القاعدة الحجاجية لتدريس
الأمازيغية
لكي
تكون لنا صورة واضحة عن القاعدة التي يتأسس عليها مبدأ تدريس اللغة الأمازيغية
لابد من توطئة تاريخية توضح المراحل التي قطعها الوعي بالأمازيغية لغة وثقافة أصبحت
مسألة إدماج اللغة والثقافة الأمازيغية في النظام التعليمي في المغرب مطلبا ملحا
منذ أواخر الستينات من القرن الماضي، كما جاء في جل النظم السياسية للجمعيات
الأمازيغية وكذا في ميثاق أكادير سنة (1991) وفي البيان من أجل الاعتراف الرسمي
بأمازيغية المغرب سنة (2000) ينبع هذا المطلب من دوافع اجتماعية وسياسية ومن دوافع
أخرى ذات طبيعة تربوية وتكوينية.
من الجانب الاجتماعي والسياسي فإن قطاعات مختلفة
من المجتمع المدني من الباحثين والمفكرين والجمعيات وغيرهم، لازالت تناضل وتطالب
بالاعتراف بالثقافة واللغة الأمازيغيتين.
أما
على مستوى الدولة فقد كان خطاب الملك الحسن الثاني في 20 غشت 1994 اعترافا صريحا
بمشروعية اللغة الأمازيغية.
وبعد
هذا الخطاب جاء التصريح الحكومي الذي أدلى به الوزير الأول أمام البرلمان في (1998)
للتأكيد على أهمية البعد الأمازيغي للهوية الوطنية، ثم جاء الميثاق الوطني للتربية
والتكوين سنة (1999) ليقر الانفتاح على الأمازيغية، وأخيرا أتى صاحب الجلالة الملك
محمد السادس بسياسة لغوية وثقافية جديدة تتجلى في خطابي 30 يوليوز و17 أكتوبر سنة
2002 وهي بمثابة الاعتراف الرسمي بالثقافة الأمازيغية، وعلى هذا المنوال، كان
تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي يشكل الإجراء القانوني والعملي الفاصل
لتنفيذ هذه السياسة، حيث تنص المادة الثالثة من الظهير المحدث والمنظم له من بين
المهام الموكولة إليه على إعداد مستلزمات التدريس للأمازيغية.
أما
من الناحية التعليمية والتكوينية، فإن مبررات إدماج الأمازيغية في بعض المدارس
كثيرة، وهي نفس المبررات التي تعزز مكانة لغة الأم أو اللغة الأولى داخل النظام
التعليمي.
إن
اكتساب استرتيجيات التعلم يتك بوثيرة أسرع، إذا ما حصل عن طريق لغة الأم للمتعلم،
وعكس ذلك يجعل الطفل المتعلم لهذه اللغة (الأمازيغية) يكتسب المهارات (القراءة
والكتابة والاستدلال) بشكل بطيء.
يجمع
خبراء اليونسكو أن تعليم وتكوين الشباب بواسطة لغتهم الأولى هو السبيل الأنجع
لتعلم لغات أخرى.
قد
نقول بأن التصور الذي ينحو منحى إقصاء الأمازيغية له نتائج خطيرة، منها ما نلاحظه
لدى كثير من التلاميذ الذين يقضون سنوات عديدة في المؤسسة التعليمية دون فهم
وإدراك لغاتها وثقافتها إدراكا خاصا.
وبخلاف
هذا التأسيس للقاعدة الحجاجية من أجل تدريس الأمازيغية نجد في المقابل أن هناك
تيار يدعي بخطر الطرح الأمازيغي على المجتمع المغربي ونورد هنا ما قاله بالحرف
المفكر . محمد عابد الجابري في هذا الصدد.
"إن عملية التعريب الشاملة، يجب أن تستهدف ليس فقط تصفية اللغة الفرنسية كلغة
وثقافة وتخاطب وتعامل، بل أيضا – وهذا هو الأخطر – العمل على إماتة اللهجات المحلية
البربرية منها والعربية".
كما
نلمح إلى بيان مثقفي وعلماء المغرب حول سياسة التعليم والغزو اللغوي والاستعماري
للمغرب العربي الذي صدر بتاريخ 23 ماي 1970، وهو بيان يتجاهل في مضامينه اللغة
والثقافة الأمازيغية، يدعو إلى التعريب السريع والشامل لمجتمعات المغرب العربي،
دون رعاية منه لطبيعتها الثقافية واللغوية والتاريخية.
ما
نستخلصه مما سبق هو أنه لابد لاكتساب مهارات في تعلم اللغة كيفما كانت سواء اللغة
الأمازيغية وغيرها لابد من الاستناد لهذه القواعد الحجاجية التي تلح على التعلم
بواسطة لغة الأم فيتحقق هذا الشرط يتم تجاوز كل من يدعي بإقصاء وتهميش اللغة
الأمازيغية.