات ثابتة نحو ثاندر، الذي كان ينتظرها عند آخر القاعة، في مكان يشبه المذبح!


 يحمل بين يديه كتاب ضخم، يبدو على كلا جانبيه رسومات و طلاسم تجهل معناها، لا تهتم أيضاً! فقد أصبح لديها هدفا واحدا فقط! أن تجتاز عملية التنصيب تلك التي كانوا يتحدثون عنها بسلام، حتى تستطيع الحصول على الراحة مجددا!! 


وصلت إليه، وقفت أمامه، فوجئت بعدها بصوفيا تقترب منها، تحمل بين يديها ثوباً، حينما قامت بوضعه على جسدها هي وجدته ليس إلا مئذر بلون أبيض مثل السحاب، عليه عدة نقوش و رسومات هو الآخر، أحكمت وضعه على جسدها، بينما تومئ إليها برأسها بتفهم، وحينما مدت نحوها صولجان ضخم، مدت يدها لتأخذه منها بصمت تام. 


رأتها بعدها و هي تبتعد عنها لتقف بجوار والدتها وبقية العائلة، نظرت نحوه هو، تطلعت نحوه بثبات، وجدته يهز رأسه مساندا إياها، تقدم منها بخطوات هادئة، حتى وصل إليها، بدأ في التحول إلى هيئة ذئب، تطلع نحوها مجددا، هتف بصوت عال وواثق:


- لا تخافي روزي! أنا هنا بجوارك! 


أعربت عن إمتنانها له بإماءة من رأسها، رسمت على وجهها قناع من الجليد، التفتت بجسدها نحو ثاندر، أخبرته بنبرة هادئة قائلة: 


- هيا ثاندر، أنا مستعدة لذلك التنصيب. 


كلماتها صدحت في المكان، هز ثاندر رأسه موافقا، الجميع أخذوا يترقبون ما يحدث بأعين قلقة، فهم يعلمون أن مع بداية التنصيب سوف يبدأ الهجوم من قبل سانتوس وأتباعه. 


التنصيب وصل إلى المنتصف، مازال ثاندر يتلو تعاويذه عليها هي، طلب منها الركوع على قدميها، فعلت ذلك، الصولجان في يدها يهتز، كلما تلا تعويذة جديدة، بدأ نورا أبيض يتسلل من داخله، شعرت ببعض الخوف.


 لكنها عادت و تماسكت من جديد، هناك في داخلها، بعض من القوى تتملك منها رويدا رويدا، أحست بطاقة هائلة تجتاح جسدها، بدأت تأن بصوت عال، الأمر كان فوق احتمال جسدها الضعيف، أرغمت نفسها على التجلد، لم يبقى سوى القليل وينتهي الأمر. 


في ظل ما يحدث، مع اهتمام الجميع بذلك التنصيب، فوجئوا بدخول شخصين إلى القاعة، واللذان لم يكونا سوى سانتوس و ابنته هانا!! 


في ثوان قليلة ساد جو من الهرج والمرج، سانتوس أسرع نحو المذبح حيث تركع روزي على ركبتيها ويحاول ثاندر تنصيبها، ماثيو يدور من حولها، يعوي بصوت عال في وجوه الجميع، يتوعد بصوت عال من يحاول الاقتراب منها! 


هانا تحاول إظهار قوتها وإصابة روزي عن بعد، أطلقت عدة شرارات حمراء من بين يديها، كادت تصيب روزي لولا تدخل صوفيا ووجهت تلك الشرارات إلى جانب آخر أصاب أحد المقاعد وجعله يشتعل حد التفحم! 


بينما جورج و مايكل اقتربا من سانتوس، حاولا منعه، رغم أنهما يعلمان جيدا أن قوته اكبر من قوتهما هما الاثنان مجتمعة، لكنهما كانا يحاولان إلهائه لا أكثر، هجوم سانتوس كان قوي و غاضب، حرك الهواء من حوله، شكل دائرة سوداء كغيم كثيف على وشك التحول لإعصار.


نفخ فيه بعض من النار، فأضحوا كجحيم مشتعل، بقوة كبيرة ألقاه في وجه مايكل الذي حاول تجنبه، أبتعد بسرعة كبيرة لكن لم يكن كفاية حيث أصيب جانبه الأيمن ببعض من الجروح والحروق التي جعلته يصرخ بصوت عال.


ليقترب منه أبيه ويحاول الاطمئنان عليه، سانتوس أضحى حرا، نظر نحوه في المكان، حتى وقع نظره عليها هي، تلك الهاربة منه منذ زمن طويل، تطلع نحوها بسخرية، مازالت جميلة حد الفتنة كما كانت، لم يتغير فيها شيء مطلقا.


 وكما توقع تماماً، عاطفتها الزائدة سوف تكون سبب هلاكها، وجدها متجمدة في مكانها، توجه نظراتها نحو هانا التي كانت تقاتل ببراعة تستحق الثناء عليها، سوف يتذكر فعلها فيما بعد، هكذا سخر في نفسه، خطى بهدوء شديد، نحوها، يصر على الحصول عليها بين يديه و من ثم الانتقام منها على تركها له، 


لم تكن تشعر بشيء مما يحدث من حولها، فقط نظرت إليها بشوق أم فقدت ابنتها لسنوات والآن هي تقف أمامها، فتاة كبيرة على وشك النضوج، تبدو صلبة، قوية تقاتل باندفاع وثقة مثل أبيها تماما، ودت لو استطاعت أن تقترب منها.


حاولت أن تفعل، ركضت بسرعة خارقة إليها، وصلت إلى حيث تقف، واجهتها بجسدها، مدت يدها تحاول أن تتلمس وجهها، لتفاجئ بابتعاد الفتاة عنها بخطوات نحو الخلف، تهتف في وجهها بضيق شديد، بينما تسبها قائلة: 


- ابتعدي عني أيتها المرأة القبيحة! ماذا تحاولين فعله معي؟! امرأة حمقاء حقا!! 


رغما عنها دموعها بدأت في الهطول، لم تحسب يوما أن تكون تلك ردة فعل ابنتها على رؤيتها، عادت لتخبر نفسها أنها ربما لا تعلم من تكون! بصوت خافت أخذت تردد قائلة: 


- هذه أنا هانا، والدتك سافانا! أنت ربما،، 


لم تكد تكمل حديثها حتى فوجئت بمقاطعة هانا لها بينما تخبرها بنبرة غاضبة قائلة: 


- اللعنة يا امرأة! أنا أعلم جيدا من تكوني، أنت المرأة البلهاء التي تركتني و هربتي من أبي بصحبة ابنتك الحمقاء تلك! والتي تريدين تنصيبها بدلا عني! لكني أعدك أن هذا لن يحدث أبدا، سوف أقضي على كلتاكما بيداي تلك بهدوء تام! 


بصقت تلك الكلمات في وجهها، أخذت تضحك بصوت عال، تنظر بسخرية لتلك الواجمة أمامها غير مصدقة ما سمعته للتو من ابنتها، هي تفاجئت حقا، لكن لم يكن عليها أن تتفاجأ فتلك الفتاة تربت على يد الشيطان نفسه فكيف يكون لديها مشاعر أو حب لأحدهم حتى لو كان ذاك الشخص هو والدتها. 


تراجعت سافانا للخلف بوجوم شديد بيننا ترى ابنتها تمد يدها نحوها، تجعلها تدور في الهواء عدة دورات حتى خلقت كرة كبيرة من النار، أرجعت يدها للخلف، ثم عاودت مدها للإمام مرة أخرى في وجه والدتها تريد قذفها بكرة اللهب في وجهها، صيحة عالية وصلت إلى مسامع سافانا، كان آتية إليها من لوكاس: 


- احذري سافانا! 


نظرت نحوه بجمود، ثم عادت تنظر مرة أخرى نحو هانا، التي كان وجهها يشتعل بالغضب مثل كرة اللهب تماماً، لتفاجأ بلوكاس يلقي بسترته على الأرض، ليظهر من تحتها ما كان يحمله على ظهره.


  قوس ضخم، جعبة كبيرة بها عدة أسهم طوال، رأته وهو يضع أحد الأسهم في القوس ثم يطلقه بسرعة فائقة، يحاول أصابة هانا، جعلها تتراجع عن هجومها على والدتها، لتهز سافانا رأسها بقوة كبيرة غير راضية عما يحدث، رفعت يداها لأعلى، صرخت بصوت عال: 


- توقف!! 


ليتوقف بعدها الزمن، دخل جميع من حولها في وضع الثبات مثل تماثيل رخامية، وحدها فقط من تستطيع التحرك، فعلت ذلك، سارت نحو هانا، أبعدت كرة النار لعدة إنشات، عانقتها بقوة كبيرة، بينما دموعها تنساب على كلتا وجنتيها، تهمس لها بصوت خافت: 


- أنا آسفة هانا! يا ليتني كنت استطيع أن أهرب بك أنت أيضاً! لكني لم أستطع! أرجو أن يأت يوما و تعلمين فيه كم أحبك صغيرتي! والآن وداعاً، سوف نلتقي مجددا هانا، أعدك بذلك صغيرتي!! 


همست لها بتلك الكلمات، ابتعدت عنها بخطوات قليلة، أغمضت عينيها تحاول الوصول إلى الوقت الذي حاول فيه سانتوس و هانا إلى القصر، حركت يدها مرة أخرى في الهواء، بصوت عال عادت لتصرخ: 


- عد مرة أخرى! 


عاد الزمن مرة أخرى إلى قبل وصول الاثنان، الجميع أخذوا ينظرون إلى سافانا التي كانت تصرخ بصوت عال لفت انتباههم، واحدا فقط علم ما الأمر الذي حدث معها، أقترب منها بسرعة كبيرة، هتف بها قائلا: 


- ما الأمر سافانا؟! هل حدث شيء ما و عبثت في الوقت سافي؟! 


هزت رأسها موافقة على سؤال والدها لها، الذي أخذ ينظر إليها بترقب، بينما ينتظر منها أن تخبره بما حدث، نفسا عميقا هي أخذته، لتبدأ بعدها في سرد كل ما حدث منذ دقائق قليلة ومن ثم استخدامها قواها في تغيير الوقت.


جورج صرخ في ثاندر أن يسرع في عملية التنصيب بينما هتف في الآخرون أن يتبعونه نحو الخارج، حيث تلك النقطة التي انطلق منها كلا من هانا و سانتوس

بينما ظل ماثيو يحوم حول روزي بتأهب شديد!! 



أما في الخارج، لعنات وسبات أخذ يطلقها سانتوس بصوت عال، لقد أدرك حينما عاد مرة أخرى إلى نفس المكان الذي قد انطلقا منه للقصر، علم أن هناك تلاعب قد حدث، لديه القدرة على معرفة ذلك، لكنه لم يعلم من الذي فعلها و تحكم في الوقت، بصوت عال هو هدر في ابنته هانا، أخبرها بنبرة هادرة: 


- هيا يا حمقاء لنبتعد عن هذا المكان، سوف يأتون الآن من أجل تعطيلنا و منعنا من الدخول إلى القصر، علينا أن نذهب لبقعة أخرى أفضل. 


بتعجب تام هي سألته: 


- لكن أبي كيف علمت أنت بذلك الهجوم؟! 


نظر إليها نظرات مليئة بالضيق بينما يسحبها خلفه بسرعة كبيرة، هدر بها قائلا: 


- لقد تم التلاعب بنا هانا! أو بمعنى أدق لقد تم التلاعب بالوقت! أنا شعرت بذلك، نحن خضنا قتال كبير منذ دقائق قليلة، كدنا ننتصر في ذلك القتال لولا استخدام أحدهم لقواه، وهو التحكم في الوقت! 


أنصتت إلى كلماته، شعرت بالذهول، عادت تسأله مرة أخرى بينما تسير من خلفه: 


- و لكن أبي هل علمت هوية صاحب القوى تلك؟!


نظر إليها بضيق بينما يستمع إلى كلماتها المتسألة تلك، هز رأسه نافيا، أخبرها بنبرة يملؤها الغيظ:


- لا، لم أعلم من هو! وهذا ما يجعلني أشعر بغيظ كبير! كنت أود معرفته حقا! 


"ولكن لماذا تريد معرفته أبي بتلك القوة؟!" 


سألته بنبرة متعجبة ليخبرها بنبرة كفحيح أفعى: 


لكي أسلبه قواه بالطبع صغيرتي هانا! 


بصق تلك الكلمات ثم بدأ يضحك بصوت عال كمن مسه مارد من نار!! 


نهاية الفصل 

الناشر / موقع حكايتنا للنشر الالكتروني

حمل الان  / تطبيق حكايتنا للنشر الالكتروني واستمتع بقراءة جميع الروايات الجديده والحصريه
تعليقات